الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يدير الخليج وجهه عن العراق ؟

باسم محمد حبيب

2009 / 6 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


عرف العراق منذ أقدم العصور بأنه دولة ذات امتداد خليجي ، بل كان يطلق على الخليج اسم البحر الأسفل أي أسفل بلاد الرافدين ، وكانت سواحله الشرقية والغربية خاضعة على الدوام للسيطرة السياسية والحضارية لبلاد الرافدين حتى أن بعض مناطقه قد سميت بأسماء رافدينية ، مثل مكان ( عمان الحالية ) وتلمون أو دلمون ( البحرين وساحل الإحساء ) .. الخ ، وقد شهد الخليج على الأرجح أول سفرة بحرية مدونة في التاريخ بعد أن خاض جلجامش مياهه بحثا عن مقر إقامة جده اوتو نبشتم ، ثم أصبح الخليج جزءا من أقاليم الدولة الاكدية التي عدت أول إمبراطورية يشهدها التاريخ ، لأنها شملت معظم أرجاء العالم المعروف آنذاك باستثناء مصر التي كان تعيش آنذاك عالمها الخاص ، حيث أشارت النصوص المسمارية إلى وصول الملك الاكدي (نارام –سن) إلى منطقة مكان (عمان الحالية ) وضمها إلى مملكته ، ثم استمرت الصلاة الحضارية والسياسية عبر مختلف الحقب التالية التي كان العراق خلالها احد أهم مراكز الحضارة في العالم ، ولم ينعزل العراق أو تنقطع صلته بمناطق الخليج حتى أثناء الاضطرابات السياسية فقد كان يطلق على الخليج خلال العهد الأشوري والكلداني بالبحر الكلدي ، ورغم السيطرة الفارسية التي استمرت بضع قرون فان الصلاة العراقية الخليجية لم تنقطع ، وخير دليل على ذلك امتداد سيطرة المناذرة لتشمل معظم أرجاء هذه المنطقة إلى حدود عمان ، ثم وبتحول العراق إلى مركز العمليات الشرقية للفتوح الإسلامية ، أصبح الخليج خاضعا لإدارة أمراء العراق سواء في العهد الراشدي أو الأموي ثم لخلافة بغداد العباسية ، أما العثمانيون فقد جاء اهتمامهم بالخليج انطلاقا من وجودهم في العراق وكان لوالي البصرة نفوذ اسمي وفعلي على بعض المناطق الخليجية ، وبعد حصول العراق ودول الخليج على الاستقلال خلال القرن العشرين بدأت العلاقات العراقية – الخليجية تدخل مرحلة جديدة ، فقد أصبح العراق عنصرا مهما من عناصر الاستقرار في المنطقة ، وأصبح دوره محوريا من خلال خلق توازن بين ضفتي الخليج ، حتى بدا الخلاف بالنزاع العراقي – الكويتي الذي تسبب بما تسبب به ، ويبدوا أن دول الخليج قد أخذت تعمل على الابتعاد عن العراق وتأسيس دورها التاريخي الخاص منذ ذلك الوقت ، وخير مثال على ذلك أبعاد العراق عن المؤسسات الخليجية الاقتصادية والسياسية والثقافية ، وتأسيس مجلس التعاون بدون العراق ، ثم الطرق على قضية الفروق الجغرافية والسكانية والحضارية بين الطرفين ، وتعمد الإعلام الخليجي استثناء العراق عند ذكر مجموعة الدول الخليجية .
إنني هنا لا أريد أن انفي الفوارق الكبيرة بين المنطقين ، ولا أحاول أن أدعو لضم العراق لمجموعة مجلس التعاون الخليجي وأي منظمة خليجية أخرى ، وكذلك لا أسعى لتفنيد الحجج الخليجية فيما يتعلق بحاجة دول الخليج للابتعاد عن العراق نظرا للظروف غير المستقرة لهذا البلد ، بل كل ما أسعى إليه هو إيضاح الحقائق التاريخية والثقافية بل وحتى السكانية فيما يتعلق بعلاقة العراق بالخليج ، حتى ينظر الآخرون بايجابية إلى الدور التاريخي العراقي ، ولعل أهم ما يمكن أن نذكره هنا هو أن الخليج ولد عراقيا ، وان أقدم هوية له هي الهوية الرافدينية ، أما العلاقة السكانية والثقافية فالأمر المعروف أن اللغة العربية ذات صلة قربى قوية باللغة العراقية المعروفة بالاكدية التي تعد الأخت الكبرى للغة العربية ، وان الخط العربي الحالي مشتق من الخط النبطي سواء الانباري أو الحيري ، وليس هذا فقط بل أن الدين الإسلامي واصل النبي محمد (ص) هو امتداد للديانة الإبراهيمية ولشخص النبي إبراهيم ، اللذان هما من أصل عراقي سواء بالدلالة التاريخية أو الدينية .
إذن ما الداعي إلى هذا التجاهل والنكران ؟ أليس من الضروري الانتباه إلى مكانة العراق ودوره في استقرار المنطقة ؟ أليس من مصلحة دول الخليج احترام مكانة العراق وقيمته الإقليمية ؟ وضرورة مساعدته على تخطي الظروف التي يمر بها ، حتى يساهم في تجنيب المنطقة مخاطر عدم الاستقرار ، ثم لماذا تدير دول الخليج وجهها عن العراق ؟ هل تعتقد أن بإمكانها النجاة من أهوال الظروف بمعزل عن عراق قوي ؟ وهل تجد في الدور العراقي ما يخيفها ؟ .
إذا كان على دول الخليج أن تخشى من شيء فعليها أن تخشى من خطر ابتعاد العراق واحتمال تحالفه مع دول أخرى ، أو ينظم إلى رابطة إقليمية أخرى في المنطقة أو محيطها ، فبإمكان العراق وإيران مثلا الارتباط معا تحت أي مسمى كان ، فيكون في هذا الأمر ما يخيف الخليج بحسب وجهة نظر دوله .
إذن على دول الخليج أن تتدارك موقفها وتعدل علاقتها مع العراق وان تبدأ ذلك من الآن ، لان خروج العراق من أزماته بدون أن يكون لدول الخليج موقف ايجابي منه ، ربما سيلقي بضلاله على علاقاتهما في المستقبل ، وقد يؤدي إلى إنتاج سياسة عراقية فيها كثير من التقاطع مع ما تتطلبه حاجة دول الخليج وضروراتها .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أضاعوني
مخلص ونوس ( 2009 / 6 / 19 - 20:29 )
أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر


2 - لا نريد العراق !
خليجي ( 2009 / 6 / 20 - 00:54 )
وما حاجتنا الي بلد مبتلي بشتى العلل والامراض العرقيه والدينيه
والطائفيه والسياسيه والاجتماعيه والاقتصاديه كالعراق ؟

انا كخليجي ارفض انضمام العراق الا بعد ان يصل الي مستوانا
كما ارفض انضمام اليمن .

نحن نحتاج الي دول ترتقي بنا لا ان تهوي بنا الي الهاويه !

الرابط الثقافي الذي تتحدث عنه بين العراق والخليج غير صحيح اطلاقا , هناك اختلافات جذريه اراها كخليجي بين الامه الخليجيه
والشعب العراقي , في اللهجه والعادات والمزاج والنفسيه
وفي امور اخرى عديده .

اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -