الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مدلولات سياسية بارزة للانتخابات اللبنانية ونتائجها؟!

احمد سعد

2009 / 6 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


اسفرت نتائج الانتخابات البرلمانية عن فوز قوى الرابع عشر من اذار او "الموالاة" من حلفاء امريكا والغرب والانظمة العربية "المعتدلة" والمدجنة امريكيا بغالبية اعضاء البرلمان اللبناني 71 عضوا، بينما حصلت "المعارضة" من قوى المقاومة – حزب الله وامل ولبنان الحر برئاسة العماد عون وبعض التيارات الوطنية الناصرية والسنية امثال مجموعة د. اسامة سعد ومجموعة عمر كرامة وغيرهم، حصلت هذه المعارضة على 57 نائبا. وهذه النتيجة بفوز قوى الرابع عشر من اذار بزعامة "المستقبل" وسعد الحريري على تحالف المعارضة في اطار مجموعة الثامن من اذار لم تكن متوقعة، فاستطلاعات الرأي وما جرى الترويج له، واحيانا بشكل تهويلي مبالغ فيه من قوى تيار الموالاة ان حزب الله وحلفاءه من المعارضة سيحسمون المعركة والفوز بغالبية نواب البرلمان، او في اسوأ الحالات يكون الفارق بين التحالفين اقل من عدد اصابع اليد الواحدة!! وليس بفارق 14 نائبا. وما يفسر ذلك بروز العديد من المؤشرات المتميزة الصارخة التي رافقت المعركة الانتخابية اللبنانية وتجسدت اسقاطاتها وتأثيرها في نتائج الانتخابات. ومن اهم هذه المؤشرات نستطيع تأكيد بعضها التالي:



* اولا: ان الصراع الانتخابي اللبناني عكس عمليا الصورة المصغرة ولكن البارزة بشكل صارخ للصراع على هوية وحاضر ومستقبل تطور الشرق الاوسط، فرز اقليمي صارخ من خلال التدخل في الشأن الداخلي اللبناني بين تيارين التيار الامريكي وحلفاؤه وخدامه من اسرائيل والانظمة العربية المدجنة التي تدعم تحالف الموالاة من قوى 14 آذار وتحذر من مغبة انتصار حزب الله والمعارضة في الانتخابات وتشن حملة تحريضية مشحونة بالاكاذيب حول مخاطر انتصار المعارضة، تيار هدفه الاستراتيجي تعزيز مكانة تحالف 14 آذار في رأس السلم الهرمي السياسي الذي يقود لبنان الى حظيرة "السلام الاقليمي" الامريكي – الاسرائيلي وداخل اطار تطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية الاسرائيلية – العربية – الاسلامية بزعامة واشنطن. ولهذا ليس وليد صدفة هذا التدخل الامريكي السافر في دعم قوى الموالاة، تدخل وصل الى درجة ان نائب رئيس الادارة الامريكية، بايدين، جاء الى لبنان ليهدد بقطع المساعدة والدعم الامريكيين عن لبنان اذا تغيرت الهوية السياسية للحكم، بمعنى اذا فازت المعارضة، هذا اضافة الى تدخل السفارة الامريكية يوميا في الشأن الداخلي اللبناني. وبرز التدخل الاسرائيلي من خلال التهديدات المباشرة وغير المباشرة الاسرائيلية للشعب اللبناني من مغبة انتصار المعارضة وحزب الله، فالمناورات العسكرية الجوية الاسرائيلية على الحدود اللبنانية واختراق الاجواء اللبنانية والتصريحات البلطجية للمسؤولين الاسرائيليين بالعدوان في حال تحول لبنان الى "راس حربة لايران" كما ادعى وزير المالية شتاينيتس وغيره. وليس وليد الصدفة هذا الترحيب ومعالم الفرح اللذان عما انظمة الخمة العربية وامريكا واسرائيل بانتصار الموالاة انتخابيا.
اما التيار الاقليمي الثاني الذي لم يرتفع مستوى نشاطه الى مستوى نشاط التيار الامريكي فهو تيار التحالف الايراني – السوري المتعاطف مع قوى المعارضة وخاصة مع حزب الله وامل والمناهض للهيمنة الامريكية – الاسرائيلية في المنطقة. وقد ركزت قوى الموالاة "المرنخة" في مستنقع العمالة لامريكا وللسعودية وحتى لاسرائيل امثال سمير جعجع المجرم الفاشي ووكيل السعودية في لبنان سعد الحريري، ركزت على تقمص الجلباب الوطني والطعن في وطنية قوى المعارضة وان ولاء حزب الله وامل لايران وليس للبنان.



