الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظام رئاسي برلماني و لعنة -التوافقات-

سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)

2009 / 6 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يتصور كثير من العراقيين، و خصوصا النخبة المثقفة و السياسية، أننا الآن أمام مفترق طرق بين الاستمرار في نظام "دستوري برلماني" أو "دستوري رئاسي"، و كأن الرئيس أو النظام الرئاسي سيعني إلغاء البرلمان الذي ينتخبه الشعب، و تحول البلد من نظام إلى آخر ليس مسألة هينة خصوصا في ظل أطراف سياسية تحتكر تمثيل الطائفة أو القومية و بالتالي تقف هذه الأطراف عائقا أمام تطوير العمل السياسي و تحوله إلى نظام أغلبية و أقلية على أساس الفكرة و المبدأ السياسي و ليس الطائفي و العرقي القومي، كما أن هذا الموضوع تم طرحه بشكل عجول و متسرع إلى درجة أن بعض الأطراف اتهمت رئاسة الوزراء بالسعي إلى إعادة النمط القديم للحكم مع أن النظام الرئاسي نفسه لا يخلو من برلمان ـ كما هو الحال في الولايات المتحدة و فرنسا ـ و تم هذا الاتهام و الضجيج الذي تبعه لأهداف حزبية لا أكثر.
لكن هنالك حلّ وسط يغنينا عن تغيير النظام بأكمله و البدء من نقطة الصفر التي قد تؤدي بالبلد مرة أخرى الدخول في معمعة من الفوضى و مجابهة تحديات الأمن و الفساد، فمعروف و كما قلنا في مقالات سابقة أن هيئة الرئاسة أصبحت حصان طروادة للمفسدين و أرباب المحاصصة و الحلول الوسط التي تحفظ للمستغلين و الفاسدين ماء الوجه، كما أن الرئاسة أصبحت جزءا مهما في لعبة "هذا لي و هذا لك" مما أثر سلبا على عمل الدولة و تقديم الخدمات للمواطنين، و لكي يخرج النظام السياسي العراقي من لعنة "التوافقات السياسية" التي تعني إصابة الديمقراطية بالعقم و إنهاء حكم الشعب لصالح أقلية فاسدة، فإن الحل هنا يكمن في "انتخاب رئيس الجمهورية عبر الاقتراع السري المباشر" مع الاحتفاظ بالنظام البرلماني الحالي، فانتخاب رئيس جمهورية بهذه الطريقة سينتزع أهم مفصل من مفاصل الدولة ـ الرئيس الذي يكلف رئيس الوزراء بتشكيل الحكومة ـ من المتلاعبين الذين يقومون مقدّما بتكبيل أيدي رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الوزارة لا ببرامج و أطروحات وطنية إنسانية ـ تفيد كل المواطنين دون استثناء ـ و إنما يقومون بتكليفه بمحاصصات و تقسيمات و توافقات لا تساهم إلا في المزيد من الأزمات للمواطن و للمجتمع العراقي و تقسيمه و تشضيه ليس على المستوى الداخلي فحسب و إنما حتى على الصعيد الخارجي و الرسمي.
هذا التغيير قد يحسبه البعض شكليا و مجرد قشور و أنه لن يساهم في إخراج البلد من أزماته، و لكن الحقيقة أن انتخاب الرئيس بعيدا عن الكتل الطائفية و العرقية القومية سيتيح للعراق كبلد عملية سياسية سلسة و سهلة و تشكيل حكومة بأسرع ما يمكن و ليس خلال ستة أشهر، كما رأينا في الأزمة التي انتهت إلى تكوين حكومة "الوحدة الوطنية"!! و التي غلب عليها طابع المحاصصة و التوافق و تقييد السلطة، بينما يتيح الانتخاب المباشر للرئيس ـ مع الحفاظ على البرلمان كنظام للبلد ـ أن يأخذ الرئيس شرعيته مباشرة من الشعب و بعيدا عن الكتل التي تنظر إلى مصالحها الفئوية و المناطقية، و من ثم يقوم رئيس الجمهورية المنتخب و عبر آليات دستورية واضحة بتكليف الشخص الذي يحصل مرة أخرى على أغلبية برلمانية بتشكيل الوزارة التي ستبني البلد خلال 4 سنوات.
إن العراق الذي نطمح إليه يجب أن يكون "كنظام سياسي" بلا طعم أو لون أو رائحة، لأنه لا يمكن أن يكون وفق ذوق أناس معينين أو طائفة أو قومية، و أن تكون الرائحة الوحيدة و الطعم الوحيد و اللون الأوحد هو الحرية و الإنسانية و المواطنة و تكون هوية العراقي متجذرة في عمق الحضارات السومرية و الأكدية و البابلية و الآشورية لأن هذا النوع من الانتماء سيكون هو الحل الوحيد لبلد تحير في هويته كبلد، فهذه الحضارات تقف شامخة بعيدا عن كل خلافاتنا المذهبية و القومية الفارغة و التي يستفيد منها البعض للحصول على المزيد من النفوذ و السلطة، كما أن إعادة الكتل الطائفية و القومية سيعيد العراقيين إلى المربع الأول حيث يختفي الانتماء العراقي مجددا وراء الهويات الوهمية الجانبية.
و هكذا فإن الانتخاب المباشر للرئيس سيكون خطوة هامة بهذا الاتجاه كون الرئيس في هذه الحالة سيكون مستقلا عن أي انتماء طائفي أو قومي كونه ممتنا لكل الناخبين "العراقيين" و سينتمي بالفعل إليهم جميعا.

Email: [email protected]
Web: http://www.sohelahmedbahjat.blogspot.com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يرحب بالتزام الصين -بالامتناع عن بيع أسلحة- لروسيا •


.. متجاهلا تحذيرات من -حمام دم-.. نتنياهو يخطو نحو اجتياح رفح ب




.. حماس توافق على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار | #عاج


.. بعد رفح -وين نروح؟- كيف بدنا نعيش.. النازحون يتساءلون




.. فرحة عارمة في غزة بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة | #عاجل