الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بالمختصر..2

صباح كنجي

2009 / 6 / 26
كتابات ساخرة


بالمختصر..2




مشهد ..سادس

إلى والدتي التي غيبها الدكتاتور...

بعد عشرين عاما ً من غيابك، شاهدتُ اليوم في مدينة هامبورغ الألمانية امرأتين، تسيران في الشارع بالقرب من مسكني بصعوبةٍ معا ً، الأمُ العجوز في عقدها التاسع تتدفقُ طيبا ً وحنانا ً، تتكئ على كتفِ بنتها الصغرى ذي العقد السابع تسندها برقةٍ ووفاءٍ.. وشعاعٌ من الضياء ِ يشعُ مع خطى أقدامهن التي تزحف بالكاد مع بساط الأرض..
- سألتُ المارة:
- عن سرّ الضياء؟
- قالت صبية:
إنه دربٌ من دروب الجنة... المْ تسمعُ بأنّ الجنة تحت أقدام الأمهات؟..
فأدركتُ أنّ الطيف الذي حاط بي، كانَ طيفُ أمي الذي سلبه الدكتاتور.. ها أنا أستعيدُ ما سُلب مني..تأكدتُ من ذلك لحظة دخولي الدار، تيقنتُ من وجودها الحقيقي معي، لقد عادت.. أنا لا أحلمُ.. ها أنا أعبق من عطرها بعد غياب طويل...




مشهد سابع.. لصوص العهد الجديد..

إلى الفقيد عادل المزوري..
ذات يوم قررتَ كسبَ مواطنا ً من "القرج" للحزب الشيوعي العراقي فقلتَ له لتغريه
بالفكر الثوري: أن ماركس ولينين أوصوا بالاعتماد على العمال والفلاحين والقرج....

لصوص العهد الجديد، ليسوا من شلة الحرامية، المنحدرين من الحارات الفقيرة والمعدمة، كما كنا نعرفهم في حارتنا بأسمائهم وأشكالهم وألقابهم المعروفة.. وهم ليسوا من السُرّاق ، المنحدرين من عائلات، كانت تشجعُ أبناءها على امتهان السرقة، من التنبلية والظرفاء الذين كانوا يسطون على ممتلكات الجيران، يستغلون تواجدهم في الحقول والمزارع، وحينما يعودون في نهاية النهار يكتشفون اختفاء دجاجاتهم وبيضوها بعد أن حولها الظرفاء إلى وليمة شهية يقدمون بقاياها بجرأة، في ماعون ضيافة لأصحابها، تداركا ً للشبهات، لكي يذهب أصحاب المفقودات بخيالهم بعيدا ً ويلصقون سبب اختفائها بثعلبٍ ماكر أو آخرينَ من حارة بعيدة.
ولصوص اليوم، ليسوا من قطاع الطرق، الذين ينهبون قوافل الكارونجية بعد أن يحيطوا بهم ويهددوهم بالقتل أو التنازل عمّا في القافلة من حمولة وممتلكات ، فيخضعون للابتزاز ويتنازلون عن بضاعتهم وهم صاغرون كما يحدثنا التاريخ عن الحال في أيام رحلتي الشتاء الصيف..
ولصوص اليوم ليسوا من فئة المسلبجية، الذين يشكلون عصابات صغيرة ليختارون ضحاياهم من الأغنياء وأصحاب الجواهر والأحجار الكريمة ويباغتونهم في الليل أو عند مفترق الطرق، ويتباهون أنهم لم يدفعوا قرشا ً واحدا ً ثمنا ً لمقتنياتهم التي تزينَ بها نساؤهم بتفاخر وغنج ٍ كأنهن من بنات الحظوة وزوجات أصحاب الشأن...
ولصوص اليوم، ليسوا من المطيرجية الذين يعوّدون الحمام على إغراء طيور غيرهم واستدراجها نحو زواغير وأقفاص، وضعت على سطوح البيوت لتباع صباح اليوم التالي في سوق الهرج، قبل أن يأتي أصاحبها ويدركها، فتحصل الفضيحة بين المطيرجية الذين تعاهدوا على إرجاع ممتلكات غيرهم بميثاق شرف غير مدون يجري التجاوز عليه بين حين وآخر...
لصوصنا الجدد يا سادتي ينحدرون من أحزاب ذات شأن في العهد الجديد أحزاب كبيرة تتزعمها عائلات ثرية كانت ذات يوم كريمة، إعدادهم بالجملة، بينهم الكبير وفيهم الصغير، يسرقون البشر وما في باطن الأرض وما يعلو في السماء.. يلاحقون ضحاياهم بمؤسسات رسمية.. يتقاسمون الحصصَ بصورةٍ علنية ويَفضَوْن عليها صفة شرعية..
البرلمان جاهز للتصديق على خططهم.. والحكومة مستعدة لحمايتهم.. وهيئة الرئاسة تؤانسهم، ينقلون مسروقاتهم بالطائرات، يشيدون بها الشاهق من العمارات، صفقاتهم بالمليارات، تنتشر في جميع القارات..
رأس العشيرة يصحو من غفوته.. يلتحقُ بهم .. يعدو ويلهثُ ليشترك معهم بالسطو والوقاحات.. يخطفون.. يبتزون.. يسرقون.. ينهبون.. من شبكات وخطوط الهاتف وبيع البنزين.. من خياطة الملابس العسكرية، من شركات تأتينا بالفاسد من الأدوية ، من بيع الأرض، من معاملات الشهداء، من التعيينات من انجاز المعاملات الدولية، من مشاريع وهمية، من حرب تطول وتطول وقودها نحن الفقراء، ، تسرقنا الأحزاب، يسرقنا المختار، يسرقنا رأس العشيرة، تسرقنا عصابات الموت، يسرقنا البرلمان، يسرقنا أولاد.... قالها بلا ترددٍ ذات يوم ٍ مظفر النواب... لهذا ترانا عراةٌ نلقمُ بالفُتاة كأننا نحن الجناة يتشدد في محاسبتا الطغاة، وحينما لم يبقى لنا شيء للسرقة.. قرروا سرقة مستقبلنا.. فمتى نتوحد بوجه السُرّاق؟ ..
يا ضحايا اللصوص أتحدوا..









مشهد ثامن .. ألعابُ أطفال

في حديثٍ للتلفزيون قالتْ سيدة ٌ عراقية ٌ تشغلُ موقعا ً في البرلمان ِ:
إنهم ناقشوا قبل أيام ٍ مشروع قرار يمنع استيراد وبيع أسلحة الأطفال البلاستيكية، التي يستوردها التجار بلا رقابة من بلدان الجوار...
حينما عادَ الطفلُ الصغير من مدرسته، وجدَ بندقيتهُ البلاستيكية مهشمة ومرمية ٍ في برميل النفايات..
تماسك ولم يذرف الدموع عليها، أحسّ إنه قد تجاوز مرحلة الطفولة.
جالَ في الدار يتنقلُ بين غرفه، شاهدَ بندقية أبيه الكلاشنكوف مركونة في زاوية خلف سرير النوم..
كانت الأم تعدُ طعام الغذاء ِ صاحت بهم: هيا يا أولاد... تعالوا الغذاء جاهز أباكم جوعان ومستعجل.
جلسوا في مقاعدهم تقاربت رؤوسهم من صحون الطعام ..
فاجأهم الطفل بلعبته الجديدة.. كانَ يحملُ بندقيتهُ الجديدة ليلعب معهم كالسابق لعبة ارفعوا أياديكم... يا حرامية...
ضغط على الزناد، انطلقت الرصاصاتُ مسرعة ً واحدة تلو الأخرى ترشقُ المتجمعين حول مائدة الطعام. شبعوا رصاصا ً كانَ ينطلق من فوهة الكلاشنكوف بسرعة جنونية ٍ ... فتمددوا على الأرض ...
جاءت الشرطة، سجلت الوقعة حادثا ً إرهابيا ً ضد مجهول...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ


.. إسرائـ.يل سجنتني سنتين??.. قصة صعبة للفنان الفلسطيني كامل ال




.. عمري ما هسيبها??.. تصريح جرئ من الفنان الفلسطيني كامل الباشا


.. مهرجان وهران للفيلم العربي يكرم المخرج الحاصل على الأوسكار ك




.. محمود حميدة يحمل الوهر الذهبي من مهرجان وهران للفيلم العربي