* ثانيا: ان اتفاقية الدوحة للوفاق الوطني بين الموالاة والمعارضة لم تؤد، كما اثبت مسار الانتخابات البرلمانية ونتائجها، الى تجاوز اصطفاف القوى بين المعسكرين المذكورين، فمعطيات طابع ونتائج الانتخابات تعكس حقيقة ان لبنان لم يشهد في تاريخه مثل هذا الاصطفاف وفرز القوى الطائفية السياسية بين تيارين، بين مشروعين لطابع وهوية تطور لبنان وشق طريق شعبه نحو المستقبل.



* ثالثا: عكست الانتخابات البرلمانية ان المحاصصة الطائفية، المقياس البارز في توزيع المناطق والالوية الانتخابية، وتركيز العديد من القوى على المشاعر والاحاسيس الطائفية والمذهبية والتحريض الطائفي والمذهبي قد عكس اثره السلبي على الطابع الدمقراطي، حيث انه في منهج المحاصصة الطائفية فان العديد من القوى والشخصيات الوطنية والتقدمية مثل الحزب الشيوعي اللبناني والتيار الناصري لم تستطع الوصول الى عتبة التمثيل البرلماني. وكانت الانتخابات الاخيرة اكثر انتخابات برلمانية لبنانية برز فيها ليس فقط الفرز المحاوري بل كذلك الفرز الطائفي وهوية التصويت وفق الانتماء الطائفي والمذهبي، فصحيح ان الموالاة حصلت على الاغلبية النيابية وبفارق 14 نائبا عن المعارضة، لكن حقيقة هي انه في المناطق الشيعية في جنوب لبنان وبعلبك والبقاع والضاحية الجنوبية جرف حزب الله وامل الاصوات والتمثيل دون منازع، وفي مناطق انتخابية مثل زحلة وصيدا وطرابلس حيث الاغلبية السنية وفي ظل التحريض المذهبي والطائفي فقد شارك هذه المرة نسبة غير مسبوقة، نسبة عالية جدا من الناخبين "السنة" بحيث ان حزب "المستقبل" جرف الاصوات وعدد النواب المخصصة في هذه المناطق. والعماد عون جرف الغالبية الساحقة من اصوات ونواب المسيحيين الموارنة والارمن.
فهذه النتائج وتوزيعتها بين التيارين في ظل دستور يشرعن المحاصصة الطائفية، هذه النتائج تعكس وكأن لبنان مقسم على مستوى القاعدة الجماهيرية والجغراسياسية الى كانتونات اقطاعية طائفية سياسيا. وهنا لا بد من تأكيد موقف الحزب الشيوعي اللبناني، ففي برنامجه الانتخابي ركز على ثلاثة امور اساسية، الاول، تغيير طريقة الانتخابات المنطقية التي تقسم لبنان الى ولايات ومناطق متعددة وعلى اساس المحاصصة الطائفية التي يضمنها الدستور اللبناني، تغيير هذه الطريقة بتحويل كل لبنان الى ولاية انتخابية واحدة وانتهاج طريقة الانتخابات النسبية المطلقة. والثاني، تغليب الوطني على الطائفي والفئوي وخدمة المصلحة العامة للشعب اللبناني وتطوير لبنان الحر والدمقراطي والحضاري. والثالث، خدمة المصالح الحقيقية للطبقة العاملة ومختلف الفئات الاجتماعية الفقيرة والمسحوقة والنضال من اجل مجتمع العدالة الاجتماعية. هذا اضافة الى الموقف الصامد ضد المخططات الامبريالية والاسرائيلية والتواطؤ العربي ضد لبنان وشعوب وبلدان المنطقة.



* رابعا: ان هذه الانتخابات البرلمانية مقارنة مع غيرها من المعارك الانتخابية السابقة اكثر انتخابات من ناحية الكلفة المادية. فالحديث يدور عن مئات ملايين الدولارات التي اتفقت على الدعاية والنشر، ومئات ملايين الدولارات انفقت على شراء الذمم والضمائر. فجلب عشرات الوف المغتربين اللبنانيين من البرازيل وامريكا وتشيلي وقبرص وغيرها، اعداد تقدر بين اربعين الى ستين الف مغترب للتصويت في لبنان يحتاج الى موازنة دولة، ولكن ما يبدو ان الاخضر الامريكي بملايينه البترودولارية من السعودية وامريكا ودول الخليج وايران قد ساهمت في المعركة الانتخابية وفي اثراء سوق الفساد والرشى ومصادرة ضمائر الناس.



** وماذا بعد؟لقد انتهت الجولة الاولى من المعركة الانتخابية بحسم الصراع بين الموالاة والمعارضة نيابيا، ولكن المعركة السياسية لم تنته بعد في لبنان. وحسنا فعل الامين العام لحزب الله الشيخ حسن نصرالله باعلانه عبر شاشة التلفزيون احترامه وحزبه للحسم الدمقراطي ونتائجه واقراره واحترامه لخيار الشعب اللبناني بمنح الاغالبية النيابية لقوى الرابع عشر من آذار، ولكنه اشار بشكل واضح ان المقاومة وسلاح المقاومة خارج أي بحث. فالموقف من سلاح المقاومة من القضايا المطروحة على الاجندة اللبنانية وبقي الموقف حتى بعد اتفاقية الوفاق الوطني في الدوحة ضبابيا ويتأرجح بين مواقف متباينة داخل محور قوى الرابع عشر من آذار بين من يطالب بالضغط لبنانيا ودوليا لتجريد المقاومة من السلاح وبين من يحاول عن طريق التفاوض تجريد المقاومة من السلاح. وموقف حزب الله هو التجريد من السلاح فقط في حالة التوصل الى استراتيجية امنية لبنانية تستطيع الصمود في وجه أي عدوان وحماية امن لبنان. وليس وليد الصدفة ان وزير المواصلات الاسرائيلي يسرائيل كاتس المقرب جدا من رئيس حكومة الكوارث اليمينية بنيامين نتنياهو صرح رأسا بعد الاعلان عن فوز قوى الموالاة "ان نجاح قوى 14 آذار مهم للمنطقة واسرائيل، وان على الحكومة اللبنانية تجريد حزب الله من السلاح"!!
ان قضية الموقف من مصير المقاومة وسلاح المقاومة ليست القضية الوحيدة المطروحة على البساط اللبناني، بل هنالك عدة قضايا هامة ستواجه البرلمان اللبناني الجديد الذي يبدأ الممارسة الشرعية لعمله في الواحد والعشرين من شهر حزيران الحالي، وفي مقدمة هذه القضايا قضية اقامة الحكومة الجديدة وطابعها، هل ستكون حكومة وفاق وطني بمشاركة قوى المعارضة فيها ام لا، وان كان الجواب بنعم فهل سيكون للمعارضة في الائتلاف الحكومي "الثلث الضامن"، أي اشتراط موافقة الثلث على أي قرار ام لا، وما هو برنامج هذه الحكومة السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ومن سيكون رئيس الحكومة. كما ستطرح قضية انتخاب رئيس البرلمان، فحسب الدستور المبني على المحاصصة الطائفية فان رئيس الدولة يجب ان يكون مسيحيا مارونيا ورئيس الحكومة مسلما سنيا ورئيس البرلمان شيعيا. ووفق هذه المحاصصة فان مقعد رئيس البرلمان مضمون لرئيس "امل" الشيعي نبيه بري، ولا يوجد نواب منافسون ومن الشيعة لرئيس امل. وحتى حسب تصريح الوزير العريضي فان رئيس الحزب الاشتراكي التقدمي وليد جنبلاط احد قادة مجموعة الرابع عشر من آذار يؤيد ويدعم اعادة انتخاب نبيه بري رئيسا للبرلمان.
في النهاية ان ما نتمناه للشعب اللبناني الشقيق ان تنجح القوى المتصارعة، قوى الموالاة والمعارضة، في تجاوز العديد من الخلافات القائمة والنجاح في اقامة حكومة وفاق وطني تخدم المصالح الحقيقية، الوطنية والمعيشية، للشعب العربي اللبناني وبغض النظر عن هوية الانتماء السياسي او الاجتماعي او الديني الطائفي والمذهبي. ان يبني المداميك القوية الراسخة للوحدة الوطنية الكفاحية اللبنانية التي بمقدور وعيها ووحدتها تستطيع شل وكسر ايدي محراك الشر الامبريالي والصهيوني والعربي المدجن التي تحاول زرع وتأجيج واشعال الفتن السياسية والطائفية والمذهبية لضرب مصالح تطور ومستقبل لبنان والشعب اللبناني.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن مصمم على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسر


.. شبح الحرب يخيم على جبهة لبنان| #الظهيرة




.. ماهي وضعية النوم الخاصة بك؟| #الصباح


.. غارات إسرائيلية تستهدف كفركلا وميس الجبل جنوب لبنان| #الظهير




.. إسرائيل منعت أكثر من 225 ألف عامل فلسطيني من الوصول لأماكن ع