الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصفحة البيضاء

شلال الشمري

2009 / 6 / 20
العولمة وتطورات العالم المعاصر


في إطار تفعيل نظرية الفوضي الخلاقة نشرت سلطة الاحتلال الفوضى في كافة مفاصل البلد السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتهيئة الأرض للمعايير والقيم والثقافة الأمريكية الغربية فكانت فاتحة الفوضى حرق ونهب مؤسسات الدولة وتدمير البنى التحتية والاقتصاد الزراعي والصناعي والتجاري أعقبه زعزعة الوضع الأمني بفتح الحدود أمام صراع الأجندات الإسرائيلية والسعودية والإيرانية ولكل من هؤلا ء أذناب ومريدون في الداخل والخارج يزيدون الطين بلة ، وكان السيناريو الفوضوي مستهتراً بكل القيم بحيث أدخل في اهتماماته مفردات مضحكة مبكية مثل قتل الحلاقين ودلالي العقارات وباعة الثلج ومحلات التسجيلات الغنائية وأصحاب محلات المشروبات وأجبروا الرعاة على إلباس الماعز ملابس داخلية تستر عوراتها وأجبروا المطاعم على عدم ثرم الطماطة مع الخيار ، لأن فيه إيحاءً جنسياً 0

وقد عملوا على تمزيق النسيج الاجتماعي الذي هو بالأساس كان يقف على شفير النار بسبب سياسات النظام السابق والحصار الأمريكي فتحلل المجتمع إلى طوائف ونحل وقوميات غاب عنها الحس الوطني انتخت بالغريب على أبناء جلدتها وزادت في ذلك قوات الاحتلال بدكها المدن العراقية ( النجف والفلوجة ) وعمليات القتل بدم بارد وعمليات الاغتصاب وفضائح أبي غريب وجرائم الشركات الأمنية التي وُظِّفَت لمصالح مخابرات الدول المجاورة وعصابات المافية وتهريب الآثار العراقية والقتل على الهوية وهتك المقدسات من دور عبادة ومراقد أئمة ومتاحف وطنية وقد امتدت مخالبهم لتمزيق وقتل كل ما هو جميل بما فيها حفلات تخرج الطلبة بالإضافة إلى فساد العملية السياسية كونها جاءت مشوهة ميتة إلى جانب الفساد في المال العام الذي ضرب أطنابه على أعلى المستويات وأدناها إلى الفساد على المستوى الاجتماعي الذي عُزِّزَ بجدران الكونكريت والأسلاك الشائكة والسيطرات الحكومية والصحواتية التي قسمت أشلاء المجتمع إلى كانتونات عرقية ومذهبية 0

وعلى صوت المفخخات ورائحة شواء الأجساد وبرك الدماء هذا المشهد اليومي انحسرت وتقلصت وشذبت وانكمشت وتضاءلت وتوحدت مطالب المجتمع بمطلب واحد هو ( الأمان ) لا نريد قومية ولا نريد مذهباً نريد منقذاً أمريكياً وخذوا كل مناضلي الشتات لقد أصبحنا مهيئين لتقبل ما تريدون نحن الآن (صفحة بيضاء) فاكتبوا ما تريدون عليها كلنا عيون وآذان صاغية نحن في غاية العطش لـ (ميرنا وخليل ودموع الحب وحد السكين وإكليل الورد ووادي الذئاب والحلم الضائع وتمضي الأيام ونور ومهند وسنوات الضياع وقصة شتاء وقصر الحب ويبقى الحب وقلب شجاع وموسم المطر ) هذه المسلسلات النابضة بالحياة فيها جمال الطبيعة وجمال الإنسان وجمال الأزياء فيها المفردة الهادئة والمهذبة والحوار الهادف مُحِيَت فيها حواجز التحريم وأصبح التسامح سيد الموقف تسامح في العلاقات قبل الزواج تسامح في تقبل الولادات غير الشرعية تسامح في تقبل علاقات جانبية على هامش العلاقات الزوجية هذه المسلسلات تعرض الحياة بشكلها الهادف البعيد عن فوبيا الأحزاب المذهبية والقومية 0

نعم مستعدون لتقبل مثل هذه الثقافة وأتحدى كل شيوخ الدين ورجالات السياسة أن يكون لخطاباتهم (1 % ) من الحضور التي تتمتع به هذه المسلسلات 0

لقد كانت الفرصة سانحة لمثقفي العراق في أن يؤسسوا لثقافة وطنية جديدة بعد أن وصل المجتمع إلى الصفحة البيضاء التي أشرنا إليها لكنهم يفتقدون الإمكانات المادية في مواجهة المد الثقافي الأمريكي كما أنهم عاجزون عن إيصال أصواتهم وسط طبول الطائفية كما أنهم أي المثقفين جزء مهم ممن استهدفهم المخطط الفوضوي إلى جانب ملاكات البلد الطبية والهندسية والفنية 0

الآن وقد علقت في أذهاننا صورة دور العبادة وُظِّفَت كمقرات للأحزاب وأوكار للتعذيب والقتل ومخازن للأسلحة والذخيرة ومنابر للشحن الطائفي ومدافن للمغدورين ، وهذا ما عملت عليه أجندة الاحتلال بالدعم والتمويل ،الآن لا يمكن إعادة العجلة إلى الوراء فإن المجتمع يبحث عن بدائل ليس فيها دم وقتل حتى لو كان ذلك على حساب بعض ما كان يعتز به !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