الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاصلاح السياسى فى مصر ( رؤية شيعية)

محمود جابر

2009 / 6 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


مفتتح

إن الشيعة المصريون أصبحوا اليوم من الناحية الواقعية رقما في المعادلة السياسية المحلية والدولية لعدة أسباب من بينها تلك الطريقة التي عوملوا بها من قبل بعض الجهات الأمنية والسياسية والدينية وبغض النظر عما إذا كان قد خُطط للوصول إلى هذه النتيجة أم لا.
أن التشيع أو التعاطي مع الإسلام انطلاقا من مدرسة أهل بيت النبوة عليهم السلام هو مكون أصيل من مكونات الدين ولم يكن يوما ما خروجا عليه فضلا عن الزعم بأنه جزء من مخطط خارجي يسعى لبسط الهيمنة والنفوذ ولذا ننبه إلى ضرورة التعامل مع التشيع في إطار احترام حق التنوع والاجتهاد بين أبناء الدين الواحد.
أن التقسيم الطائفي للمجتمع هو شر مستطير يتعين إدانته والوقوف في وجهه وينبغي إعادة الاعتبار للمواد الدستورية التي تنص على أن المواطنين جميعا أمام القانون سواء بغض النظر عن الدين والمذهب, إلا أن هذا لا يتوقف على إرادة طرف واحد بل يحتاج إلى تعاون جميع الأطراف لئلا يجد البعض نفسه مضطرا للاحتماء بكيانه الطائفي وامتداداته الخارجية في مواجهة تغول السلطة على حقوقه الطبيعية في العيش الآمن والتعبد لله وفقا لدينه وعقيدته.
نحو مشروع وطني
فى بداية سبعينات القرن المنصرم كان النظام السياسي الحاكم فى مصر يحاول أن ينتقل من دولة الثورة إلى الدولة الدستورية ، بيد أنه عمل على مراكمت كل المتناقضات الفلسفية والأيدلوجية ، وبناء عليه فقد تجلى شكل الدولة المصرية والنظام السياسي خليط مشوه من الليبرالية ( الشكلية) على المستوى الأداء السياسي ، والاشتراكية –العرجاء- على المستوى الاقتصادي ، وكان جملة التوصيف العام بأن النظام فى مصر ديمقراطي أصولي /سلطوي.
هذه الحالة المزاجية فى صياغة نظام الحكم خلف كارثة تجلت فى اغتيال رأس النظام الحاكم على أيدي حلفائه ، وكان هذا مؤشرا لما يمكن أن تكون عليه شكل الدولة عامة والحياة السياسية والثقافية والفكرية بعد أن شاع فيها منطق (التخوين الوطني) و( التكفير الديني)،وتقزم الحياة السياسية وانحصرت الأحزاب السياسية فى الشارع المصري نتيجة محاصرة السلطات الحاكمة والكم الهائل من القوانين المضيقة للحريات ،وأصبح المناخ العام مناخا أصوليا غير متسامح، وهذا الذي وفر بيئة مناسبة للتكفير والتخوين.
وبدأت المرحلة التالية (مرحلة حرائق) ، ما بين سياسي وحقوقي وديني ومطلبي ، وأصبحت المشهد العام مشهد استحقاقي .... الجميع يطالبون حقوقهم من الجميع والمتابع لهذا المشهد من بعيد يقول: من سوف يعطى لمن ؟!
واحد من الأزمة التي نعانى منها هو التطور الاجتماعي أو المتغيرات الطارئة علينا بفعل تغير الأوضاع السياسية فى الإقليم (منطقة الشرق الأوسط) ،وإذا كان البعض يرى الحل في الديمقراطية – باختزال الديمقراطية فى الانتخابات وفقط - وان اى إخفاق ديمقراطي لا حل له إلا مزيد من الديمقراطية ، وهذا كلام وجيه وجيد ، بيد أن هذه الديمقراطية المبنية على سوء النوايا والوهم وسيل من الخبرات المتراكمة- بطريقة الخطأ- حول فصيل ما أو جماعة ما أو شخص ما تجعل هذه الديمقراطية ديمقراطية طوائف ومحاصصة وشراء ذمم وأصوات وتصبح الانتخابات التي هي واحدة من الآليات التنظيمية لتوزيع الحقوق والواجبات والمسئوليات شكلا خاليا من المضمون وتصبح هذه الانتخابات غير معبرة عن المضمون الحقيقي للمجتمع .
ومما لا شك فيه أن هناك ثمة مجموعة كبيرة من الأزمات الوطنية وهذه الأزمات لن يكون الطريق إلى حلها هو الانتخابات، فهذه الانتخابات أو تلك لا قيمة لها مالم يتم معالجة الأزمة الوطنية وهذا الحل مرهون بالبحث عن صيغ تفاهمية بين الجميع ، وهذه الصيغ لا يمكن الوصول إليها مالم يعتمد كل فريق أو فصيل أو جماعة مبدأ خطاب النوايا .
وخطاب النوايا هذا أو البرتوكول أو خطاب التفاهم والتعريف بالذات ، وهذا الخطاب هو خطاب يوجه للتأكيد على مجموعة من القضايا وإزالة الوهم وفض الالتباس الذي يحيط بقوى أو جماعة أو فريق أو تيار بعينه فى قضية أو قضايا بعينها ، ويجب أن يتضمن أيضا هذا الخطاب الأفكار والأخلاقيات والمبادىء العامة للتيار أو للجماعة ذاتها هذا بالإضافة إلى أهمية أن يتضمن هذا الخطاب الآخر الوطني والموقف منه سواء كان هذا الآخر جماعة سياسية أو دينية أو فئوية أو جهوية أو أثنية،وهذا الخطاب هو الحالة المصغرة لبرامج الأحزاب .
وإذا ما اعتبرنا الدستور المصرية – تجاوزا – خطاب نوايا بين الدولة ومكوناتها من مؤسسات وجماعات وتيارات وأفراد ....، فإننا سنجد أن هذا الدستور لم يصادر على حرية أحد و لم يشكك فى نوايا أحد ولم يمنع أو يمنح أحد ميزة أو مميزات نسبية عن الآخر ، وعليه وفى المقابل يجب أن يقدم الجميع خطابات نوايا على هذا المستوى من الرقى والتقدم وعدم الانغلاق أو التفرد .
وبناء على ما تقدم فيجب على الجميع سرعة إنجاز هذه الخطابات ونشرها ومناقشتها على العلن وفى الأوساط المعنية ووسائل الإعلام وأول هذه الجهات أو الجماعات التي يجب أن تقدم هذا الخطاب هي جماعة السلطة وحزبها الحاكم وعليها أن تجيب على بعض الأسئلة المستحقة : إذا كان الدستور المصري دستورا عادلا ومتزنا ومحدد فيه السلطات المختلفة والجهات الرقابية وآليات المحاسبة والتشريع فمن أين جاءت كل هذه الأخطاء الكبيرة ؟!
إن حالة التجريف الثقافي والمعرفي ، وانتشار الجهل وإشاعة روح التخوين والتشكيك وهذا التغيير المطلق أو حالة انقلاب المعايير الأخلاقية والسياسية والثقافية التي أصابت المجتمع المصري فى السنوات الماضية كانت نتائجه انفجار مجموعة هائلة من الحملات العدائية وإشعال " حرب الكل ضد الكل" ، فما من فصيل أو جماعة أو تنظيم سياسي إلا ومتهم فى شرفه الوطني أو العقائدي أو ولائه للوطن وللدولة وقد أصابت هذه الحملة الجميع ، وهذه الحالة من التجريف والاحتراب وتيبس الحالة السياسية ككل وسيطرة حالة من الضبابية على المستقبل واحد مظاهرها هو عدم وضوح الرؤية فى عملية انتقال السلطة ، وعليه فقد أصبحنا أمام لحظة حرجة تستوجب الإصلاح، وهذا الإصلاح من وجهت نظرنا يدور حول إجراء يمكن ترتيبه على النحو التالي :
