الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار والعمل النقابي في ظل العولمة

دانا جلال

2004 / 5 / 1
الحركة العمالية والنقابية ودور اليسار في المرحلة الراهنة - ملف 1 ايار 2004


(( ان 8 مهندسين هم كل من تحتاج اليهم الشركة ولا اهمية لمكان وجودهم على الارض )) بهذه العبارة اوجز جون بيكارد مؤسس شركة هيولييت باكارد لانتاج الحاسوب التغير الكبير الذي شمل طبيعة وجوهر النشاط الاقتصادي على الصعيد العالمي من خلال الدور المتعاظم للشركات العابرة القارات بحكم كونها الخلية الاساسية للعولمة والتي تعمل على تداخل وتمازج ورفع الحدود بين الاقتصاديات الوطنية والاقليمية والعالمية ودفع عملية تحرير انتقال العمل ورأس المال والسلع والخدمات الى اقصاها .
ومن المفارقات التي تواكب العولمة الرأسمالية الجوهر والاميركية الخصائص، التناقض الظاهر بين السياسي والاقتصادي لتلك الظاهرة فعلى الصعيد السياسي نشهد بروز النزعات القومية ومن ثم نشوء دول قومية جديدة على انقاض دول اتحادية في الوقت الذي تتساقط الحدود السياسية والقلاع الوطنية بفعل قوة الرأسمال المالي الذي حول العالم الى سوق والجغرافية الى عالم افتراضي يمكن ان يتم نقل اهرامات من الاوراق المالية بعملية ضغط بسيطة على زر الحاسوب .
ويبقى السؤال المطروح على قوى اليسار العالمي والنقابات العمالية هو التأثيرات السلبية والايجابية لظاهرة العولمة التي تلقي بظلالها على مهامها التكتيكية واهدافها الاستراتيجية ،ان احد اهم النتائج التي ادت اليها العولمة هو عملية توحيد الطبقة العاملة لا علىالصعيد
الوطني والاقليمي بل على الصعيد العالمي لتؤكد صحة تنبؤات كارل ماركس من ان (تقدم الصناعة الذي تلعب البرجوازية دافعه غير الواعي يستبدل عزلة العمال الناتجة عن التنافس بتجميعهم بصورة ثورية ناجمة عن اتحادهم ) ( البيان الشيوعي ).
ان الشق الاول من تنبوء ماركس قد تحقق من خلال الشركات العابرة القارات والتي تتوزع فروعها بين دول الشمال والجنوب وحسب قرارات تحركها مقدار التراكم الرأسمالي الناتج لعمليات استثمارها ، اما الشق الثاني والمرتبط بانتهاء التنافس بين العمال نتيجة للتوحد في المشروع الاقتصادي فانه يصطدم بعدة معوقات تؤجل تحقق النبوءة ومن ثم تؤجل المشروع الانساني بتحقيق المجتمع المساواتي، فالعلاقة بين الطبقة العاملة في المركز والاطراف ما زال يتحكم بها العوامل الاقتصادية لضعف المشروع السياسي الموحد والمشترك وذلك نتيجة لاختلاف مستويات التطور بين المركز والاطراف ، ففي المركز يغض ممثلي الطبقة العاملة النظر عن عمليات النهب الرأسمالية وذلك لعدم فعالية اليسار التقليدي من جهة ولجدواه الاقتصادية في تحسين اوضاعهم من جهة اخرى . اما بخصوص الطبقة العاملة في الاطراف والمحكومة بغياب وقمع العمل النقابي والسياسي والوضع الاقتصادي السيء فانها لاتعي دورها في عمليات المناورة الذي يلجأ اليها رأسمالية المركز فعلى سبيل المثال اضرب عمال شركة كاتر بلير باعتبارها اكبر شركة لانتاج الالات والجرارات على الصعيد العالمي لمدة 18 شهرا وتكلفة 300 مليون دولار خسرتها النقابة نتيجة لفشل الاضراب لقيام الشركة بزيادة انتاجها في فروعها في بلدان الاطراف .
ان التنافس بين العمال يبقى مادام هناك فروقات في مستوى الاجور ومستوى التطور الاقتصادي على الصعيد الوطني والعالمي ويمكن ان نميز اهم الاختلافات في الصعيد المحلي في المركز بالتنافس بين اجور الرجال والنساء ، بين المواطنين والمهاجرين ، بين العمل الابيض والعمل الاسود وهو( عمل العامل بأجور قليلة وعدم قيام صاحب العمل والاجير بدفع الضريبة للدولة ) ، اما على الصعيد العالمي فالفرق بين اوضاع العمال في المركز والاطراف وازالة الفروقات يعتبر العامل الرئيسي في تحديد مسار العمل النقابي على الصعيد العالمي بل سيحدد التوجهات الثورية لليسار الجديد وافاق تطورها .
ان الطبقة العاملة في المركز مع نقاباتها العمالية تستطيع ان تلعب دورا كبيرا في تطوير العمل النقابي من خلال توحيد جهودها مع النقابات العمالية في الاطراف وبدون تنسيق الجهود والبرامج فأن البرجوازية العالمية الموحدة في بورصات داو جونز ونازداك تبقى قادرة على المناورة والتحكم في وجهة الصراع الطبقي ومن ثم فرض شروطها على الطبقة العاملة .
ان العولمة الرأسمالية ورغم كل مايخلفه من معاناة انسانية فانها ستعمل على خلق نقابات مافوقومية ومن ثم نشوء الظروف الموضوعية لولادة اليسار العالمي والذي يعمل في شروط اكثر ملائمة لتحقيق المشروع الاشتراكي .

دانا جلال/ ستوكهولم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مس ليمو.. في فيديو جديد تروي قصة الإنتقام الغامض ????


.. لبنان: عاملات المنازل يواجهن نزع إنسانيتهن! • فرانس 24




.. الشرطة تشهر السلاح على طلاب بجامعة كندية لتفريق اعتصامهم الد


.. حرب غزة.. انخفاض حاد في الناتج المحلي الإجمالي في الأرض الفل




.. بالسحل والكلاب.. الشرطة السويدية تعتدي على طلاب معتصمين يطال