الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية اللبنانية

عدنان شيرخان

2009 / 6 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


لعقود طويلة كنا معجبين ومبهورين بلبنان، فهذا البلد الجميل الانيق الذي حباه الله بطبيعة ساحرة وجو معتدل لا يشبه محيطه العربي في اشياء كثيرة، كان اشبه بواحة خضراء للديمقراطية وسط صحراء الانظمة العربية العسكرية الشمولية، وتلك التي تتسيد فيها عوائل وقبائل، وتسيطر على الحكم شخصيات لطشت بأقوى المثبتات على كراسي الرئاسة، كان مجرد اجراء الانتخابات في وقتها كل اربع سنوات وانتقال السلطة السلمي يثير فينا مشاعر الفخر، ونتمنى ان تصيبنا عدوى الديمقراطية اللبنانية.
نسافر اليه ونعجب ان ساعة ونصف من الطيران قادرة على احداث هذا التغيير الكبير، ولاننا كنا نرزخ تحت حكم اعتى الانظمة الشمولية، كنا نرى كل شئ فيه جميلا. ولكن وللاسف لم تكن جميع امور لبنان بخير، وان لهذا البلد الجميل اوجه متعددة، ابشعها وجهه الطائفي، الذي تفجر دما وقيحا العام 1975 حربا اهلية ضروس امتدت لنحو 15 عاما، وتحول لبنان الى ساحة حرب كبيرة مباشرة بين الاطراف اللبنانية وحروب صغيرة بالنيابة بين دول قريبة وبعيدة عن المنطقة، لم يكن الامر محض صدفة عبثية، وانما جاء على خلفية تأريخية من اصطفافات وتحالفات واحتقان وشد طائفي ومذهبي، وكما يقول المثل من يزرع الريح يحصد العاصفة.
الجميع في لبنان يلعنون النظام السياسي الطائفي، ويعلنون اليوم الذي بنى النظام السياسي على الطائفية والمذهبية، ويحملون الطائفية اسباب الدمار والخراب الذي لحق ويلحق بلبنان، ولا يعرف احد كيف السبيل للخروج من نظام الكوتا الطائفية الصارمة، الذي ترتب عليه ان يكتب امام اسم المواطن وفي هويته الشخصية دينه ومذهبه.
الديمقراطية في لبنان ديمقراطية توافقية بين 18 طائفة ومذهب، توزع بموجب كوتا طائفية صارمة المناصب الرئاسية الثلاثة ومقاعد البرلمان، الطوائف الرئيسة الثلاثة المارونية والسنة والشيعة، ومنها يأتي رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان، وتفيد نكتة يرددها اللبنانيون بمرارة انه حكم بالاعدام على مسلم سني فجاؤوا وقت التنفيذ بمسلم شيعي وآخر ماروني واعدموهم جميعا تحقيقا للتوافق الطائفي، وكي لا يزعل احد، وزعل البعض في لبنان مشكلة كبيرة.
الخطاب السياسي للفرقاء خطاب متشنج تخويفي تخويني يهيج ولا يهدأ، برغم وجود الكثير من الخبرة والحنكة السياسية، الساحة لا تستوعب سياسيين هواة او في بداية الطريق، رجال يمارسون السياسة منذ نعومة اظافرهم، ولكن لن يجد سياسي محنك غضاضة من الاعتراف على مرأى ومسمع احدى الفضائيات ان جميع الطوائف اللبنانية تتلقى دعما معنويا وماديا من الخارج، وكل طائفة ومذهب اختص بدولة معينة.
ولعل فيما وصلت اليه امور لبنان ضوء احمر لمن يريد ان يستفيد من تجارب الآخرين، خاصة في الدول التي يتكون شعوبها من مذاهب وطوائف متعددة كالعراق، ووجود شد وجذب فيما يتعلق بأبراز الهوية المذهبية والدينية ربما بحسن نية، ولكن النتيجة ستكون واحدة.
في لبنان ثمة اهتمام كبير بالعراق والنظام السياسي الذي نشأ بعد العام 2003، قبل نحو عامين كان الحديث يدور بشأن هاوية الحرب الاهلية التي يدفع العراق اليها دفعا، واليوم يحسد اللبنانيون العراقيين على سرعة تجاوزهم المحنة بأمتياز، ويسألك رجل الشارع كيف حدث ذلك؟ وما هي الحصانة التي يتمتع بها العراقيون لتخفق جميع محاولات دفعهم الى الاقتتال الطائفي.
وفي الانتخابات النيابية الاخيرة، كان العراق حاضرا عندما تم تناول موضوع اصلاح الانتخابات وفق معايير دولية، طرحت مطالب تتعلق بأنشاء هيئة او مفوضية مستقلة تدير الانتخابات كالمفوضية العليا للانتخابات في العراق، ومطالب بأن تحصل المرأة على نسبة تمثيل (كوتا) في البرلمان كما هو الحال في العراق، وان يتمكن اللبنانيون المقيمون بالخارج الاقتراع، كما اقترع العراقيون المقيمون في لبنان في مراكز ثلاثة شمال وجنوب لبنان والعاصمة بيروت.
مبعث القلق والازعاج يكمن دائما في جيوب اللبنانيين حيث بطاقة الاحوال المدنية التي تذكر فيها الديانة والمذهب، وفي مراكز الانتخابات يخصص لكل طائفة ومذهب غرفة اقتراع خاصة به، يسمونه " قلم انتخابي"، تعلق على جدارها قوائم الاحوال المدنية الخاصة باتباع الطائفة اوالمذهب، الذين يحق لهم حصرا الاقتراع فيه.
تدور شكوك الخائفين على العراق ووحدته من تطبيق مادة في الدستور تتعلق بتنظيم قضايا الاحوال المدنية للمواطنين، ويسود اعتقاد ان المادة 41 من الدستور هي بداية الطريق المهلك الذي سار عليه لبنان، وان تطبيق المادة المذكورة ربما يتطلب كتابة المذهب والطائفة في اوراق رسمية، وهو امر سلم منه العراق ونتمنى ان يسلم منه الى ان يرث الله الارض ومن عليها.
تضغط اطراف وجهات عديدة ومنها منظمات المجتمع المدني العراقية لتعديل هذه المادة. وكتبت ناشطة نسوية هي السيدة سندس عباس معبرة عن وجهة نظر ناشطين في المجتمع المدني " ان اصرار بعض القوى السياسية العراقية على اقحام المادة 41 يشير بوضوح الى تعمد اجراء جراحات قسرية معروفة النتائج في تشويه الجسد الحالي للمجتمع العراقي، ونقل المواطن العراقي من حالة المواطنة الى حالة الطائفة".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في جباليا ورفح بينما ينسحب من


.. نتنياهو: القضاء على حماس ضروري لصعود حكم فلسطيني بديل




.. الفلسطينيون يحيون ذكرى النكبة بمسيرات حاشدة في المدن الفلسطي


.. شبكات | بالفيديو.. تكتيكات القسام الجديدة في العمليات المركب




.. شبكات | جزائري يحتجز جاره لـ 28 عاما في زريبة أغنام ويثير صد