- تشكيل" لجنة وطنية عامة " تضم كافة أشكال الطيف السياسي فى مصر ، تلعب دورا محايدا فى إدارة حوار جاد ومعمق حول كافة القضايا المرتبطة بالإصلاح التشريعية والسياسية والاجتماعية والثقافية وتكون بمثابة جمعية وطنية تؤسس لمرحلة جديدة فى الحياة السياسية والاجتماعية المصرية.
- لا يكون للحزب الوطني الحاكم اليد العليا فى تشكيل " اللجنة الوطنية العامة "أو إدارة الحوار.
- إعلان محاور وقضايا وبرنامج الحوار بشكل اٍعلامى واسع ليتم دراستها والاتفاق عليها سلفا وبشكل ديمقراطي بين الأطراف المختلفة.
- علانية الحوار ذاته عبر وسائل الإعلام المختلفة.
- خلق آليات لاستمرار الحوار وصياغة محاضر اللقاءات بهدف التقدم فيه لخطوات حرصا على الوصول لإنجازات حقيقية وتعبيرا عن الجدية والحرص على بلوغ الأهداف.
- اتساع عملية الحوار لكافة منظمات حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني فضلا عن الأحزاب السياسية والنقابات والمؤسسات العلمية والبحثية والأكاديمية وأصحاب الرأي والمثقفين وضمان مشاركتها جميعا.
- تعديل كافة التشريعات بما يتلائم مع اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية واتفاقية الحقوق الاجتماعية والثقافية والاقتصادية واتفاقية منع التمييز ضد المرأة بكافة صوره وأشكاله واتفاقية منع التعذيب بكافة صوره وأشكاله واتفاقية حقوق الطفل واتفاقية الحق في التنمية وغيرها مما يرتبط بالحقوق والحريات تلك التي التزمت بها مصر وصدقت عليها، ووضعها موضع التنفيذ.
- إطلاق حرية تكوين الأحزاب والنقابات والجمعيات وكافة أشكال التنظيمات السلمية والمدنية ووضع الضمانات القانونية والسياسية الكفيلة بحماية استقلاليتها.
- إطلاق حرية الصحافة وتحرير أجهزة الإعلام من السيطرة الحكومية وإطلاق حرية تملك وسائل الإعلام المسموعة والمرئية وحق إصدار الصحف.
- إتاحة فرصة متكافئة للأحزاب والقوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان وكافة الاتجاهات والتيارات الفكرية الديموقراطية في طرح آرائها وأفكارها في كافة أجهزة الإعلام المسموعة والمرئية.
- وضع التشريعات والسياسات الملائمة لتوفير ضمانات الانتخابات الحرة النزيهة لفتح المجال أمام التعددية السياسية ومشاركة في السلطة أو تداولها.
- إصدار قانون جديد للحكم المحلي لتفعيل المشاركة الشعبية للمواطنين وتمكينهم عبر الانتخاب الحر المباشر- دون تدخلات من السلطة التنفيذية أو الأمنية أو سيطرة الحزب الوطني الديموقراطي- من ممارسة الإدارة المحلية وممارسة الرقابة الشعبية على الأجهزة التنفيذية.
- الفصل الكامل بين الحزب الوطني الديموقراطي وبين الدولة وأجهزتها وتخلي رئيس الجمهورية بصفته رئيساً لكل المصريين عن رئاسته للحزب.
- تقليص السلطات المطلقة الممنوحة لرئيس الجمهورية بموجب الدستور
إصلاح وتعديل السياسات الاقتصادية والاجتماعية خاصة المتعلقة بالأجور وأسعار السلع والخدمات الصحية والتعليمية والنقل والاتصالات والمواصلات والمياه والكهرباء وأسعار المساكن والتي باتت تهدد حياة المواطنين وتوسع دائرة الفقر والبطالة، والعمل على وضع خطط بديلة للتنمية البشرية والاجتماعية بهدف تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.
والله أعلم









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لاتقصص رؤياك علينا ونحن لها عارفون
جيفارا ( 2009 / 6 / 15 - 23:23 )
أخ محمود هم شيعة ألعراق ماذا فعلو للعراق حتي تريد من أخوانا شيعة مصر ليش حتي أيران وألايرانيين تجد ثاني يوم في حي ألسيدة وخان ألخليلي بعدين هاي ألارقام ألصعبة منيين أجيبوة أشو ياهو ألتلزمة رقم صعب وينتل (ثري فيز )وتالية يطلع حرامي وجان مدرس لعلي بابا


2 - حين تحتاج باسكال مشعلاني الي حدبة
حمادي بلخشين ( 2009 / 6 / 16 - 00:48 )

اذا احتاجت باسكال مشعلاني ذات يوم الي حدبة كي تتجمل بها فان الاسلام يحتاج الي سنة و شيعة فالطائفة الاولي تمثل دين الملوك و الطائفة الثاني تمثل دين الكاهن اقرا لو سمحت - الشيعة و التشيع رؤية حيادية مبرأة من الطائفية-

belkhechine07.com

الشيعة ممثلة في ايران أوجدت لزيادة تمزيق العالم الاسلامي
وكل جهود ايران تصب في مصلحة الغرب فايران ليس لها اي مشروع حضاري يقلق الغرب فتوسعها و عنترياتها سيكون على حساب بلاد اسلامية مفككة
اقرا لو سمحت- لماذا و كيف وقع انجاح الثورة الخمينية- الرسالة السادسة من نفس الكتاب
مع تحياتي


3 - للفهم ساعة
محمود جابر ( 2009 / 6 / 16 - 01:46 )
الى الاخ جيفارا ...
والعزيز حمادى .
بادىء ذى بدء .. يجب أن نقرأ المقال موضوع التعليق اولا ، ثم نتكلم .
مصر ليست باسكال وبالتالى الشيعة المصريين ليسوا حدوة .
انا لا اتحدث عن طائفة دينية احدثتها انا او غيرى ، فالتغيير المجتمعى يحدث لاسباب يضيق حصرها ، وسواء هذا التغيير إجابيا أو سلبيا ، فإنه أصبح واقع وأن سمة العقلاء أن يتعاملوا مع الواقع بما هو حقيقة واقعة لا أن يجعلوا من أمزجتهم واقعا يفرضوه على الناس قهرا وتسلطا تحت اى دعوى فارغة من اى مضمون سواء كانت تحت دعوى الدين و النظام او العرف فالواقع هو القانون الذى يجب ان نكيف الامور وفقا له وليس العكس .
نعم اصدقائى مصر بها العديد من الجماعات السياسية والدينية ، وسواء كانت بعض هذه الجماعات تتأثر بالدين على حساب السياسة او تتاثر بالسياسى على حساب الدينى ، وما ينطبق على مصر ينطبق على كافة الدول العربية والاسلامية وكافة الاقطار فى هذا العالم ، فالشعوب ليست كيانا واحدا متكلس سياسيا ودينيا ، ولا يجب ابدا ان تفرض الاقلية امزجتها على الاقلية او العكس ان كنا نبحث عن حياة افضل للجميع ، وكلما غالطتنا فى عدم مشاهدت معطيات الواقع ومتطلباته كلما تباعدت بنا السبل .
وعودة على بدء ...
فالنظام السياسى فى مصر تكلس تكلسا غاية فى الغفلة وا

اخر الافلام

.. الناخبون الموريتانيون يدلون بأصواتهم لاختيار رئيس للبلاد • ف


.. سكان بلدات لبنانية تتعرض للقصف الإسرائيلي يروون شهادتهم | #م




.. أمريكا ترسل 14 ألف قنبلة زنة ألفي رطل لإسرائيل منذ السابع من


.. هل ستتجه إيران لجولة انتخابية ثانية؟




.. شركة بيانات: مشاهدات مناظرة بايدن وترمب أقل من المتوقع بكثير