الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات اللبنانية للعام 2009 واقعها وآليتها

فدى المصري

2009 / 6 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


وضعت الانتخابات اللبنانية أوزارها وتم للنتائج مصيرها المرهونة بالإرادة الشعبية التي شكلت مصيرها عبر صناديق الاقتراع من خلال ممارستها الحق المشروع بالمشاركة السياسية والتعبير عن إرادتها الحرة وتشكيل طبقة ساستها البرلمانية موحدة رغبتها الملحة حول بناء كيان الدولة ، انطلاقا ً من رفضها للتزعزع الأمني والاضطهاد الذي يمارس بحقها من قبل قوى جعلت لسلطتها أداة فاعلة في عملية التعطيل للحياة السياسية البرلمانية والحكومية عبر ما تم من ممارسات في المرحلة الماضية ، وتشكل ذاكرة الناخب عنصر محرك أساسي تم تحريك صوته وتسجيل قناعته عبر التفاف شعبي واسع النطاق حول قوى 14 آذار ، ولعل الفوز الساحق لسعد الحريري في تشكيل كتلته النيابية قد كسرت قيد الأقاويل التي تشير بالأغلبية الوهمية . غير أن العامل الأكثر تأثيرا في سير هذه العملية هو الإطار العام لمسيرة هذه الحملة وطريقة إدارتها ؛ انطلاقا ً من تشكيل اللوائح في الدوائر كافة ، ومرورا ً في تشكيل التحالفات السياسية بين الأقطاب ، والتعهد بالالتزام التام من قبل الأفرقاء على اطر خوض هذه العملية ، وبعد الفوز الالتزام بالتحالفات عبر مشروع تم عنوان واضح له ألا وهو بناء ( الكيان اللبناني ) وإحياء مؤسساته ، وتشكل نظامه الداخلي عبر تطبيق القوانين والعمل على بناء وإحياء نظامه الاقتصادي المشلول منذ زمن من التعطيل الذي ساد الفترة النيابية السابقة .ولعل قانون الستين الانتخابي الذي تم اعتماده عبر هذه المرحلة تحت تأثير رغبة وإصرار قوى الثامن من آذار في وضعه رغم معارضة الأغلبية لهذا القانون ؛ فقد اعترف " نبيه بري" إعلاميا ً بهذا الخطأ الفادح عبر تطبيق هذا القانون واضعا ً الندم نصب عينيه ، إلا أن هذا القانون شكل المعيار في تشكيل نتائج الدوائر الانتخابية بشكل مسبق في بعض الدوائر الانتخابية ، التي انعكست بشكل كبير على مسيرة المعركة الانتخابية وأطر الحملة الانتخابية التي سادت كدائرة زغرتا الشمالية ، ودائرة صيدا الجنوبية .
ولعل أطر إدارة هذه العملية من شفافية بالغة عبر تطبيق القانون الانتخابي ونجاح وزير الداخلية "زياد بارود" في إدارة هذه المعركة كعنصر محايد ، شكل مؤشراً لكلا الأطراف اللبنانية بالقبول بالنتائج مهما كانت انطلاقا من ممارسة العملية بديمقراطية تامة وخاصة حيث تمت تحت إدارة وإشراف المراقبين الدوليين والمحليين لشفافية هذه العملية ومسيرتها التي راقبت طيلة النهار مسار العملية الإقتراعية في مراكز الأقلام الاقتراعية، وليلا ً فقد أشرفت على عملية الفرز واحتساب النتائج وتدوين ملاحظاتها حول مسار هذا اليوم الانتخابي الطويل. وضمن أطر تجديد فعلي لمواد هذه العملية عبر تجديد صناديق الاقتراع الشفافة ، العازل الانتخابي ، الحبر الأزرق الذي يشير باقتراع الناخب منعا ً من اقتراعه مرة أخرى ، تعديل وتصحيح قوائم الانتخابية ، الاقتراع وفق الهوية أو جواز سفر لبناني ، إخضاع رؤساء الأقلام والكتاب والمناديب للدورات التحضيرية ولا سيما اطر الالتزام بالقانون الانتخابي وتوعيتهم للمواد القانونية المتعلقة بسير مراحل عملية الاقتراع تحضيرا ً للانتخابات القادمة ، ولعل النجاح الأبرز هو خوض العملية الانتخابية في يوم واحد فقد على عكس الانتخابات السابقة حيث تتم على مراحل حسب المحافظات ، وقد ساعد انتشار قوى الأمن والجيش في حسن حفظهم الأمن ، رغم خروقات أمنية في بعض المناطق تبعا لمناصري بعض القوى في التهجم على بعض المرشحين خاصة في بعض دوائر بيروت ودوائر الجنوبية والبقاعية والشمالية ، وما تم من ممارسات تهويلي وتخويف الناخبين عبر تهديدات واعتداءات مادية لممتلكاتهم .
إلا أن أطر إدارة المعركة من قبل الأطراف شكل عامل حاسم في تجيش القوى الناخبة والتأثير على ميولها وتطلعاتها ، رغم المهرجانات التي سادت الأطراف كافة ، فقد شكل لتصاريح قوة المعارضة تأثير كبير في تشكيل توجه صوت الناخب اللبناني وميوله السياسية ، وتوجهاته المستقبلية عبر رؤية مصيرية شكلت انتخابات 2009 مرحلة هامة على الساحة اللبنانية الداخلية .
إن حشد الجماهير الغفيرة يوم ذكرى استشهاد الشهيد رفيق الحريري وتوافد الآلاف من مؤيدي تيار المستقبل ومناصري جماعات الموالاة كافة ، شكلت المؤشر الأول لسير معركة الانتخابية عبر استحقاق 2009 المصيري ، وعلى ضوئها بدأت تحركات قوة المعارضة من تشنجات وتصاريح فعل ورد فعل من خلال أنصارها ولا سيما عبر الحليف الأساسي "الجنرال عون" وما تشكل نوبات هستيرية ترجمتها أقاويله؛ شكل عامل فاعل في تسرب جمهوره المسيحي وهذا ما أفرزته الأصوات المسيحية التي تعادلت تقريبا ً بين الفريقين ، وشكلت أصوات الناخبة الشيعية العامل الحاسم في انتصار لوائحه بدوائر مناطقه ، رغم اختراقها بنائبين للقوى 14 آذار ، مما سقطت المقولة الشهيرة بأنه ( زعيم ماروني ) وبالتالي بأنه صاحب أكبر تكتل شعبي مسيحي مؤيد له ، وبرهنت نتائج هذه الانتخابات فقدان شعبيته المسيحية التي شكلت عنصر أساسي في انتصاره السابق عبر دورة الانتخابية للعام 2005 .وذلك تحت تأثير أسلوبه في تسويق الإعلامي الانتخابي وتصاريحه الإعلامية المتنوعة من هجوم مبرمج على مرشحي قوة 14 من آذار والرموز السياسية وخاصة تهجمه البالغ الأثر على المرشحة "نائلة تويني" والنيل من كرامتها بمختلف الأساليب الوضيعة والتحريضية من خلال التهم والأكاذيب والتضليل الإعلامي الذي شكل عامل هام في فقدان مؤيديه ، مع إدراكهم بعدم قدرته على تمثيلهم ، لما اختبروه من قدراته سياسيا ًعبر ممارسته للسلطة في الفترة السابقة .
ومع قرب العملية الانتخابية زمنيا ً ، لم يوفر كلا الطرفان في تجيش نفوذهما الشعبي والرسمي عبر المهرجانات والتصاريح الإعلامية ، بين فعل ورد فعل للأقوال ، وشكل التواجد الإعلامي " لحسن نصر لله " المكثف عنصر حيوي في تجيش القاعدة الشعبية والتفافها حول القوى الأغلبية ولا سيما حول "سعد الحريري" المحرك الفعلي للعملية عبر خطة محكمة سارت بعدة محطات تشكل البرنامج الانتخابي المرتكزات الأساسية لحملته الانتخابية انطلاقا من بناء اقتصاد ودعم العملة اللبنانية أمام