الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قمة الدول العربية القادمة و مشروع - الإصلاح الامريكي - :- سفر نحو استبداد اكثر ؟ -

إبراهيم إستنبولي

2004 / 4 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


كما سبق و أعلن ، إن القمة العربية التي كان من المفترض أن تعقد من قبل
قد تم تأجيلها بسبب الخلافات على الموقف من قضايا الإصلاح التي طرحتها
الإدارة الأمريكية في مشروعها للشرق الأوسط الكبير .. وبغض النظر عما إذا كان
الخلاف حول ذلك هو السبب أم لا أو حول قضايا أخرى .. ففي نهاية الأمر ، إن
ذلك ليس هو المهم ، حسب رأي جارنا أبو محمد ، الذي كان في شبابه ناصرياً ،
ثم صار مقرباً من أجهزة الأمن بعد وفاة عبد الناصر ليتحول إلى شيخ و أحد
زوار بيت الله الحرام .. وأبو محمد اليوم هو من الأشخاص الذين لا يثقون بأي
زعيم عربي . وهو يرى أن الشغلة مخطط لها مسبقاً ـ أي انه من أنصار نظرية
المؤامرة ـ وهو يحاول دائماً أن يقنعنا بصوابية فكرتها دون جدوى ..
وعندما نعترض يقول لنا : عيش يا كديش تا يطلع الحشيش ... إلى درجة أنني من
كثرة ما شفت وسمعت ( والكلام هنا لكاتب هذه السطور ) على لسان الزعماء العرب
خلال بس العشرة سنين الأخيرة ، رحت اقترب اكثر فاكثر من نظرة جارنا ..
أما لماذا صرت اقرب إلى تصديق ذلك فلأن كل المعطيات وتطور الأحداث ،
وخصوصاً القمم العربية ، راحت تشير إلى أنه منذ خمسين سنة على الأقل لم يتخذ
الزعماء العرب أي قرار ونفذوه .. وبالتالي لم يُتخذ أي قرار إلا وكان في
النهاية بشكل أو بآخر يصب في مصلحة الإمبريالية و الصهيونية .. دون أن تكسب
الشعوب من قراراتها أية فائدة .. فحين كان يجب أن يوافق العرب على قرار
التقسيم عام 1948 رفضناه لنقبل به بعد اكثر من نصف قرن ، ونبوس الأيادي وش
و قفا حتى يقبل به الآخرون .. وحين كان يجب أن نرفع بعد هزيمة حزيران شعار
السلام ونوافق على انسحاب إسرائيل إلى حدود الـ67 ونقبل بقيام دولة
فلسطينية على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ، رفعوا لنا في قمة الخرطوم
لاءاتهم الثلاثة ..و ثورة حتى النصر و بدنا نرمي أل أيهود بالبحرـ لكي
تتحول تلك اللاءات إلى استجداءات بعد حوالي ربع قرن .. وصارت إسرائيل هي
التي تقول لنا : لا ألف مرة و مرة .. كلما وافقنا أو طالبنا على تنفيذ
القرارات المذكورة .. إلى أن أطلق الأمير عبد الله ـ الله يطوِّل عمره و يحسِّن
لغته العربية واللي ما بيعرف لماذا فليتابع تلاوته لنص مبادرته في قمة
بيروت بس تسنح الفرصة ، وغيرها مرات كثيرة ـ مبادرته الشهيرة .. لتصبح في
خبر كان ولتقوم إسرائيل بمحاصرة ياسر عرفات و اجتياح الأراضي الفلسطينية
كلما عنّ ذلك على بال شارون .. مروراً بمبادرة الزعيم القومجي سابقاً
والمتأفرق لاحقاً ( صاحب الكتاب الأخضر والبساط الأخضر..) باقتراح ضم إسرائيل
إلى جامعة الدول العربية ( لا استغرب أن يقوم يوماً أحد المستشارين الجهابذة
، وشعوبنا غنية بهم كفاية ، فيعلن أن مبادرة القذافي تلك كانت تنم عن
استشراف صاحب الكتاب الأخضر بخصوص مبادرة الشرق الأوسط الكبير بتاع ( وما
أدراك ما البتاع ) بوش الابن منذ سنوات ـ و ما المانع ؟ أليس هو الزعيم الذي
