الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مبرّدات لصيفنا الساخن

رابحة الزيرة

2009 / 6 / 29
كتابات ساخرة


منذ أن حلّ علينا الصيف باكراً هذا العام وأنا أمنّي النفس أن أكتب مقالاً يبرّد على القرّاء لكي لا نكون أنا وحرارة القيظ عليهم فنساهم كلانا في "رفع" درجة حرارة الحياة، ولكن في كل مرة تستحوذ على تفكيري قضية (ساخنة) من قضايانا القديمة والمستحدثة فأؤجل المقال "المبرِّد" لقلوب القرّاء لعلمي بأننا لازلنا بانتظار أيامٍ أكثر حرارة فأدّخره ليوم آخر، ولكن ثمة ارتفاع في وتيرة حرارة الأحداث بحيث لو سايرتها قد لن يأتي اليوم الذي أكتب فيه عن الحبّ والصفاء والسلام والعرفان، فبعد نتائج انتخابات لبنان التي يُذكر أنها كانت الأكثر فساداً (!)، وانتخابات إيران الأسطورية بنسبة المشاركين فيها، والأوسع جدلاً بما تمخّضت عنه من نتائج كانت بمثابة زلزال سياسي لأعدائها ونصر تاريخي لأصدقائها، وكانت مثيرة للكثير من القلق للإمبريالية الغربية التي لن تهدأ حتى ترى "الشرق" "عبد العبيد" للغرب، على منوال ما جاء في التوراة المزوّرة أن "يكون كنعان عبد العبيد لسام"! بعد هذه الأحداث يبدو أنّ انتظار صيف هادئ أمنيةٌ ليس إلاّ.

خطاب "نتن ياهو" الأخير كان يجب أن يُصنّف ضمن الأحداث الساخنة التي تزيد من حالة الاحتباس الحراري (!) في النفوس بسبب ما فيه من منطق فاسد، وتعنّت، وعنصرية، واستبداد بالرأي، ومغالطات تاريخية، وكذب، وخداع، وظلم، وطغيان، إلاّ أنه – ويا للعجب - أثار القليل من ردود الأفعال (الفاترة) من قبل الحكام العرب الذين ربما تحوّلوا إلى مخلوقات من ذوات الدم البارد بحيث لم يستشعروا التهديد من كلامه، بينما أفرح خطابه الغرب وأرضاه لأنه سمح للفلسطينيين – أصحاب الأرض - أن تكون لهم دولة (منزوعة الصلاحيات) و(قابلة للعيش)، فكانت استجابة وسائل الإعلام لهذا الخطاب مساوية لردود أفعال الساسة، مع أنه كان يجب أن يُشبع تحليلاً وتوضيحاً ومناقشة ليكشف عن التهديد الحقيقي الذي يواجه الأمة.

التلوّث البيئي ساهم كثيراً في ارتفاع درجة حرارة الأرض، والتلوّث الإعلامي – إن صحّ التعبير – يساهم أكثر في ارتفاع نسبة التضليل والكراهية، وبثّ الفرقة ونشر الأحقاد في المجتمعات، وخاصة إذا اتّسم بالسطحية واللحظية في التحليل والنقل، كما هي سمة أكثر إعلامنا اليوم، فأشبّهه أحياناً بالنساء اللاتي يؤتى بهنّ إلى مجالس العزاء (لتسخين) النحيب على الميت بالصراخ والعويل (المفتعل)، رغم أنّ الميّت لا يمتّ إليهن بصلة، تصرخ وتولول وتثير شجون أهل العزاء وتأخذ "أجرها" وتعود لتمارس حياتها دون أن تسأل أيّ جرح نكأت، وأيّ ندب تركت، وهي غير ملامة على ذلك لأنها تمارس مهنتها، ولكن الويل لأمة يتحوّل إعلامها إلى "فرق لطم عند الحاجة".

"اقرأوا واقرأوا واقرأوا قبل أن تكتبوا، اقرأوا التاريخ، والتقارير الإخبارية ... لن تستطيع أن تقوم بعملك ما لم تعرف ما تريد أن تتحدّث عنه"، نصيحة يقدّمها الخبير الإعلامي الأمريكي في الصحافة الاستقصائية "سيمور هيرش" تشجيعاً على "صحافة العمق" قبال "الإعلام اللحظي" في زمن الانفجار الإعلامي الراهن، وحين سُئل عن سبب اختياره لسلوك الطريق الوعر في مهنة المصاعب قال "إنه يشعر بالسعادة حين يساهم في تنقية هذا العالم من جزء من الشرّ والفساد الذي فيه"، وقال ردّا على سؤال "وماذا لو كتبت وظل الفساد كما هو دون تغيير، بل ازداد توحّشا؟" قال: "سأستمرّ في الكتابة، هذا دوري، أنا لست مسئولاً عن تغيير العالم، ولكن من واجبي أن أبحث عن الحقيقة وأكشف التضليل وعلى الناس التغيير".

إعلامي مستقل مثل "سيمور هيرش" الذي يرجع إليه فضل كشف فضائح سجن "أبوغريب" وغيرها من جرائم المسئولين الأمريكان في العالم، إعلامي (واحد) من بين الآلاف من الصحفيين والإعلاميين (الأبواق) يكفي ليكشف بعض الحقيقة لتصل إلى الباحثين عنها، وتبدّد نعيق الغربان الذي لا يعتمد إلا على الجهل، أو المعلومات المغلوطة في نشر الأخبار التي يعرف كل إعلامي أنها "مقدّسة" ولابد من توخّي الدقة والموضوعية في نقلها بعيداً عن انتماءاته السياسية أو هواه الشخصي.

وحادثة واحدة كالتي سأرويها تصل إلينا عبر وسائل الإعلام الأمين على رسالته تكفي لتبرّد قلوباً طالما احترقت حمية وقهراً من استبداد الغرب وإهاناته المتكرّرة لنا بتدخله في شئوننا الخاصة دون أن يمنعه أحد.

يُروى أنه خلال الحرب العراقية الإيرانية تمكّن الإيرانيون من إسقاط طائرة سوفيتية من طراز "ميغ 21" التي كان السوفيت يزودون بها النظام العراقي، وعندما علموا بخبر إسقاط الطائرة طلبوا من إيران عدم نشر الخبر لأنه يؤثر سلبا على ترويجهم لمثل هذا النوع من الطائرات، لكن الحكومة الإيرانية قامت بنشر الخبر عبر وسائل إعلامها مما دفع الحكومة السوفيتية استدعاء السفير الإيراني إلى وزارة الخارجية وصفعته على وجهه ردّا على تصرّف حكومة بلاده، وعندما وصل الخبر إلى السيد الخميني طلب من وزارة الخارجية استدعاء السفير السوفيتي فورا والتعامل معه بالمثل رداً على ما قامت به حكومة بلاده .. ففعلوا، والبادئ أظلم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لاشئ يشبه الآخر
الحارث العبودي/استراليا ( 2009 / 6 / 29 - 15:26 )
تحياتي لكاتبة المقال واود أن اشير ومن خلال قرائتي لمقالها وجدت عدم وجود رابط مابين عنوان الموضوع ومضمونه, كما تطرقت الى الامبريالية الغربية وكأنها توحي بوجود أمبريالية شرقية ,وأستخدمت مصطلحات غريبة لاعلاقة لها بالموضوع كالصحافة الاستقصائية وصحافة العمق ونعيق الغربان و كما ذكرت لنا حادثة أو رواية حسبما ذكرت في المقال مابين النظام الايراني والاتحاد السوفييتي آنذاك وأنتهت الازمة بالصفعات المتقابلة بديلا عن الحلول الدبلوماسية (وكان البادئ أظلم)حسبما ذكرت الكاتبة في مقالها وشكرآ.............

اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا