الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أصبحنا شعباً دون ذاكرة جماعية في سورية ؟ ومن سرق نجوم العلم الحمراء ؟

جريس الهامس

2009 / 6 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


الحنين إلى الوطن بعد ثلاثة عقود في المنفى يعيد المرء بالضرورة إلى الطفولة والشباب بل إلى رموزهذا الوطن التي تعيش في الذاكرة والوجدان , أصدقاء ورفاق ورفيقات الدراسة والعمل والنضال والسجون والمنافي كما تعيش كل تلة وصخرة وشجرة وكهف ووادي وينبوع بأسمائها السريانية الأصل ,, واسترجاع لوحتها التي خبأنا خلفها أحلامنا وأسماءنا ونحن نكافح ونعمل فيها مع أهلنا في العائلة الصغيرة وفي العائلة الأكبر ( صيدنايا الحبيبة ) إلى الوطن كله ودمشق وأوابدها وعطر ياسمينها وبساتينها من النيربين والربوة وكيوان إلى الغوطة الشرقية والمرج وبردى بفروعه السبعة ...تلك دمشق بقلبها النابض بعد كل اغتيال والناهض كالعنقاء من تحت رماد الإغتصاب والخراب...
هل تعلمون الإسم الأول لبردى ..؟
( كان إسمه أبانا ) هذالإسم الأول في الدولة الاّرامية كان إسماً على مسمى .. حقاً أباً لدمشق وغوطتها وحاراتها الشعبية يدخل بيوتها وبحراتها وحمّاماتها مجاناً دون استئذان ودون أوامر سلطانية . و كانت فروعه السبعة كانت تحاكي أبواب المدينة السبعة في عزف متكامل حنون عبرسينفونية لامثيل لها في العالم القديم دون مبالغة .. جاء شوقي وعبد الوهاب عبقريتان من وادي النيل لإكماله في قصيدة :
سلام من صبا بردى أرق .... ودمع لايكفكف يادمشق
كان ذلك بعد العدوان الفرنسي الغاشم على دمشق وقصفها بالمدفعية والطيران في 29 أيار 1945 واغتيال حامية البرلمان السوري من رجال الدرك الأبطال ....
أما اليوم بعد مشاهدتنا ماحل بدمشق وغوطتيها والريف عموماً من دمارو تخريب الطبيعة والبيئة و تشويه وتخريب البترو دولار وسرقة المال العام والخاص في نطام الإستبداد والطائفية وما حل ب ( أبينا) بردى على أيدي الجاحدين الجشعين والهمجيين الطائفيين من المنتمين لأبنائه الذين حولوه إلى مجمع للقمامة – حتى تكرمت شركة يابانية العام الفائت لتنظيفه , بعد صفقة تجارية مع شركة بشار أفندي وإبن خاله رامي بك .. ولله في خلقه شؤون ؟؟.. فعذراً من أمير الشعراء ومن مطرب الملوك لم يبق من قصيدتهم ولحنهم وصوت عبد الوهاب الرائع سوى .... ودمع لايكفكف يا دمشق –
... استعدت بعض صور الطفولة والشباب مع الصور الطبيعية سواء في صيدنايا أودمشق , منذ أربعينات وخمسينات القرن الماضي بعد عناء كبير ,و كان جهداً جماعياً ساهم فيه الأحباء من مختلف البلدان .. لنرى مافعله التخلف من جهة والجشع من جهة أخرى , وفقدان منهاج مشترك للحياة المشتركة في الحاضر والمستقبل حيث اغتيلت إنسانية المكان وبراءة الطبيعة .. اغتالت كتل الإسمنت الرمادية المساحات الخضراء والساحات وملاعب الطفولة , ليعلّب الناس كالسردين في صوامع الإسمنت عوضاً عن البيت العربي القديم في الريف أو المدينة ... واستبدلت أشجار الكباد والنارنج والدوالي بورود بلاستيكية ولوحات لاحياة فيها ,,
و كان بين الصور علم سوري قديم ونشيد العلم ..إلخ
وهنا المفارقة العجيبة التي تحولت إلى لغز ؟؟
نعم إنه العلم السوري الأول الذي كنا نقدم له التحية كل صباح ونحمله في التظاهرات الوطنية ,
ونغني أو نحدو له : عش في سمائنا واخفق أيها العلم –
كان مولوداً جديداً انتظرته العائلة السورية طويلاً بلهفة وحنان الأم التي نعتوها بالعقم لقرون طويلة من الظلامية الدينية والتخلف و الإستبداد المحلي والأجنبي ,, ليكون رمزاً للإستقلال الوطني والنظام الجمهوري البرلماني الديمقراطي , ومن أجل حمايته من أذى الغزاة والمحتلين والطامعين استشهد الاّلاف من خيرة شبابنا الوطني في الإنتفاضات والثورات السورية العديدة التي استمدت زيت مشعلها الأول من ميسلون والشهيد العظمة قائد الجيش السوري الأول إلى حامية البرلمان السوري التي استشهدت في سبيل رفع العلم في 29 أيار 1945 إلى بطاح فلسطين والجولان وغيرها ..
