الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إجابَة دانتوية.. وكأنه لا يملكها

نبال شمس

2009 / 6 / 26
الادب والفن


الكاتبة عَليها أن تَكون امرأَة مُراوغة بِصدق. امرأة دانتوية تِأخذ قارئها إلى مَدى وهي تَكتب من مدى آخر كَي تُحرر نَصّها إلى شَكل لا يَقبلُ الشكّ.
عليها أن تكون محاربة جميلة، واعية ومثقفة جدا لتنتقي شهد الكلمات كي تكسّر امبريالية القبيلة دون أن تُكسَر.
****
حالَتان مِن الجُنون.. حالة لا تشْبه الأخرى.
الأولى ادعَت الجُنون، والثانِية أُتّهمت بِذات الجُنون. حَمَلتا الألَم، وذات الحُزن.
سَكنت حُروفهنّ في داخِلي..
الأولى لا تَدري مَدى تَأثير صَمْتها المَمْزوج بِالغَضبِ والوََجع عَلى نفسي، والثانية لا تعرف مدى تأثر رَحيلها من بَلدي..وَجعٌ يئَنُ في نَفسي.
ماري-ميّ زيادة...فرجينيا وولف.
امرأتان مُتشابِهَتان.
المُثقف يُدرك - لا يُدرك الإجابَة عَن حالة تشبهها المرأة الكاتبة إلى حَدٍّ ما...وَعى السَطر الذي كانَ يَتوقع أن أكتبُه.
أنا لم أعِ الكِتابة عَن ذلك السَطر.
سَأل بِعيونٍ شاردةٍ..لا يُدرك طَعم قَهوَتي المُرّةِ المُحلاة بِسؤالِ الوَقت عَن مَكانَة الكاتِبة في نَظَري.
الإجابَة قَيد الروح....قَيدَ الهاِمش.
الإجابَة قَيد حِبري وقَيد ضوء القمرِ.. َليس أمامي بَصيص ضوءٍ ولا أبْيضَ قَمَرٍ ولا مَوسوعة أعْتَمد عَليها لأجيب السُؤال.
أَغْضبني السُؤال ولم أُحبه...أُدرك الكَلام، لَكني لا أُدرك ضوء القَمَر..تِلك السوناتَة اختَزَلت أَلَمي واختزلت الإجابَة.
سَأعود إلى حالة الجُنون..حالَة قَرأتُ عنها إلى حدٍّ ما ، حالَة أُحبها إلى حدٍّ مُتجرد من تلكَ ال.. (ما).
حالةٌ ذََكََرتني بِالصِراع، فَكم هُو رَهيب الصِراع ما بَين المَوهِبة وما تُحَتّمْه على صاحِبتها من انزواءٍ وتَعلّمٍ واكتساب ثَقافة وما بَين المَطلوب والمُتَطَلّب، فَأنا أُدرك في داخِلي لَو أن الكاتِبة لا تعُاني تِلكَ الصِراعات لأختزل عَدد الوِلادات إلى النِصف وأَصْبحَ العالَم أكْثر رُقياً وأكثر تَمدناً.
أدرك لو أن القبيلة تحرر ت من هرمها التقليدي، لأصبَحَ للثورة شاعرة وللأمة كاتبة، وللقصيدة أميرة، فالمرأة حين تكتب لا تحتاج إلى قنبلة لنسف أعظم الأهرام بل تصبح القنبلة بين أناملها ضمّة من الياسمين، وأَعظَم الأهرام جداول ماء تُنبت اخضرار النَبت حِنطة وأجْمل الرياحين.
لكن...!
ملعون هو الوَقت..ومَلعون هُو الزَمن..الذي كمَّ فاه الزهر..فأعتصرَ من قزح لونه، لثاما ينتهك رضاب الحبر من فاه الزهر.
فاه الزهر روح مبدعة كلل العطر وجه أوراقها، فضاعت الأوراق وبقيت رائحة العطر.
فرجينيا وولف تَساءَلت عمّا إذا كان لشِكسبير أختاً مسحوقة الفُرَصِ.
تَساءَلت ثمَّ أجابَت نَفسها: "الانتحار".
المثقف أَدْركَ الكلمة...أراد أن يَسرقها مِن حلقي لكنه فضّل الصمت على الكلام ليفسح لي مجالا واسعا للتعبير عن نفسي.

الانتحار ليسَ وارداً للمَرأة العَربية الكاِتبة، فان انتحَرت سَوفَ لا يبحثون عن قبعتها وعَصاها في الغابات كما فعلت عائلة وولف، بل سَيبحثونَ عَن القبعة التي أخفت سببيّة الانتحار.
الكاتبة عَليها أن تَكون امرأَة مُراوغة بِصدق. امرأة دانتوية تِأخذ قارئها إلى مَدى وهي تَكتب من مدى آخر كَي تُحرر نَصّها إلى شَكل لا يَقبلُ الشكّ.
عليها أن تكون محاربة جميلة، واعية ومثقفة جدا لتنتقي شهد الكلمات كي تكسّر امبريالية القبيلة دون أن تُكسَر.
لم أصل للإجابة بعد، هذا كان إحساسي الذي بثّه لي ذلك الصمت المُختزل من عيون لا تعرف الصمت.
لم أُجب بَعد....ألا تليق لي الدانتوية؟
عيونه الشارِدة تَنتظر ولا تَنتظر..تصغي مَعي إلى السوناتة الرابِعة عَشر ثمَّ إلى السيمفونية التاسِعة.
حاولتُ تَغيير الموضوع..حاولتُ الحَديث عن صَمم بيتهوفن دون جَدوى، فعليَّ انتهاك الكَلمات والتَجرد من جنون فرجينيا وولف وتحرير ماري الجَميلة . عليَّ أن انتقي إجابة مراوغة تَليق بِالسؤال.

المَرأة لم تَتَحرر كُليا في الكِتابَة، تَماما كَما أنا لَم أتَحرر كُليا في إجابَتي.

أما زالَ رهن قَيدي لا يَكلّ، يُريد إجابَة؟
كيف ستُحَرر المرأة في كِتابتها والقَبيلة الُمتلقيّة لم تَتحرر بَعد مِن اسْتعمار الفَتاوى وامْبرياليَة القَبيلة؟
كيف سيُحَرر قلم المَرأة ووجه القلم العربي ما زال قيد الهرم الأبوي يأبى الانفصال عن مُتَوارَث الحَتميّات.
لمْ تتسع عُيونه عَجَبا، فَقد أرادَ سَطرا ... كانَ يَسمعني..يُدوّن كَلماتي في صَمته..حاولتُ جاهَدة أن أجد كَلماتاً أخرى بَدل استعمارِ وامْبريالية.
حاولتُ جاهِدة أن العَب لعبة دانتوية لكِنه قالَ لي بهدوء لم أتعهده:
"تَكلمي بِحرّية".
قلتُ مستغربة:"وكأنك لم تملك إجابة بعد"؟!.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل