الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انتحار سياسي

سعدون محسن ضمد

2009 / 6 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا أعتقد بأن الوقوف مع الفاسدين وحمايتهم من مساءلة البرلمان تصرف حكيم من قبل الكتل والأحزاب التي تُعِد نفسها لخوض معركة انتخابية جديدة. فليس هناك من ينتخب الفاسدين أو حماتهم. ولا اعتقد أن هذه البديهية يمكن أن تغيب عن أي سياسي ومهما كان قريب العهد بالسياسة وأولياتها. إذن لماذا يخوض بعض نوابنا صراعاً مريراً من أجل منع أو عرقلة عمليات استجواب الوزراء المتهمين بالفساد؟
هناك من يبرر ذلك تحت شعار: أن الاستجواب سياسي، وهو محصور بوزراء كتلة الإئتلاف بغرض منعها من الحصول على أغلبية مجلس النواب المقبل. وهذا الكلام غير مفهوم لأن بعض ملفات الفساد قدمت قبل أكثر من سنة. كما أنه يرسم علامة استفهام إزاء عدم متابعة نواب الإئتلاف لفساد وزراء الكتل الأخرى، أم أن وزراء تلك الكتل غير متورطين بالفساد؟..
ثم إذا كان التبرير صحيحاً فلماذا لا يرد الإئتلاف الآن، ويحركون ملفات الفساد أو ملفات سحب الحصانة؟ وينجزون بالتالي مكسبين انتخابيين: الأول هو دعم عمليات الاستجواب، والثاني محاسبة وزراء الكتل الأخرى، في الأقل لإثبات أن الفساد حالة عامة ولا تقتصر على جهة بعينها. وهذا كفيل بإفراغ الأغراض السياسية لحملة الاستجواب من محتواها. نواب في الإئتلاف برروا عرقلتهم للاستجواب بما مفاده: أن الكتل الأخرى تمنع أية عملية استجواب تستهدف وزراءها. وهذا الكلام هو الآخر غير مفهوم لأن الإئتلاف يسيطر على أغلب مقاعد مجلسي: النواب والوزراء، وبالتالي لا يعود مفهوماً منه أن يأخذ موقف المتظلم من محاصرة الآخرين له!!.
لقد أثبتت الانتخابات الأخيرة أن الناخب العراقي يقظ ويعرف كيف يضرب الفاسدين وغير الكفوئين ضربات موجعة. لكن مع ذلك هناك من السياسيين والمسؤولين من يعتقد بأن هذا الناخب غبي ويمكن خداعه بسهولة، ولذلك هم سادرون بعملية دعمهم للفاسدين.
الصراعات الدائرة حول متابعة قضايا فساد الوزراء تشير بشكل واضح لتورط جهات كبيرة، وأن هذه الجهات بدأت تُحاصر بقوة وهي لذلك أخذت تفقد صوابها لدرجة تدعم معها الفساد علناً وبشكل لا مواربة فيه، وهذا ما يسمى بالانتحار السياسي.. يضاف لكل ذلك أن هناك من يتحدث عن صفقات تعقد للسكوت عن النواب المتورطين بالإرهاب مقابل ترك محاسبة الوزراء. وهذا ما يجعلنا نعتقد بأن جرائم الفساد هائلة، وأن المتورطين فيها أكبر من هيئة النزاهة ولجنة النزاهة ومن مجلس النواب نفسه. لكن مع ذلك يبقى الأمل معقوداً على جهتين: الأولى هي الجهة المتابعة للفساد في مجلس النواب وهنا تلمع أمام الأعين أسماء لنواب يستحقون كل الاحترام والثناء ومهما كانت غاياتهم من وراء محاسبة الفاسدين. من هؤلاء النواب: صباح الساعدي وشذى الموسوي وجابر خليفة وعالية نصيف. الجهة الأخرى هم الكتاب والإعلاميون، وهنا تتجه الأنظار صوب أسماء جربناها في ميدان مواجهة الإرهاب، وكانت مواقفها مسؤولة وثابتة، واليوم هي مطالبة بوقفة حازمة بوجه عدو أكثر خطراً من الإرهاب نفسه، خاصَّة وأن جسد العراق مليء بالطعنات ولا يجدر بنا أن نتخلى عنه ونتركه فريسة سهلة لمجموعة من اللصوص تتصرف بمقدرات البلد من دون ضمير ولا أخلاق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمات سودانية: مشروع من أجل تعزيز الصحافة المحلّية في السودا


.. فراس العشّي: كاتب مهاجر من الجيل المطرود




.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن