الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موتنا الفاخر

سعدون محسن ضمد

2009 / 6 / 24
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


شعب مفعم بالحياة ذلك الذي يثور عندما تُسرق أصواته بانتخابات مزورة.. وشعب مفعم بالتحضر ذلك الذي يدافع عن خياره السياسي بانتفاضة هادرة ومسالمة، وشعب يستحق الاعجاب والاحترام ذلك الذي يؤسس جمهوريته بقوة، ويدافع عنها ولثمان سنوات بقوة، ويقف بوجهها عندما تخطئ ويحاسبها بقوة. وفعلاً ألا يستحق مثل هذا الشعب كل الاحترام؟
حسن هو يستحق ذلك، وقد بكيت شخصياً وأنا أتابع الإيرانيين. ولم أفعل ذلك فرحاً بحشودهم الهادرة، بل حزناً على حشودنا الميتة. لقد حزنت لأنني تذكرت كيف يجب أن تكون الشعوب. وكيف يجب أن تكون العلامات الدالة على نبض الحياة فيها.. الشعوب الحية هي الشعوب المتحضرة والمسالمة والواثقة واليقظة والصبورة على أهدافها.. لقد بكيت كثيراً لأن علامات الحياة هذه قد فارقتنا منذ زمن بعيد جداً. نحن شعب ميت وموتنا فاخر لدرجة تستحق القنوط. حصادنا خلال السنوات الست الماضية كان دسماً لدرجة كبيرة، بيادر جثث ورؤوس بعضنا البعض عالية، والشروخ التي حدثت بيننا بسببها عميقة.. فسادنا ضارب بأطناب أرضنا الملعونة ومؤسساتنا نهب بين أحزابنا الشرهة، وقياداتنا موزعة الولاءات بين الدول البعيدة والقريبة.
انتفض الشعب الإيراني لأنه شك بنتائج الانتخابات ما يعني بأنه غضب لأصواته المسروقة. أما نحن فلم نغضب لا عندما سرقت أصواتنا ولا عندما سرقت أموالنا ولا عندما سرقت ثرواتنا، ولا عندما خُدعنا ولا عندما جعنا ولا عندما سُجنّا ولا عندما سُلقنا من الحر بسبب غياب الكهرباء ولا عندما تجمدنا من البرد بسبب غياب الوقود. لا شيء يستطيع أن ينال من موتنا الهنيء البارد.
أُغلقت قضايا الفساد التي قيل لنا بأنها ستأتي على جميع اللصوص، وتمت التعمية على قضية وزير التجارة وكفت وسائل إعلامنا عن متابعة الموضوع وبات الأمر وكأنه لم يكن. وهذا الأمر مخجل جداً، مخجل أن يسكت شعب على فساد بهذا الحجم. مخجل أن لا يثور شعب على مسؤولين غاطسين بوحل الفساد حتى رؤوسهم. مخجل أن ينام شعب بكل هدوء ودعة وهو يعلم أن أبوابه مشرعة لكل لص أو قاتل أو عميل.
كيف يمكن لنا أن نكون ميتين لهذه الدرجة؟ لدرجة تجعل المسؤول يسرق ويسرق ويسرق ثم يسرق، ومع ذلك لا يخاف، بل وينهي فصول سرقته بعود ثقاب يرميه بين ركام الوثائق التي تدينه، ولا يأبى بعد ذلك إن يأتي حريقه على وزارة كاملة بما فيها من أرواح وأموال. هو يفعل ذلك لأنه متأكد من موتنا.. مسؤولنا الذي يسرق قوتنا ودوائنا ووقودنا يعلم جيداً بهذه الحقيقة، الحقيقة التي تحكيها فصول ذبحنا لبعضنا ووقوفنا بالضد من مصالحنا وانخداعنا بالشعارات الكاذبة والبطولات الفارغة. هل سنفعل شيئاً للفساد؟ لا.. أبداً وماذا فعلنا بصدام حتى نفعل بمن بعده؟ نحن شعب ميت وميتتنا فاخرة الى هذه الدرجة وأكثر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قلْت وأجدْتَ
عبد الرزاق السويراوي ( 2009 / 6 / 23 - 22:12 )
الاستاذ سعدون مع الود
الى وقت فريب وقريب جدا كنت لا ازال مقتنعا بان حالة اللامبالاة التي لآن نلمسها لدى غالبية الشعب العراقي بما في ذلك حتى بعض الشرائح التي هي محسوبة على طبقة ( المثقفين ) اما الآن وبعد ان كشفت كل اوراق الزيف وسقطت آخر ورقة توت كانت تغطي عيوب ساستنا الذين قد لا نجد لهم لا في السابق ولا حتى لاحقا مثيلا في موت الضمير الانساني فيهم فضلا عن الحس الوطني الذي وكما اعتقد لا وجود له عندهم على الاطلاق , اقول اصبح يراودني احساس باننا شعب من جنس غريب في كل شيء ولا اتفق معك بان موت شعبنا فاخر لان الموت عادة يعقب حياة اما نحن اساسا لا حياة لنا ابدا
اخيرا اتمنى ان تكون بخير يا صديقي العزيز ابو غيث
عبد الرزاق السويراوي
25/6/2009


