الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات زوجة عاملة (3) اميرة الشمس

انتصار السعداوي

2009 / 6 / 28
الادب والفن


يوميات زوجة عاملة/ أولادها الخمسة توجوها أميرة الشمس

بعد الثانية ظهرا حين تمتص العجلات الخشبية والموازين المعدنية حرارة شمس الباقلاء الربيعية . وتذبل أكداس الخضار البائرة ويلوذ أصحاب محلات الملابس المستعملة والمحلات التجارية بظل جدرانهم وحيث يتسرب بقايا الموظفون من أعمالهم ويسجلون آخر الزبائن ويشرعون بمساومة آخر الباعة وأكثرهم صبرا على مقارعة الشمس ،وقفت على امراة في الثلاثينات وسط كدس من الباقلاء الخضراء تحاول أن تلوذ من حرارة الشمس بكيس جنفاصي على رأسها وتستثمر فراغ وقتها بتقشير الباقلاء عن غلافها الأول . وقد أخذت الشمس من نضارة وجهها فأصبح كقطعة شوكلاته سمراء .
- مرحبا أم جاسم .
- حياك الله .
هكذا تبادلنا التحية وجلست القرفصاء بقربها انتقي غصون الباقلاء وهي تروي لي معاناتها .
زواجي كان صفقة حبايب بين أمي وخالتي منحت بموجب هذه الصفقة لرجل يكبرني بخمسة وعشرين عاما ، وكنت يتيمة الأب . قادني خالي إليه بخطوة مرعبة خسفت بي الى عالم الغربة والمتاهة ولازال هذا اليوم يتراءى لي كيوم أمس ، حيث طويت آخر صفحة من صفحات طفولتي .
صمتت ام علي قليلا وتهدجت حسرتها ، قلت لها هل أنت مبتئسة ؟
- هل نتوقف عن الكلام ؟
- لا .. لا سامح الله ، كان زوجي رجلا صالحا متدينا وأحسن معاملتي . ولم يكن بيدي شيء سوى البقاء على قيد الحياة وكنت كلما أدركني صباح جديد اطوي شراع من أشرعة أنوثتي .. وقد تأخر حملي بسبب صغر سني وقد أراد الله أن تثمر أحشائي بجنين أضاء حياتي بعد أن انطفأت ...
كان ذكرا ...
فصببت ما بداخلي من عاطفة وأنوثة وأمومة عليه ، وفي حملي الثاني رزقني الله بتوأم متماثل من الذكور . وبعد حملين آخرين توقفت عن الإنجاب هكذا اراد الله ...
اعتشنا نحن السبعة مع خالتي من قطعة ارض زراعية بسيطة في منطقة ( الاعيوج ) في ريف الهندية نزرع الخضار الصيفية والشتوية ونرعى بقرة ولود ، ونتقاسم العمل انا وزوجي بين الحقل والبيت وتخرج خالتي لتسويق الخضروات ومنتجات الحليب في سوق الهندية وحيث بلغ علي السادسة من عمره بدأت اعراض الكبر والشيخوخة والتعب تظهر على وجه زوجي . وهو يتذمر من الأرض المتغدقة المالحة على حد تعبيره ولم يعد وارد الأرض يكفي حتى لإطعام صغاري . الذين صاروا يتدحرجون على ملح الأرض ويأخذون من سمرتها وجفافها .. فاضطررت لتركهم عند خالتي للخروج في مواسم الحصاد ( الحنطة والشعير ) او مواسم التمور لمساعدة زوجي في الإنفاق على أطفالي وخالتي المسنة . وفي الايام الباقية بين المواسم كان الجوع يتناول أيامي وتطول عظام أولادي بلا لحم يكسوها ، وقد ادركتني ايام الحصار وتوقفت خالتي وتقاعد عجوزي كما اسميه عن العمل .فاضطررت للخروج الى السوق وشراء الخضار من جيراني المزارعين او من خان المواد الزراعية ، أبيع منها وأعود بالباقي لأطفالي .
بقيت على هذه الحال وانأ أعيل أولادي الخمسة وزوجي من حقل الى حقل ومن سوق الى آخر .
- وأولادك ، هل يساعدوك ؟
احد التوأمين قتل برصاص القوات الأمريكية حين دخلت كربلاء من ناحية النجف الى قضاء الهندية كان طفلا في الثانية عشر خرج مع الاطفال يستطلع الغريب والجديد فإصابته رصاصة طائشة .
ابني الأكبر زوجته رغم صغر سنه لأني بحاجة الى فتاة تساعدني في رعاية العجوز والمتبقي من أولادي أنجبت لي حفيدة وانأ سعيدة جدا بها .. يساعدني علي في مسؤولية البيت من عمله في مسطر عمال البناء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رائعة
جهاد علاونه ( 2009 / 6 / 27 - 20:50 )
رائعة وإسلوب جميل جدا


2 - رائعة
قاريء للموضوع ( 2009 / 6 / 28 - 11:46 )
رائعة ...

اخر الافلام

.. صوته قلب السوشيال ميديا .. عنده 20 حنجرة لفنانين الزمن الجم


.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا




.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور


.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان




.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل