الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رملة الشاطئ

رشدي علي

2009 / 6 / 27
كتابات ساخرة


اصدق الفكرة التي تقول ان الحياة اختيار. واحتار فيها ايضا.. لهذا انا دائما افحص نماذج البشر من حولي, واراقب الناس عن كثب. في اجواء العلم يقال ان الانسان تطور بسبب الادوات, ولكن هل يعني هذا ان تطوره مستمر باستمرار ظهور ادوات جديدة؟ وبعبارة مختلفة اقول, هل يتطور الانسان باستخدامه اداة صنعها آخر؟ ببساطة نعم. وهنا تكمن المشكلة في رأيي المتواضع, لان الحصول على هذه الاداة يتطلب صراعا.. ولست بصدد عرض رؤية اخلاقية, لانها في النهاية اخلاق القوة, ولكني بصدد تعريف بسيط ببعض طرق العيش والتي يمكن ان تكون احداها خياري في الحياة.
يقول ماركيز: انه كان يجلس في غرفة مغلقة لمدة ساعتين "لانه لايستطيع التفكير وهي مفتوحة" ويدخن علبتي سجائر, ليكتب خمسة اسطر, يمزقها في اليوم التالي. في ذات الوقت وعلى رمال شاطئ خلاب هناك رجل (يسميه البعض غبي وغير مثقف) يتسطح وحوله فتيات شقر, اجسادهن صغيرة, والى جانبه خمرة غالية الثمن, صنعها رجل (يسميه البعض حمار). هناك مجموعة من الناس تطلق على ماركيز لقب معتوه. ان هذه المعادلة: ماركيز.الغبي.الحمار, لطالما اثارت اهتمامي ولسنوات لم اعد اذكر عددها.
في احيان اخرى استبدل البشر بالاشياء: القلم.الشقراوات.صانع الخمرة, لكن الامر يزداد تعقيدا, بسبب ضبابية العلاقة بين الثلاثة, بالاخص علاقة الشقراء مع العامل.

اخيرا قررت ان اعرف كل على حدة, لارى بوضوح طراز الحياة الذي يلائمني.

ماركيز: بعض الناس, وقد اصبح صوتهم عاليا في الفترة الاخيرة, ينعتوه بالاحمق. كيف يجلس رجل عاقل في غرفة كلها دخان؟ في الطرف الاخر يوجد اناس قضوا نصف حياتهم في غرف مغلقة, بعضها بدخان وبعضها الاخر بدونه.. يعرفون معرفة تامة عذابات والم ماركيز واهمية ما يقوم به.. وهم متكلمون من الطراز الاول, حيث لديهم قدرة على العودة من حيث بدأوا في الكلام, وتعقيد للجملة, ولا يستخدمون عبارات واضحة مثل "حمار" بل عبارات غامضة مثل مفكر المعي, او كاتب عميق.
اضاف لي احد اصدقائي وهو كاتب, ان هذه الثلة من الناس لا يذهبون الى الفراش دون ان يأخذوا معهم اوراق, واقلام, وكعك, وحليب, ومسجل للصوت.. وبعضهم مدمني مخدرات, وخمور, وبعضهم يمجد المال, واخرون يمجدون القمع, مثل عبد الرزاق عبد الواحد, وماركيز الذي تمنى ان يعيش كاسترو الى الابد. و يستمر صاحبي وهو يضحك.. اغلبهم يحب ان يأتيه المال دون عناء, كذلك الطعام الجاهز, وهذا القسم يكون اناني ومستعد للهرب في اي لحظة. اما القلة منهم, فهم كالاشباح, ينخرون رعب القوم ببطئ شديد.. لا نعرف عنهم الكثير, لكن كل شيئ يبدأ عندهم وينتهي اليهم, و هم "والعبارة لنيتشة" ورعين في نزواتهم. الحياة عندهم مواقف, لا يوجد امر مهجور.. في حياتهم كلها أمرأة واحدة او اقل.. مهيمون على الاطلاق, لانهم على نقيض ازلي مع السلطة, لذلك حياتهم خالية من المتع الحسية. دائما يموتون بسبب البرد.

الغبي: وهو في الحقيقة رجل يملك مالا.. ينتهز الفرص, لنقل ان مذبحة حدثت في بلد ما, والجميع منشغل بالعويل, يقول لصاحبه: تعال نضع فلوسك على فلوسي ونفتح مكتب للدفن السريع.. ودائما يضيف: سنصبح اغنى الاغنياء في شهر. ما يثير اهتمامي في هؤلاء او حفيظتي! ليس الانتهازية بل امتلاكهم اجمل فتيات الدنيا, وربما الاخرة ايضا, فتيات تخر لهن الجبابرة ساجدين, يمسحن كروشهم المشعرة والمدورة بحنان لا يوصف. وهم اسخياء في الظاهر, لكنهم في حقيقة الامر اشد الناس بخلا, بعضهم مدمن للقمار.. والاخر مدمن طعام, واغلبهم مدمني خمرة ومخدرات, كلهم تقريبا يؤمنون بأن الالف يأتي بالالف, والمليون يأتي بالمليون. اكثر الناس ترغب ودهم. يتحدثون عن الانتصارات اينما كانت.. يحفرون الصخر اذا كان فيه متعة ما, ايمانهم بالله لا ينتهي. لا تراهم الا وفي ايديهم سيكار وهم يضحكون.

الحمار: تجده في كل مكان. قالت عمتي يوما, في حديقة الحيوان يقتلون الحمار ليطعموا به الاسد, ارعبتني الصورة.. لكني مع الزمن تقبلتها. يمجدهم اغلب الناس, كأن يقولوا "طوبى للفقراء" او "الفقراء لهم الجنة" ومرة يقولون " الفقراء ملح الارض". لا يعرفون وسطا للامور: صيف وشتاء, حب وكره, اخلاص وخيانة, او الاهم من ذلك كله حلو ومر, حياتهم من البداية الى النهاية ركض وراء الفلوس, اشداء بينهم, رحماء مع الاغنياء, لذلك هم على الشاطئ, في الفنادق, البارات, وكل مكان فيه نقود. يؤمنون بالحياة الثانية ايمانا مطلقا, المرأة عندهم حبلى في كل الاوقات.. يسرقون اذا حانت الفرصة ايضا.. وهي عادة سرقات صغيرة.

بعد تفكيرطويل اخترت حياة الغبي, لان شيئا في الدنيا لا يساوي ان ينام الرجل كل ليلة مع أمرأة مختلفة, على شاطئ مختلف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إقبال كبير على تعلم اللغة العربية في الجامعات الصينية | #مرا


.. كل الزوايا - وزارة الثقافة تعلن أسماء الفائزين بجوائز الدولة




.. كل الزوايا- المخرج محمد فاضل: في اهتمام كبير من الدولة بالف


.. كل الزوايا - أ.د محمد صابر عرب وزير الثقافة الأسبق: الثقافة




.. كل الزوايا - مصر تكرم مبدعيها.. وزيرة الثقافة تعلن أسماء الف