الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازدواجيةالمثقف في مواجهة الراي والراي الاخر

عالية بايزيد اسماعيل

2009 / 6 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


إن موضوع الرأي.... والرأي الآخر في الحياة لاتختلف في رؤياها عن قضية الشيء ونقيضه ... أو صراع الأضداد والمتناقضات ... تتقاطع وتتعارض ... تتناقض وتتجاذب .. تتنافر وتتطابق ... في جوانب كثيرة من الأمور ...إلا إن أيا منهما لايلغي الآخر .. إنما قد يكون على العكس .. يدعمه ويقويه .. فأي فكرة قد تولد فكرة أخرى تناقضها في الشكل والمضمون وتختلف عنها .... إلا انه عن طريق الحوار والنقاش ممكن أن تتقارب الفكرتان عند قواسم مشتركة ... وبالتالي تضيق هوة الخلاف بينهما ... للوصول إلى رؤية مشتركة تقترب من الحقيقة النسبية الأقرب للحقيقة الكاملة .. على اعتبار إن الحقيقة المطلقة لايمكن بلوغها ولا يمتلكها احد....
وإذا ما اعتبرنا إن الثقافة هي مسلك حياتي ورؤيا إنسانية غايتها تبيان الحقيقة ...من خلال تصحيح الأخطاء الشائعة ..وإيجاد رسالة تهدف إلى الصالح العام .. عن طريق ربط الأحداث بالوقائع التاريخية .. ... ومن ثم استخلاص العبر والمفاهيم ...
وهذه هي مهمة المثقف الذي يجهد فكره وجهده ... من خلال البحث والتقصي واستخلاص النتائج .. ليكون شاهد إثبات على الحقيقة التي يؤمن بها ويسعى إلى إظهارها مهما كانت التحديات ..طالما هو قد امن بها .....حتى لو أدت إلى انتقاده أو مطاردته ..أو كما يقول جان بول سارتر إن المثقف هو الشخص الذي مهمته إزعاج السلطات ...
لذلك فان عملية التراكم المعرفية ..تعتبر من أهم الضروريات اللازمة كأداة من أدوات المثقف ... فالاطلاع والقراءة الشمولية باستمرار... ولو في حدها الأدنى.... وتراكم الخبرات ... هما الأساس ... والسلاحان الضروريان ...أكيد ليس السلاح الدونكيشوتي .... بيد المثقف لمواكبة تغيرات العصر ومواجهتها ..
فليس المثقف من كان سياسيا.. علمانيا.. ليبراليا... تحرريا... وغير ذلك من الصفات اليسارية ...الذي يمارس الاستبداد.. ويكسر التابوهات والمحرمات .... وهو رجعي متخلف ... لايهمه إلا أنانيته ونرجسيته ... وموت الضمير الإنساني.. والأخلاقي . الذي يتلون حسب المصالح..... أوحين يسعى للقيام بأي شي ... أو التنازل عن أي شي ... في سبيل حظوة أو الوصول إلى هدف شخصي .. وليس المثقف من يحمل شهادة عليا ويبقى عند حدود تخصصه العالي ..
لان المثقف هو غير المتعلم ولو كان أكاديميا ..... المثقف عليه أن يكون متعلما ... لكن المتعلم أو الأكاديمي لايعني بالضرورة انه مثقفا ... والمثقف عليه أن يكون واعيا ومدركا ...لان ليس كل مثقف هو واعي ومدرك ... إلا إن الإنسان الواعي هو مثقف بالفطرة أكيد ....طالما يستطيع أن يقيم علاقة متوازنة مع ذاته ومحيطه الاجتماعي ..
فهذه الازدواجية تنشا حين يتعارض ما يقوم به المثقف من سلوكيات علانية .. وبين ما يمارسه ويؤمن به خفية .... يطرح أفكارا ليبرالية حرة .. لكنه في الواقع لايؤمن بها ..... وأفضل تجلي لهذه الازدواجية تظهر في النظرة السلبية للمرأة ..والمثقفة على وجه الخصوص .. وفي السقوط الأخلاقي ...وموت الضمير الإنساني والأخلاقي ......والتعصب... واتهام مخالفي آرائه بالعمالة والخيانة .......وعند المتملقين الانتهازيين ...المجردين من أي التزام أخلاقي ...
وهذه الحالة بالذات باتت مستشرية في وسطنا الثقافي ....وفي المجتمع عموما ... وهو ما نشاهده من مهازل ثقافية حقيقية ...لتدل على فساد المشهد الثقافي ....خاصة على المواقع الالكترونية ... وقلة من استطاع الانفلات من هذه الازدواجية المقيتة ....
وهذه التناقضات في الشخصية هي التي تحدث عنها علي الوردي في كتاباته ......
حتى بات الوسط الثقافي مليء بهذه التناقضات والازدواجية ... والتي تظهر جليا من خلال مايصدر من أنماط سلوكية من أشباه المثقفين ....وأشباه الكتاب وإنصافهم ...الذين يملأون المواقع الالكترونية بالضجيج والزعيق ....يجرحون ويشتمون ..ويضربون الناس بالحجر وبيوتهم من زجاج .. في عصر الديمقراطية الفوضوية ...حيث اختلطت المصطلحات مع بعضها...... فتحولت الثقافة إلى تجارة عند البعض من هؤلاء ... والجهل إلى ثقافة جديدة ...يملؤها الخرافات والخزعبلات ليقفزوا إلى واجهة الصدارة الثقافية ...ويتصدروا الساحة الثقافية عن طريق علاقاتهم .....خاصة مع السلطة .. التي تمنح وتمنع ...
فهناك البعض من الكتاب... حين يناقش موضوعا ما محللا ومستنتجا .. . تشعر معه بهدوء وتفكير منطقي مريح .... لأنه يستخدم تعابير رصينة وأسلوب عقلاني ... في كتاباته بما ينسجم مع الذوق العام .... لايخدش المتلقي بعبارة أو لفظة خارج الذوق ...كتاباته في منتهى الوعي والثقافة .... تدل على الاعتزاز والاحترام للنفس وللمتلقي .... فتشعر بالطمأنينة والراحة وأنت تقرا كلماته بتسلسل منطقي يغريك ... ولو كان يخالف معتقداتك وآرائك ويتقاطع معك في أكثر من مجال ... لكنك لاتملك إلا أن تحترم أرائه ....
وهناك من ابتليت بهم المواقع الالكترونية .. يكتبون كلمات ... أو بالأصح مشاكسات كلامية ... ذليلة لاتنتمي إلى أية جنس ثقافي ...يستخدمون أساليب رخيصة ومبتذلة ... تتوتر معها أعصابك ... وتشعر بالانقباض من كلماتهم التي تصيبك بحالة من الهذيان ...حتى ولو وافقوك الرأي ..
فالشرر والحقد والسموم تتطاير من كلماتهم لتصيبك في موجع ...مشاكسات كلامية مليئة بالتشنجات .. إعادة العزف على الأوتار المعطوبة ....... يحولون قضاياهم الشخصية إلى حالة عامة ويستخدموها وسيلة للتهجم على اقرب من يتمكنون منه للنيل والانتقام ... بدون تفكير أو أية عواقب لشطحاتهم وتهجماتهم ....
فترى احدهم .. حاقدا... فاقد اللياقة ....والذوق.... والكياسة .. يقتل قضيته بجهله أكثر من أعدائه ........ لايرى في الكون مخلصا ... ولا نزيها... ولا مثقفا... ولا وطنيا.... ولا شجاعا... ولا كبيرا... واحدا إلا سواه ...يسب الجميع ويلعن أسلاف الكل ...لايسلم أحدا من لسانه .. يتهم الكل بتهم مجانية جاهزة ...... وهو نازل تراشقا واتهاما وتخوينا للجميع ....يكذب في كل كلامه حتى يصدق كذبه ... يصر على تخوين الآخر واستفزازه .. لايعرف القراءة بتمعن.... لأنه لايفهم مايقرا ..... أو انه يقرا بدون تركيز ...فيقع صيدا سهلا في شباكه التي ينصبها للآخرين ....
كل همه تتبع الغير وكيل التهم بأرخص الكلام ..
يسرد اللا معقول وكل ماهو خارج الادارك ...ليربطه بالخطاب السياسي والتاريخي... عن طريق فلب الوقائع والأحداث ..... واستبطان الحق بالباطل .....والخرافة...في محاولة مفضوحة منه للانتقام..... كاستغاثة الغريق .... لإخضاع كل المفاهيم لأغراضه الخاصة بتعنت وحماقة ..وهي حالة من المضحكات المبكيات ..
لهذا نجد في ثقافتنا العراقية الكثير من هذه النماذج البائسة التي تستحق الشفقة ...والتجاهل .. حيث يقول الإمام الشافعي " إذا نطق السفيه فلا تجبه " ..فالتجاهل هو اشد عقاب لمثل هؤلاء ....
لذلك كان .... الوعي ..... هو الأهم الواجب توافره لدى من يحمل صفة مثقف ...
والوعي ... هو مايكون لدى الإنسان من أفكار ووجهات نظر ومفاهيم عامة عن الحياة والطبيعة في مختلف نواحيها ومستوياتها بعيدا عن أية نظرة ضيقة أو مصلحة شخصية..وتساهم كل من التعليم والثقافة في خلق نصيب من هذا الوعي ..
و الوعي هي حالة فكرية متغيرة تتغير بتغير الحياة وتتوسع برغبة الإنسان وطموحاته للمعرفة والعلم لاكتشاف المزيد ....وهذا يعتمد على إرادة الإنسان في التفوق والتطلع .... و يشكل الفكر احد جوانب الوعي الإنساني......
فالكتابة هي مسؤولية أخلاقية وواجب إنساني .. بعيدا عن تزييف الحقائق..أو المبالغة فيها ..وبعيدا عن الانحياز للأهواء والنزاعات النفسية ....التي تجعل من الكتابة وجها من وجوه الصراع بدل أن تعكس الواقع .. وتعيين مواضع الخلل .. حتى يتمكن من إدراكها وإصلاحها ..وهي بهذا المعنى تكون واجبا مقدسا ... إذا كانت بعيدا عن الميول..... واحترمت الرأي الآخر.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2009 / 6 / 25 - 07:49 )
يا سيدتي ، مقالك الجميل يدلل لماذا نكتب في هذا الموقع المحترم وشخصيا لا أكتب في موقع آخر رغم تعدد المنابر الالكترونية العربية . المشكلة بالضبط كما أشرت أنت اليه هي البحث عن محاور منطقي وعقلاني يحترم الرأي الآخر ،حتى ولو كان مخالفاً. وأحيانا كثيرة نكتشف أن الرأي المخالف يمنح الآخر فرصة للتفكير ، وإعمال العقل وطرح أسئلة من خارج دائرة معارفنا المتوارثة وهذه فرصة هامة لإكتساب المزيد من المعارف والاصدقاء وشكرا لك

اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح