الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لخبطة -التحالفات- في الانتخابات بالمغرب الدولة مسؤولة

أحمد الخمسي

2009 / 6 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


حزب العدالة والتنمية نفسه، لم يلتزم بخطه الأحمر تجاه غريمه الأصالة والمعاصرة. فقد تحالف معه في أكثر من مكتب جماعة محلية. رغم ذلك، نحلل وفق الخط البياني التالي:

لم يعد لدينا أكثر من خط أحمر واحد في الساحة الحزبية بصدد تشكيل مكاتب الجماعات المنتخبة. ويظهر أن الخط الأحمر الرئيسي أو الوحيد في ساحات الجماعات المنتخبة هو الفاصل بين العدالة والتنمية وبين الأصالة والمعاصرة. لكن الموقف الذي أدلى به ادريس الاشكر، عن الاتحاد الاشتراكي قبل شهور، بصدد إمكانية التحالف مع العدالة والتنمية، جاء ليفتح التساؤل لدى التحالفات التي رسمت منذ إنشاء الكتلة الديمقراطية بداية التسعينات من القرن الماضي. ولو أن الفاعلين الكبار في الكتلة المذكورة لم يترددوا أمام التحالفات التي فرضها الملك بموجب تأليف الحكومة المسماة باسم التناوب التوافقي. واليوم لم تنته الصفة التوافقية للتحالفات الحكومية بل ميعت تمييعا بحيث لم يعد لأي تحالف قائم لا أسس سياسية ولا أجندة زمنية ولا مصوغات استثنائية. كل ما في الأمر أن المنافع والكراسي الحكومية وفرت العلة "المنطقية" الأصلية لباقي العلل المرضية في الجسم السياسي المغربي.
وأكبر مضاعفة من مضاعفات التحالفات "التوافقية" على الصعيد الحكومي، هو استنساخها على أرض الجماعات المنتخبة. بحيث تفككت الكتلة الديمقراطية والوفاق والوسط، كآخر منجزات العهد الحسني لتختلط التحالفات في العهد الحالي "خالوطة" مسخت كل الألوان. فلم يعد لكلمة "التحالف" في الخريطة الحزبية سحر التقاطب المسؤول كما كان سابقا. بل أصبح طريقة برغماتية لاستكمال نصاب الأصوات لانتخاب الرئيس في الجماعة. ولأن البرامج التنموية ليست بتاتا محل منافسة. فاستعمال المال في استمالة الناخبين تبقى الوسيلة الأساسية لحسم الأغلبيات والرئاسات. بل قد يحصل أن يصبح صوت أو صوتين فقط، حاسما لقلب سباق مالي محموم، لا أثر فيه للسياسة، بل كل الصبغة النارية ذات محمول بنكي مالي لا غير.
ولأن الاستقطاب الانتخابي في الحملة من طرف كبار الأحزاب خرج من جيوب كبار المستثمرين العقاريين، فالمنتخب وهو يختار حلفاءه ضمن التشكيلة المنتخبة، لا هدف له سوى ضمان استعادة الكتلة المالية فيما يلي من فترة التسيير، عبر بيع الرخص والصفقات والشواهد الإدارية، الموقوف عليها كل المسلسل البنكي والعمليات الاستثمارية. من لحظة السلف إلى لحظة الرد إلى لحظة الريع والإثراء السريع عبر الجماعات المنتخبة.
إن الحصول على سلطة التوقيع كرئيس لجماعة محلية ما، لهو الضمانة المؤسساتية للحصول على الأقساط الإرشائية. كما أن الرهان على مرشح ما، مع تطعيم الحملة الانتخابية بكل مفاعيل "الدوباج"، جزء من تخطيط المستثمرين العقاريين في المغرب في جهاته 16. مما يجعل أغلب الفرق الحزبية التي مارست الحملة الانتخابية بما يفوق المليار سنتم، تواصل حركة الدفع الرباعي المالي نحو اكتساب الأغلبية والحصول على ريع توقيع الرئاسة، لأن في الأمر شيكات بلا رصيد مرهونة في انتظار دوران ماكينة ريع موقع الرئاسة. ريع الترخيصات والصفقات والشواهد الإدارية. من خلال النسب المئوية التي تصل إلى 20% من قيمة المشاريع المهيأة للتوثب على مكتب الرئيس. فالخرائط والماكيطات وعقود الوعد بالبيع في ثلاجة الانتظار. والذين زودوا المتسابقين بال"دوباج" المالي لشراء الأصوات، صرفوا أموالهم ضمن احتمالات ومعادلات متعددة كلها تؤدي إلى الربح.
أحد هذه الاحتمالات والمعادلات، كون مال الرشوة الانتخابية، طاقة دخت لتوسيع نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات. وبالتالي فالدولة رابحة من عملية الإفساد المالي للانتخابات. مما يفسر تنوع تصرف السلطات المحليات بأشكال شبيهة بما مضى ضمن المدرسة البصرية (من ادريس البصري)، من حيث التدخل عندما لا يجب وعدم التدخل حينما يجب. بهدف وحيد فرض خريطة إدارية مسبقة حزبية بين المنتخبين الرؤساء. خصوصا عندما يتم عقد مواثيق ضمنية مع بعض القياد والباشوات والعمال والولاة لإطلاق أيديهم في إلحاق موظفي الجماعات من ميزانيات الجماعات لفائدة السلطة الوصية. ولاطلاق يد السلطة في بونات البنزين بلا حساب في الاستعمال الشخصي بل بيع تلك البونات ورفع حصيلة ريع موقع السلطة الوصية.
في ظل هذه الدينامية المفسدة، نجد أنفسنا رهيني مواقف دغمائية منتمية لتحالفات قائمة في ورق الوثائق. بينما رؤوس حراب الأقطاب الثلاثة عن الأصولية (العدالة والتنمية) والليبرالية (الأصالة والمعادلة) واليسار (الاتحاد الاشتراكي) لها خطوط حمراء جديدة كما سبق الذكر. بناء على المسلسل السلبي في السياسة الانتخابية الذي سلكته الدولة قصد الابتعاد ما أمكن عن مضمون السيادة الشعبية والإبقاء على مضمون سيادة الأمة أجوفا مغلفا بغلاف سلطوي سميك.
ها نحن إذن ما بين الخط الدغمائي المتخلف عن المستجدات الحزبية في الظرفية السياسية، وبين الخط المائع في مراكمة المكاسب والمواقع المؤسساتية بغض النظر عن الاختيار الحزبي الذي ينبني عليه موقف الناخب.
إن الدولة مسؤولة مسؤولية رئيسية عن هذا التدهور السلبي في دور التحالفات في صياغة التوجات السياسية للأحزاب والانتقال بها نحو التطبيق على أرض الجماعات المحلية المنتخبة.
إن تعويض التعبئة السياسية للمشاركة الانتخابية بالتعبئة الإرشائية المالية تدمير لمناعة المغرب على المدى الطويل، وليس فقط تدمير لسيادة الشعب. وفي ذلك حساب ضيق للنخبة الصانعة للقرار السياسي في قلب الدولة. واللي حسب بوحدو كيشيط له.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصير مفاوضات القاهرة بين حسابات نتنياهو والسنوار | #غرفة_الأ


.. التواجد الإيراني في إفريقيا.. توسع وتأثير متزايد وسط استمرار




.. هاليفي: سنستبدل القوات ونسمح لجنود الاحتياط بالاستراحة ليعود


.. قراءة عسكرية.. عمليات نوعية تستهدف تمركزات ومواقع إسرائيلية




.. خارج الصندوق | اتفاق أمني مرتقب بين الرياض وواشنطن.. وهل تقب