ما خلاّ وسيلة ليلفت إليه الأنظار و يرضي أمريكا وحليفتها بريطانيا و الرب
عليه وعلى نظامه .. فيقدم كل ما لدى ليبيا من أسلحة وبحوث على طبق من فضة
.. دون أن يرف له جفن أو يخطر ع باله أن يسأل الشعب الليبي عن رأيه في هذا
الموضوع خصوصاً بعد أن أذاق الشعب الليبي مرارة الحصار والحرمان من ركوب
الطائرة ( فراحوا يركبون الجمال حول خيمه الخضراء ) اكثر من عشر سنوات
ودمر كل اقتصاد ليبيا .. وهذا موضوع آخر . وصولاً إلى القمم الضيقة والمضيقة
والواسعة جداً حيث كنا نراقب مسرحيات و خناقات كلامية كما لو أننا نقرأ
قصة لغابرييل غارسيا مركيز عن صراع ديكة .. و أية ديكة ( ألا تذكرون شتائم
القذافي و ولي العهد السعودي .. أو بين ولي العهد الكويتي و عزت الدوري
العراقي الصدامي المجاهد .. الخ) .
إلى أن وصل الأمر و اكتشف قادتنا الفطاحل أن الجامعة بحاجة للإصلاح !!.
فقد تركوها خمسين سنة كما صممتها وبرمجتها لهم في حينه مملكة صاحبة الجلالة
.. دون أن يخطر ببال أحد في يوم أننا جميعاً وليس الجامعة فقط بحاجة لهكذا
إصلاح .. إلى أن طلع علينا الأخ الغيور المجاهد بوش الابن بمشروعه
الإصلاحي حول الشرق الأوسط .. فانتفض الجميع كما لو أن عقرب لسعهم وراحوا يطالبون
ويطبلون حول ضرورة إصلاح أوضاعنا .. قبل أن يحلق لنا الآخرون ( عفواً ع
الاستعارة سيادة الرئيس المناضل علي عبد الله صالح المستعد دوماً للحلاقة ..
حفظك الله لنا ) ..
وهنا سيداتي سادتي اصل إلى لب الموضوع من نظرية المؤامرة : فكما إن
الأنظمة الملكية ـ التي كانت تحكم و تتحكم بالعباد وبالبلاد منذ نهاية الحرب
العالمية الأولى بمساعدة الاخوة الإنكليز والفرنسيين ـ أقول كما إن تلك
أصبحت في حينه عالة على الجميع مع نهاية الأربعينيات من القرن الماضي ،
وخصواً أن دولة إسرائيل قد قامت وأعلنت وانتصرت في حرب الـ1948 ، مما خلق وضعاً
جديداً فرض أجنده جديدة ، مع مستلزماتها من " ضرورة " تأسيس أحزاب ثورية
وقومية ، فقد اضطرت " الشعوب و الجماهير " ، تحت قيادة الضباط الأحرار و
غير الأحرار ، بالانقلاب على تلك الأنظمة المتعفنة المهترئة .. ويا لطيف
شو انتشت الجماهير فراحت تداعب مخيلتها الآمال الوحدوية والقومية و
الاشتراكية والشيوعية .. و هلم جرى .. إلى أن كانت هزيمة ( عفواً نكسة )
حزيران و .. انتصرت القيادة الناصرية في مصر والقيادة البعثية في سوريا ، نعم
انتصروا ، إذ لم تتمكن إسرائيل من إسقاط الأنظمة التقدمية في كل من سوريا و
مصر .. ألم يكن هذا هو هدف حرب حزيران ؟؟! بل نكاية بهم انتصرت الثورة
البعثية في العراق بقيادة مناضلين أشاوس من أمثال صدام حسين ـ لا فككتَ أسره
أيها الرب .
و هيك وأنت ماشي إلى أن تم تتويج الانقلابات الثورية بثورة الفاتح بزعامة
العقيد إلى ما شاء الله .. وهكذا حُكِمت الشعوب أو البلدان العربية
بالشعارات القومجية والثورية أحيانا وبالحديد والنار أحيانا أخرى ، وراحت
بلداننا تتقهقر وتتراجع على كافة الأصعدة ـ بينما دولة إسرائيل تنمو ويشتد
ساعدها ـ إلى أن أصبحت الأنظمة الحاكمة عالة على شعوبها وعلى الله وعلى
أمريكا ـ يا أخي 30 - 40 سنة من محاربة كل فكر وثقافة علمية مما جعلها تنتج
فقط ثقافة العنف والإرهاب والكراهية على أرضية من التخلف الاجتماعي
والبطالة وتدهور الاقتصاد والفقر بعد أن أنفقت ثروات بلداننا في معارك وهمية
وجانبية .. مع اجمل عارضات أزياء في العالم أو مع أفخم القصور والسيارات و
في بناء المساجد ( إن كلفة كل مسجد في دمشق ربما تكفي لبناء ضيعة بكاملها
مع نفقات تزويج كل شبابها وصباياها ) ..
وبعد أن اسُتهلِكت هذه الأنظمة وقامت بدورها في محاربة الشيوعية والاتحاد
السوفييتي وكل من يناصر قضايانا على المستوى الدولي من ناحية ، ومحاربة أي
انفتاح و تقدم فكري وثقافي في الداخل لحساب التيارات السلفية والبن ـ
لادنية أو مثيلاتها في الداخل .. فجاء الوقت و حان " قطاف رؤوس هذه الأنظمة
.." . لكن لا تظنوا أن المقصود قطاف جسدي .. مش هيدا المهم .. فظهرت
قيادات شابة تتسابق في إعلان برامج إصلاحية ترفع شعارات .. الديموقراطية
والتعددية واختلاف الرأي الخ .. حسب الطلب ... والحبل ع الجرار .. واللي مش
مصدّق ينزل ع الساحة ( ولمعلوماتكم أضيف : كما سبق و أساءوا إلى فكرة
الشيوعية والاشتراكية والقومية و النقابات .. كذلك أساءوا وسوف يسيئون إلى مفهوم
الديموقراطية والمجتمع المدني والتعددية وحرية الرأي .. الخ. ) .
واقتنع الجميع بضرورة إصلاح الجامعة العربية .. وبادرت ، بل سارعت مصر
ترعى هذا الإصلاح ( ألم تبدأ الانقلابات التي أسموها ثورة من هناك ضد
الملك فاروق ؟! ) و تدعو مفكرين وباحثين ومثقفين عرب ( لا تخافوا مش ع
حساب الشعب المصري بل من حصة الـ 4 مليارات $ أمريكي ..) ـ أقول تدعوهم إلى
مؤتمر في فندق فلسطين بالتأكيد ـ كما ذكر الأستاذ سماح إدريس في مجلة
الآداب .. لمناقشة (اقرأ : للترويج ) لأفكار الإصلاح المدروس ـ فقد رفضت
إدارة المؤتمر مجرد الإشارة من قريب أو بعيد الى مسؤولية الاستعمار في تخلف
بلداننا ..
وهكذا إذن ، سوف يتم الإصلاح في داخل كل دولة ( ألم تقرأ عزيزي القارئ
مشروع مجموعة من الدول العربية للقمة بهذا الخصوص ) بما يتناسب مع متطلبات
المرحلة مع مراعاة الظروف الدقيقة التي تمر بها كل سلطة ( أليس كلنا نطالب
بالديموقراطية والخصخصة وحرية التعبير والإضراب وتنظيم الأحزاب .؟ ) ، و
كذلك في إطار الجامعة .. من هذه الناحية اطمئنوا ، أيها الاخوة .. لكن و
الله سيكون إصلاح الجامعة فقط في حدود ما هو لازم للمرحلة التالية في
تاريخ المنطقة .. واطمئنوا أيها الاخوة : بعد الإصلاح القادم سوف نُحكم من
قبل أنظمة جديدة وهي تعدنا بالحرية والتعددية والديموقراطية ع طريقتها ..
لمدة خمسين عام مقبلة ( كأني بأحدهم يقول : لا فضّ فوك ) .. سوف ننعم
إخواني بالحرية .. حرية أن نقول كل ما نريد .. و أن يفعلوا هم كل ما يحلو لهم
..

قال إصلاح قال .
و بتجـو فــايقين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسعى إسرائيل لـ-محو- غزة عن الخريطة فعلا؟| مسائية


.. زيلينسكي: الغرب يخشى هزيمة روسية في الحرب ولا يريد لكييف أن




.. جيروزاليم بوست: نتنياهو المدرج الأول على قائمة مسؤولين ألحقو


.. تقارير بريطانية: هجوم بصاروخ على ناقلة نفط ترفع علم بنما جنو




.. مشاهد من وداع شهيد جنين إسلام خمايسة