الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محمد القيسي والحٍداد يليق بحيفا

توفيق الشيخ حسين

2009 / 6 / 20
الادب والفن


لسنا بحاجة للتعريف بالشاعر الراحل محمد القيسي المولود في قرية – كفر عانة – قضاء يافا عام 1944 ورحل عنا في صبيحة الجمعة الأول من آب عام 2003 عن 59 عاما واربعين كتابا توزعت بين الشعر والسيرة والرواية ... وبرحيله فقد الشعر العربي واحداً من اكثر الشعراء الغزيري الأنتاج في جيله .. بات صوته اشد تميزا ً في غنائيته .. كانت قضية الشعب الفلسطيني هي القضية الرئيسية عند الشاعر الراحل محمد القيسي .. القضية الأساسية التي تشغله هي قضية الحياة والوجود الكريم ...

- الحِداد يليق بحيفا – المجموعة الشعرية الرابعة للشاعر الراحل محمد القيسي والتي صدرت عن دار الأداب – بيروت – تشرين الأول 1975 .. المجموعة تحتوي على احدى عشر قصيدة .. يعبر فيها القيسي عن ذاك الحلم الممتد ما بين الطريق من كل الوطن العربي الى فلسطين ... يبدأ الشاعر مجموعته بقصيدة- يرفع الستار – وهي مهداة الى الشهيد – كمال ناصر – الأديب الفلسطيني الذي يجمعه الأيمان بالثورة وبالجماهير .. يمتص حزن الأطفال وغضب الثوار ...

( ناديت يا كمال , يا كمال / يا وجه أمي الفقيد بين الموت والأهمال / لمن تغني " بئر زيت " حُزنها يا ايها الرجال ! ) .. وبين بيروت وعمّان تمتد قوافل الشهداء ..وراية ايلول التي واصلت احتلال ما عجزت عنه آلة الحرب تحاول اليوم الأمتداد الى لبنان لتحتل مواقع الجراح ..

والمؤامرة اتسعت دائرتها وكبرت ليكبر ايلول لبنان على موائدهم جراحاً ..

( تنزف في عّمان / وتسقط عند مشارف صيدا / وضواحي بيروت / والعمر يفوت / يتسّع فضاء الربع الخالي / وطيور البحر تموت / وتطارد في الأرض العربية ! ).. يعود الحنين والشوق الى الشاعر ليستذكر كل الليالي الجميلة مع سكون الليل والأغاني الجميلة .. ويطل عليناالشاعر في قصيدة – الحِداد يليق بحيفا - حيث يهتز صراخ الحقد – القهر – ليعلن ان القمر الأتي جميل .. ( مراسيم قهرك جارية /انهم يتركونك وحدك / في ساعة الطلق , يلقون باللوم – زورا – على القابلة / سمعت الرياح تغني / يليق الحِداد بحيفا /

يليق بها كل سجن ومنفى / يليق الحِداد بافراسها الحمر والقافلة ) .. يعيد الشاعر الى الوطن الأم .. ويبدأ بالغناء الحزين في قصيدة – نبيذ من المتوسط – عندما يخط بالدم اسم حيفا على شرايين القلب .. وينثر الزهور على جباه الحزانى حين تعانق الزهرة سفح الرابية.. ( وما بعد / في القلب حيفا / واني أصعّد أحزانها بالغناء / وأرسم خارطة ً, وحدائق غنّاء , أشيّد دارا وحانة /تقدمّ للمتعبين وللغرباء / نبيذا ً من المتوسط /أملأ قبّعتي بالزهور الندية /أنثر فوق جباه الحزانى زهوري ).. اما قصيدة – تحت سماء أخرى – فهي مليئة بروح الغربة والحزن والحلم .. ذلك الحلم الذي يعتلي كل موجة دفعتها الرياح لترسم بنادق ورصاص .. زهورا وأناشيد .. ( حلمي لا يهمد / حزني لا يخمد / وأنا أتوقّد جمراً,أتعمّد بالريح / سلام الشفق الناريّ عليك / سلام يديّ الحالمتين / السنبلتين الصفراوين / سلام اليوم الأتي ) ..

في تلك اللحظة يعود الشاعر بذاكرته الى الصوت الحنون – صوت الأم – فيسري صوتها في كل عرق نابض من جسده .. ويأخذ صدى نداءها يتجاوب داخل اعماق الشاعر .. فيتذكر حزن الطفولة ويتذكر الغناء الذي كان يسمعه من أمه .. هذا الغناء والصوت الشجي ّ والملئ بالأسى الذي كان يسرد حكاية الطرّد ويحكي عن الهم البعيد .. والذي كان أول محرك داخلي بأتجاه الغناء .. ( أسمع أغنية من غور أريحا / وأنا تحت سماء ٍ أخرى / فتناديني أمي .. وتناديك دماي /ويناديك غنائي الطالع / من حزن طفولتنا الموقوفة في الأسر / ومن فرح القلب , وتقطيب الشارع ) .. وينهي الشاعر هذه القصيدة .. حين يرى السادة يشرعون في اغماد خناجرهم في ظهر حبيبته .. الأكثر سمرة من رمال الصحراء العربية .. ويسهمون بالقاءه خارج الوطن , في المنفى .. ليتلوع بالغربة والحزن والعذاب .. ( والأن , أبحث عنك , وأقرأ فاتحة النهر / لقد وسعتك الدمعة / والصحراء العربية ضاقت / نامي مستوحدة في القلب / ولا تنتظري أحداً .. وسعتك يداي / يا آخر ما أملك في قاطرة الغربة / يا نجم هواي ) .. يحدثنا الشاعر عن حبيبته عندما تطرز تأريخ فلسطين ثوبا جديدا وتنسج راية وتحتضن الأطفال والشيوخ والنساء .. ذلك في قصيدة – فاتحة للعذاب وفاتحة للأغاني – حيث يعانق الفرح الأكبر من فرح فوهات البنادق مع الدمعة الأخيرة .. ( تجيئين بعد فوات الأوان / تجيئين فاتحةً للعذاب .. وفاتحة للأغاني / تجيئين لا أعرف الآن من أين / أعرف أنك أنت معي كل آن / تجيئين مثا الأغاني / وينشد في سهل عينيك لي طائران / ولكنني لم تلامس يداي الندى / والسلاسل تأخذ شكل البدن / ومخفورة انت , من ينزع الأن مني يديك / وينهب ساحل عينيك , من ... ؟ ) .. وهكذا يبقى الراحل الشاعر محمد القيسي في القلب دائما وكما يقول " لا تنتهي الحياة الا في الصمت .. وما دامت الكتابة تقول وتجد مساحتها في القلب والورق .. فهذا يعني ان نبض الحياة ما زال يسري وان الكلام ما زال قابلا للأفضاء " ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2009 / 6 / 20 - 08:05 )
الاخ الكاتب أشكرك جداً فقد ساهمت مادتك بتنشيط جزء من الذاكرة حول رموز أدبية هامة . ولكوني مرتبط بالاعداد لإحياء ندوة ثقافية حول القدس عاصمة الثقافة العربية في إحدى المدن الاوربية فقد إستدركت وأدرجت إسم الشاعر الى جانب كوكبة من الشعراء . لذا شكرا لك ، ولهذا الموقع المحترم ( الحوار المتمدن ) الذي أتاح لي فرصة إكتساب المزيد من المعرفة، من خلال الإطلاع على كتابات البعض سواء أكان مخالفا لي أو متفقا مع آرائي .

اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??