الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارتدادات العربية للمأزق الايراني

جهاد الرنتيسي

2009 / 6 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


يستمد العرب حضورهم في قلب العاصفة الايرانية من تداخل ازمات المنطقة ، وشروط تفاعلها ، وتأثيراتها المتبادلة ، وللاسباب ذاتها تستقر سحب الصراع المحتدم بين اجنحة نظام الملالي في فضاءات السياسة العربية ، لتغلق ما تبقى من افق .

فالعلاقة بين العرب وجارتهم ايران مثقلة على الدوام بالغموض ، وانعدام الثقة ، وسوء الفهم المتراكم ، والميل للتازيم.

ولهذه الاسباب وغيرها ، لا تفتقر العلاقة لاحتمالات التصعيد ، ومنزلقات المواجهة التي تأخذ طابعا سياسيا مرة ، ودبلوماسيا مرة اخرى، منذ غياب الرادع العسكري العربي لطموحات ايران التوسعية .

كما اضافت الطبيعة التي تكره الفراغ قدرا من اللبس لهذه العلاقة ، مع تفاقم ازمات الدولة العربية بصيغتها الراهنة، وعجز النظام الرسمي العربي عن تقديم تصور مقنع للخروج من دائرة العجز، واتساع هامش شعارات مواجهة " الشيطان الاكبر " و " ازالة اسرائيل عن الخارطة " التي يرفعها ملالي ايران لدغدغة مشاعر شارع عربي فاقد للذاكرة .

وامام هذه التعقيدات ، يمكن قراءة الحضور العربي في الازمة الداخلية الايرانية التي اعقبت الانتخابات الرئاسية المختلف عليها من زاوية اجواء القلق المخيمة على المنطقة.

فهناك حالة من انعدام الوعي العربي بآليات صراع اجنحة النظام الايراني ، المستمر منذ 30 عاما دون توقف ، كرسها عجز انوية مراكز الدراسات العربية عن متابعة تفاصيل التفاعلات الداخلية الايرانية .

ولمحدودية القدرة على وعي تطورات الداخل الايراني عدة مظاهر ،لا تبدا من غياب القراءات التي تتيح محاولة استمالة بعض التيارات لعقلنة سياسات الملالي تجاه المنطقة على مدى العقود الماضية ، واللعب على التناقضات الداخلية الايرانية ، ولا تنتهي عند ما تكشفه حالة الترقب والتردد ، التي يتسم بها الموقف الرسمي العربي مع دخول صراع اجنحة الحكم الايراني مرحلة جديدة قد تترك بصماتها على مجمل الاوضاع في المنطقة .

كما افتقر النظام الرسمي العربي الذي فوجئ بالحدث وتداعياته لرؤية واضحة حول العلاقة مع نظام الملالي في طهران الذي كرس شريكا في القرار الرسمي العربي مع ارتهان عواصم وقوى عربية لسياساته .

وعلى ارضية هذه الشراكة،اتسع دور الملالي على الصعيد الاقليمي ، وظهرت اصطفافات في المؤسسة الرسمية العربية ، تمثلت في معسكرين هلاميين حمل احدهما مصطلح الممانعة ، واستحق الاخر وصف الاعتدال .

في تعاطيه مع تفاقم صراع اجنحة الحكم الايراني لم يخرج النظام الرسمي العربي عن هذه الارضية بوصة واحدة .

فقد واصلت دول الاعتدال العربي ترقبها الحذر للنتائج التي يمكن ان يتمخض عنه ذلك الصراع .

وما تخفيه تصريحات المسؤولين في هذه الدول ، يكشفه الخطاب السياسي الذي تستخدمه الصحف القريبة من صناعة القرار ، والذي لا يخلو من الرغبة بحدوث تغييرات دراماتيكية في ايران ، تحد من تدخلات الملالي ، التي وصلت الى درجة منازعة النظام السياسي العربي على شرعياته .

لكن الامر يبدو مختلفا بالنسبة للعواصم العربية ، التي تحاول تحسين موقفها الاقليمي ، وتعزيز حضورها في النظام الرسمي العربي ، من خلال الاستقواء بالعلاقة مع طهران ، والازمات التي تثيرها ايران في المنطقة .

ففي تصريحات ادلى بها لدى خروج المتظاهرين الايرانيين الى الشوارع ، للتنديد بنتائج الانتخابات الرئاسية ، تمثل وزير الخارجية السوري وليد المعلم مواقف ادوات المرشد الاعلى علي خامنئي ، منتقدا تشجيع التظاهرات ، ومحذرا من الرهان على سقوط النظام الايراني ومطالبا بعدم التدخل في الشؤون الداخلية الايرانية .

وخلال وجوده في العاصمة الفرنسية خرج امير دولة قطر خليفة بن حمد آل ثاني عن نص الكلمة المكتوبة التي القاها في بلدية باريس ليشيد بالديمقراطية الايرانية التي عرفت اربعة رؤساء منذ مجئ الثورة الايرانية قبل ثلاثين عاما .


بذلك تضاربت الرهانات بين جزء من النظام الرسمي العربي ، يأمل في الخروج من حالة الارتهان لمعادلة اقليمية ، تساهم في ادامة انقسام ما تبقى من مؤسسة عمل عربي مشترك ، والجزء المستفيد من التحالف مع حالة التشدد الايراني ، وان تضاربت هذه الفائدة مع المصالح العربية المتضررة من الطموحات الامبراطورية المعششة في اذهان الملالي .

لكن تضارب الرهانات العربية على تطورات الازمة الداخلية الايرانية لا يخفي مخاوف مختلف الاطراف من انفتاح تصاعد صراع اجنحة النظام الايراني على جميع الاحتمالات .

فالاحتمالات المتداولة ليست بعيدة عن توقعات بفلتان خيوط اللعبة من بين اصابع الولي الفقيه ، وخروج الوضع الداخلي عن السيطرة ، في ظل الشرخ الذي الحقته الانتخابات الرئاسية بمصداقية نظام الملالي .

ولدى الحديث عن الفلتان يستحضر صانع القرار العربي النموذج الاقرب والمتمثل بعراق ما بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين حيث امتدت السنة لهب الحريق العراقي باشكال متفاوتة الى دول الجوار .

كما تحضر في ذهن صانع القرار العربي احتمالات هبوب رياح التحولات الايرانية المرتقبة على العواصم العربية .

ويعزز هذه الاحتمالات تظاهر المغتربين الايرانيين في شوارع بعض العواصم العربية احتجاجا على نتائج الانتخابات .

لكن الامر يختلف الى حد كبير بالنسبة للقوى السياسية العربية التي بنت حساباتها على ارضية وجود الحليف الايراني الذي يمدها باسباب القوة مقابل قيامها بما تمليه سياساته .

فلم تنتظر حركة حماس حفل تنصيب الرئيس احمدي نجاد لتهنئته بالفوز رغم الشكوك التي رافقت الاعلان عن النتائج الاولية للانتخابات .

وقلل حزب الله اللبناني من اهمية المراهنة على غياب قريب للدور الاقليمي الايراني .

كما تتعامل الاحزاب العراقية المرتبطة بطهران مع المنعطف الايراني بحساسية مفرطة ، وهي تحاول تجاوزه باقل قدر من الخسائر ، مع اقتراب العد التنازلي للانتخابات النيابية .

ونتيجة لتداخل ازمات المنطقة لا تقتصر الامور على حضور الازمة الايرانية في المشهد السياسي العربي المأزوم .

فالمشهد العربي حاضر ايضا في التطورات الايرانية وان اخفته حالة الترقب وصخب الاحداث .

ولعل ابرز مظاهر هذا الحضور ما جرى تداوله في بعض الاوساط الايرانية حول مشاركة عناصر عربية في قمع المحتجين على نتائج الانتخابات .

ردود الفعل العربية على الحدث الايراني تعكس الى حد كبير عمق ازمة التفكير العربي ، فالانظمة تخشى اعلان موقف واضح مما يحدث في ايران ، يرتد عليها في حال استعادة ثنائي خامنئي ـ نجاد السيطرة على الاوضاع ، وتعجز عن استعارة خطاب سياسي ينطوي على سمات التغيير ، والقوى التي ادمنت خلال العقدين الماضيين خطابا يتكئ على سياسات الملالي تحتاج الى اعادة هيكلة بناها ، وتجديد نمطيات تفكيرها لتتناسب مع المتغيرات الجديدة .

لكن تفسير صمت عواصم وقوى الاعتدال العربي عن تطورات الوضع الايراني ، وعدم اتخاذها مواقف واضحة ، لا يعفيها من اتخاذ مواقف كما فعلت العواصم الغربية ، لا سيما وان طهران الملالي لم تحترم يوما الوضع الداخلي في اي من العواصم العربية .

وفي جميع الاحوال لا يوجد ما يبرر المواقف العربية المعادية لرغبة الشعب الايراني في التغيير ، فالحاجة الى مساندة لمواجهة اسرائيل ، لا تعني التنكر لحق الجيران في الاصلاح ، و الدفاع عن انتخابات فاسدة لا يمنح ادوارا في النظام الرسمي العربي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الزمالك المصري ونهضة بركان المغربي في إياب نهائي كأس الاتحاد


.. كيف ستواجه الحكومة الإسرائيلية الانقسامات الداخلية؟ وما موقف




.. وسائل الإعلام الإسرائيلية تسلط الضوء على معارك جباليا وقدرات


.. الدوري الألماني.. تشابي ألونزو يقود ليفركوزن لفوز تاريخي محل




.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