الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خيار- الحل الشاروني- يسابق -حل الدولتين-

ماجد الشيخ

2009 / 6 / 15
القضية الفلسطينية


عبر حروبها العدوانية المتواصلة، وسلوك قوّات احتلالها في قطاع غزة والضّفّة الغربيّة بما فيها القدس، وعبر قوانينها الفاشية الموجهة لمواطني الجليل والمثلث والنقب، تستهدف إسرائيل تغيير الواقع الفلسطيني بما يخدم أهدافها النّهائيّة، وذلك عبر فرض واقع جديد لا يستفيد منه سواها. بينما على النّقيض من ذلك يبدو الفلسطينيون بكافة أطيافهم أكثر احتياجا لتغيير واقعهم، لا ليتناسب أو يستجيب للأهداف الإسرائيليّة، لكن لعودة الانسجام النسبي إلى واقع حركتهم الوطنيّة؛ كحركة تحرّر وطني، سبق للنزوع السلطوي - للأسف – وبدفع خارجي (إقليمي) وأن أفرغها من شحنات ما يفترض أنّها أسباب ومبرّرات وجودها، خالقا انقساما فعليا ما فتئ يهيمن على واقعهم السياسي والجغرافي.

لقد أمسى مفهوما في ضوء الصعود الجديد لقوى الفاشيّة المجتمعية في انتخابات الكنيست الثامنة عشرة؛ أن المستهدف وفق المخططات الإسرائيلية المعلنة والمضمرة هو الوضع الوطني الفلسطيني برمّته؛ لا فرق بين مفاوض أو مقاوم. وما تريده إسرائيل اليوم؛ صار أوضح في مراميه الآنيّة كما وفي أهدافه البعيدة؛ إنّها تريد التراجع عن منطق التّسوية الّذي "أجبرت" على العمل بموجبه حتّى اللحظة، بحيث أضحت عاجزة عن تقديم أيّ مسوّغات لاستمرار مثل تلك التّسوية، بل على العكس من ذلك، طالما سعت إسرائيل إلى تعطيلها، والتّراجع عن "إنجازاتها" التي سكتت عنها حتى وهي تنسفها الآن بشكل معلن، بعد أن عملت على نسفها بشكل مضمر طوال سنوات ما بعد أوسلو، بفعل مواقف العديد من قياداتها التي رأت أن ما ترتّب على أوسلو شكّل ورطة، ربّما يكون من الصّعب التّخلّص منها أو نسفها تفاوضيّا.
وما جرى ويجري في قطاع غزّة، وما يجري في الضّفّة الغربيّة (في قلقيلية مؤخرا)، وإن كان يستهدف وضع المزيد من الوقود في أتون الانقسام السياسي والجغرافي، فهو لا يستهدف منطق المقاومة فقط، قدر ما يستهدف منطق المفاوضة كذلك، فلم يعد لدى إسرائيل ما يمكن أن تتخلّى أو تتنازل عنه في المفاوضات، إذا ما نشأت مفاوضات مع حكومة الليكود اليمينية المتطرفة بعد الآن. لهذا هي تسعى اليوم إلى فرض أمر واقع جديد، لا مجال فيه لقسمة "حلّ الدّولتين" أو لإقامة دولة فلسطينية مستقلّة. وعلى ما يبدو فقد أضحى أو سيضحي ذلك شيئا من الماضي، مثلما ذهب الرئيس الأميركي السابق جورج بوش ووعده إلى النّسيان بعد العشرين من كانون الثاني (يناير) الماضي.

تلك خلاصة لسنوات من الجمود والعبث والمراوحة، ومحاولة خلق وقائع على الأرض بدأت إسرائيل فرضها بالنّار. وهذا ما حاول جون بولتون الممثل السّابق للولايات المتّحدة في الأمم المتّحدة وأحد أبرز رموز المحافظين الجدد، الكشف أو الإفصاح عنه في مقالة له في "الواشنطن بوست" (5/1/2009) حين اعتبر أنّ تسوية إسرائيليّة – فلسطينيّة على أساس مبدأ قيام دولتين غير قابلة للتّطبيق، مقترحا إعادة الأراضي الفلسطينية إلى السّيادة المصريّة والأردنيّة.

وبدلا من خريطة الطّريق المدعومة من الأمم المتّحدة والولايات المتّحدة، دعا بولتون إلى مقاربة جديدة على أساس ثلاث دول؛ توضع بموجبها غزّة مجدّدا تحت سيطرة مصر، فيما تعود الضّفّة الغربيّة خارج المستوطنات الكبرى المقامة في القدس ومناطق أخرى، وفق صيغة معيّنة تحت السّيادة الأردنيّة. في حين تزامن هذا مع تأكيد مصادر رسميّة أردنيّة أنّ شبح ضم جزء من أراضي الضّفّة الغربيّة – الّذي تخشاه المملكة، بدأ يلوح مجدّدا في الأفق، ما يمكن أن يؤدّي إلى إلغاء خيار "حل الدّولتين"، والعودة إلى نغمة إسرائيليّة (شارونيّة) قديمة، مفادها أن الأردن هو الوطن البديل للفلسطينيين.

وحتّى تفتح إسرائيل طريقا واسعة لإعادة الوصاية المصريّة إلى غزّة، ورمي ما تبقّى من الضّفّة الغربيّة بعد سلخ أراضي المستوطنات الكبرى منها ومن القدس إلى أحضان "الاحتواء" الأردني مرّة أخرى، بعد أن فكّت عمّان ارتباطها بالضّفّة منذ أعوام مضت، لا بدّ لها من إفشال "حلّ الدّولتين" أوّلاً كمبرر لبدء البحث عن حلول أخرى، بعيدا عن الإضرار بمصالحها المباشرة الإستراتيجيّة؛ القائمة على نفي حق الشّعب الفلسطيني في إقامة دولته على أرضه التّاريخيّة؛ التي كان قد بدأ الصّراع فيها وعليها منذ أن تمّ إنشاء الحركة الصّهيونيّة كحركة عنصريّة، قامت على مزاعم أنّها حركة تحرّر خاصّة بمن أطلقت عليهم تسمية "الشّعب اليهودي". فيما هي وفي مخطّطات ومشروعات الوضع الدّولي يومذاك؛ كانت واحدة من الأدوات الوظائفيّة لدول الاستعمار الغربي، التي تزاوجت مصالحها وتطابقت في لحظة تاريخيّة هامّة، يبدو أنّها ما زالت تفرض أهمّيّتها على أجندة القوى الدّوليّة الأكثر تأثيرا على مسارات السّياسة المعولمة في عالمنا المعاصر.

هذا هو فحوى "الحلّ الشّاروني" الّذي تحاول إسرائيل تطبيقه في غياب أو غيبوبة شارون ذاته، برغم حضور سياساته؛ ليس لدى قوى اليمين الليكودي، بل ولدى اليمين القومي المتطرّف ويمين الوسط ويسار الوسط على حدّ سواء. فمن سيكون معنيّا بتصفية هدف إقامة الدّولة الفلسطينيّة المستقلّة، أي إفشال ما يسمّى "حلّ الدّولتين" سيكون بالتّأكيد معنيّا ّ في ما لو نجح، في تصفية القضيّة الوطنيّة الفلسطينيّة برمّتها، بل إنّ "حل الدّولتين" حينها سوف ينقلب لأن يكون حلاّ لـ "لدّولتين الفلسطينيّتين" اللتان أقيمتا بفعل الانقسام السّياسي والجغرافي العتيد! الحلّ الّذي يعيدهما إلى أحضان الوصاية والاحتواء مرّة أخرى. وذلك قمّة العبث بحركة تحرّر الشّعب الفلسطيني الوطنيّة، قمّة تأمين إيصالها وتسليمها إلى أحضان الحلول التّصفويّة من جديد.. ومرّة أخيرة..!!.

يقينا إن ما تتكتّم عليه إسرائيل من أهدافها البعيدة، سوف يتيح لها نجاحها في إفشال "حل الدولتين"؛ انفتاح شهيّتها لإظهار تداعيات مخطّطاتها الواحد بعد الآخر، وهذا ما يحتّم مواجهة أهدافها البعيدة، وذلك عبر الحرص على تدمير أهدافها الآنيّة، السّاعيّة للقضاء على روح وثقافة التحرر الوطني والكفاح الشعبي الواسع من أجل نيل الحقوق التاريخية والوطنية الثابتة، قبل أن تنتقل إلى ابتلاع الفلسطينيين بالجملة، وإفشال مسيرة تحرّرهم الوطني، بكسر إرادتهم، وتزييف وعيهم، وإعادتهم إلى حلقة أو مرحلة استجداء الكرامة، وهذا قمّة الواجب الّذي ينبغي التّصدّي له بنجاح، نجاح استعادة قوة الوعي الوطني الملازم لحركة تحرّر وطني بقيادتها المجرّبة، المصمّمة على نيل حقوقها التاريخيّة، عبر الاستمرار بمعركة تحرير إرادتها من أوهام سلطة زيّنت لها "تصالحاتها" الآنيّة، والمصالح الذّاتيّة لبعض أطرافها؛ أنّها رصيدها الباقي إلى الأبد!! أبد سلطة لا أبد لها.

وحتى لا يضيع العنوان الوطني للقضيّة وللمشروع الوطني الفلسطيني، سيبقى للكفاح الوطني التحرّري لشعب فلسطين؛ في الوطن والشتات، عنوانه الأوحد: منظّمة التّحرير الفلسطينية وليس أيّ عنوان آخر "شعبوي" أو "إسلاموي" أو أيّ "اختراعات" أخرى مما يجهد (المبتدعون) في تزويجها والترويج لها – لا فرق - في مواجهة تعبيرات غير مكتملة عن إرادة ووعي التّحرّر الوطني. والمنظّمة مهما تكن الملاحظات عليها وعلى قياداتها ورموزها، تبقى هي العنوان الّذي ينبغي صيانته وتطويره وتفعيله، وحتّى تغيير ما يتوجّب تغييره من داخلها.. إلخ، وذلك حتى تبقى هي التعبير الأشدّ نضالية وتماسكا على هدي الأهداف الكفاحيّة، الكفيلة بالحفاظ والتّمسّك بمفخرة الشعب الفلسطيني النضاليّة، وإلاّ فإنّ العناوين الأخرى ليست قمينة بحماية التراث الكفاحي، لشعب مرجعيّته ومرجعه الأوحد؛ أرضه التاريخيّة التي شكّلت وستشكّل الوطن التاريخي الفلسطيني القادم، دون أيّ إضافات إلى ملامح هذا الوطن الخاص بأصحابه.. كلّ أصحابه دون استثناء، ودون اعتباره "الوقف" الفئوي "الموقوف" على بعض أبنائه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