بيض صحائفنا ...... سود وقائعنا
خضر مرابعنا ........ حمر مواضينا
هذا هو العلم السوري الأول الذي وضعه الرعيل الوطني الأول ومنهم كمثال فقط : إبراهيم هنانو – سعدالله الجابري – فارس الخوري - فخري البارودي – عبد الرحمن الشهبندر – فوزي الغزي واضع أول دستور السوري - ( الذي اغتاله المستعمرون الفرنسيون بدس السم له بواسطة زوجته ) – نجيب الريّس – حبيب كحالة – سعيد إسحق – نسيب البكري – شكري القوتلي – وغيرهم : مستطيل الشكل , اللون الأسود في الأعلى والأبيض في الوسط والأخضر في الأسفل وتتوسطه على القسم الأبيض ثلات نجوم حمر ,
وتعلمنا أن هذه النجوم الحمر ترمز لثورات ثلاث في تاريخنا المعاصر – الثورة العربية الكبرى ضد الإحتلال التركي بقيادة الشريف حسين والوسطى ثورة الشمال السوري بقيادة إبراهيم هنانو , والثالثة الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان الأطرش –
أما علم اليوم ..؟ فهو كما يلي من الأعلى : أحمر - أبيض – أسود – ونجمتان خضراوتان في الوسط ...
انتظرت حتى تزول الهزة العاطفية والدهشة التي كانت نائمة على حرير بقايا أحلام الماضي يوم كان هذا الرمز يوحدنا نحن السوريين في معركة الإستقلال ومعارك الديمقراطية ضد الديكتاتوريات العسكرية والأحلاف الإستعمارية والتاّمر على سورية الجمهورية الفتية , لأكتب في هذا الموضوع الهام في اعتقادي , بل لأسأل الأصدقاء القدامي والمخضرمين . من سرق نجوم العلم السوري الحمر وغيّر مواقع ألوانه ؟؟ ومن ؟ ومن؟ ومتى تم ذلك , وبأوامر أية سلطة ؟
تم ذلك بمرسوم أو قانون أو بقرار من قيادة قومية أو قطرية دون رأي الشعب -- القطيع في نظر الطاغوت العسكري -- ,, وكيف استبدلت نجومه الحمراء بنجمتين خضراوتين , وهل هناك نجوم خضراء في قبة السماء إلا في مخيلة المهووسين دينياً من الطبقة الوسطى الطفيلية الحاكمة ..
.. كان جواب الأصدقاء كما يلي : بعضهم اعتذر بأنه لايعرف والأخر اعتقد بأن تغيير العلم تم بعد إقامة الوحدة السورية المصرية في 23 شباط 1958 ,, واّخرون اعتقدوا أن تبديل العلم الأصلي واستنساخ الحالي منه تم بعد إعلان إتحاد الديكتاتوريات الثلاث في سورية والعراق وليبيا , ربما ؟ استنسخت النجمتان الخضراوتان من الكتاب الأخضر لأمين الأمة العربية , ربما ثانية ... وبقيت القضية معلقة على مشجب العسكرمن جهة , الذين حوّلوا الصحارى إلى واحات خضراء للديمقراطية والإنتصارات المتواصلة ,, تتمنى أوربا المتخلفة التعلم منها وعلى ذمة الغيورين - بالإسم أو بالمسمى - على مصير الوطن والشعب , لمعرفة أي ديكتاتور سرق نجوم العلم الحمراء وبدّل شكله ومضمونه وإعلانها ... عندها تكون المعارضة الحقيقية الطامحة للتحرير قد وضعت أقدامها على بداية الطريق الصحيح بتواضع وأخلاق الباحثين الصادقين عن درب التحرير والشفاء من دمّل الإستبداد المزمن والطائفية ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دمشق
Abu Ali Algehmi ( 2009 / 6 / 18 - 15:08 )
لله درّك يا دمشقُ فأنت النار والضيا والحقُ
قولي متى فجرك القاني يدنو وينشق

اخر الافلام

.. مراسل فرانس24 يرصد لنا حالة الترقب في طهران تحسبا لهجوم إسرا


.. غارات إسرائيلية -عنيفة جدا- تستهدف الضاحية الجنوبية لبيروت




.. هل يؤثر مقتل هاشم صفي الدين على معنويات مقاتلي حزب الله في ج


.. انفجارات متتالية تهز ضاحية بيروت الجنوبية جراء القصف الإسرائ




.. غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات في غزة تسفر عن شهداء وجرحى