أزمات الاقتصادية العالمية عدا عن برامج الرعاية والخدمات المختلفة للطبقة الكادحة انطلاقا من تقليص نسبة البطالة ودعم الخدمات الصحية والتعليمية. فشكرا لنصر لله على هذه الخدمة التي شكلت عامل محرك في تشكيل توجه الناخب واقتراعه للموالاة ولعل البلوكات الانتخابية للقوائم 14 آذار على وقع هذا الشعار تم تصريح بعض الجهات والماكينات الانتخابية للقوى 14 من آذار،فتشكل الالتفاف الشعبي حول قوى 14 تحت تأثير تصاريح نصر لله المتنوعة والشبه يومية على شاشات التلفزة ولعل أهمها اعترافه بيوم 7 من أيار يوم مجيد لمسيرة المقاومة ، وانتصار كبير وحقيقي على أهله ببيروت فاق انتصاره على اسرائل وتحرير الأراضي اللبنانية ، رفع سقف الالتفاف الشعبي ورفع من أصوات الناخبة المؤيدة حول لتيار المستقبل والالتزام الشعبي التام بما يمليه قائد الحملة بالاقتراع دون أي خرق للوائح الانتخابية وهذا ما تم بالفعل رغم تحفظ القاعدة الشعبية على أسماء المرشحين وعدم رغبتها بوجودهم ، ولكن شاءت الأقدار تواجدهم في هذه اللوائح ، إلا أن التصويت الفعلي كان لسعد الحريري ومسيرته ونهج التيار وما يمليه من تحالفات .كما سبق للتصاريح حسن نصر لله ، تصاريح رئيس إيران الذي يعول على انتصار المعارضة من تحولات مصيرية للمنطقة ككل ولشرق أوسط جديد تشكل فوز المعارضة المرحلة المصيرية الأهم والفاعلة في هذا التحول الشامل للمنطقة ككل .
فتهانينا للشرعية اللبنانية وللإرادة الشعبية التي شكلت طبقتها الحاكمة عبر صناديق الاقتراع التي حسمت منذ ساعات الأولى من العملية الأقتراعية ، ولعل الفترة القادمة ولا سيما عبر إستحقاقين كبيرين رئاسة المجلس النيابي والوزاري وتشكيل المجلس الوزاري؛ الذي نادت به المعارضة بالاحتفاظ بالثلث المعطل منذ أشهر الذي سبقت العملية الانتخابية في "7 حزيران" ؛ تشكل مرحلة هامة صياغة آلية النظام السياسي الداخلي والخارجي للبنان ،وإن نلحظ الطعن المقدم من قبل النائب ميشال المر بحق الأصوات الأرمينية الذي استحوذ على قسم كبير من بطاقات الهوية المزورة للمقترعين ، في المقابل ، نجد تصريح أخر مضاد للجنرال عون في تقديم الطعن أيضا بالانتخابات التي سادت في المتن مطالبا إعادة الانتخاب في هذه الدائرة. في الوقت الذي نلحظه من عودة "نبيه بري" لرئاسة هذا المجلس ؛ فقد شكل عنصر حيوي في تحريك انعقاد مجلس الوزاري وتوقيع الموازنة المالية للعام 2009 كآخر نشاط وزاري قبل انصرافها لحكومة تصريف أعمال ، مع منح الضمانة للأكثرية في عدم التعطيل المجلس كما تم سابقا في الحقبة البرلمانية الماضية . فهل تستطيع الأكثرية تحقيق شرعيتها في انتخاب رئيس مجلس نيابي ورئيس مجلس وزاري باستخدام هذه النتائج ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يتصرف الألمان عندما يمرضون؟ | يوروماكس


.. لمى الدوري: -العراق يذخر بالمواقع الأثرية، وما تم اكتشافه حت




.. الهدنة في غزة على نار حامية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مسلسل المانغا - بون- : وحدة تسافر عبر الزمن وتحي الموتى




.. -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو