الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نتائج الانتخابات الايرانية: مؤشرات لمخاض داخلي لم تنجح في تغيير طابع ثوابت الجمهورية الاسلامية!

احمد سعد

2009 / 6 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


اظهرت النتائج شبه النهائية للانتخابات الرئاسية في ايران ان التيار المحافظ حسم الصراع لصالح الرئيس الحالي محمود احمدي نجاد، الذي حصل على نسبة 62,6% عدد من شارك في التصويت من اصحاب حق الاقتراع الايرانيين. وقد خيبت هذه النتيجة آمال معسكرين راهنا على احتمال انتصار ونجاح التيار الاصلاحي بقيادة مرشح الرئاسة مير حسين موسوي. المعسكر الامبريالي ومن يدور في فلك خدمته من انظمة عربية وغيرها الذين يبنون الآمال على عودة ايران الى حظيرة التدجين الامبريالية ويقلقهم الواقع المدعوم بالمعطيات والحقائق ان ايران منذ الثورة الاسلامية الايرانية في 1979، أي قبل ثلاثين سنة، قد حولت ايران الى بلد له وزنه السياسي وله دوره ومكانته ونفوذه على ساحة التطور والصراع منطقيا وعالميا. والمعسكر الآخر يتمحور حول ما يختمر من مخاض داخل صفوف الجماهير الايرانية الواسعة التواقة الى نظام اكثر عدلا وحرية ودمقراطية من نظام اكراه ديني اصولي، نظام يفصل بين الدين والدولة. وقد حاولت هذه القوى الجماهيرية التعبير عن موقفها من خلال دعم المرشحين الاصلاحيين.



* طابع ومؤشرات الصراع:يجمع كل من رافق سير المنافسة على الرئاسة الايرانية، من الاصدقاء والاعداء للنظام الايراني، ان هذه الانتخابات بالمقارنة مع المعارك الانتخابية الرئاسية السابقة تمتاز اولا وقبل كل شيء بأنها وبشكل غير مسبوق اثارت اهتمام ومشاركة اوسع الجماهير الايرانية من نساء ورجال وشبان وصبايا ومن مختلف هويات الانتماء في الحراك السياسي النشيط جدا على حلبة المنافسة. فنسبة من شارك من بين 47 مليونا من ذوي حق الاقتراع قاربت الستين في المئة. وفي بداية الحملة الانتخابية تقدم اربعمئة وخمسة وسبعون مرشحا من بينهم 42 امرأة، للمنافسة على الرئاسة، ولكن تمشيا مع "النمط الدمقراطي" لنظام الجمهورية الاسلامية فان مجلس الشورى الاعلى برئاسة مرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي لم يمنح حق المنافسة الا لاربعة مرشحين – محمود احمدي نجاد وحسين موسوي ومهدي كروبي ومحسن يزاري.
وقد اتسمت المنافسة بين المرشحين، خاصة بين التيار المحافظ بقيادة احمدي نجاد والمرشحين الاقل محاظفة والاصلاحيين بعنف كلامي واتهامات صارخة غير مسبوقة. فعلى سبيل المثال يتهم التيار المحافظ وانصاره التيارات الاصلاحية انها تسعى لتقويض اركان طابع الجمهورية الاسلامية، فعلى سبيل المثال فان آية الله مصباح يزدي من انصار التيار المحافظ واحمدي نجاد صرح عشية يوم الانتخابات "انه في الظروف القائمة في هذه الانتخابات فان واجبنا القومي يتطلب المحافظة على الطابع الحقيقي، الصحيح، للجمهورية الاسلامية، وانه فقط الرئيس محمود احمدي نجاد يحافظ على الطابع الصحيح للاسلام"!! اما التيار الآخر فانه قد ركز في حملته الانتخابية على اتهام احمدي نجاد بانه انتهج سياسة فاشلة عزلت ايران دوليا وادت الى تعميق الازمة الاقتصادية في ايران.
مما لا شك فيه ان جذب ملايين الايرانيين الى المعترك السياسي الانتخابي مبعثه الاساسي حقيقة وضع ايران على خارطة مسرح الصراع الدولي وتأثير ذلك وعلاقة ذلك بحالة الوضع المعيشي للشعب الايراني، فمن المؤشرات البارزة التي رافقت ساحة المنافسة الرئاسية يمكن التركيز على ما يلي:



* اولا: تردي الاوضاع الاقتصادية الاجتماعية في ايران التي استغلها الاصلاحيون ضد احمدي نجاد والمحافظين. فايران تعتبر من اكبر بلدان مصدري النفط والغاز الطبيعي في العالم وتدخل ميزانية الدولة من عائدات النفط اكثر من مئتين وخمسين مليار دولار سنويا. واعصار الازمة المالية العالمية طال الاقتصاد الايراني واسعار النفط والغاز بانيابه. وبسبب هذه الازمة افلست العديد من المصالح وزادت البطالة اذ اصبح عدد العاطلين عن العمل اكثر من ثلاثة ملايين ايراني وارتفعت نسبة التضخم المالي الى 35% وتجمدت نسبة ارتفاع وتيرة الانتاج القومي الاجمالي عند 5,6% وهي نسبة تنموية اعلى من النسبة في الولايات المتحدة الامريكية ومعدل النسبة في الاتحاد الاوروبي. المرشح حسين موسوي وتياره الاصلاحي رفع مطلبا في المعركة الانتخابية مدلوله الاقتصادي والاجتماعي والسياسي تغيير المنهج القائم في ادارة الاقتصاد وتوزيع الدخل القومي. تغيير منهج تدخل الدولة وملكية قطاعها للمفاتيح الاقتصادية الاساسية، وتغيير منهج "سياسة الصدقات" التي تمارسها الدولة لدعم الفقراء والمحتاجين، والاستعاضة عنها في تشجيع اقتصاد السوق والمبادرات الفردية والسوق الحرة، أي منهج الرأسمالية النيوليبرالية الخنزيرية، التي يعاني من مآسيها في الظرف الراهن مختلف البلدان الرأسمالية.



* ثانيا: اثبتت مشاركة اعداد هائلة من الشباب الايراني انها وجدت في التيارات الاصلاحية متنفسا للتعبير عن موقفها التواق "للحرية الغربية" ومدى تأثرها ببريق واجهات الدعاية الغربية والفخفخة الزائفة لنمط الحياة والثراء الكاذب لفرص الحياة السانحة والسيارات والموسيقى الصاخبة والانزلاق الى عالم الاجرام والمخدرات. فنظام الاكراه الديني الاصولي يساهم ايضا في تعميق ازمة الشباب وتدهور بعضه الى هاوية الاجرام والرذيلة.



* ثالثا: في الموقف من السياسة الخارجية فان التيار الاصلاحي الموسوي يدعو الى تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية والانفتاح على دول الغرب والعالم، بينما احمدي نجاد والتيار المحافظ يسعى الى اقامة علاقات دولية تضمن مصالح ونفوذ ايران. ولا يرفض التيار المحافظ محادثات لتحسين العلاقة مع الادارة الامريكية الجديدة التي قد تتقاطع وتنسجم مصالحهما في العراق وافغانستان وباكستان وحتى في الشرق الاوسط، علاقة تعترف بمكانة ودور ونفوذ ايران في الشرق الاوسط.



* رابعا: لا خلاف بين التيارات المحافظة والاصلاحية في الموقف من برنامج ايران النووي. فجميع التيارات ترى من الاهمية والعزة الوطنية ان تطور ايران طاقة نووية سلمية تدفع عجلة تطورها الاقتصادي وتطوير قدرة وترسانة عسكرية ومنظومات صاروخية متطورة لحماية امن ومصالح ايران وتحذير كل عربيد بلطجي يهدد بالعدوان على ايران. فحسين موسوي الاصلاحي مثلا يؤيد مراقبة دولية على تخصيب اليورانيوم في ايران، ولكنه يؤيد حق ايران بالحصول على تكنولوجيا ذرية للاغراض السلمية. كما يطالب هذه التيار ان تتوقف ايران عن ممارسة سياسة "استفزازية" خارجية من خلال تصريحات غوغائية فارغة. اما بالنسبة للموقف من اسرائيل فان الموقف الرسمي المعلن لمختلف المتنافسين من محافظين واصلاحيين هو ضد السياسة العدوانية الاسرائيلية، واحيانا التصريح المغامر والسيئ ضد حق اسرائيل بالوجود غير المقبول والمدان، وخاصة تصريحات الرئيس احمدي نجاد بهذا الخصوص، التيارات المختلفة تجمع على دعم الحقوق الوطنية الشرعية الفلسطينية بالدولة والقدس والعودة.
اما موقف اسرائيل الرسمية فمبني على تناقض في الموقف لخدمة مصلحة العدوانية السياسية الاسرائيلية. فمن جهة تقود اسرائيل الرسمية حملة التحريض الهستيري لتجنيد عدوان عسكري لتدمير المنشآت النووية الايرانية، تعمل على تحريض الادارة الامريكية، ادارة بوش سابقا، وادارة اوباما الحالية ليس لتصعيد العقوبات الاقتصادية والحصار الاقتصادي على ايران، بل اضافة الى ذلك عدم اسقاط الخيار العسكري ضد ايران او على الاقل اعطاء الضوء الاخضر لحكومة اسرائيل للقيام بحرب استباقية خاطفة لتدمير المنشآت النووية الايرانية. اما من الجهة الاخرى، فان حكومة الكوارث اليمينية الاسرائيلية والقوى ووسائل الاعلام المجندة في خدمتها لا تخفي "تحمسها" لنجاح الرئيس محمود احمدي نجاد وبقائه رئيسا لايران، لان بقاءه رئيسا يخدم سياسة الابتزاز العدوانية الاسرائيلية، اسهل بالنسبة لها تجنيد قوى عالمية ضد ايران وتبرير أي خطوة عدوانية تنتهج اسرائيل. انه موقف يشبه من حيث مدلوله السياسي الموقف الاسرائيلي من حركة حماس وحكومة وسلطة فلسطينية بقيادة حماس، فاسرائيل العدوان ترتكب "السبعة وذمتها" من جرائم ضد الشعب العربي الفلسطيني تحت غطاء تبريري ديماغوغي مواجهة "سلطة الارهاب الحماسستية"!! وبشكل مغاير يختلف موقف ما تبقى من يهود ايرانيين في ايران، فانهم يؤيدون الرئيس محمود احمدي نجاد ليس من منطلق ان هذا يخدم مصلحة العدوانية الاسرائيلية بل من منطلق صحة وجوده البيئة التي يعيشون بين ظهرانيها في ايران. فحسب ما اوردته صحيفة "يديعوت احرونوت" يوم الجمعة الاخير 12/6/09 على لسان الايراني موشي انه اكد تمنياته بنجاح محمود احمدي نجاد بالرئاسة، فحسب قوله "حياة اليهود في ايران ليست سيئة، فهم يستطيعون الذهاب الى الكنس اليهودية بحرية، ويتمتعون بامتيازات وتسهيلات تجارية في نشاطهم".
ان ما نتمناه هو الخير والتقدم للشعب الايراني، ونحن لا نفترش رصيف الحياد بالموقف من ما يجري في ايران وحول ايران، فنحن مع ايران ودون تحفظ او تأتأة في موقف التصدي للمخططات الاستراتيجية العدوانية الامبريالية – الاسرائيلية والعربية المتواطئة معهما ضد ايران، مع كل القوى المناهضة والمقاومة للهيمنة الامبريالية الامريكية وغيرها، ولكننا من ناحية اخرى لسنا مع المنهج الاصولي لنظام الاكراه الديني الذي يخصي عمليا الحريات الدمقراطية ومع تطلعات الشعب الايراني لبناء مجتمع الحرية الحقيقية والدمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية لضمان رفاهية الشعب الايراني.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل نفق مظلم.. مغامرة مثيرة مع خليفة المزروعي


.. الحوثي ينتقد تباطؤ مسار السلام.. والمجلس الرئاسي اليمني يتهم




.. مستوطنون إسرائيليون هاجموا قافلتي مساعدات أردنية في الطريق


.. خفايا الموقف الفرنسي من حرب غزة.. عضو مجلس الشيوخ الفرنسي تو




.. شبكات | ما تفاصيل طعن سائح تركي لشرطي إسرائيلي في القدس؟