الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الماوية سلاحنا في القتال 3- الثورة الثقافية الكبرى: ثورة داخل الثورة.

طريق الثورة

2009 / 6 / 24
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


ببدء تطبيقها أواسط الستينات، زعزعت الثورة الثقافية البروليتاريا الكبرى كل الصين، بل وكل العالم أيضا، خلال فترة دامت عشر سنوات وقد نعتها خصومها، بما فيهم التحريفية التي هي من الآن فصاعدا على رأس السلطة في الصين العشر سنوات السود. ومع ذلك تشكل الثورة كما أكدنا ذلك في برنامجنا “تجربة التحويل الأكثر تقدما في تاريخ البروليتاريا العالمية”. فبعد خمسة عشر عاما من دخول جيش التحرير الشعبي بكين، كانت جماهير العمال والفلاحين مدعوة من جديد للتحرك لمنع عودة الرأسمالية، وللدفع بالمجتمع الصيني نحو الشيوعية، ويأخذ الكراس الحالي، في شكل أسئلة و أجوبة، الشيء الأهم من وثيقة قصيرة نشرت منذ وقت قريب، من طرف الرفاق في الحزب الشيوعي الثوري في الولايات المتحدة (RCP. USA) وقد نشرت مقتطفات قريب منها في صفحات أسبوعية “العامل الثوري” – عدد 1251 29 غشت 2004 متوفرة على Rwor.Org – ويهدف إلى البحث عن عناصر الإجابة والرد على الاعتراضات الرئيسية المرفوعة ضد الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى

عورضت بالبداهة، الثورة الثقافية معارضة شديدة، وقد وصفها كثيرون بحملة تطهير ضد خصوم ماو تسي تونغ، جرِت الصين إلى فوضى كبيرة فما مدى صحة ذلك؟ كانت الثورة الثقافية البروليتاريا حركة جماهيرية حقيقية، شارك فيها مئات الملايين من الناس. وبالتأكيد يمكننا نعتها بــ“ثورة داخل الثورة”، ففي سنة 1949، كما نعرف قلبت الثورة النظام الاجتماعي القديم وسمحت بتأسيس نظام اقتصادي وسياسي اشتراكي، قائم على سلطة الجماهير، وبزغت نخبة جديدة، تهدد مكتسبات الثورة. فقد كان المركز السياسي والتنظيمي لهذه الزمرة يوجد داخل الحزب الشيوعي الصيني، وكان تأثيره الايديولوجي والسياسي يتعاظم. أواسط الستينات، ناور مناصرو الطريق الرأسمالي بحمية كبيرة للاستيلاء على السلطة ( نتحدث هنا أساسا على قادة الصفوف العليا للحزب، الذين يرتكزون على ماركسية متحللة ليبرروا واقع أن الصين تتبنى نهجا سياسيا واقتصاديا يقود إلى عودة الرأسماية). وكان هدفهم هو إعادة تأسيس النظام الاستغلالي وإعادة تأسيس النظام الاستغلالي – بكلمة واحدة: كان هدفهم هو تحويل الصين إلى ما أصبحت عليه اليوم فعلا. Le paradis des sweat shops. بعيدا عن أنها كانت “ثورة البلاط” كما البعض كانت الثورة الثقافية مسرحا لمعركة محتومة وعميقة حول مسألة معرفة من سيوجه – منذ ذاك – المجتمع: هل الجماهير الشغيلة بمعناها الواسع؟ أم طبقة برجوازية جديدة ؟ نعم، لقد حرض ماو والثوريون داخل، الجماهير وعبئوها على أن تثور لمنع الرأسماليين من التحكم بها، ولرفع الحزب إلى المراتب العليا. هذا الحزب الذي كانت فيه نزعة تميل إلى الانصهار اكثر فاكثر في النموذج البرجوازي والبيروقراطي .غير أن الثورة الثقافية كانت شيئا أكبر من هذا. فبفضلها باشرت الجماهير التحويل الاقتصادي و المؤسسات الاجتماعية، والثقافية ومجموع القيم التي يتشرب بها المجتمع. لقد كانت ( الجماهير ) مدعوة لتثوير الحزب نفه، وقد سمى ما وتسي تونغ العملية باستمرار (أو مواصلة) الثورة في مرحلة ديكتاتورية البروليتاريا. هل كان الأمر يتعلق حقيقة بثورة شعبية؟ فما يزعمونه، وما نسميه في الغالب هو أنها كانت فرصة “لتطهير اجتماعي” جد مهول. على عكس ما يزعمون، فالثورة لا يمكن تلخيصها في “الاجتماعات الإجبارية” ولا في معسكرات أناس كانوا ضد الاشتغال في “معسكرات الأشغال الشاقة”. أو ضد الموافقة على فكر وحيد “جماعي وشمولي” فلقد كانت المناهج المستعملة في إطار الثورة الثقافية، في الحقيقة، جد مختلفة عما يقال عنها الآن. لقد شارك العمال والعاملات والفلاحون والفلاحات، والجماهير الواسعة، بالفعل، فيما كان “حركة نقد واسعة للإدارة الفاسدة”، وشاركوا في نقاشات عمومية واسعة وعميقة تخص مسائل جد متنوعة كالاقتصاد السياسي، ومستقبل نظام التربية والثقافة، وأيضا العلاقات بين الجماهير وبالفعل، لم يكن ماو مهتما بـ “التطهيرات”، بل كان يفضل حركة الجماهير، في القاعدة ، لقطع الطريق على أعداء الثورة. وهذه بعض الأشكال التي اتخذتها هذه العملية:

الحرس الأحمر: انظم ملايين الشباب إلى هذه الألوية السياسية التي كانت تهدف إلى الدفع بنقد قادة الحكومة والحزب الذين يناورون بهدف إعادة المجتمع نحو الرأسمالية. وقد ناضل الحرس الأحمر لوضع حدا للممارسات النخبوية في الجامعات، وحث العمال والعاملات على رفع رؤوسهم، ووضع السلطات الرجعية موضع تساؤل، بل وتحديها إذا لزم الأمر. وقد اتجه الحرس الحمر إلى الريف لتوسيع الحركة، وأيضا لمعرفة المزيد عن ظروف الفلاحيــــن.
Les diazibaos أو “جرائد بحروف كبيرة” : ظهرت هذه الإعلانات الحائطية المطبوعة بكثرة على حيطان المدارس، والمعامل، وفـــي الأحياء الشعبية. وقد دفعت باتساع رائع للنقد الشعبي بخصوص القادة وسياساتهم. وكان الحبر والورق يمنحان مجانا لكل من يريد استعمال هذه الطريقة في التعبير. وقد ساعدت هذه الإعلانات كرصيف للنقاشات، وقد نشرت أكثر من 10.000 جريدة ومؤلف ، أو دوريات مختلفة بعيدا عن المنشورات الرسمية لبحث المسائل السياسية المختلفة ( فقط في بكين 900 دورية أثناء الثورة الثقافية).
الإطاحة بمناصري الرأسمالية وخلق أشكال جديدة للسلطة في القاعدة: شارك أكثر من 40 مليون عامل وعاملة موزعين على كل القرى الكبيرة في صراعات سياسية قوية ومعقدة بهدف نزع السلطة من النخب الفاسدة. وكان المناخ السياسي مكهربا: ففي مدينة جديدة تهدف إلى السماح للبروليتاريا بقيادة المجتمع، وذلك بمناقشة التجريبية السياسية وبفضل قيادة الثوريين الماويي.

لم يكن هناك كثير من العنف خلال الثورة الثقافية، ذهب ضحيته أناس أبرياء؟
توحي التقارير المنجزة في الغرب بأن الهجمات العنيفة ضد بعض الأشخاص والتصفية الجسدية للمعارضين كانت بالمباركة الرسمية لماو، وأن العنف سواء كان سياسيا أم لا- الممارس من طرف بعض الأوباش كان منتشرا جدا، غير أن هذه الادعاءات هــي زعم خاطئ.

إن توجيه ماو فيما يخص سيماء الثورة الثقافية، كان محددا منذ البداية في وثائق رسمية كانت موضوعا دسما للنشر. فـ “البيان من 16 نقطة” الشهيــــر الذي تبنته اللجنة المركزية في غشت 1966، شرح بطريقة واضحة بأنه أثناء النقاشات، يجب الاحتكام إلى العقل، والأدلة، والبراهيـــن، وليس إلى الإكراه أو القسر " وقد أكدت هذا التوجيه تصريحات عديدة كان مصدرها التيار الماوي طبعا، وهكذا، منع الحرس الأحمر من حق حمل السلاح، أو اتخاذ إجراءت التوفيق. صحيح أن ماو دعا الجماهير إلى “تفجير مقر القيادة العامة” وإلى الإطاحة بالحفنة المناصرة للرأسمالية داخل الحزب والدولة. لكن كانت كل الانتفاضات التي دعا إليها ماو دائما ذات طابع سياسي، وقد أخذ الصراع الطبقي، خلال فترة الثورة الثقافية، شكل النقاشات، والنقد والتعبئة السياسية للجماهير. وقد منح مسئولو الحزب والموظفين الذين كانوا تحت نيران النقد، إمكانية إصلاح أنفسهم والمشاركة في الحركة. وبالفعل فقد كان عدد أطر الحزب الذين طردوا فقط ثلاثة وهذا ما ينفي تماما ما يمكن أن يسمى تطهيرا تعسفيا.

ومع ذلك، هل كانت هناك فترات عنف؟ بطبيعة الحال، نعم. فقد تميزت فترة الثورة الثقافية بصراع طبقي حاد وصاخب. وفي إطار حركة جماهيرية كهاته ( ولنذكر أن الحرس الأحمر وحده ضم أكثر من 30 مليون من الشباب المناضلين والمناضلات) وفي بلد واسع كهذا، يضم أكثر من 800 مليون نسمة، سيكون من الصعب تصور شيء غير ذلك.إنه من المحتم أن حركة اجتماعية بهذا الاتساع، حركة تهدف إلى تقويم عدد المظالم Injustices ستقود إلى بعض التجاوزات، غير أنه يجب الإلحاح هنا على ثلاث مسائل:

1) كان العنف الذي مورس محدودا ومتفرقا. ولم يكن إلا ممارسة أقلية من داخل الحركة.
2. ( ثم عندما ظهرت بعض النزاعات المؤذية في معسكر الشعب ( مثلا ، عندما يتعدى أفراد من الحرس الأحمر على بعض الأشخاص جسديا أو يهينون بعض الموظفين أو أيضا ، عندما يحول البعض استخدام الحركة لتصفية الحسابات الشخصية مع الآخرين ) انتقدت و حوربت من طرف القيادة الماوية . و هكذا ، ففيما يخص وحدة من الحلافات التي ميزت الثورة الثقافية ( التي لا نكاد نسمع اجدا يتكلم عنها الا نادرا ) استمر مجموعة من العمال و العاملات الذين يتبعون خط ماو ، جامعات بايجينغ beijing الهدف وقف المارك بين الطلاب ، و مساعدتهم على حل خلافاتهم بطريقة صحيحة (4)
3 ) و اخيرا يجب القول بأن جزأ كبيرا من العنف فد شجعه بالفعل مناصرو الراسمالية ـ و هم من الصفوف العليا من الحزب ـ الذين كانوا يبحثون موقع لهم ، و قد كان احد تكتيكاتهم عندما وجدوا انفسهم تحت نيران النقد ، هو تعبئة مجموعة من العمال و الفلاحين للهجوم على قــطاعات اخرى نت الشعب لتعميم الفوضى ب‘سم الثورة الثقافية . و قد ذهب البعض منهم إلى حدود تكوين تنظيماتهم الخاصة من الحرس الاحمر “المحافظين” conservateurs ، الذين كرسوا انفسهم للتخريب ، و كان هولاء القادة يهدفون بذلك من جهة إلى تحويل انظار النقد الموجه اليهم ، و من جهة أخرى إلى التقليل من شان حركة الثورة الثقافية .

و كما نعرف فهؤلاء المناصرون للرأسنالية هم أنفسهم الذين أطاحوا بالسلطة البروليتاريا ، بعد ذلك في ستة 1976 . و بما اننا نتحدث عن العنف ، سنسكح لانفسنا بالاشارة إلى أنهم هم ، بالضبط الذين أرسلوا الجيش للهجوم بجبن على الطلاب و العنال ، الذين كانوا يحتجون في ساحة التيانامين tianamen في 1989.

ماذا عم المعاملة التي كانت مخصصة للفنانين و المثقفين ؟ و ماذا عم هذه السياسة الشهيرة التي بموجبها يبعث الناس للعمل في الريف ؟ لم يكن الفنانين و المفكرين ، و الفنيون أبدا مستهدفيم كفئة أو كشريحة اجتماعية مميزة أثناء الثورة الثقافية . أكيذ أن الفنانين كانوا يحثون على المشاركة في الحركة ، خصوصا بالشروع في اقييم ذاتي auto –evaluation فيما إذا كانت اعمالهم و ممارستهم تتقدم بالثورة أم لا . لقد كانوا مدعويين إلى تسجيل اعمالهم في اطار عام ، الذي هو النضال من اجل خلق مجتمع جديد . و قد نحثت الثورة على تحريض الفن الثوري ، الفم الذي يضم الجماهير ، و يساعدها على التقدم بسير التاريخ . لقد كان أحد اهداف الثورة الثقافية هو الحسم مع التفاوتات الكبيرة في هذا المجال ، حيث كان الفنانون و المثقفون و الفنيون مركزين في المدن ، و كان عملهم منفصلا بشكل كبير عن الاغلبية الساحقة للمجتمع ، و خصوصا ال 80 % من ساكنة الريف . لقد أعطت الثورة الثقافية ولادة نقاشات واسعة حول ضرورة تقليص التفاوتات من هذا النوع : بين العمل اليدوي و الذهني ، و بين المدينة و الريف ، و بين الصناعة و الفلاحة ، و أيضا بين الرجال و النساء. فنانين ، أطباء ، ورجال و نساء العلم ، تقنيين ، كلهم كانوا مدعوين للارتباط بالعنال و الفلاحين ، حتى يمكن لمؤهلاتهم ان تلبي الحاجات الاجتماعية ، و حتى يمكنهم مقاسمة الجماهير حياتهم ، و معارفهم ، و أيضا ليتعلموا هم أيضا من الجماهير . و بالفعل استجاب عدد كبير من الشباب و الفنيين بشكل ايجابي لنداء ماو هذا ، الهادف إلى خدمت الشعب ، و توجهوا بشكل تطوعي إلى الريف. هذا يعني ، كي يصل تغير تاذهنية هذا إلى مستوى معين من التطور ، كان من الضروري أن تصبح السياسات الاجتماعية الجديدة مؤسساتية Institutionnalisé . و هكذا تم الزام اصحاب الشهادات الثانوية بقضاء عامين على الأقل في القرى والمعامل، في الوسط القروي قبل ان يمكنهم الدخول إلى الجامعة، كان إذن – بالتأكيد- نوع من القسر والاكراه : لكن يجب فهم أنه ليست كل انواع القسر سيئة بالضرورة. وهكذا، هل كان يجب معارضة إنهاء التمييز العنصري في جنوب الولايات المتحدة تحت ذريعة ان الأمر يتعلق بإجراء قسري فرض بالضرورة داخل المدرسة؟ بالنسبة لكثير من المثقفين فإن ترك امتيازاتهم والارتباط بالجماهير في الريف يشكل تجربة مفيدة و ثمينة. إن الهجومات التي شنت ضد الثورة الثقافية، والتي نزعم ان هاته الأخيرة “أفسدت الحياة” و“خربت مسيرة” بعض الاشخاص، تستهدف فعلا قلب Cœur السياسات الاجتماعية التي كانت متخذة ضد النخبويين بشكل جذري. يقال دائما أن السياسة التي تستهدف بعث الاطباء والمهندسين، والمثقفين واشخاص آخرين متعلمين إلى الريف، كانت بالنسبة لهم نوعا من “العقاب” لكن هنا ايضا، يجب التمركز داخل الصيغ السوسيو اقتصادي للمرحلة، وخصوصا إرادة الصين الوصول إلى تطور متكافئ ومتساو. فبلدان العالم الثالث وكما نعرف تواجه مشاكل التمدن urbanisation الحادة، والتطور اللامتساوي: تصبح المدن في هذه البلدان بفائض سكتني كبير بسرعة كبيرة، وتعرف مشاكل بيئية غير قابلة للتدليل اقريبا. وتحيط بها مدن صفيح شديدة التلوث، ويجب ان تواجه الدفق الهائل لللمهاجرين القادمين من الاقاليم الريفية الذين لا يجدون في الغالب فرصا للشغل، إن السياسات الاقتصادية ونظام التربية والبنى التحتية الصحية غالبا موجهة في المقام الأول لسد حاجات الاغنياء على حساب الأكثر فقرا ( في المدينة كما في الريف). كانت الصين الماوية تبحث، بوعي لتجنب هذا النوع من النمو المفرط للمجال الحضري الذي يميز النموذج الغربي، ذلك بتأمين تطور صناعي وفلاحي متكامل عن طريق توزيع القدرات الانتاجية، و محاربة اللامساواة بين الجهات، وقد طبقن استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار رفاهية الريف، وتعطي الأولوية لأولئك الذين استغلوا وأهملوا من قبل. نعم، ولكن هناك شهادات عديدة مأخوذة مباشرة تحكي معاناة شخصية لأولئك الذين عايشوا الثورة الثقافية؟ إن لمختلف الطبقات وممثليها على المستوى الأدبي مفاهيم مختلفة عن ما هو الصحيح و ما هو الخطأ ، وعن ما هو “رهيب” و ما هو “محرر”. ومسالة أن أحدا عايش شخصيا هذا الحدث أو ذاك لا يغير شيئا في هذه الظاهرة، ولا يمنحه بالضرورة فطنة اكبر. هناك فعلا العديد من الفنيين ذوي امتيازات نسبية (خصوصا في الوسط الحضري) أحسوا بــ“المعاملة الجائرة” خلال الثورة الثقافية، لأنهم كانوا عرضة للنقد. وأختل نمط حياتهم العادي، وتقلصت امتيازاتهم، هذه هي “الجراح” التي عانوا منها ويحكوها لنا الآن... مع إضافة قليل من المبالغة إليها من دون شك. ويجب ألا نندهش إذا كانت أعمالهم قد احتفل بها ونصبت في الولايات المتحدة الأمريكية وفي الصين عندما تمكن أعداء الثورة من السلطة سنة 1976 . إن التقييمات و التقريرات الإيجابية عن الثورة الثقافية بالنسبة لهم ، التي تمثل ما كان يعني جزءا هاما من الجماهير الشغيلة ، لم تنشر عموما من طرف دور النشر الكبرى . لكن لنفكر في ذلك قليلا : ما هو نوع التقييم للثورة الفرنسية الذي سنحصل عليه من طرف “شاهد” كان ينتمي للأرستقراطية القديمة ؟ ماذا سنعرف عن الحرب الأهلية من ريشة عضو من النبلاء الصغار الذين يملك المزارع في و م أ EU ؟ أو أيضا قريبا منا ، ماذا يمكننا أن نستخلص من شهادة رجل أبيض يتأسف عن عدم قبوله في مدرسة الحقوق التي اختارها ، بسبب برامج الدخول التي تفضل قبول الأفرو ـ أمريكيين ؟ من الطبيعي أننا سنعتبر مثل هذه التقارير الصادرة على شاهدي “عيان” هؤلاء ، مواربة ضد هذه لتغيرات الاجتماعية المهمة التي حدثت ، و هذا هو الشيء نفسه مع الثورة الثقافية . و القوى الاجتماعية ذات الامتيازات قد رأت و ( شوهت ) الثورة الثقافية عبر عدساتها الخاصة . إن هذا لا يعني أنه لا يمكن استنياط أي شيء شهاداتهمـ أو انه لم يرتكب أي خطأ في الطريقة التي عومل بها البعض. لكن هذه التقارير، ذات الطابع الشخصي ، تعكس الأحداث يشكل خاطئ، وكذا الحركة الجماهيرية والتيارات الرئيسية التي تتقاطب الثورة الثقافية. على العكس، وفي كثير من الأحيان، تعتم هذه الشهادة على المصالح الطبقية والرهانات الاجتماعية التي كانت في قلب التناقضات والصراعات التي ميزت هذه المرحلة. هل يمكنكم ذكر بعض الانجازات الحقيقية للثورة الثقافية البروليتارية الكبيرة؟ في المقام الأول ما يجب الالحاح عليه هو ان الثورة اليقافية قد سمحت بالحفاظ على ديكتاتورية البروليتاريا وصفت البرجوازية من أخذ السلطة طيلة فترة لا يستهان بها، مدة 10 سنوات من 1966 إلى 1976، وقد قادت الثورة الثقافية أيضا إلى تغيرات اجتماعية ومؤسساتية عميقة، حول مبدأ “خدمة الجماهير” وهذه بعض الأمثلة:

