الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد خطابه التاريخي مهمات اساسية لمواجهة التحديات الكارثية لمواقف نتنياهو!

احمد سعد

2009 / 6 / 19
القضية الفلسطينية


تمسمرت مقنبزا امام جهاز التلفزيون لسماع خطاب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الساعة الثامنة وعشر دقائق من مساء يوم الاحد، الرابع عشر من شهر حزيران الجاري. اردت سماع هذا الخطاب، الذي روج له السحيجة في "صف حوالوم ياولوم السياسة الرسمية والمتواطئن معها" بانه سيكون "خطابا تاريخيا" يوفق من خلاله نتنياهو الفنان في التضليل الديماغوغي معادلة حنكة سياسية حكيمة، توحي من جهة تراجعا في الموقف الرفضي المطلق لحل الدولتين وتقويم هذا الموقف بشكل يوحي ايضا الاستجابة لمطلب ادارة اوباما حول حل الدولتين، ومن جهة ثانية ارضاء غلاة اليمين من ايتام ارض اسرائيل الكبرى من داخل وخارج الائتلاف الحكومي بان المدلول السياسي الجوهري والاستراتيجي لنتنياهو اليميني المتطرف ضد اقامة دولة فلسطينية مستقلة حقا وقابلة للحياة حقا لم يتغير. اردت سماع الخطاب مع قناعتي التامة ان الغراب لا ينعق الا شؤما، وان لا امل تفاؤلي يرتجى بدفع العملية السياسية السلمية من ممثلي اعدى اعداء الحقوق الوطنية الفلسطينية الشرعية، اعدى اعداء السلام العادل من قباطنة الاحتلال والاستيطان والفاشية والترانسفيرية العنصرية من دعاة التطهير العرقي! فواجبنا الكفاحي ان "نلاحق العيار الى باب الدار"، ومن منطلق وطني اممي وانساني، وبهدف مواجهة التحديات التي يطرحها اعداء حق الشعوب بالحرية والاستقلال الوطني. فالمواقف التي طرحها نتنياهو في خطابه "التاريخي" قد عكست وجسدت ما اكدناه وحذرنا منه منذ اليوم الاول لاقامة الحكومة الائتلافية لقوى اليمين المتطرف والفاشية العنصرية برئاسة بنيامين نتنياهو، انها اكثر حكومة كارثية في تاريخ اسرائيل معادية للسلام والمساواة والدمقراطية والعدالة الاجتماعية. فأين تكمن المخاطر الجدية التي وردت في خطاب نتنياهو؟
* التضليل والتزوير التاريخي:
في أي خطاب او مقالة او محادثات ومفاوضات يركز الخطيب او الكاتب او المفاوض على ان يتضمن موقفه هدفا استراتيجيا مركزيا او عدة اهداف مركزية يجير لخدمتها عدة وسائل تكتيكية. وخطاب نتنياهو جاء للرد وتحديد الموقف من الموقف الامريكي لادارة اوباما الداعي الى تسوية الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني على اساس حل الدولتين ووقف جميع اشكال الاستيطان كمقدمة لدفع عجلة اقامة "سلام اقليمي" اسرائيلي – عربي ترعاه الامبريالية الامريكية. فللرد على هذا الموقف طرح نتنياهو رؤيته وحلمه وخطته "لانجاز السلام" التي تتضمن الامور التالية المناقضة لاحتمال التقدم ولو خطوة واحدة نحو السلام. واهم الامور والتوجهات الكارثية في الخطاب ما يلي:
* اولا: لقد وضع نتنياهو نصب عينيه هدفا مركزيا ومتعلقا اساسيا بموقف حكومته اليمينية من التسوية مدلوله السياسي التأكيد وكأنه شيء مفروغ منه ان فلسطين الجغرافية التاريخية او ارض اسرائيل الكبرى هي ملك الشعب اليهودي والوطن القومي لليهود معتمدا على التزوير التضليلي التاريخي وعلى المقولة الصهيونية التضليلية الكاذبة، التي صورت فلسطين بأنها "ارض بلا شعب لشعب بلا ارض" لتبرير اغتصاب حق الشعب العربي الفلسطيني بملكية وطنه. ونتنياهو حامل الجنسية الامريكية وبالتنسيق مع المنظمة الصهيونية يحمل منذ عدة سنوات فقط الجنسية الاسرائيلية ايضا، لن ندخل معه في مناكفة تاريخية ان العرب في فلسطين والشعب العربي الفلسطيني موجود في وطنه قبل ان تظهر الى الوجود الصهيونية ومآسيها بآلاف السنين وقبل ان تدنس ارض فلسطين المقدسة بمختلف القوى الاجنبية الغازية الطاغية، فتخصيص حيز كبير من خطابه لاثبات الحق التاريخي لليهود في كل اراضي فلسطين التاريخية استهدف نتنياهو تسويق وترويج كذبة صهيونية مدلولها السياسي ان للشعب