الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيران من شريط التسجيل الى الهاتف النقال

فاطمه قاسم

2009 / 6 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


الأمة الإيرانية بكل اثنياتها القومية، ودياناتها السماوية، وتعدداتها الطائفية، وتنوعاتها الثقافية، تستحق الاحترام والإعجاب، لأنها أمة حية، لا تكف عن المحاولة، ولا تسقط في غياهب الإحباط.

وكثيرون في العالم، مازالوا يذكرون عنفوان الثورة الإيرانية في العام 1979، حين تمكن رجل كبير السن في منفاه في باريس، أن يسقط آخر شاهنشاه في طهران، بواسطة شريط الكاسيت، شريط التسجيل، الذي يرسل إلى إيران، فتنسخ منه آلاف النسخ، فيبدو الخميني كما لو أنه موجود في مدن وقرى طهران، في الجامعات والمساجد، في المصانع والمزارع وثكنات الجيش، يتحدث للجميع مباشرة، عبر شريط صوتي مسجل، إحدى تكنولوجيات العصر في ذلك الزمن قبل ثلاثين سنة.

الحوار والحراك داخل إيران لم يتوقف منذ ذلك الوقت، يعلو صوته أحياناً، ويخفت أحياناً أخرى، إصلاحيون ومحافظون، رجال دين وعلمانيون، ولاية الفقيه والجمهورية، العقل الكلي والعقل الجزئي، ميراث زرادشت والمانوية أم الإمامية، الجعفرية، الاثنا عشرية، أحقاد القادسية الأولى وافتعالات القادسية الثانية، أحلام عادلة نحو الشرق أم أوهام عدوانية نحو الجوار، الحوار لم يتوقف، والحراك لم يتوقف، وظلت الأمة الإيرانية تنظر إلى الواقع وتقارنه بالوعود، وتنظر إلى الداخل لتحكم على انجازات الخارج، حتى وصلنا إلى يومنا هذا، إلى الانتخابات الرئاسية العاشرة، إلى أكثر من أربعمائة وخمسين مرشحاً تم اختزالهم إلى أربعة، والأربعة كلهم من أبناء النظام الإيراني، ولدوا تحت خيمته، وتولوا في رحابه مهمات رئيسية، لا أحد منهم مجهول النسب عقائدياً أو سياسياً، ولكن نظرتهم إلى المستقبل أشد الاختلاف، ولعل رئيس البرلمان الإيراني السابق مهدي كروني لخص الوضع كله في رسالته الأخيرة لمرشد الثورة، حين طالبه بان يلغي نتائج الانتخابات المعلنة حتى لا يتفسخ النظام الإيراني.

ولعل مير حسن موسوي الذي شغل موقع رئيس الحكومة الإيرانية في أشد اللحظات صعوبة أيام الحرب العراقية الإيرانية، قد عبّر عن الحاحية التغيير، وحتمية التغيير حتى لا تنهار الجمهورية الإيرانية، حين خاطب أنصاره الذين بالملايين، طالباً منهم مواصلة التظاهر والاحتجاج، قائلاً لهم أنه على استعداد للاستشهاد.

ومرّة أخرى:

نرى النشطاء في الأمة الإيرانية الحية، يستخدمون تكنولوجيا العصر في مواجهة أساليب القمع والمنع والتعتيم القديمة، فكان الهاتف فكان الهاتف النقال، يلتقط الصورة الممنوعة، ويرسلها إلى حيث يجب أن تصل إلى الإيرانيين في أنحاء العالم، وغلى كل من يتابع الوضع في إيران.

قوات الباسدران، وقوات الباسيج، سواء كانوا يرتدون زيهم الرسمي أو ملابسهم العادية، كانت تلاحقهم تلك العدسات الصغيرة اللاقطة، تلتقط الحدث بعفويته، بطزاجته، ببشاعته، ببطولته، فيصبح الذين يستخدمون الهراوات أو البنادق أو قنابل الغاز، عراة مكشوفي الظهر، أمام الجاليات الإيرانية في الخارج، وأمام المراقبين، وأمام الفضائيات التي تعيد بث ما التقطته كاميرات الهاتف النقال، فيستقبله الداخل الإيراني بكل حيوية.

