الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة المدنية هي الحل

محمد زهير الخطيب

2009 / 6 / 26
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


بعد انفتاح العالم على بعضه وتعدد الاديان والطوائف والقوميات في معظم البلدان، الحل اليوم هو الدولة المدنية وليس الدولة دينية.
دولة مدنية تقوم على عقد اجتماعي للمواطنة أساسه الحرية والمساواة والعدل واستقلال السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية. ومصدر التشريع فيها هو البرلمان والمشرعون هم البرلمانيون وعندما تكون أكثرية أعضاء البرلمان ذات مرجعية ليبرالية تاتي التشريعات ليبرالية، وعندما تكون أكثرية البرلمان ذات مرجعية محافظة او إسلامية تأتي التشريعات بتلك التوجهات وهكذا...، مع ملاحظة أن الاكثرية لا يجب أن تلغي اسس العقد الاجتماعي للمواطنة القائم على الحرية والمساواة والعدل.
الدولة المدنية تقوم على مبدأ المواطنة التي ليس فيها مفاهيم أهل الذمة والجزية والطائفية والتكفير. وتقوم على الحرية فليس فيها عقوبة على تغيير الدين أو الالحاد وليس فيها حواجز أمام الدعوات الدينية والفكرية، وتسمح بجميع أنواع الاحزاب من اليمين إلى اليسار وفيها صحف لخالص جلبي ووصال بكداش وسومر الاسد وجهاد خدام وعلي الاحمد ومحي الدين لاذقاني وبثينة شعبان... ولاشك أن كل هذا يخضع للوائح وضوابط وحدود يبينها القانون الذي يسنه البرلمان الذي يمثل الشعب بنزاهة.
وعلى ذكر الحزب الشيوعي فان في كندا حزب شيوعي رسمي مغمور ضعيف العضوية مهمل الذكر ليس له أي صوت في البرلمان ولا يذكره أحد لا بخير ولا بشر لشدة ضعفه، وهذا في بلد حر لا علاقة له بالاسلام وليس فيه محاربة للالحاد أو الشيوعية، ولكن الناس تعزف عنه لعدم إحساسها بان هذا الحزب يمثلها أو يلبي توجهاتها.
الدولة المدنية فيها حماية للقوميات والثقافات واللغات التي ينظر إليها نظرة إيجابية كمصدر إثراء وحيوية للمجتمع وأنا عربي ولكن عندي حفيد كردي إسمه أمير من حقه أن يتكلم ويتعلم لغته الكردية، ولوعدنا إلى سوريا فسارسله إلى مدرسة تعلم باللغة الكردية إن شاء الله.
الدولة الاسلامية أو الكاثوليكية أو اليهودية أو القبلية دولة قد يدعو إليها شعب متجانس من نوع واحد وهذا شأن داخلي تقرره الشعوب المتجانسة إن وجدت، فمادام كل الشعب راض بذلك فهذا شأنه، وهذه ليست حالتنا في سورية على الاقل التي هي مدار بحثنا.
أما عن علاقة العلمانية بالديمقراطية، فينسب للدكتور جورج طرابيشي قوله لا ديمقراطية بلا علمانية... ولكي نفهم الكلام فهما صحيحا من المناسب الاتفاق على مدلول المفردات وأخص منها (العلمانية). العلمانية هي ترجمة للكلمة الانجليزية ( Secular) والترجمة الصحيحة هي (دنيوي) وبما أنه لا مشاحة في الاصطلاح فسنقبل تعريف كلمة (سكيولار) على أنها علمانية، ولكن محددا بمعنى دنيوية أي (مرتبطة بالدنيا والواقع ولا تخضع لسلطة أبوية او شمولية أو غيبية أو فلسفية) ويشمل هذا الاديان والايديولوجيات الشمولية كالشيوعية... وولاية الفقيه...
فمظاهر التفكير الايديولوجي الشمولي لا تنفرد به الاديان إنما له تطبيقات كثيرة وأشهرها التفكير الشمولي للقائد الضرورة الذي يسمح بديمقراطية شكلية ثم يعطل القوانين بتوجيهاته المعصومة الملزمة المستعصية على المحاسبة. وعليه وبهذا الشمول يصح القول أن لا ديمقراطية بلا علمانية (دنيوية).
وبعد هذا الاقرار الواضح بأن الحكم للشعب والاكثرية وأن لا سلطة لاحد فوق سلطة الشعب، لابد من قبول اطروحات جميع الاتجاهات السياسية الديمقراطية على اختلاف مرجعياتها، هذه الاطروحات التي تقدم للمناقشة والحوار دون فوقية ودون أن تقدم كواجبات دينية واطروحات لولاية الفقيه أو ايديولوجيات يسارية أو يمينية، عندها لكل تيار سياسي مرجعيته ورؤيته المحترمة للتشريع والقوانين يتم الحوار حولها في البرلمان وتتخذ فيها القرارات بالاكثرية.
إذن هناك دين وايديولوجيا ولكنها ليست فوقية والزامية بل منضبطة بالدستور والديمقراطية، وحتى لا يكون كلامنا استنبات بذور في الهواء، يمكن أن نستشهد بالتجربة التركية كنموذج مناسب لهذا الفهم وللدولة المدنية التي نريد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2009 / 6 / 25 - 19:29 )
نتمنى أن تأتي اللحظة التي يحترم فيها مبدأ حق المواطنة في العالم العربي . ويكون بإمكان القبطي المصري الترشح لانتخابات الرئاسة مثلاً الخ المشكلة في العالم العربي ليس فقط غياب الفهم السليم للديمقراطية وتطبيقاتها إبتداء من العائلة والى ما فوق بل سيادة روح التعصب الاعمى . على كل حال الافكار التي عرضتها جميلة لكن أختلف معك حول إعتبار تركيا نموذجا للدولة المدنية .وأعتقد أن القمع اليومي لابناء القومية الكوردية ربما يصلح مثال لإعادة النظر في تقييمك للنموذج التركي . مع الشكر لك


2 - الى الاخ سيمون
محمد زهير الخطيب ( 2009 / 6 / 25 - 19:49 )
شكرا لاهتمامك وتعليقك
اوافقك بان التجربة التركية ليست كاملة الديمقراطية، وان موقفها من الاخوة الكرد لا زال ليس على المستوى المطلوب،
ويحزنني ان تكون الدول الاوربية اكثر عدالة وانصافا للاقليات والقوميات المختلفة من كثير من الدول العربية والاسلامية
واعتقد ان الحكومة التركية الحالية تحاول ان تحسن وضع الاخوة الكرد ولعلها تلاقي منعا وتعنتا من التيار القومي التركي الطوراني المتعصب، ونحن نطالبها على كل بالعدل والانصاف للشعب الكورديكما نطالب الشعب الكوردي بان لايطالب بالاستقلال بل بحقوق المواطنة من طرف وحقوق الثقافة القومية من طرف آخر


3 - يا إبن بلدي العزيز
جريس الهامس ( 2009 / 6 / 25 - 23:41 )
طرحك الدولة المدنية والعقد الإجتماهي في بنائها جميل ولكن هذا الطرح يتناقض جذرياً مع الطرح الديني ومع الإسلام السياسي الذي يرى الإسلام دين ودولة لذلك فهو يرى أنه يملك حاكمية السماء وإذا استلم السلطة أو نال الأكثرية في الإنتخابات فمن حقه بل واجبه الديني أن يطبق الشريعة والشريعة كما تعلم في جوهرها لاتؤمن بالدولة المدنية ولا بالعقد الإجتماعي الذي تنادي به والذي جاء به روسو والثورة الفرنسية لأول مرة في التاريخ الحديث ..أما العلمانية التي ينادي بها الديمقراطيون والإشتراكيون وغيرهم في العالم وليس السيد طرابيشي وحده فمن أولياتها فصل الدين عن الدولة كفصل السلطات في النظام البرلماني الديمقراطي . ورواد الحركة الوطنية السورية الأوائل كان شعارهم الأول - الدين لله والوطن للجميع - وهذا عملياً فصل الدين عن الدولة رغم أن معظمهم كانوا من الطبقة الإقطاعية لكن علينا أن ننصفهم بشرف ..ولم يوضع في الدستور السوري الأول الإسلام كمصدر للتشريع ودين الدولة الإسلام إلا في دستور عام 1950 بإلحاح وبعد إثارة الجوامع في دمشق بتحريض من الإخوان المسلمين .. ولا إمام إلا العقل كما قال إبن رشد والمعتزلة ... عزيزي زهير نحن في القرن الحادي والعشرين عصر المكتشفات العلمية المذهلة التي تأتي كل ساعة بتطور جديد يخدم الإنسان في ا


4 - انا سعيد بمشاركة الاخ جريس
محمد زهير الخطيب ( 2009 / 6 / 26 - 00:49 )
شكرا لمداخلتكم القيمة
اوافقك باننا لسنا مع الدولة الدينية الايديولوجية بكافة اشكالها، ودعنا نقبل جميعا الدولة المدنبة وانصارها بمختلف مرجعياتهم حتى ولو كانت دينية ماداموا التزموا معنا بالعقد الاجتماعي للدولة المدنية
انا لا اريد ان نحرم اصحاب الفكر الديني من المشاركة في بناء وطنهم فحرمانهم ظلم، انما اريد منهم ان يدخلوا في العقد الاجتماعي مثلهم مثل غيرهم بدون استعلاء وفوقية، واستشهدت بحزب العدالة التركي الذي دخل في العقد الاجتماعي التركي ومارس طروحاته الاسلامية بشكل حضاري ومن خلال الدستور والبرلمان الديمقراطي
باختصار لو كان عندنا في سورية المستقبلية الديمقراطية حزب كحزب العدالة التركي
هل ترى حل الحزب ام السماح له ؟ هنا السؤال وجوابي انا اننا نرحب به مثله مثل غير ولا نضيق عليه بسبب ان مرجعيته محافظة او دينية




اخر الافلام

.. من هو محمد مخبر الذي سيتولى رئاسة إيران موقتا بعد وفاة رئيسي


.. فرق الإنقاذ تنقل جثامين الرئيس الإيراني ورفاقه من موقع تحطم




.. هل ستكون لدى النائب الأول للرئيس صلاحيات الرئيس رئيسي؟


.. مجلس صيانة الدستور: الرئيس المقبل سيتولى مهام الرئاسة لأربع




.. ماذا سيختل بغياب الرئيس رئيسي عن السلطة؟