الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيران : اصلاحيون و متشددون و هناك اتجاه ثالث

جاسم الحلفي

2009 / 6 / 26
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


كشفت الحركة الاحتجاجية الشعبية على نتائج الانتخابات الرئاسية في إيران عن عمق الأزمة الداخلية التي يعشها النظام السياسي هناك. وربما كان التشكيك بنزاهة الانتخابات، هي البدء في الإعلان عن أجواء عدم الثقة والتوتر السياسي، فالإبعاد التي ذهبت إليها الجماهير في التواجد في الشوارع هي أعمق من اعتراضات على عمليات تزوير حدثت مهما بلغ حجمها. فبدت المشكلة اخطر بكثير من مجرد تباين أراء ضمن إطار النظام الواحد، وقد تم التعبير عنه عبر منافسة انتخابية بين المتشددين والإصلاحيين على موقع رئيس الجمهورية، هذا الموقع الذي هو ليس مؤثرا بالحد الذي يمنح الشخص المعني قدرات على تنفيذ أي برنامج دون وصاية المرشد الأعلى وحسب الدور الذي منحه له الدستور.

ان نزول المواطنين إلى اكبر شوارع وساحات طهران يوميا للتظاهر والاحتجاج، دون أي اكتراث لتصريحات التهدئة التي أطلقها عدد من الإصلاحيين بعد إعلان نتائج الانتخابات مباشرة من جانب، وتهديدات المتشددين المتكررة لمن لا يمتثل إلى قرارات السلطة بعدم التظاهر من جانب أخر، وما رافق ذلك من غياب تواجد القادة الإصلاحيين في الأيام الأولى للاحتجاج، وتنفيذ المتشددين لتهديداتهم باستخدام وسائل القمع وما أسفر عنها من تصاعد لأعداد الضحايا في الأيام التالية، ويدلل على ان الموضوع هو أكثر من مجرد حقوق انتخابية وأصوات ذهبت إلى غير مستحقيها، رغم رغبة الناشطين في المجال السياسي في إحداث تغيير نوعي في بنية النظام السياسي، ولو كان تحت عباءة الاصلاحين في المرحلة الأولى. فالحاجة الى تحسين الأوضاع المعشية والحياتية للمواطنين تشكل الدافع الحقيقي للاحتجاجات الجماهيرية، والتي هي اشمل من البرنامج المعلن للاصلاحين.

فهناك تفشي كبير للفقر والبطالة تجاوز ثمانية ملايين عاطل عن العمل وتراجعت معدلات التنمية، وبلغت نسبة التضخم 30%، وهناك حديث واسع عن فساد مالي وإداري كبير لم يسلم منه حتى رموز الإصلاحيين، وهناك اتهامات توجه إلى مسؤولون كبار والى أبناهم، فيما كشفت فضيحة الشهادة الجامعية المزورة لوزير الداخلية، حجم الفساد ونفاذه الى هذا المرفق المهم في النظام.
وكان موضوع الفساد احد أهم الملفات التي تم تبادلها في اتهامات المتنافسين لبعضهم البعض في حملاتهم الانتخابية, وشكلت الاتهامات في استغلال المواقع والنفوذ في السلطة للإثراء على حساب الشعب الإيراني، أهم مشهد في المناظرات التلفزيونية.

ان الحركة الاحتجاجية لم تولد من فراغ ولم تظهر فجأة بل هي نتيجة طبيعية للتراكمات الكمية، من النضال اليومي المطلبي والنقابي، والتذمر المتصاعد من سوء الأوضاع المعيشية للمواطنين. فقد شهد العام الحالي والعامين السابقين جملة من الاعتصامات منها ما قام بها طلبة الجامعات، وكذلك الإضرابات العمالية، التي شملت طهران وسنندج وأصفهان وديزفول والشوش. وكانت المطالب في كل هذه النشاطات، تتركز حول تحسين الأحوال المعشية وحق التنظيم النقابي وتحسين الأجور وصرف أجور ساعات العمل الإضافي ودفع تعويضات الخطورة.

ان مطلب تحسين الأوضاع الحياتية هو مطلب راهن، الى جانب المطالب السياسية الأخرى في كل هذه النشاطات، لكنه يبدو غائبا عن كلا الاتجاهين، المتشدد والإصلاحي، وإذا كان موجودا فهو شعار براق ووعد لم يحققه رئيس إصلاحي سابق او رئيس متشدد حالي! وستبقى مطالب الناس العادلة قائمة لأنها في الواقع تعبر عن اتجاه ثالث، يشق طريقه وان ببط، هو يحمل الرغبة الحقيقة في التغيير، ليس على المستوى السياسي وحسب بل على الصعيد الاجتماعي أيضا.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يكون قانون -الحريديم- في إسرائيل سببا في إنهاء الحرب؟ | ا


.. فيليب عرقتنجي ولينا أبيض: رحلة في ذكريات الحرب وأحلام الطفول




.. مصر: مشروع قانون الأحوال الشخصية.. الكلمة الأخيرة للمؤسسات ا


.. هآرتس: استعداد إسرائيل لحرب مع حزب الله بالون أكاذيب




.. إسرائيل تؤكد على خيار المواجهة مع حزب الله وواشنطن ترى أن ال