الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طرق على أبواب حصن التعليم المنيع

رابحة الزيرة

2009 / 6 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


عاطل تقدّم لوظيفة، فسُئل عن مؤهله، قال: ابتدائي .. ولكني أعرف شخصاً يدرس في أمريكا!

أخشى – وأنا أتابع أوضاع التعليم لدينا - أن تتحوّل هذه الطرفة التي نضحك منها اليوم إلى واقع نبكي عليه غداً، ولا أدّعي أنني أحيط علماً بما يجري في كواليس وزارة التربية والتعليم، أو مجلس التعليم العالي، أو هيئة ضمان جودة التعليم، أو جمعية المعلّمين، أو جمعية الجامعيين البحرينية وغيرها من جهات حكومية وغير حكومية تتداخل أدوارها في تحريك دفّة التعليم وتوجيهه، وأعلم يقيناً أنه لكي يتمكّن المرء من تحليل وضع التعليم هنا بكل تعقيداته وفي جميع مراحله - من الروضة إلى الجامعة – لابدّ أن تكون له قدرات (خارقة) وإمكانيات (فوق العادة) تؤهّله أوّلاً لاختراق حصن التعليم وقلعته المنيعة، ومن ثمّ فهم سياسة التعليم المتّبعة في بلد من أقدم بلدان الخليج اهتماماً بالتعليم، وكان يُشهد لأبنائه أنهم من أكثرهم وعياً وأوسعهم ثقافة، ولا أدري أين يُصنّفون الآن.

من الألغاز التي يصعب فهمها وتحليلها من أرقام وزارة التربية والتعليم نتائج امتحانات المرحلة الإعدادية المتدنّية على مدى أعوام متتالية، وقد بلغت هذا العام (64.34%) مسجّلة انخفاضاً عن العام الماضي بأكثر من 2% حيث كانت (66.42%) مع العلم أن نسبة نجاح البنين هذا العام بلغت (55.50%) فقط، أي أن ما يناهز نصف طلبة مدارس البنين من الرسوب!! ورغم ذلك فما تفتأ تصريحات المسئولين في الوزارة تضلّل الرأي العام بالمقارنة بين نتائج الدور الأول من هذا العام والدور الثاني منه لتؤكّد بأن "تحسّن النتائج منذ الدور الأول يعد مؤشراً إيجابياً على أن الجهود التي بذلتها الوزارة بدأت تؤتي أكلها .. حيث سبق للوزارة القيام بدراسة شاملة واستشارة واسعة لتطوير هذه المرحلة باعتبارها الحلقة المحورية في السلّم التعليمي"(!) و(تتغافل) عن عقد مقارنة بين نتائج هذا العام والعام الماضي لأنها تُشير إلى تقهقر في المستوى، لتضيع الحقيقة المرّة بأن نسبة النجاح في المرحلة الإعدادية – التي يعتبرها الوزير حلقة محورية في السلم التعليمي – مستمرّة في التدني، وأنّ الوزارة تلفظ سنوياً ما يناهز نصف طلاّبها ليتسلّمهم أصدقاء السوء وليرتموا في أحضان المخدّرات والبطالة، ولعلّ في هذا تفسير لارتفاع نسبة النجاح في الثانوية العامة التي بلغت (92.5%) وتدني تلك النسبة في المرحلة الإعدادية، فما عسانا فاعلون بهذه النتائج؟

وعلى صعيد التعليم العالي، فقد أعلنت الكويت مؤخراً عدم اعترافها بشهادة ستّ جامعات من مجموع اثني عشر جامعة خاصة في البحرين ومنعت طلبتها من التسجيل فيها، وقد حُرم بعض المتخرّجين من هذه الجامعات من مواصلة دراستهم خارج البحرين للحصول على شهادات أعلى بسبب تدنّي مستوى التحصيل الجامعي الذي تلقّوه رغم أنهم حاصلون على درجة امتياز (!)، ولابد أنهم سيواجهون مشاكل في التوظيف لنفس الأسباب، وقد سبّب هذا نوعاً من البلبلة لدى الجهات الرسمية التي نتمنّى أن لا تعدو أن تكون زوبعة في فنجان، بل نرجو أن تؤخذ تلك الانتقادات بعين الاعتبار، وتتبعها إجراءات صارمة تعيد الاعتبار إلى سمعة البحرين الأكاديمية لا أن تكتفي بالدفاع عن النفس وردّ التهم بتهم مثلها.

غاب دور المجتمع المدني في إصلاح أوضاع التعليم المتردّية، فاكتفت "الجمعية البحرينية للجامعيين" بتوجيه (نداء) لـ"التعليم العالي" وتحذيره من التحدّي الذي يواجهه لسوء سمعة الجامعات الخاصة في البحرين، ناصحة إياه أن يتّخذ إجراءات حازمة بشأن الجامعات المخالفة للمعايير الموضوعة من قبل "مجلس التعليم العالي"، دون ممارسة أي نوع من الضغط المخوّلة به بصفتها مؤسسة غير حكومية تعمل في نفس الحقل وهي مسئولة عن أي خلل في هذا الجانب كما الجهات الحكومية، بينما تلخّص دور جمعية المعلمين في المطالبة بحقوقهم (المسلوبة والمهضومة) - كما يُعبّر عنها في بياناتهم وإعلاناتهم - من قبيل زيادة الرواتب، وتعديل كادر المعلمين وجدول الدروس والمهام المناطة بالمعلّم، فلم نسمع بأنهم طالبوا يوماً بأن يكون لهم دور فاعل في إصلاح المناهج أو تحسين مستوى التعليم، أو قاموا بتشخيص أسباب تخلّف الطلبة الدراسي من خلال إعداد الدراسات والبحوث الميدانية لرفع الاقتراحات من أجل تخريج طلاب ناجحين أكاديمياً، أقوياء اجتماعياً، وأسوياء نفسياً.

هناك من يعوّل على أعضاء البرلمان ليقوموا بدورهم في طرح قضايا التعليم وتطويره ومساءلة المسئولين وكبح تجاوزاتهم، ولكن يبدو أن (سعادة) النوّاب لم يفرغوا بعد من مناكفاتهم الطائفية، وقضاياهم الشخصية، كالتقاعد ومخصصات السفر والسكن والمواصلات، فإلى ذلك الحين ندعو الله أن لا يأتي اليوم الذي يُسأل طلاّبنا عن مؤهلاتهم، فيفتخرون بأنهم نالوا شهادة الابتدائية ولكنهم يعرفون شخصاً يدرس في إحدى جامعات مدينة قطر التعليمية!!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو