الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلايا العسل في مرايا الحب والغزل- 4

رياض الحبيّب

2009 / 6 / 13
الادب والفن


ألا يوجد في العالم الناطق بالعربيّة شعر عاطفي- أنثوي- غير المعدود بالأصابع؟
ألا يحقّ لفتاة مُلهَمَة أن تعلن عن حبّها وأنْ تتغزل بالفتى الذي أحبّت؟
لماذا يصبح الإعلان عن حقها المشروع دليل إدانة ضدّها؟
ولماذا اقتصر الإعلان على الفتى وحده في وقت تسأله هي السّرّيّة التامّة؟

لقد بحثت في ديوان شاعرة رائدة فلم أجد قصيدة حبّ عاطفية واحدة
حزنت جدّاً لاحتكار الجنس الذكري كلّ شيء في مجتمعنا حتى الكلمات
وتساءلت في نفسي:
لماذا يفتقر منتدى الشعر لشاعرات متحرّرات يُظهرن العواطف الجيّاشة وسائر المواهب في ربوع هذا العالم البائس؟-
أسوة بالشعراء وأسوة بالنبيّات والقاضيات وسواهنّ في سائر المجالات التي أبدعت فيها المرأة كما الرجل إن لم تتفوّق عليه في بعضها!

ثمّ بحثت فوجدت شاعرة أخرى بقامة النخلة العراقية
وبحثت في بلاد الأرز فوجدت شاعرة بمزايا الأرزة اللبنانيّة- أكتب عنها لاحقاً


الشاعرة: لميعة عباس عمارة
القصيدة: لو أنبأني العَرّاف
العَروض: بحر المتدارك- الخبَب
[هي أولى القصائد في مجموعة شعرية مطبوعة تحمل العنوان ذاته- وقد غُنّيَتْ]

لو أنبأني العرّاف
أنك يوماً ستكونُ حبيبي
لم أكتبْ غزلاً في رجُل
خرساء أصلّي
لتظلَّ حبيبي

لو أنبأني العرّاف
أني سألامس وجه القمر العالي
لم ألعب بحصى الغدران
ولم أنظمْ من خِرَزٍ آمالي

لو أنبأني العرّاف
أنّ حبيبي
سيكونُ أميراً فوق حصان من ياقوت
شدَّتني الدنيا بجدائلها الشقر
لم أحلُمْ أني سأموت

لو أنبأني العرّاف
أنّ حبيبي في الليلِ الثلجيِّ
سيأتيني بيديهِ الشمسْ
لم تجمد رئتاي
ولم تكبُرْ في عينيَّ هموم الأمسْ

لو أنبأني العرّاف
إني سألاقيك بهذا التيه
لم أبْكِ لشيءٍ في الدينا
وجمعتُ دموعي
كلُّ الدمع
ليوم قد تهجرني فيه

..............

سيرة ذاتية
[قام الكاتب بجمعها من مواقع الكترونيّة عدّة تكريماً- على قدر المستطاع- للشاعرة الكبيرة]

ولدت الشاعرة لميعة عباس عمارة في منطقة الشواكة بجانب الكرخ من بغداد عام 1929
إنها ابنة عمّ الشاعر العراقي الكبير عبد الرزاق عبد الواحد-
لكنها نشأت في محافظة العمارة (ميسان) وتقيم حاليا في سان دييغو- ولاية كاليفورنيا
وقد كتبت الشعر في البداية باللهجة العاميّة ولها من العمر اثنا عشر عاماً
نشرت أولى قصائدها عام 1944 في مجلّة السمير وهي في سنّ الرابعة عشرة
تخرجت في دار المعلمين العالية سنة 1950 ومن زملائها الشاعر العراقي الراحل بدر شاكر السياب
وقد عملت مدرّسة للّغة العربية وآدابها في الاعدادية المركزية للبنات- في شارع الجمهورية وسط بغداد
صدر لها ستة دواوين- وآخر بالعاميّة- وهي:
الزاويةالخالية 1960، عودة الربيع 1963، أغاني عشتار 1969، يسمونه الحب 1972، لو أنبأني العراف 1980، البعد الاخير/1988
إنّها شاعرة عراقية بامتياز محدثة ومبدعة، يُعدّ شعرها محطة مهمة من محطات الشعر في العراق

يُضاف ما تقدّم إلى أنها شغلت مراكز عدّة وحازت على امتيازات مختلفة:
عضوة الهيئة الإدارية لاتحاد الأدباء العراقيين في بغداد 1958–1963
عضوة الهيئة الإدارية للمجمع السرياني في بغداد
مديرة الثقافة والفنون في الجامعة التكنولوجية- بغداد
نائب الممثل الدائم للعراق في منظمة اليونسكو في باريس 1973-1975
مُنِحَتْ درجة فارس عام 1974 من لبنان
وضعت إحدى الموسوعات اسمها ضمن مشاهير النساء في العالم
وترأس حالياً تحرير مجلة (مندائي) التي تصدر في أميركا


تنحدر الشاعرة من سلالة اتخذت من الماء- وهو أصل الحياة- مكاناً لعبادتها وحياتها فقومُها أصيل
- وهُمُ الصّابئة المندائيّون-
إنهم موجودون في بلاد ما بين النهرين قبل أنْ تُسمى البلاد بالعراق
ولأنها امرأة جنوبيّة فهي مترعة بالحنان الذي استمدّت من طبيعة مياه الأهوار
حتى حلّقتْ في فضاء الشعر طويلاً كطيور الماء

تعمدت الشاعرة بمياه دجلة وترعرعت على ضفاف الفرات
وبين هذين النهرين العظيمين شيّدت مجدها الشعري
واٌمتلكت جرأة وتمرّداً غير مسبوقين لا في عصرها ولا قبله
و لا تزال مميّزة بصوتها السومريّ الساحر على رغم هموم اغترابها في الولايات المتحدة
..............

هنا مقتطفات من شعرها الثائر:

أهواك عنيفاً جبارا
أهواك كما أنت
كن بركاناً أو إعصارا
كن ما شئت
أهواك بكل مساوئك المنسيّه
وبكل كلومك في قلبي
يُقصِينا الضوء وتجمعنا الأمسيّه
فأمدُّ شفاهي في عَجَلِ
للثغر المترع بالقبَلِ
وأنام...أنام بلا عَتْبِ
أهواكَ... وأغرق في ذنبي
..............

وهنا مرّت الشاعرة بحالة من التألّق كأنها بدأتْ بالكتابة من جديد:

كل شِعْري قبْلَ لُقياكَ سُدى
وهباءٌ كلّ ما كنتُ كتبت
اطو أشعاري
ودَعْها جانبا
واٌدنُ مني
فأنا اليومَ بدأت
..............

وهنا خاطبت الشاعرة جميع النساء خطاباً راقياً ونزيهاً-
إلى كل امرأة تشعر بشيء من الحساسية حين يحدّثني زوجُها

سيّدتي
مني انا.. اطْمَئِنّي..
فزوجُك المَصُونُ في أمانْ
لي رجُلٌ أحبُّهُ
ولا أحبُّ غيرهُ
ولا أحبُّ معهُ
ولا أحبُّ بعدهُ..... إنسانْ
..............

وهنا– أترك التعليق للقرّاء الكرام على هذا السيناريو الشعري:

تدخّنين؟
لا
أتشربين؟
لا
أترقصين؟
لا
ما أنتِ؟ جَمعُ لا!
أنا التي تراني
كُلُ هموم الشرقِ في أرداني
فما الذي يشدُ رجْليكَ الى مكاني
يا سيدي الخبــــــير... بالنسوانِِ
إنّ عطائي اليوم شيءٌ ثانِ
حَلِّقْ.. فإنْ طأطأتَ.. لا تراني!
..............

ولها من الشعر العمودي- بحر الخفيف

لا تقلْها إنْ لجلجتْ فـي حنايـاك ودَعْنـي أشتفّهـا مـن عيونـِكْ
واٌرتعاشات هُدْبكَ الخجل الخفْـق وهـذا الغضـون فـوق جبينـِكْ
خلِّ هذا الغمـوض وحيـاً تقيـّاً *** لصلاة ما هوّمـتْ فـي يقينـِكْ
وإذا الآدمـيّ فـيـك تـنـزّى *** وتمطّـى العنـاق بيـن جفونـِكْ
فاٌحتضنْ أيّهـنّ شئـتَ تجدْنـي *** أنا كلّ النساء طوع يمينـِكْ

لا تقرّبْ أنفاسك النار من وجهي وأذْنـي وشـَعْـريَ المتهـافـِتْ
إنّ في همْسكَ الأعاصيرَ والزلزالَ يجتـاحُ عالمـي وهْـو خافـِتْ
لا تقلها وخلِّنـي أحـزر اللؤلـؤ في بحـْريَ العميـق الصامـِتْ
..............

أمّا الكاتب فيختم بالثناء التالي- لعلّه يصل إلى شاعرة العراق اللامعة:

عَرَفَ العشقُ أهلهُ يا لميعهْ *** إذ تحدّيتِ صَمْتهُ ومَنيعَهْ
أخْفتِ العاشقاتُ في زمن القهر شجوناً وكنتِ أنتِ المُذيعهْ

يا عراقيّة الأصالة كاٌبن العمّ عبد الرزّاق من خير نخلهْ
أمطرتْ تمْرَها العراقيّ بالشّعْر فلا شاعرٌ يحلّ محلّهْ

أنتما نخلتان في ضفتَيْ حُلْمٍ يُضاهي رجولة بأنوثهْ
قمّة تلتقي بأخرى من الأعلى خلاف الجبال غير وريثهْ

وإذا كان للقصائد يوماً *** مِنْ نبيٍّ فلا سواكِ نبيّهْ
ليس في الشعْر آيةٌ إنّما الآياتُ فيه أبياتهُ الغزليّهْ!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا