الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحدث الايراني: أكل العنب أو قتل الناطور؟

خضر سلامة

2009 / 6 / 24
كتابات ساخرة


ما حدث، ويحدث، في شوارع طهران بعيد الانتخابات الرئاسية للنظام السياسي الفريد من نوعه عبر التاريخ من حيث قيامه على تحالف غريبٍ بين المؤسسات الدينية المختلفة الاتجاهات مع عمالقة المحتكرين الاقتصاديين، مع ناشطين سياسيين مقتنعين باشتراكية ضمن الضوابط الدينية، لا يمكننا أن نبالغ في تقدير ما حدث في طهران للايحاء بأنه يهدد النظام الايراني، ولكن الأكيد، ان هذه الحوادث تأسس لما هو أبعد من حقيقة ما جرى اليوم.

ولا يختلف العارفون بتفاصيل المشهد الايراني الفسيفسائي، على أن مفتاح الحل والربط في الشارع اليوم، هو هاشمي رفسنجاني، اللاعب المخضرم المتنقل على خط الحدود الفاصلة بين الاصلاحيين والمحافظين، الذين يشكلان القشرة الظاهرة لرجالات الثورة الاسلامية التي انقلبت يوماً على ثورة الشعب الايراني، وخلقت النظام الهجين الذي استفاد من كل شيء في المنطقة: استفاد من الحاجة المتبادلة بين الأفرقاء الى قوة التطرف الديني، واستفاد من النمو المطرد للقوة الشيعية وتحررها السياسي والفكري بعيد التجربة اليسارية في العراق ولبنان، واستفادت من الحروب المتنقلة والفوضى التي فتحت لها مجالات التسرب الى كل مكان مجاور.

يصطدم اليوم رفسنجاني بالمشروع الاقتصادي لنجاد، أعطى الأول للمير حسين الموسوي، أحد عتاة الجزارين في الثورة الخمينية قبل أن يتحول هو الآخر بقدرة قادر الى اصلاحي، أعطاه رفسنجاني الغطاء السياسي اللازم لمواجهة المتلفحين بعباءة الخامنئي، كانت الفرصة سانحة أمام آلاف من طلاب طهران المقموعين والمتأثرين بفكرة الحرية الفردية والجماعية الغائبة تحت وطأة الواقع الباسيدجي في كل مكان، كان عنصر الشباب القادم من الأجواء اليسارية والأنارشية الناشئة أو بعض مجموعات اليمين المتطرف جداً، هو العنصر الطاغي في شارع المتظاهرين، فجّر الجميع غضبهم ضد تيار خامنئي الذي فشل للمرة الأولى في تخدير الشارع بخطاباته الكئيبة الحزينة وبضع دموع، كان جميع خصوم ما يمثل نجاد في الشارع رغم تبايناتهم السياسية والعقائدية: رفسنجاني، موسوي، الاصلاحيون داخل تيار الثورة، المقموعون المعارضون لنظام الثورة بطرفيه بشقيهم اليميني واليساري، وحتى بريطانيا والولايات المتحدة، لا سيما الأولى، التي استغلت بمهارة أعمال الشغب، لايصال رسائل سياسية قاسية الى الخامنئي، تحوي أكثر من ملف أفغاني وعراقي وداخلي فيه رائحة البترول والغاز واستثمارهما.

لم يستطع نجاد أن يستعمل صورته ك"مستضعف" دائم، في هذه الأحداث، نجاد الذي اعتاد ان يقدم نفسه كضحية دائمة، و"شهيد" جميع المناسبات والتحديات، ارتكب خطأً مفصلياً عبر دعوته مناصريه للتظاهر، ما أعطى شرعية التظاهر للجميع، فشل في التحدي الأهم لفترته الرئاسية الثانية وأسقط كثيراً من هالة الرئاسة الايرانية وقوتها المستمرة تصاعدا، ويلوم العارفون بالمظاهرات نجاد نفسه على تفجير الشارع الايراني، اذ أن الخامنئي أبدى منذ المناظرة الرئاسية الشهيرة بين نجاد والموسوي، أبدى امتعاضه من مهاجمة نجاد لرفسنجاني دون أن يسميه واصفاً إياه، عن حق، بالمحتكر الفاسد، ما استفز رفسنجاني الممسك بالمفاصل الاقتصادية والاجتماعية لمعظم الساحة الطهرانية، نجاد حصد في الانتخابات حسب الظاهر، رغم تسليمنا بوجود شوائب في الارقام الضخمة، حصد نتيجة ايجابية لمهاجمته رفسنجاني الذي لم يجرأ سابقاً أحد على مهاجمته، كما حصد تعاطف الأرياف مع صورة "الضحية المستضعف" في المناظرة، لا سيما بعد أن وصفه أحدهم ب"ابن الحداد"، وآخر عايره بصورته الغبراء. اذاً، حصد نجاد نتيجة ايجابية في الانتخابات لاستهدافه رأس الاحتكار الايراني والجناح الاقوى بين الملالي المنتفعين مالياً من الديكتاتورية الدينية، ولكنه لم يحسب حساباً للشارع الذي يمكن لرفسنجاني تعبئته وتحريضه وتغطيته سياسياً وحمايته الى حد ما، أمنياً، من غضب الخامنئي الحذر من الاصطدام بالرجل القوي، فجر الشارع الطهراني وحده، في دلالة على شكل الاحتجاج المحصور بصرع داخل طبقة وسطى عالقة في مجموعة عرقية واحدة، عدم تمدد الاحتجاجات الى خارج شوارع قريبة من الجامعات والمؤسسات الأقل تأثراًً بقمع الحرس الثوري، وعدم توسعها إلى الأرياف أو المناطق ذات الحس الانفصالي، علامة على محدودية حدث اليوم وعدم امكانية حصول تغيير جدي آني، إلا أن الأكيد، أن تجربة القمع، ومسارعة نظام الملالي الى التعتيم الشامل على الأحداث وطرد الصحافيين ومراقبة جميع المرافق والاعتقالات العشوائية، دليل ساطع على أن نظام ولاية الفقيه ليس نهاية التاريخ الايراني، وأن الاتجاهات المتطرفة دينياً، لا يمكن ان تكون آخر التجارب الفكرية الشرقية، بل تجربة عابرة، واهنة ومنقسمة على نفسها بوجود تيارات متحاربة على منتفعات اقتصادية وشعارات تعبوية ديماغوجية عقيمة،ويمكن أن يأسس على سلوكها الرجعي والمتصلّب لبناء احتمالات ثورية أخرى، تتراكم أسبابها قمعاً بعد قمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرحة للأطفال.. مبادرة شاب فلسطيني لعمل سينما في رفح


.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص




.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع