الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يقول الأحبة أما تخاف…!

كامل السعدون

2004 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


وصلتني رسائل إلكترونية عديدة مفعمة بالعاطفة الصادقة والتحذير اللطيف الحريص على شخصي المتواضع من مغبة هذا الذي أقوله عبر المتيسر من منافذ القول القليلة المباركة وبالذات ( الحوار المتمدن ) .
الحقيقة إني لا أنكر أني أخاف أحياناً … ولكني وفي جلّ الوقت وإذ أتذكر أن الموت أفلتني ألف مرّة ومرّة وكان قاب قوسين أو أدنى ، سواء في جبهات الحرب أو سجون بلدي العراق أو في جبهة الكويت وإذ كنت مع الشعب الكويتي في مواجهة الغازي الصدّامي ، إذ أتذكر هذا أقول أن الموت يفرّ ممن يسعى إليه وقد سعيت له مراراً…!
ثم إني ميتٌ لا شك اليوم أو بعد خمسون عاماً ، الفرق أني أموت على الأقل وقد عشت أميناً لقناعاتي ومتفقاً مع جوهر الرّب وقوانين الحياة …!
مضافاً إلى أن نظرتي الشخصية للحياة والموت … فيها من الروحانية ما ليس لدى أهل العقائد الدوغمائية …!
أنا لست ملحداً وأضن أن من الغباء أن يكون الإنسان ملحداً ، لأن ذلك يتنافى مع معنى الوجود وجوهر الحياة ، ثم إن هناك ولا شك ربّ جميلٌ عظيمٌ رحبٌ …حبيبْ….!
هناك ربّ يستوعب كل ما يصفون ولا يتماهى بكل ما يصفون …مجتمعين …!
هناك ربّ عجزت كل الأديان على أستكناه سرّه فانشغلت برسم ملامحه على ضوء معطياتها الذاتية الحسية والعقلية ، فشوهت اللوحة الحقيقية وجعلت الحياة عسيرةٍ على الأحياء …!
هو أيسر للتناول مما يدعون ولكنهم لا يرونه ولا يعونه ولا يتنعمون بجمال إبداعاته لأنهم يأبون إلا أن ينظرونه من خلال منظار أيديولوجيتهم المعتم ، فيخذلهم هذا المنظار ويظل الرّب عصياً على الرؤية واللمس والحسْ …!
أهل الإسلام حاولوا حبس الرّب بين صفحات كتابٍ جميل اللغةِ قوي العبارة مليءٌ بالأساطير ونصوصّ التشريع الظالم الجائر ، فطار الرّب وضل الكتاب …!
أهل الإسلام ألزموا الرّب بارتداء ثوب صحرائهم … ثوب قبائلهم البدوية المتعطشة للثأر والانتقام والجنس والمال ، وأمكن لهم بيسرْ وعلى هامش صراع إمبراطوريات الشرق القديمة مع بعضها وذبحها لبعضها البعض ، أمكن لهم أن يتوسعوا ويتمددوا ليملئوا الفراغ بقوة السيف وإغراء الغنيمة …!
ووصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن من مرحلةٍ جد خطيرة على وجودنا الهامشي الهش الهزيل وعلى الوجود الإنساني برمته …!
ولا أشك في أن هذه المرحلة ستنتهي بعودة رب المسجد إلى المسجد وتحرر الرّب الحقيقي وخرافه ( البشر ) من قبضة الوعاظ القتلة …!
تماماً كذاك الذي حصل في أوربا حين أقصيت الكنيسة من القصر والشارع معاً وترك لها اللعب في ملعبها الذاتي الضيق …!
لماذا …؟
لأن الأديان والتي فشلت في استيعاب الربّ الحقيقي ، فشلت ذاتها في استيعاب حقائق العلم وأسرار العقل وجوهر الروح ومنجزات الحضارة وتيار الحياة …!
الرّب خالدٌ أزليٌ …, لا يمكن أن يهزم أو يستوعب أو يطوى في دفة كتاب ، لأنه هو الحرية الحقة ويريد لنا أن نكون أحرارٌ مثله ، لا نحجر إلا ضمن قوانيننا الذاتية التي هي قوانين العقل والمنطق والفطرة ، أما الدين … كل دينٍ وكل أيديولوجيا فهي إفرازٌ ظرفيٌ قد ينتصر حيناً وقد يكون هذا الحين ألف عامٍ أو ألفين ولكنه بالنتيجة سيهزم ويندحر أمام سطوة العقل والروح …!
الأديان جميعاً ..تمتلك بعض الإشراقات الروحية الجميلة الصادقة النقية …!
الغريب أن هذه الإشراقات لا تفرق بين دينٍ وآخر ، فأنت تجدها في الهندوسية والبوذية وديانات المصريين القدامى كما وفي ديانات بابل وآشور وبذات الآن في الإسلام واليهودية والمسيحية ، وهذا ما يؤكد صدقيتها …!
أما حين تهبط تلك الأديان من الإشراقة الإلهية إلى الفعل اليومي السياسي والاجتماعي فأنها تغرق في حضيض الدنيوية حيث الزيف والطمع والكذب والجشع والاستعلاء والغرور وانتهاك الحريات وتعكير صفو الحياة وإغراق الأحياء بالدماء والدموع والبؤس والخرابْ …!
الإسلام يمثل في عصرنا هذا النموذج الصارخ للتعارض بين جوهر الحياة وسيرورتها وتطورها وآلية سيرورة قوانينها الطبيعية وجوهر الذات أو الروح الإنسانية في مللها وشكّها ونبوغها وسعيها للحرية والتحليق الحرّ في فضاءات الروح بحثاً عن المثال الأزلي الجميل وبين رداء النصّ الحديدي الثقيل الخانق للدم والأنفاس …!
جوهر الإسلام وجوهر العقل متنافيان متناقضان…!
الإسلام يفرض على العقل أجوبته المعلبة الجاهزة … يفرض على الروح نصّ أناشيدها … يفرض على الجسد حدود انطلاقه … يفرض على المجموع أن يذوبوا في كتلةٍ شموليةٍ صلدةٍ ثقيلة غليظة القوام ، وهذا ما يتنافى من وحدانية الواحد وفردية الفرد …!
الحياة تسير منذ الأزل في توافقٍ هرمونيٍ وديعٍ جميلٍ مسالمْ على أساس قوانينها الطبيعية والروحية الخالدة الخبيئة عن متناول يد الواعظ واليسيرة التناول من يد الحكيم الروحاني الحق ( غير المؤدلج ) …!
قوانين الحياة الأزلية تقوم على التوازن والانسجام والتفاعل المنضبط المحسوب …!
عناصر الحياة جميعاً ، صغيرها وكبيرها يمكن تشبيهها بالإلكترون الذي يدور في مداره حول نواة ذرته ، أو القمر أو الشمس الدائرة منذ الأزل في مدارٍ لا تبارحه …!
والأحياء كما الجمادات تنزع نحو التوافق والانسجام والتلاقح ، دون أن يذوب أي شعبٍ أو أمةٍ أو فردٍ في آخر فيتلاشى هو والآخر بذات الآن …!
الإسلام … وعبر مشروعه الشمولي ( الذي لا يمتلك حتى بهاء المشروع الشمولي الشيوعي ) ، يفرض ذوبان الفرد في المجموع والمجموع في الواحد والواحد هذا غليظ الكف قارص اللسعة له شروطه التعجيزية وقوانينه القاسية المناقضة للفرد كفرد وللمجاميع الحضارية بما لديها من خصوصيات فكريةٍ وروحيةٍ مغايرة ، وبالتالي فأما أن ينتصر هذا النموذج الشمولي الضيق فيورد البشرية جميعاً موارد التهلكة ( إذ تموت البشرية عامةٍ كالديناصورات من ثقل أقدامها وغلظة ردائها المعدني " النصّ القرآني " وهذا هو الحاصل في عالمنا العربي والإسلامي الآن ، بعد سقوط الشيوعية والبديل القومي وسيادة النموذج السلفي ) ، وأما أن يحارب هذا الدين في عقر داره قبل أن يستفحل وباءه ( وهذا ما هو حاصلٌ الآن من قبل الأمريكان ) …!
بالمناسبة … سقوط الشمولية السوفييتية والتي كانت تمثل آخر قطبية شمولية منافية للطبيعة الإنسانية في التحليق الحرّ والتطور والارتقاء الحرّ ، هذا السقوط دفع بالإسلام من هامشه الضيق خارج ساحة الحرب الباردة ليزجّه وسط الساحة ، فيكون المنازل الأوحد للحضارة الغربية الليبرالية الحرّة …!
كانت المعركة بين الديموقراطية والشمولية السوفييتية ، معركةٍ حضارية تقليدية تصارع فيها النموذجان بأسلحة العلم والعقل والأيديولوجيا والمنافسة التقنية والعلمية والسياسية ، وكلٍ كان يظهر على الملأ ما ناله وما هو بوارد نيله وما منحه لشعبه من مكاسب وانتصارات ونعمّ ، وما هو طامعٌ لمنحهْ…!
وحين فشل السوفيت في المنافسة انسحبوا تاركين لتيار الحياة … لا تيار الموت… أن يستمرْ …!
أما الإسلام … صراع الإسلام مع الليبرالية والحضارة ، فأنه فقيرٌ بأدواته ، لا يملك حتى ربع ما أمتلك السوفييت من أدواتٍ حضاريةٍ لحربٍ آمنةٍ مأمونةْ …!
الإسلام لا يملك إلا نصوصه فأين النصوص من منجزات العلم والعقل والروح …؟
الإسلام لا يملك إلا دعوةٍ للموت ، وكم سيتسنى للإسلاميين من أجسادٍ يمكن أن تغرى بحور العين وأنهار الخمر واللبن …!
لا ننكر أن الإسلام يمتلك في مستودعات القبائل بحيراتُ بترولٍ لا تنفذْ ، لكن … هل ستتخلى القبائل عن بترولها من أجل الإسلام والإسلاميين …؟
تلك الثروات لما تزل بعيدةٍ عن أيادي غلاة أهل النصّ الحجري ، بل إنها أقرب للأمريكان من أياديهم ومستبعدٌ أن يفلت الأمريكان قبضتهم عن تلك الكنوز التي يمكن أن تستحيل إلى نارٍ تحرق العالم كلّه …!
ولهذا تجدهم يحاربون الآن على جبهتين ، واحدةٌ في الداخل ضد القبيلة والأخرى في الخارج ضد الغرب والحضارة عامة …!
وهي حربٌ خاسرةٌ ولا شكْ …!!
أضنُ أننا سنشهد في بحر ربع قرنٍ آخر نهاية سطوة النصّ الحجري على البيت والمدرسة والشارع وقصر الحكم …!
أضن هذا بقوة وأراه كما أرى يدي هذه التي تنقر على هذا الصف من الأزرار …!
لا أشك في أني سأقتل كما قتل الكثيرون ، وكما سيقتل الكثيرون ، ولكن بالنتيجة ستنتصر قضية الإنسان العربي والمسلم ، أعني قضية العقل والمنطق والروح الإنسانية الحقةْ …!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوراق الجوافة..كيف تحضر مشروبًا مثاليًا لمحاربة السعال والته


.. دراسة: مكملات الميلاتونين قد تمنع الإصابة بحالة الضمور البقع




.. في اليوم الـ275.. مقتل 20 فلسطينيا بغارات على غزة| #الظهيرة


.. ترقب داخل فرنسا.. انطلاق الجولة الثانية للانتخابات التشريعية




.. اقتراح التهدئة.. تنازلات من حركة حماس وضغوط على بنيامين نتني