في مجال التربية: تحولت الجامعات التي كانت في بداية الستينات محمية أبناء وبنات كبار المثقفين والأطر والطبقات القديمة ذات الامتيازات تحولا تاما. قلبت البرامج التعليمية رأسا على عقب بالشكل الذي تسد به حاجات مجتمع متساو البناء. وانتفدت المناهج البيداغوجية الأتوقراطية. وعلى كل المستويات تم البدء في اعتبار –التربية اكثر من مجرد طريقة لنقل المعارف داخل القاعة او القسم، بل كورشة كبيرة للنضال والبناء، مرتيطة بالتطور الاجتماعي، وقد كانت الدراسات والأبحاث تتناسب مع متطلبات الانتاج. وكانت السياسة الثورية والتربية السياسية متكاملتان في العملية التربوية. إضافة إلى ذلك أعادت الثورة الثقافية وضع المفهوم القديم موضع تساؤل، هذا المفهوم الذي يريد ان تكون التربية وسيلة للترقية الاجتماعية، وان المؤهلات والمعارف تعمل على تثبيت مصالح هذا الآخر. وقد شجع ذلك انتشار قيم جدية. مثلا كفكرة ان اكتساب واستعمال المعارف يجب أولا ان تخدم المصلحة الجماعية. كانت الجامعات مجبرة على اتخاد سياسات قبول اكثر انفتاحا: في بداية 1970 اصبح الطلاب من اصل عمالي وفلاحي يشكلون الأغلبية الساحقة داخل الجامعات. وفي المناطق الريفية تطورت الوسائل التربوية بصورة مذهلة. كمثال ساطع: تزايد عدد التسجيلات في المدارس المسماة “متوسطة” من 15 إلى 58 مليون. إن الاتهامات القائلة ان الثورة الثقافية كانت “عقدا ضائعا” على مستوى نظام التربية هو إذن تشويه خالص ومثال آخر على المواربة التي تثيرها الطبقات ذات الامايازات.
في الميدان الثقافي: فــ“الاعمال الثورية النموذجية” التي قدمت وانتجت في ميدان الأوبرا والباليه تضع هالة حول حياة العمال والفلاحين، وحول مكافحتهم للاضطهاد، مكان الدراما القديمة التي كانت تجري نقصا في الساحات الامبراطورية، وبعثت أعمال عديدة، عن تقديم صورة جديدة للمراة القادرة على تحدي العلاقات البطريريكية القديمة.
لقد كان هناك انفجار حقيقي للابداع بين الجماهير: أدب جديد، شعر ، رسم، نحت، موسيقى ورقص. وتنوعت الإنتاجات. واسست جماعات ثقافية ومجموعات الانتاج السينيمائي في القرى. فمن سنة1972 إلى 1975 نظمت معارض مختلفة في متحف الفنون الجميلة في بكين كانت 65% من العمال المقدمة فيها لفنانين هواة. وقد جابت هذه المعارض 7,8 مليون من الزوار وهو رقم لم يسبق أن كان أبدا قبل الثورة الثقافية. يصف الكاتب M.C.F.Gao كاويز الذي شارك في الثورة الثقافية تأثير الثقافة الجديدة في الريف هكذا:" للمرة الولى تمكن القرويون من تنظيم فرق مسرحية واعطوا تمثلات / تصورات تمزج محتوى وشكل الأوبرات الثمان الكبرى النموذجية في بكين، منسجمة في اللغة مع الموسيقى المحلية. فلم يتسل القرويون وينشغلوا فقط، ولكن أيضا تعلموا القراءة والكتابة بهاته الطريقة. وقد نظمت مباريات وتجمعات ومباريات رياضية بالتعاون مع قرى أخرى. لقد منحت مجموع هذه الانشطة للقرويين فرصا ليجتمعوا ويتناقشوا، ويعشقوا. لقد أعطتهم هذه الأنشطة الشعور بالانضباط والتنظيم، وخلقت ايضا فضاء عاما استطاعت فيه الاتصالات والاجتماعات ان تتجاوز العادات القبلية والعائلية والقروية. إن هذا لم يحدث من قبل قط، ولا حتى من بعد
في مجال الاقتصاد والتسيير: أهملت أشكال التسييير التقليدية والفردية في المصانع وأماكن العمل الأخرى، وقد عوضت بلجان التسيير المسماة“الثلاثة في واحد” جامعة مشاركة عاملات و عمال عاديين وتقنيين متخصصين واعضاء من الحزب، وكانت لهذه اللجان كمهمة: النظر في التسيير اليومي للمصانع واماكن العمل.كان يلزم العمال بعض الوقت ليحققوا العمل بأنفسهم على “اليابسة”sur le plan cher des vaches.
طرق جديدة لإدارة العمل العلمي: أدخلت الساسة المسماة“البحث بابواب مفتوحة”وفتحت مراكز البحث في الريف، ليتمكن الفلاحون من دخولها، وفتحت المختبرات بمعنى في جوارها ن وفي المعامل والحياء المحيطة بها، وقد نشرت كتب صغيرة معممة لتسهيل المعرفة العلمية للجماهير الشعبية. إذن ماذا يمكن استخلاصه من كل هذا؟ لقد كانت الثورة الثقافية الصينية حدثا تاريخيا بدون سابق في تاريخ البشرية ، وفي وضع تاسس فيه نظام اشتراكي، عرف ماو والثوريون داخل الحزب الشيوعي الصيني إخراج المبادرة والابداع الجماهيريين لمنع عودة النظام الاجتماعي القديم، وللدفع بالثورة الاشتراكية نحو الشيوعية. وهذا ما يعني المحو الكلي للطبقات وعلاقات الاضطهاد. فحتى ذلك الحين لم يعرف التاريخ حركة ونضالا بهذا الاتساع مقادة وموجهة بطريقة واعية، وبتوجيه سياسي ثوري. ولم يعرف التاريخ ابدا محاولة لتغيير العلاقات الاقتصادية وللمؤسسات الاجتماعية والسياسية وللثقافة ولعادات والأفكار القديمة، اكثر جذرية من هذه. هل ارتكب خطا؟ هل ظهرت “مخالفات” خلال هذه المرحلة؟ بطبيعة الحال نعم، بل وايضا ومن دون شك، كانت بعض هذه الخطاء فادحة.غير اننا إذا وضعناها في سياق الانجازات الكبرى التي حدثتت وايضا عندما نواجهها بفظاعات المجتمع الرأسمالي الحالي، تظهر هذه الخطاء كأشياء تافهة.
وكيفما كان الحال، فمن البديهي أن على الثورة الشيوعية ألا تبقى فيما انجز وتحقق. على الشيوعيين ان يتعلموا من تجاربهم الخاصة بطريفة نقدية، وألا يخافوا من التساؤل بطريقة تمكنهم من التطور، وعمل الأفضل في المستقبل لهذه المهمة تتفرغ الحركة الماوية في القرن الجديد الذي بدأ.

http://voieliberte.olympe-network.com/spip.php









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتداء واعتقالات لطلاب متظاهرين في جامعة نيو مكسيكو


.. مواجهات بين الشرطة الأميركية وطلاب متظاهرين تضامناً مع غزة ب




.. Colonialist Myths - To Your Left: Palestine | أوهام الاستعما


.. تفريق متظاهرين في تل أبيب بالمياه واعتقال عدد منهم




.. حشد من المتظاهرين يسيرون في شوارع مدينة نيو هيفن بولاية كوني