في أول بيانات التهديد، حذر الباسدران "حرس الثورة" بأنه لن يسمح لحاملي الرايات الخضراء بأن يقوموا بثورة مخملية، المفارقة هنا قاسية جداً، لأن النظام الإيراني تحت ولاية الولي الفقيه يخاف من اللون الأخضر، بعد أن كان يخاف من اللون الأحمر، هذا هو عمق التحول، إنها ثورة في الثورة، إنها ثورة من الداخل، إنها ثورة من صلب الضرورات، إنها ثورة للحفاظ على الجمهورية لكي تعيش بمعايير العصر الذي تعيش فيه ولا تنكفئ إلى كهنوت النار المقدسة.

يتوجب علينا كمراقبين وخاصة في الوطن العربي، أن نطل على المشهد الإيراني بأفق واسع، وأن نقرأ الأحداث كما يجب أن تقرأ، وأن نتعمق في الفهم، وأن نتعلم، ولم لا، فلدينا مشهد عظيم، وعميق، وثري بالإبداعات، لدرجة أن جوقات الكتاب، والمفكرين المزعومين، والمروجين مدفوعي الأجر، الذين جندهم النظام الإيراني منذ سنوات، وحوّلهم إلى قطيع بائس، يمدحون النظام الإيراني على "الفاضي والمليان" كما نقول بالعامية، ويدافعون عنه حتى لو اعتدى على أمتهم العربية، هؤلاء المأجورين يقفون اليوم مشدوهين أمام ما يجري، لا يجدون ما يقولون، لأن مير حسين موسوي، ومهدي كروني، وحسن رضائي الذين يقودون الاحتجاجات، وهاشمي رفسنجاني، ومنتظري ، وخاتمي، وغيرهم المئات، هم أبرز أعمدة النظام الإيراني وليسوا جواسيس صغار لهذا القطب أو ذاك، ولذلك نرى جوقة المأجورين في بلادنا قد ألقموا حجارة في أفواههم، وخرّوا صامتين، فماذا عساهم يقولون عن هذه الأمة الإيرانية التي تكسر قيود الأمر الواقع، وتكسر حلقات الأوهام المقدسة، وتنطلق نحو التغيير، تتطلع نحو الشمس، ولا تقبع في عتمة المعايير الخرافية.

لقد أعجبت كثيراً بالسيدة شيرين عبادي الناشطة الإيرانية المشهورة في مجالات حقوق الإنسان، وخاصة في مجال الأطفال والمرأة، حيث هذا هو اختصاصي الذي أنشط فيه، أعجبت بها كثيراً وهي تتحدث عن حقوق وقوانين ومكتسبات تراجعت كثيراً في إيران عما كانت عليه قبل أكثر من ثلاثين سنة.

ترى ماذا يقول المداحون العرب، هل يطلقون شتائمه8م ضد الأمة الإيرانية الحيّة لصالح الظلم والاستبداد؟

هذه تحية للجماهير الإيرانية التي تقوم الآن بصنع المعجزة الجديدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية لك
ماجد محمد مصطفى ( 2009 / 6 / 23 - 19:43 )
مقال جميل يوضح ثقافة الكاتبة واطلاعها الجيد على الاوضاع الايرانية رغم عدم قناعتي بزمن المعجزات
احسنت


2 - تحية لك يا أخت فاطمة
جريس الهامس ( 2009 / 6 / 23 - 20:18 )
وتحية لكل من يقف إلى جانب ثورة الشعب الإيراني المناضل في سبيل الحرية والقدم ضد الطغمة الرجعية الفاسدة والمستبدة . ولنقف بحزم في وجه كتاب السلاطين المأجورين الذين اعتادوا تلميع صورة أسيادهم على أشلاء الحقيقة وشرف القلم والكلمة بكل صفاقة وخصوصاً من كتاب طاغية دمشق حليف طغاة قم. لك أطيب التحيات


3 - لاتعليق
جيفارا ( 2009 / 6 / 23 - 20:42 )
يا غافلين ألكم للة...........تعيش كاسيتات سوني


4 - الشعوب العربية
john angel ( 2009 / 6 / 24 - 00:47 )
سيدتي العزيزة
أمتي تتعلم الشعوب العربية أنه كفاية يعني كفاية

اخر الافلام

.. قصف إسرائيلي على أرجاء قطاع غزة مع اشتداد المعارك في شرق رفح


.. أوكرانيا، روسيا، غزة: هل ستغير الانتخابات البرلمانية الأوروب




.. أوكرانيا: موسكو تشن هجوما بريا على خاركيف وكييف تخلي بلدات ف


.. لبنان.. جدل واتهام للمسرحي وجدي معوض بالعمالة لإسرائيل




.. متاعب جديدة لشركة الطيران الأمريكية بوينغ.. واختفاء مجهول لع