الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معالجة خطوط الانفصال

سهام فوزي

2009 / 6 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


في خطابه الموجه للعالم الإسلامي اعترف أوباما بأن الحرب علي العراق لم تكن أمرا حتميا ،ولكنها كانت أمرا إختياريا أثار العديد من الخلافات في العالم بأسره ،وعلم الولايات المتحده درسا هاما بأن اللجوء للوسائل الدبلوماسية هو أفضل الحلول وان القوة هي الحل الاخير فالقوة تزداد عظمة كما قال توماس جيفرسون كلما قل إستخدامها ،ولذلك فعلي العكس من أفغانستان فالقوات الأمريكية سترحل من العراق وستقوم علاقات جديده بين البلدين اساسها الشراكة ومساعدة العراقين في بناء قدراتهم الأمنية وتطوير إقتصادهم مما سيؤدي إلي وحدة العراق وأمنه وتخلصه من النفوذ الأجنبي ،وبذلك يكون أوباما قد أعاد التأكيد علي ما طرحه سابقا بشأن العراق وإن كان قد أضاف في إطار حديثه عن الحريات الدينيه أنه يجب إصلاح خطوط الإنفصال في أوساط المسلمين ،لان الإنقسام بين السنة والشيعه قد أدي إلي عنف مأساوي ولا سيما في العراق ،وعلي الرغم من أن أوباما لم يحدد كيفية إصلاح خطوط الإنقسام هذه بصورة مباشرة فإن القراءة المتأنية لهذا الخطاب تساعد في التوصل إلي الكيفية التي يمكن من خلالها إصلاح تلك الخطوط ليس فقط بين السنة والشيعة من أهل العراق ولكن بين جميع الأطياف العراقية التي ترك العنف الدائر في العراق والصراعات السياسية أثرا في نفوسها يستلزم التدخل السريع والجاد حتي لا تتعمق خطوط الإنفصال تلك أكثر ويصعب معالجتها .
أول طرق العلاج التي يمكن إستنتاجها من الخطاب تقوم علي بناء العلاقات بين الأطياف العراقية بناءا علي قاعدة البحث عن المتشابه وليس البحث عن المختلف ،والمتشابه والمشترك بين العراقيين كثير ،فإن إختلف المذهب فالدين واحد يوحد الجميع ،وإن إختلف الدين فاللغة الواحده هي المشترك ،وإن إختلفت اللغه واختلف العرق فالدين سيعود مرة اخري ليجمع كل المختلفين وستتشابه الارض التي خرج منها الجميع وعليها يعيشون ،إذا البحث عن المشترك هو القاعدة والأساس في معالجة خطوط الإنفصال ،لأن الوصول إلي المتشابه الذي يربط الجميع هو الذي سيساعد علي القضاء علي حالة الشك التي تسود بين الأطراف العراقية وسيضع الأسس الجديدة للعلاقات العراقية العراقية مما سيجعلها تقوم علي الإحترام المتبادل والمصلحة المتبادلة وسيؤدي إلي مد جسور التعاون بين كافة الأطراف العراقية وبالتالي القضاء علي أي فرصة قد يستغلها المستفيدون من تلك الخلافات كي يعمقوها ويحققوا مصالحهم واهدافهم التي تتعارض مع المصلحة العراقية العليا
إن الوصول للمبادئ المشتركة سيؤدي إلي إنتشار التسامح وأن يستوعب العراقيين خلافاتهم ويدركوا مدي حاجتهم إلي المصارحة والمكاشفه والحوار الصادق الهادف إلي تشخيص المشاكل ووضع الحلول المشتركه لها عن طريق إصغاء كل الاطراف العراقية لبعضها البعض ،مما سيساعد علي التغلب علي الصورة النمطية السلبية التي انطبعت لدي بعض المكونات العراقية تجاه بعضهم البعض ،كما يستوجب ذلك أن تكف الأطراف العراقية المتنازعه عن توجيه اللوم للاخرين والبحث في الماضي عما حدث ولماذا حدث وان يستبدلوا ذلك بالنظر إلي أخطائهم هم لا أخطاء الآخرين ومحاولة إصلاحها .
الخطوة الثانية :يجب أن يؤمن الجميع أن التعدد في المكونات العراقية ليس هو المشكلة ،وانما المشكلة تكمن في كيفية تحويل التعدد إلي واحد وكيفية إستيعاب ذلك التعدد والسماح له بالنمو فقوة الدولة الحقيقية ليست في القضاء علي التعدد ولكن قوتها الحقيقية في إستيعاب التعدد ورعايته والسماح له بأن يعبر عن ذاته بما لا يهدد الدولة ،القوة الحقيقية هي التي ستقدر ان تجعل هذا التعدد واحدا كما حصل في الولايات المتحده وغيرها من الدول التي نجحت في ادارة التعدد وانتصرت عليه ،ان استيعاب التعدد سيشعر الجميع ان التحديات التي تواجهها الدولة العراقية هي تحديات يواجهها الجميع بلا استثناء ،تحديات لكل العراقيين من زاخو إلي ام قصر ،الإرهاب خطر يواجه الجميع ،المشاكل الإقتصادية ونقص الخدمات وضعف البني التحتيه مشاكل يعاني منها العراقيون كافه ولكن مع اختلاف درجة المعاناة ،التلوث البيئي الخطير الذي تعاني منه ارض العراق هو كارثة يعاني منها العراقيين كافة ،اذا فلابد من التكتل والاتفاق والتعاون من أجل القضاء علي كل تلك التحديات .
الخطوة الثالثة هي مواجهة التشدد والتطرف المذهبي الذي أوقع العراق في حرب طائفية ومذهبية لم يعرفها العراق من قبل ،ومواجهة التشدد هو مهمة رجال الدين المعتدلين من كلا الجانبين وهي مهمة ليست بالصعبة فأصل الدين واحد والإختلافات بين المذاهب لا تشكل خلافات جوهرية تستوجب مثل هذا التصارع والتقاتل فليعد الجميع إلي جوهر الدين القائم علي التسامح والتعامل بالحكمة والموعظة الحسنة وليتشارك الجميع في عزل التطرف ،كما يجب أيضا تدخل الدولة في الخطاب الديني السائد والتاكد من تخليصه من اي اشارات تؤدي الي زيادة التطرف الديني ،كما يجب أن تتدخل الدولة من اجل حماية ممارسة الشعائر الدينية لكافة الطوائف والمذاهب الدينية في العراق وأن تمنع اضطهاد او قتل أفراد الديانات الغير إسلامية فتلك هي مهمة الدولة وواجبها الأول فهؤلاء مواطنون عراقيون عليها أن تحميهم بقوتها وتوفر لهم الجو الآمن الذي يستطيعوا أن يمارسوا فيه شعائرهم آمنين مطمئنين مما يساعد في رخاء الدولة العراقية وتقدمها
الخطوة الرابعة أن تصبح الحكومة العراقية صوت جميع العراقيين ومعبرة عن كافة اطياف الشعب العراقي ،وأن تمارس سلطاتها وفقا للتوافق في الراي واحترام حقوق الأقليات وادماجهم ومشاركتهم في الحكم وان تدار العملية السياسية وفق مبدأ التراضي ،كما يجب أن تسعي الحكومة العراقية إلي تحقيق مصالح الشعب كافة لا مصالح الحزب أو الجهة التي تنتمي إليها القيادات وهذه هي الديمقراطيه الحقيقية التي ستساعد في مواجهة بؤر التطرف والتوتر في العراق
الخطوة الخامسة تتلخص في جملة واحدة محاربة الفقر والمرض والجهل ،فعلي الحكومة أن تهتم بتوفير فرص التعليم لكافة ابناء الشعب العراقي وان تقوم بفتح المزيد من المدارس خاصة في المناطق النائية الفقيرة ،كما يجب أن تخضع مناهج التربية الدينية والتربية القومية والتاريخ للإشراف المباشر لوزارة التربيه والتعليم في بغداد ،وان يكون المنهج الدراسي في هذه المواد موحدا من زاخو إلي أم قصر وذلك حتي يتعرض أطفال العراق لعملية تنشئة اجتماعية واحده تقوم علي تنمية روح المواطنة العراقية التي ستتغلب علي اي انتماءات أولية وهذه الروح هي التي ستساعد علي استيعاب التنوع واحترامه ،كذلك علي الدولة ان تهتم بتوفير الخدمات الطبية خاصة في المناطق والمحافظات التي تعاني من النقص في تلك الخدمات وان تسارع الدولة إلي حل المشكلات البيئية التي تساهم في تدمير صحة الفرد العراقي وحرمان العراق من ثروتة البشريه ،وعلي الدولة ان تهتم بتحقيق تنمية اقتصاديه حقيقية وان تعيد تعمير البنية التحتية العراقية وتقوم بفتح مجالات الاستثمار وتوفير فرص العمل مما سيساعد علي القضاء علي البطالة وتجفيف منابع التطرف في العراق فعندما سيعم الرخاء الاقتصادي في العراق سيسعي جميع العراقيين لحماية الامن العراقي لان ذلك سيعني حماية معيشتهم .
الخطوة السادسة وهي لم ترد في خطاب أوباما ولكني اري انه يجب الاهتمام بها وهي مواجهة النفوذ الاقليمي المتزايد في العراق ،فيجب ان تتوصل الحكومة إلي طريقة فعالة تمنع بها الدول المجاورة للعراق من التدخل في شئونه وأن تسعي إلي تقليص هذا النفوذ وتحجيمه وهذه ليست مهمة الحكومة العراقية فقط ولكن يجب ان تتخلص بعض القوي العراقية من علاقات التبعية الشديده التي تربطها بالدول الاقليمية المجاورة للعراق ،كما يجب ان تقوم الدولة بتجريد هذه القوي وغيرها من القوة من أسلحتها وتجبرها علي حل ميليشياتها المسلحة فيجب ان تكون الدولة العراقية هي الجهة الوحيده التي تحتكر السلاح وتحتكر الحق في استخدام القوة ضد كل من تسول له نفسه الاخلال بالامن العراقي .
إن القضاء علي خطوط الإنفصال تلك ليس صعبا ولكنه يحتاج إلي إيمان صادق وحب جارف للعراق أرضا وسماءا وشعبا ،وأعلم أن هذا الإيمان يسكن نفوس كل العراقيين علي اختلافهم ولكنه يحتاج أن يترجم فقط إلي افعال أؤمن ان أوانها قد حان










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المؤتمر الرابع للتيار الديمقراطي العراقي-نجاحات وتهاني-1


.. قتلة مخدّرون أم حراس للعدالة؟.. الحشاشين وأسرار أول تنظيم لل




.. وكالة رويترز: قطر تدرس مستقبل المكتب السياسي لحركة حماس في أ


.. أوكرانيا تستهدف القرم.. كيف غيّرت الصواريخ معادلة الحرب؟| #ا




.. وصول وفدين من حماس وقطر إلى القاهرة سعيا لاستكمال المفاوضات