الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقيقة الموقف من الاحداث المأساوية في ايران !

احمد سعد

2009 / 6 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


* المدلولات السياسية لذرف دموع التماسيح الامبريالية والاسرائيلية على ما يجري في ايران *

في مقالة سابقة نشرتها في " الاتحاد" الاسبوع الماضي حول المدلولات السياسية لانتخابات الرئاسة الايرانية ونتائجها، حاولت التركيز على امرين اساسيين، الاول ان المنافسة على الرئاسة الايرانية بين التيار المحافظ ومرشحه محمود احمدي نجاد رئيس الجمهورية وبين التيارات الاصلاحية وابرز مرشحيهم مير حسين موسوي،تدور في اطار المحافظة على الثوابت الاساسية لطابع الهوية السياسية للجمهورية الاسلامية ،ولكن مع الاصلاحات في مجال الحريات الدمقراطية والانفتاح اكثر وعدم التشدد في السياسة الخارجية على حلبة العلاقات الدولية كما يطرح موسوي والاصلاحيون. والامر الثاني اننا نحن الشيوعيين والجبهويين لا نتأتئ في موقفنا المبدئي، فنحن في تناقض تام فكريا وسياسيا واجتماعيا مع هوية النظام القائم في ايران، نحن ضد نظام الاكراه الديني ومن اجل فصل الدين عن الدولة لبناء مجتمع دمقراطي قائم على حرية التعددية السياسية ولدفع عجلة التقدم الاجتماعي الحضاري. ولكن من ناحية اخرى، ورغم التناقض مع طابع النظام الايراني فاننا مع الشعب الايراني والنظام الايراني ضد المخططات الامبريالية الامريكية وغيرها والاسرائيلية العدوانية ضد ايران. مع ايران ضد سياسة الهيمنة والبلطجة الامبريالية - الاسرائيلية العدوانية التي تستهدف وقف عجلة تطور ايران اقتصاديا وتكنولوجيا وعسكريا وتدجينها في حظيرة خدمة الاستراتيجية الامبريالية كما كان في ايام عهد شاه ايران البائد الذي اطاحت به ثورة الشعب الايراني قبل ثلاثين سنة في العام 1979 . وفي هذا السياق اكدنا ان القوى المناصرة للتيارات الاصلاحية الايرانية لموسوي ولغيره غير متجانسة، فهنالك اوساط واسعة من الشباب الايراني رأت في التيارات الاصلاحية متنفسا للتعبير عن موقفها التواق للحريات الدمقراطية اكثر مما يوفره نظام الجمهورية الاسلامية وقوى اخرى مدسوسة وعميلة للامبريالية معادية للنظام الايراني اندست تحت ستار التأييد للاصلاحين وبين جماهير وحشودات المؤيدين للمرشح مير حسين موسوي وغيره، بهدف تأجيج الصراع وتفجير الفتن والدفع باتجاه الصدام والمواجهة مع قوات النظام الامنية واللجوء الى اعمال تخريبية من اشعال الحرائق وغيرها. اضف الى كل ذلك ان مختلف وسائل الدعاية الغربية الامبريالية كانت مجندة في الدعاية التحريضية ضد النظام الايراني وتقمص دور المدافع عن التيارات الاصلاحية الايرانية عن مير حسين الموسوي وعن الحرية والدمقراطية التي هتك النظام الايراني عرضها، وحكومة اسرائيل التي كانت تتمنى نجاح التيار المحافظ ومحمود احمدي نجاد في الرئاسة الايرانية لان هذا يسهل عليها اكثر تجنيد الراي العام ضد ايران، هذه الحكومة ومنذ ظهور نتائج انتخابات الرئاسة بنجاح الرئيس محمود احمدي نجاد تحولت هي ووسائلها الدعائية الى مخفر امامي للتحريض على النظام الايراني وتقمص دور الناطق بلسان تيارات الاصلاح الايرانية والمدافع عن الحريات الدمقراطية الايرانية التي تخضبت بالدماء النازفة من ضحايا المواجهات في المظاهرات الاحتجاجية الايرانية على نتائج انتخابات الرئاسة.
للاسف الشديد هنالك من يضيع البوصلة ويتخذ موقفا غير متوازن ، احادي الجانب، بوقوفه الى جانب من لا يقف الى جانبهم، الى جانب ابواق التحريض الغربية والاسرائيلية والذين يذرفون دموع التماسيح على ضحايا الازمة في ايران وعلى الحريات الدمقراطية التي تداس بالاقدام والرصاص. اننا لا نؤيد ولا نبرر ابدا بل ندين قتل الابرياء ضحايا حرية التعبير عن الرأي والموقف وواجب ومسؤولية النظام الايراني التحقيق في ما جرى ومعاقبة من يجب معاقبته ممن ارتكب جريمة بدون حق . ولكن ليس صحيحا ابدا، وليس من المنطق السياسي تجاهل دور محراك الشر من القوى الخارجية الدخيلة التي تعبث اصابعها في الداخل الايراني وتعمل بشكل منهجي على تأجيج الصراع واشعال الفتن في ساحة الازمة والصراع داخل ايران وبهدف ابتزاز مكاسب سياسية اما بالعمل للاطاحة بالنظام القائم او تدجينه امبرياليا.
ان ما يثير اشمئزازنا وقلقنا في نفس الوقت هو الموقف التضليلي الفاضح والعاهر لحكومة نتنياهو اليمينية من احداث الازمة الايرانية والمدلولات السياسية لهذا الموقف.
في لقاء صحفي اجرته وكالة " ان.بي.سي" في الواحد والعشرين من شهر حزيران الجاري مع رئيس حكومة الكوارث اليمينية بنيامين نتنياهو حول احداث الصراع في ايران قال: " ما يجري في ايران شيء عميق جدا يشير الى رغبة الشعب الايراني في الحرية والدمقراطية. انت ترى نظاما يضطهد شعبه ويمارس الارهاب في كل العالم.هذا النظام قد كشف المتظاهرون طابعه بشجاعتهم الباسلة في مواجهة الرصاص بصدورهم"!! اما رئيس الدولة شمعون بيرس فقد علق على الاحداث "انظر يديعوت احرونوت 22/6/2009" بقوله:" لا تعلم من سيختفي اولا في ايران، اليورانيوم المخصب ام النظام الحقير في ايران، املنا ان يكون النظام من يختفي"!!
ان تحول اسرائيل الرسمية ومختلف وسائل الاعلام الصهيونية الاسرائيلية المرئية والمكتوبة والمسموعة المجنده الى مخفر امامي في التحريض المنهجي لتأجيج الصراع في ايران ومرافقة احداث ما يجري في معترك الصراع في ايران ساعة بساعة وتقمص دور المدافع عن الحريات الدمقراطية للشعب الايراني وعن التيارات الاصلاحية في مواجهة النظام الدموي الدكتاتوري الايراني، هذا المخفر التحريضي ينطوي على مدلولات سياسية غاية في الخطورة تستهدف خدمة مخططات السياسة العدوانية الاسرائيلية، فمن المدلولات الكارثية التي تنطوي عليها سياسة حكومة نتنياهو وموقفها من الازمة الايرانية ،يمكن الاشارة حسب رأينا الى ما يلي:
* اولاً، في ظل انخفاض درجة حرارة الصراع والمواجهات والمظاهرات في الشارع الجماهيري الايراني الامر المخيب لآمال وحسابات اعداء النظام الايراني، اعداء المصالح الحقيقية للشعب الايراني، فاننا لا نستبعد، بل ان الاحتمال الوارد، تصعيد النشاط الاسرائيلي الرسمي دوليا لزرد الحبال حول رقبة النظام الايراني، تصعيد الحصار الاقتصادي والسياسي وحتى احتمال شن عدوان عسكري اسرائيلي مدعوما من دوائر الحلف الاطلسي والادارة الامريكية تحت ستار مواجهة الخطر النووي الايراني وتوفير "الحرية والدمقراطية" للشعب الايراني بتخليصه من النظام الدكتاتوري الاصولي. ونحن نذكر جيدا قبل ست سنوات عندما شنت الامبريالية الامريكية الحرب الاستراتيجية العدوانية على العراق واحتلاله كانت احدى الذرائع التضليلية لتبرير الجريمة ان هدف الحرب هو توفير الحرية والدمقراطية للشعب العراقي، وان الخائن العراقي عميل المخابرات الامبريالية احمد الجلبي قد اوهم ادارة بوش- تشيني ان الشعب العراقي مهيأ لاحتضان الغزاة والاطاحة بنظام صدام حسين ! وكانت الترجمة العملية للحرية والدمقراطية التي وفرها المحتل الامريكي تدمير العراق وقتل اكثر من مليون عراقي وملايين اليتامى والمهجرين واشتعال ثورة لن تهدأ نيرانها الا بزوال الاحتلال ورحيله عن بلاد الرافدين .
وتندرج محادثات نتنياهو مع المسؤولين الايطاليين والفرنسيين في اطار التحريض لتصعيد المواجهة مع النظام الايراني. وحسب ما اكده احد المسؤولين في حكومة نتنياهو عشية سفر رئيس الحكومة الى كل من ايطاليا وفرنسا، اكد في حديث للوكالة الفرنسية "فرانس برس" ."ان رئيس الوزراء يعتزم قبل أي شيء بحث الملف الايراني. فمشاهد العنف والقمع التي رأيناها في الايام الاخيرة اسقطت القناع عن هذا النظام الدموي الذي لا يتردد في اصدار اوامر اطلاق النار على متظاهرين عزل. وفي ظل ما يجري في ايران لم يعد الكلام والادانات الشفوية كافية، على العالم ان يتخذ قرارًَا باعتماد تدابير اكثر تشددًا لمنع النظام الايراني من امتلاك السلاح النووي"!!
فبالاضافة الى المحادثات مع برلوسكوني الايطالي وساركوزي الفرنسي سيصل الى اسرائيل للمحادثات خلال الاسبوع القادم المسؤول عن الملف الايراني في الادارة الامريكية دينيس روس حيث سيلتقي كلا من رئيس الدولة شمعون بيرس ورئيس الحكومة نتنياهو ومع وزير الامن ايهود براك ووزير الخارجية افيغدور ليبرمان! فاي مخطط اسود سيجرى نسج خيوطه ضد ايران!
*ثانيًا، ان تصعيد النشاط الاسرائيلي الرسمي ضد ايران يستهدف فيما يستهدف ليس فقط صرف انظار الرأي العام العالمي والعربي عن جرائم الاحتلال الاسرائيلي في المناطق الفلسطينية المحتلة وعن مواقف حكومة نتنياهو اليمينية الرافضة والمعادية للتسوية السياسية العادلة للصراع الاسرائيلي- الفلسطيني- العربي، بل كذلك التهويل للخطر الايراني وكأنه الخطر المركزي الذي يواجه بلدان وشعوب المنطقة وليس الاستراتيجية العدوانية الامبريالية - الاسرائيلية. استغلال التهويل للخطر الايراني لدفع عجلة تطبيع العلاقات بين اسرائيل والانظمة العربية "المعتدلة" وبلورة الظروف لانجاز مخطط "السلام الاقليمي الامريكي" بين اسرائيل والانظمة العربية المدجنة امريكيا كبديل للسلام العادل، الشامل والثابت وقبل انجاز الحل الدائم والثابت للشعب العربي الفلسطيني بتجسيد ثوابت حقوقه الوطنية الشرعية، حقه في الحرية والدولة والقدس والعودة.
ان ما نأمله ان لا تكون حسابات السرايا كحسابات القرايا، ان يستخلص الشعب الايراني ونظامه العبر الصحيحة من مآسي الازمة والصراعات وبشكل يخدم المصالح الحقيقية للشعب الايراني، حقه في التطور الحضاري وتطوير الحريات الدمقراطية وصيانة امنه من وحوش الغاب المفترسة المتربصة خارج حدود ايران والمتهيئة للانقضاض .كما نأمل ان يخيب الشعب العربي الفلسطيني آمال ومخططات اعدائه بالعمل على تخطي حالة الانقسام واعادة اللحمة الى وحدة الصف الوطنية الكفاحية المتمسكة بثوابت الحق الوطني بالحرية والدولة والقدس والعودة، وبمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد وشرعي للشعب العربي الفلسطيني. فوحدة الصف الفلسطينية المتمسكة بالثوابت و بـ م. ت. ف الضمانة لدفن مخططات الابتزاز السياسي للانتقاص من الحقوق الشرعية الفلسطينية التي يراهن عليها المحتل الاسرائيلي والمتواطئون معه.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عهر؟
مصرى ( 2009 / 6 / 26 - 08:47 )
مجرد تساؤل فى استعمال نفس الكلمه هنا وكذا فى مقاله السيد مناع فى العدد نفسه والموضوع نفسه؟ ترى هل يمكن ان يكون المصدر و الوحي واحد؟


2 - تصحيح
مصرى ( 2009 / 6 / 26 - 08:49 )
عنيت مقال السيد محمد نفاع وليس مناع ..اسف للخطأ


3 - رؤية متوازنه
أحمد السعد ( 2009 / 6 / 26 - 11:15 )
تحية طيبه
أرى أن معيار أنسانية( ولا أقول تقدمية) أى نظام من الأنظمة السياسيه يتجسد فى موقف هذا النظام من شعبه ، من تطلعات الناس للحرية والديمقراطيه للتحضر والمدنيه ، فى التمتع بخيرات بلدهم بالمساواة فى الحقوق بين جميع مكونات الشعب . أن معاداة أمريكا وأسرائيل لاتصنع انظمة انسانيه - ولك فى نظام صدام حسين والأسد خير نماذج- المهم رؤيتك متوازنه وعلميه ولكن أن ندير ظهورنا للشعوب بحجة (التفرغ) لمواجهة (المؤامرة) الصهيونيه مبرر غير مقنع وقد أثبت التاريخ والتجربه أن أنظمة الأسلام السياسى ليست هى الممثلة الحقيقية لآمال الشعوب بل حجر عثره فى طريق تقدمها وتحررها وخلاصها من القمع والأستبداد.

اخر الافلام

.. فاتح مايو 2024 في أفق الحروب الأهلية


.. السداسية العربية تصيغ ورقة لخريطة طريق تشمل 4 مراحل أولها عو




.. آخرهم ترامب.. كل حلفائك باعوك يا نتنياهو


.. -شريكة في الفظائع-.. السودان يتهم بريطانيا بعد ما حدث لـ-جلس




.. -اعتبارات سياسية داخلية-.. لماذا يصر نتنياهو على اجتياح رفح؟