الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة الكون عبر الزمان(4) مشاكل الفيزياء المعاصرة

سامح سعيد عبود

2009 / 6 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


حتى أواخر القرن التاسع عشر كاد علماء الفيزياء إعلان اكتمال معرفتهم بقوانين الفيزياء، وأعلن أحدهم أنه لا مجال جديد فى البحث فيما تسمى بالفيزياء الحديثة التى صاغها علماء مثل جاليليو ونيوتن وماكسويل وفارادى وغيرهم ، إلا أن هذا الإعلان لم يتم للأسف لأن مشاكل أخرى أخذت تلفت نظر علماء الفيزياء جعلتهم يحاولون حلها بنظريات جديدة طوال القرن العشرين أهمهما نظرية ميكانيكا الكم الذى افتتح عهدها أوائل القرن العشرين علماء مثل هانز بوهر وماكس بلانك وفيرنر هيزنبرج و شرودر وغيرهم من العلماء، والنسبيتان العامة والخاصة اللتان اكتشفهما أينشتين فى نفس الفترة، وتعانى الفيزياء المعاصرة من تناقض بين نظرية النسبية الخاصة و ونظرية ميكانيكا الكم ، يحاول علماء الفيزياء حلها، وأشهر هؤلاء هو العالم ستيفن هوكنج.
يتسائل العلماء المتشككون فى النسبية هل الوقت نسبي، كما نظّر اينشتاين؟ هل الوقت يختلف عند التحرك بسرعات كبيرة، كتلك التي تقارب الضوء؟ لم يقبل علماء ميكانيكا الكم ان هذا الأمر يمثل قاعدة ثابتة. ورأوا ان ثمة أحوالاً لا يتأثر الزمن فيها لا بالمسافات ولا بالسرعات. ومن الممكن تحريك الاشياء البعيدة من بعضها بعضاً بسنوات ضوئية، من دون ان تخضع لنسبية الوقت، اي انها تتحرك في الوقت نفسه، وبغض النظر عن السرعة! لم يقبل اينشتاين هذا المفهوم تحديداً، الذي يسمى احياناً بمفهوم التشابك ، ولذا وقعت القطيعة بين نظرياته وبين ميكانيكا الكم،وهذه أحد مشاكل الفيزياء المعاصرة.
والجدير بالذكر أن أينشتين رفض دوما أيضا أحد معالم نظرية ميكانيكا الكم، وهو مبدأ عدم اليقين الذى صاغه فيرنر هيزنبرج الذى ينص على أنه من المستحيل تحديد كل من مكان الجسيم وكمية حركته(سرعة الجسيم واتجاه حركته) بدقة في نفس الوقت، فإذا قلت الدقة في تحديد المكان، ازدادت الدقة في تحديد كمية الحركة وبالعكس إذا إزدادت الدقة في تحديد المكان قلت الدقة في تحديد كمية الحركة ، وينطبق نفس الشيء بالنسبة لطاقة الجسيم والزمن الذي احتفظ فيه بهذه الطاقة و يؤدي ذلك إلى أنه إذا تحدَّد وضع الجسيم بدقة كبيرة، فإن طاقته لا تتحدد بدقة ، والعكس إذا تحددت طاقة الجسيم بدقة كبيرة، فإن وضعه لا يتحدد بدقة، وهذه أيضا أحد مشاكل الفيزياء المعاصرة.
بعد 100أكثر من عام من نشوء الفيزياء المعاصرة لازال ليس بالامكان توحيد النظريتين. و السبب ان الوسائل المستخدمة لتقسيم المادة لكتل وطاقة ليست فعالة عندما يتعلق الأمر بالجاذبية، لكون الجاذبية من الناحية الرياضية ، تختلف في طبيعتها عن القوى الثلاث الاخرى. وهم القوة النووية الضعيفة و الكهرومغناطيسية والقوة النووية القوية، وهم مرتبطين بالزمكان. على العكس نجد ان الجاذبية منسوجة في المكان والزمان نفسه. من اجل تقسيم الجاذبية يجب تقسيم الزمكان، ولكن حتى الان لم يستطع احد الوصول الى ذلك.
لحسن الحظ ومن الناحية التاريخية لم تظهر مشاكل عملية تعرقل تعايش نظرية ميكانيكا الكم بالموازاة مع نظرية النسبية، لكون النظرية النسبية تستخدم فقط مع المقاييس الكبيرة، التي تعادل الاف السنوات الضوئية و الأجرام الفلكية والسرعات التى تقترب من سرعة الضوء. في مثل هذه المقاييس يكون تأثير ميكانيكا الكم صغيرا الى درجة تقرب من الصفر. ولذلك فأن ميكانيكا الكم تظهر فاعليتها في الاجسام الصغيرة على المستوى الذري والجزيئى، فى الوقت نفسه الذى تكون نظرية النسبية فيه غير عملية. فقط في ظروف علاقة خاصة للغاية ،مثلا في بطن الثقوب السوداء ، حيث تكون الكثافة الهائلة للمادة مضغوطة في مكان صغير، يمكن لكلا النظريتين ان يلتقيا. من اجل وصف الثقب الاسود يجب على العلماء بناء نظرية تجمع وتوحد النسبية الخاصة مع ميكانيكا الكم.
المعرفة العلمية تقبل النقد والتطور
العلم سلسلة من المعارف التى يصحح بعضها بعضا، و يدقق بعضها بعضا، و لذلك فان المعلومات اللاحقة فيما يتعلق بالجسيمات الأولية أكدت مرة أخرى، لانهائية الواقع ولانهائية كائناته المادية، ولا نهائية العمليات المادية التى تجرى فيما بينها فقبل أكثر من مائه عام لم يكن يعرف إلا الذرة كوحدة لا تنقسم للمادة، إلا إنه خلال المائة عام التالية فحسب أخذت المعلومات تطرد بسرعة مذهلة عن الجسيمات الأولية التى تكونها، و تتوالى النظريات التى تفسرها، ففى ذلك الحين لم يكن يعرف سوى الإلكترون ، و فى أوائل القرن العشرين عرف البروتون، و فى الثلاثينيات عرف النيوترون، وفى الخمسينات عرفت أضداد المادة، وفى أوائل السبعينيات عرفت الكواركات، ومنذ بضع سنوات أتضح أن الكواركات تتكون من جسيمات أبسط هى جسيمات دلتا، وفى نفس الفترة تقريبا اكتشفت قوة خامسة تعمل فى الكون يحملها جسيم من كمات الطاقه يسمى الأكسيون، و بالطبع فأننا وفق هذا المعدل قد نفاجىء عند نشر هذا النص باكتشافات أخرى، ولعل هذا لن يصدمنا بعد رحلتنا فى عالم الجسيمات الأولية، وبعد أن عرفنا طبيعتها المعقدة و العجيبة، تلك المعلومات التى تكشف لنا باستمرار أن أى جسيم مهما بلغ من الصغر هو عبارة عن مركب معقد من جسيمات أصغر، أو إنه مهما بلغ من البساطة فأن جوانبه المتعددة شديدة التعقيد، وإن صفاته و خواصه تتوقف على بنيته الداخلية، وعلاقاته بالجسيمات الأخرى، فالجسيم الأولى مهما بلغت بساطته فأنه يمتاز بالعديد من الصفات المركبة و المعقدة تمتزج فيه مفاهيمنا التقليدية حول الكتلة و الطاقة، والمجال و الطاقة، والحركة والموجه والمكان والزمان فى شبكة متداخلة و مترابطة و معتمدة على بعضها البعض فى نشوءها ووجودها واضمحلالها.
أما عن أحدث النظريات المفسرة لظواهر الجسيمات الأولية و الأجسام التى تتكون منها فهى نظريه الأوتار فائقة التناظر التى تحاول حل مشاكل الفيزياء المعاصرة السابق الإشارة إليها، ففى عام 1970 قدم العالم يوشيرى نامبو, من جامعة شيكاغو، إقتراحا بأن احجار البناء الاساسية للكتلة والطاقة ليست على شكل النقاط الكروية، وانما على شكل اوتار فائقة. تماما كما هي الاوتار في الغيتار لاتستطيع هذه الاوتار الاهتزاز على جميع الترددات وانما فقط على تردد واحد محدد مسبقا. إنعكاس ذلك نراه في جسيمات الكتلة وقوى الطبيعة. وفي هذه النظرية لا يفترض أن الجسيمات تشغل نقطة واحدة فى المكان، وإنما هى أشياء لها طول كالخيوط، وليس لها أى بعد آخر ، وهذه الأوتار شديدة القصر قد تكون مفتوحة كالعصا أو مغلقة كالكعكة، وهى تندمج مع غيرها من الأوتار أو تنفصل عنها مكونة شبكة رائعة ولا نهائية من الخيوط، تكون كل الوجود أو الواقع أو الطبيعة من حولنا .. مثل هذه النظرية تقضى على الكثير من مظاهر أزمة ميكانيكا الكم كمبدأ عدم اليقين و الطبيعة المزدوجة الجسيم /الموجه كما تحل التناقض بين النسبية الخاصة وميكانيكا الكم.
ففى نظريات الأوتار فائقة التناظر فأن ما كان يظن سابقا إنه جسيمات، يصور الآن كموجات تنتقل عبر الوتر المتذبذب، و انبعاث أو امتصاص جسيم بواسطة جسيم آخر يقابله انقسام أو انضمام الأوتار معا، وما يفرق بين الجسيمات و من ثم الأجسام التى تتكون منها هو، الترددات التى تهتز بها تلك الأوتار.
فى الحقيقة إنني لست متخصصا فى العلوم الطبيعية، ولذلك لا أستطيع الجزم بأننا سنستطيع فى يوم ما أن نرى ما دون الذرة، إذا ما كان جسيمات أو أوتار ، إلا إنني كإنسان يحق لى ان أحلم بإمكانية التوصل إلى تكنيك معين ، لست أدرى كيف؟ ربما يكون باستخدام الموجات شديدة القصر التى تشكل حركة كمات الطاقة النووية القوية، وتحويلها لموجات مرئية فى يوم ما لنستطيع من خلالها تصوير ما بداخل الذرة، كما استطعنا تصوير الذرة نفسها ، و الجزيئات التى تتكون من الذرات، ربما فى هذه الحالة سيكون للعلم أن يسترد ما قد فقده بسبب أزمة الفيزياء المعاصرة.. حيث سنعرف على وجه اليقين وحدات البناء الأكثر بساطة التى بنى منها الكون ، وسنعلم حينئذ كيف بنى الكون من عناصره الأولية ، وتطور إلى ما هو عليه الآن.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رحلة الكون عبر الزمان(4) مشاكل الفيزياء المعاصرة
youssef ( 2009 / 6 / 22 - 00:32 )
You state that the mass is impossible to travel the speed of light. Why can the energy travel the speed of light without carrying matter or mass? This is the question that bothers me: Is there energy without matter; can energy exist without matter? Please answer me in arabic. Thank you.


2 - تعقيب
سامح سعيد عبود ( 2009 / 6 / 22 - 06:02 )
السيد يوسف
حسب معلوماتى أن أى جسيم كتلة أو جسم يسير بسرعة الضوء يتحول إلى جسيمات طاقةكهرومغناطيسية أى فوتونات، والفوتونات وهى كمات الطاقة الكهرومغناطيسية لايمكن أن توجد فى حالة سكون لأن كتلة سكونها صفر، لكن لها كتلة بالطبع فى حالة حركتها والدليل تأثر الضوء بمجال الجاذبية، أما عن إمكانية وجود كمات طاقة بدون جسيمات كتلة فإنه أمر أثبتته تجربة للعالم ستيفن هوكنج تسمى التناظر الفراغى
أرجوا أن أكون قد أزلت انزعاجك
لا حظ أنى مجرد باحث عن الحقيقة العلمية غير متخصص، ولكنى ناقل للمعلومات العلمية بأقصى ما استطيع من أمانة ودقة ومن ثم يمكن الرجوع لمصادر علمية موثقة ويفضل أن تكون بالإنجليزية مادمت تجيدها
سامح


3 - اعتذار
سامح سعيد عبود ( 2009 / 6 / 22 - 07:13 )
أقصد التذبذب الفراغى لا التناظر الفارغى فعذرا على الخطأ الطباعى
سامح


4 - التذبذب الفراغى
أثير ( 2009 / 6 / 22 - 07:19 )
هوكنج وفريقه وصفوا وأكدوا حدوث ظاهره طبيعيه سميت بالتذبذب الفراغي ،ومايحدث هو ان الماده تبدو وكأنها تستحدث من عدم وبكلمه اخرى من فراغ هذا ألفراغ يبدو وكانما هو خال من اي ماده أو طاقه .هذا ألتذبذب وجود –تلاشي – وجود والذي رصد من قبل هوكنج وفريقه عباره عن طاقه وسميت بطاقه ألتذبذب (التغير )الفراغي والتي يمكن أن تتحول ألى ماده تنطيق عليها جميع تعاريف وقوانين حفظ الماده – الطاقه .
وبكلمات أخرى أن اللاشيء في فراغ تام وفي فضاء خالي يستطيع أن ينتج ماده وبشكل مفاجيء وغير متوقع وبتطابق كامل مع قوانين اينشتاين .
أذا أتفقنا جميعا على دقه قانون حفظ الماده – ألطاقه أي أن أي منهما لايستحدث ولايفنى فهذا يعني وبالنتيجه أن كوننا موجود دائما بشكل أو بأخر بكثافه أو بأخرى موجود من االأزل والى ألابد .
ولم يوجد في أي وقت أو فتره زمنيه لم تكن بهاالكتلة – ألطاقه المكونه لكوننا غير موجوده حتى وأن كان هذا الوجود عباره عن حاله من الفراغ التذبذبي او الفراغ المتغير .

عند حدوث الانفجار الكبير كان كوننا في حاله تكثف وتركيز مادي وكان ساخنا الى درجه كبيره ومن خلال فهمنا اليوم لحاله تصرف الجزيئات نستطيع أن نقول أن ألمركبات الكيمياويه وكما نشهدها أليوم لايمكن أن تتواجد فالحراره والضغط العاليين تفقد هذه


5 - العلم في عصرنا محرك التاريخ
سعاد خيري ( 2009 / 6 / 22 - 17:46 )
متى يستطيع العلماء جعل الطاقة في متناول كل انسان اي تحريرها من الملكية الخاصة وتحرير البشرية من كل تبعاتها

اخر الافلام

.. وفاة الرئيس الإيراني ووزير خارجيته في تحطم طائرة مروحية كانت


.. إيران تعلن وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي ومرافقيه في تحطم مروحيت




.. وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في تحطم مروحية.. ماذا نعر


.. ما هي ردود الفعل على مصرع الرئيس الإيراني بحادث تحطم مروحية؟




.. ماذا يحدث في إيران بعد وفاة رئيس البلاد وهو في السلطة؟