العربي الفلسطيني لا توجد حقوق قومية وطنية بوطن قومي في فلسطين التاريخية التي تشمل المناطق المحتلة في الضفة والقطاع واسرائيل!! وانه من هذا المنطلق الصهيوني التزويري فان على الفلسطينيين ان يجزلوا الشكر للمحتل الاسرائيلي بما يوافق ان يمنحهم اياه من جزر عائمة في محيط الاستيطان والمستوطنين في الضفة الغربية وليطلق على هذه الجزر اسم دولة فلسطينية او حتى "دولة العلت والخبيزة" فهذا خيارهم الدمقراطي، خاصة وان اجواء هذه الجزر وحدودها محروسة بأيدي الجيش الاسرائيلي الامينة. ومن هذا المنطلق المركزي الصهيوني بالتنكر لحق الشعب الفلسطيني في الوطن يشترط نتنياهو وحكومته اليمينية شرطا املائيا على الفلسطينيين والانظمة العربية وقبل أي تفاوض الاعتراف بان اسرائيل "دولة يهودية"، أي الاعتراف بشرعية الصهيونية العنصرية وبشرعنة التطهير العرقي والترانسفير الصهيوني لاهل الوطن الاصليين من العرب الفلسطينيين في اسرائيل، في وطنهم، ومن المناطق المحتلة.
* ثانيا، التأكيد على القدس الموحدة عاصمة لاسرائيل والتنكر لحق السيادة الوطنية السياسية والاقليمية العربية الفلسطينية على القدس العربية الشرقية المحتلة عاصمة الدولة الفلسطينية العتيدة، ودفع ضريبة كلامية بحرية العبادة للديانات الثلاث في القدس تحت عين المراقبة الفاحصة لجنود الاحتلال الاسرائيلي.
* ثالثا: التنكر المطلق لحق اللاجئين بالعودة الى وطنهم، الى اسرائيل، وتوطينهم خارج حدود مسقط رؤوس آبائهم واجدادهم وجمع الاموال عالميا لتوطين اللاجئين ودفن حقهم الشرعي والانساني بالعودة الذي تقره الشرعية الدولية ومواثيق حقوق الانسان.
* رابعا: ما يتبقى من اراض بعد ضم القدس الشرقية وضواحيها والكتل الاستيطانية وغور الاردن والطرق الالتفافية، ما يتبقى، أي اقل من اربعين في المئة من الاراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع توافق الامبراطورية الاسرائيلية على قيام دولة فلسطين عليها ولكنها مكبلة بشروط املائية اسرائيلية منها ان تكون هذه الدولة منزوعة السلاح وبدون جيش وتحت رحمة قطعان المستوطنين وقوات الاحتلال التي تبقى في عصمتها السيادة على المعابر واجواء وبحر هذه الدولة، وان تحارب هذه الدولة قوى "الارهاب الفلسطيني" وتمنع سيطرة حماس، وتقدم الولايات المتحدة الضمانات المكتوبة لامن اسرائيل.
* خامسا: لم يذكر نتنياهو لا من قريب ولا من بعيد ازالة البؤر الاستيطانية ورفض تجميد جميع اشكال الاستيطان، حسب الطلب الامريكي واكد على مواصلة الاستيطان وتوسيعه لخدمة "الزيادة الطبيعية". وعدم التطرق لازالة البؤر الاستيطانية جاء من ناحية لارضاء حلفائه من قوى الاستيطان والفاشية العنصرية ولاستغلال هذه القضية لابتزاز تنازلات سياسية من الطرف الفلسطيني والعربي.
في خطابه المشؤوم تجاهل نتنياهو عمدا تحديد الموقف من هضبة الجولان السورية المحتلة، واستغلال هذا التجاهل – حسب رأيي – كوسيلة ضغط وابتزاز موجهة الى النظام السوري بهدف ابتزاز تنازلات سياسية، خاصة بعد ملامح التقارب الامريكي – السوري، واحتمال استئناف المفاوضات الاسرائيلية – السورية.
لقد نشرت صحيفة "يديعوت احرونوت" يوم 15/6/09 أي بعد يوم من خطاب نتنياهو، ان نتنياهو اطلع نائب رئيس الادارة الامريكية، بايدين وقبل القاء خطابه على النقاط الرئيسية التي يتضمنها!! كما ذكرت ان البيت الابيض على لسان الناطق باسم ادارة اوباما روبرت جيبس، اصدر بيانا رسميا جاء فيه "الرئيس يبارك الخطوة الهامة في خطاب رئيس الحكومة نتنياهو، التزامه بحل الدولتين – دولة اسرائيل اليهودية ودولة فلسطينية مستقلة في الوطن التاريخي للشعبين"!!
وما نود تأكيده لادارة اوباما وللعالم اجمع ان الموقف التي جاءت في خطاب نتنياهو لا يمكن ان تؤلف نقطة انطلاق لدفع عجلة العملية السياسية في المنطقة، ولن تجد فلسطينيا واحدا ان كان قائدا وطنيا او انسانا اعتياديا – باستثناء العملاء الارذال – يوافق على ما طرحه نتنياهو من خطة تسوية تصادر الثوابت الاساسية للحقوق الوطنية الفلسطينية الشرعية، خطة تصادر الحق بدولة فلسطينية مستقلة حقا وقابلة للحياة. كما انها لا يمكن ان تكون منطلقا لاقامة "سلام اقليمي" امريكي بين اسرائيل والانظمة العربية "المعتدلة" التي تطالب بالسجود والاعتراف بالهوية الايديولوجية الصهيونية ليهودية الدولة الاسرائيلية.
* لا مفر من المواجهة الكفاحية:
ان خطاب نتنياهو من حيث مدلوله السياسي لا يعكس ابدا نية حكومة الكوارث اليمينية اعتلاء السكة لركوب قطار التسوية السياسية السلمية للصراع الاسرائيلي – الفلسطيني – العربي، بل يعكس موقفا استفزازيا يدعو الى مواصلة تدفق الدماء من شرائيين الصراع والى احتمالات انفجارات كارثية قد تقود المنطقة الى اتون حرب مأساوية. فمواقف نتنياهو وحكومته المعادية عمليا للتسوية السياسية العادلة تضع العالم باسره امام تحديات ومهمات لمواجهة الصلف العدواني الاسرائيلي وانجاز التسوية العادلة التي تخمد انفاس التوتر والصراع في المنطقة، فمن المهمات الاساسية نؤكد على ما يلي:
1، ان المهمة الاساسية والاولية تقع على عاتق صاحب القضية وضحية العدوانية الاجرامية الاسرائيلية، على عاتق الشعب الفلسطيني ومختلف تياراته السياسية وفصائله المقاومة. فلا يوجد بعد أي مبرر في هذا الظرف المصيري الذي تهدد انيابه بافتراس الحق الفلسطيني الوطني بالتحرر والاستقلال الوطني من تخطي جريمة الانقسام الحاصل لاعادة لحمة الوحدة الكفاحية الى الصف الوطني المتمسك بثوابت الحقوق الوطنية وبمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد وشرعي للشعب العربي الفلسطيني. تخلصوا من نير الاحتلال اولا وتخابطوا وتصارعوا كما تريدون داخل دولتكم المستقلة فيما بعد.
2، الاهمية الكبيرة للتضامن العربي، للعمق الاستراتيجي العربي، في دعم الحقوق الوطنية الشرعية الفلسطينية، فخطاب نتنياهو يستهتر بكم يا انظمة عربية ويدعوكم الى السجود في محراب صهيونية "الدولة اليهودية" وفي وقت يدوس على الكرامة القومية العربية باحتلاله لمناطق الشعب العربي الفلسطيني وللهضبة السورية في الجولان، "تواطأوا" ولو لمرة واحدة مع حق شعبكم الشقيق وليس مع اعدائه.
3، على الادارة الامريكية ان تدرك بان مسؤوليتها السياسية وحتى لخدمة استراتيجيتها الاقليمية والكونية تستدعي الضغط الجدي على حليفها وربيبها الاستراتيجي اسرائيل لفرض التزامه بالتسوية العادلة. فموقف جدي امريكي واوروبي وروسي وصيني يساند التسوية العادلة ويضغط بجدية على حكومة العدوان والاحتلال الاسرائيلية يمكن ان يعطي ثماره بانجاز سلام عادل، شامل وثابت في مركزه انجاز الحق الوطني الفلسطيني بالحرية والدولة والقدس والعودة.
4، ان مهمة قوى السلام العادل، اليهودية والعربية، التي في مركزها الحزب الشيوعي الاسرائيلي وجبهته الدمقراطية للسلام والمساواة، تصعيد الكفاح لاقامة اوسع جبهة كفاحية يهودية – عربية تناضل ضد السياسة الاجرامية لحكومة الاحتلال والاستيطان ومن اجل زوال الاحتلال الاسرائيلي ودنسه الاستيطاني وانجاز الحقوق الشرعية الفلسطينية باقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين وفقا لقرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار 194 للجمعية العمومية للامم المتحدة، فتصعيد الكفاح من اجل السلام العادل يخدم المصالح الحقيقية لجميع شعوب وبلدان المنطقة بما في ذلك دولة اسرائيل والدولة الفلسطينية المستقلة التي ستقوم حتما.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن مصمم على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسر


.. شبح الحرب يخيم على جبهة لبنان| #الظهيرة




.. ماهي وضعية النوم الخاصة بك؟| #الصباح


.. غارات إسرائيلية تستهدف كفركلا وميس الجبل جنوب لبنان| #الظهير




.. إسرائيل منعت أكثر من 225 ألف عامل فلسطيني من الوصول لأماكن ع