الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رقصُ فلسطين أفضلُ من خِطابها

محمد أبوعبيد

2009 / 6 / 29
القضية الفلسطينية


لم يتغير الخطاب الفلسطيني منذ نشأته وفقا لما أملته ظروف القضية الفلسطينية، باستثناء بعض المصطلحات التي فرض تعديلها أو تبديلها الواقع الراهن بكل تجلياته وتداعياته. ولو قارن المرء خطاب اليوم بالسابق، لظنه السابقَ عينَه، مع بعض العمليات التجميلية التي أجريت عليه لإخفاء مَواطن ترهله وإظهاره باليافع النضر.
في الماضي، بعيده وقريبه، كان هذا الخطاب مثمراً ومؤثراً، لأن زمانه كان يسمح له أن يتمثل كلوروفيليا ً وبالتالي التقاط ثمره، وما نجم عن ذلك من تغذية تعبوية ثورية، انعكست إما على أحاديث الناس العادية، أو على الفنون والآداب، فأصبح الكل ثوريا، ومن لم يكنْ، سُمي حينها انهزاميا.ً
الآن، وقد تغيرت الظروف كما لو كان الأمر انقلابا كوبرنيكيا، فإنه من النافع أن ينقلب الخطاب الفلسطيني ليتواءم مع إفرازات هذا الانقلاب. فطريقة تفكير الناس تبدلت، وحتى طريقة استقائهم للطُعم الخطابي والتعبوي تغيرت، ولم يعد بمقدور بلاغة الماضي ولا بُلغائه أن يبلغوا آذان الناس ولا أن يلامسوا عواطفهم. لهذا السبب، تفوقت إسفافات بعض برامج الواقع على بلاغات الأمر الواقع متمثلاً بكل أشكال المعاناة الفلسطينية، فأصبح "العربي" يتذكر، مثلا، الفائز، أو الفائزة في تلك البرامج: أسمه وعمره وبلده وبرجه ولونه المفضل(مع الاحتفاظ بحق التأنيث)، من دون أن يعرف مِن الأساس مَن هي، مثالاً لا حصراً، راشيل كوري . لمن لا يعرفها هي أمريكية بامتياز ،ضحت بنفسها على أرض غزة دفاعاً عن بيت فلسطيني كان وجبة لبلدوزر إسرائيلي ،فالتهما قبل البيت في 16 مارس 2003.
بموازة "بلاغة الخطاب"، هناك الفن الفلسطيني الذي ما انفك منتفضا ً ضد الإحتلال الإسرائيلي، وناقلاً لأشكال جرائمه وصور ظلمه، فتغلغل في الآونة الأخيرة في أذهان وعواطف الكثيرين، عرباً وعجماً ،من دون أن يتمكن الخطاب ولو من التسلل إلى الآذان العربية. ولعل ما آزر الفن الفلسطيني على الوصول إلى بعض من مبتغاه، هو تغيّر شخوصه وأدواته، إضافة إلى أن الفن ما زال محبباً مقبولاً للذائقة البشرية، بينما "الخطباء البلغاء" في معظمهم هم أنفسهم منذ عقود ، ولم يتغير فيهم سوى اشتعال الرأس شيباً، أو تصلعه.
لم يكن المقصود من أولى كلمات العنوان رقص النوادي الليلية ، إنما تراث فلسطين كالدبكة ،والدلعونا، والفنون الشعبية وسائر الفنون مثل المسرح والسينما .ولعله يحق للفلسطينيين، والعرب أيضاً، أن يفخروا بوصول السينما الفلسطينية إلى العالمية، وأن تكون حاضرة بجسارة، لا على خجل، في المهرجانات الدولية. لقد نجح الفن الفلسطيني في أن ينقل ولوما تيسّر من معاناة الفلسطينيين إلى الآخر، خصوصاً غير العربي، وأن يؤثر فيه، بينما "الخطيب البليغ" لم يعد قادراً على التأثير في العربي، وحتى الفلسطيني نفسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2009 / 6 / 28 - 20:05 )
أتفق معك يا صديقي بضرورة تنوع وسائل النضال لاسيما الثقافية والدفاع عن الارث الحضاري الكنعاني الفلسطيني المسروق والمصادر .

اخر الافلام

.. سرايا القدس: خضنا اشتباكات ضارية مع جنود الاحتلال في محور ال


.. تحليل اللواء الدويري على استخدام القسام عبوة رعدية في المعار




.. تطورات ميدانية.. اشتباكات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحت


.. ماذا سيحدث لك إذا اقتربت من ثقب أسود؟




.. مشاهد تظهر فرار سيدات وأطفال ومرضى من مركز للإيواء في مخيم ج