2 - صبرا يا ضمد
سلمان النقاش ( 2009 / 6 / 24 - 11:54 )
لم تنجح ثورة مصدق في ايران مما ابعدها عن اشكال الحكم التي تعددت بعد نجاحات القوى الثورية وحركات التحرر الوطني التي فرخت الانظمة الدكتاتورية وجلبت ما جلبت من ويلات لشعوبها لكنها غيرت نظامها باتفاضة شعبية عارمة كان مقدر لها ان تترجم معنى ارادة الانسان بمفهومه التحضري لولا تنامي تجديد اسلوب التطور الرأسمالي ودخول المجتمعات ضمن حسابات الوصول الى القطب الواحد في حكم العالم مما ادى الى ان بأخذ الواقع الموضوعي اثره في تمظهر شكل من اشكال السلطة تحولت بعد حين الى الرجوع الى مستوى تطور المجتمع الايراني بكل تناقضاته كما كان في عهد الشاه مع شكل مجتمعي بات يضغط للتخلص منه اي التخلص من هذا الشكل بعبارة اخرى لم يتعرض المجتمع الايراني الى نكوص او ارتداد كبير اثناء استيلاء وحكم النظام الاخير بدليل انه متشابه تماما في موقفه من القضايا الرئيسية التي تخص المصلحة القومية وتلك هي علاقاته ماثلة امامنا سواء مع الخارج او في منطقته الاقليمية وكلنا نعرف كيف كان يتعامل نظام الشاه في شمال العراق او في الخليج العربي او علاقاته مع العمق الاسيوي .. اما نحن ياسيدى الكريم فليسوا مأهلين تماما لمقارنة امكانية الشعوب الايرانية وارادتها بامكانياتنا واعتقدك تتفق معي ان مستوى تتطور وتحضر المجتمع الايراني يفوقنا بكثير .. وب


3 - شكرا
سعدون محسن ( 2009 / 6 / 24 - 12:44 )
الصديق العزيز جدا عبد الرزاق السويراوي
شكرا على التعليق وما ذا يمكن ان اضيف اذا كنت تقول بان لا حياة لنا اصلا.. عموما ما يحدث في العراق محزن جدا وما بايدينا حيلة غير ان نكتب ونتلفت من حولنا..

مشتاق لك كثيرا


4 - الزميل سلمان النقاش
سعدون محسن ( 2009 / 6 / 24 - 12:48 )
نعم اتفق معك كثيرا بان تحضر الايرانيين يفوق تحضرنا كثيرا، ولكن السؤال المحرج هو: لماذا، لماذا نحن كذلك؟
عموما كنت اتمنى لو ان زميلك لم يوقفك وتركك تسطر رايك بتمامه..
شكرا لك ودمت بفرح غامر

اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال