الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظات نواب حماس في الضفة الفلسطينية على بعض عناوين الحوار الوطني: مزيدا من المحاصصة.. مزيدا من الانقسام.. مزيدا من المراوغة

محمد بهلول

2009 / 7 / 1
القضية الفلسطينية


بات واضحا أن حركة حماس في حركتها السياسية، على المستويين الفلسطيني والإقليمي، عمقت مراهنتها على تطورات إقليمية ودولية تخدم سياساتها، ومشروعها الفئوي، لذلك تراها تلجأ إلى زرع العراقيل في طريق الحوار الوطني الشامل (كما فعلت في 8/11/2008). وتستبق جولات الحوار بنشر أجواء تشاؤمية، وطرح اشتراطات، كثير منها مفتعل، كذلك تراها تلجأ إلى اللغة المزدوجة (بل المثلثة أيضا)، لغة تخاطب بها الحالة الجماهيرية من موقع إدعائها تمثيل المقاومة واحتكارها، ولغة تخاطب بها الأطراف الإقليمية والدولية، فتقدم نفسها طرفا جاهزا للانخراط بعملية التسوية مقابل حجز مقعد متقدم جدا في قطار التسوية قد ينافس، بل قد يكون بديلا، لمقعد الفريق الفلسطيني المفاوض باسم منظمة التحرير الفلسطينية. أما اللغة الثالثة فهي تلك التي تتداول بها حماس، عبر الأطر التنظيمية، المشاريع والحلول والاقتراحات، وتكشف عن حقيقة ما يدور في مراكز القرار لديها من توجهات سياسية، تهدف إلى تعميق الانقسام، وتوسيع نطاقه، وتعطيل كل محاولات استعادة الوحدة الداخلية والبحث عن الذرائع لأجل المماطلة ومد الحوار دون سقف زمني. يساعدها في ذلك نزول فتح عند صيغة الحوار الثنائي وانسجامها معها، بديلا للحوار الوطني الشامل، والذي وفر لحماس الأجواء المناسبة للمراوغة والمماطلة والتنصل من المسؤوليات الوطنية.
بين أيدينا، في هذا السياق، رسالة من نواب حماس في الضفة الفلسطينية إلى قيادة الحركة في الخارج، تحمل ملاحظات «حركة الضفة» على محضر الاجتماع الأخير لرئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل، مع الوزير عمر سليمان في القاهرة.
الرسالة تتناول ثلاث قضايا هي: الانتخابات ـ اللجنة العليا ـ كونفدرالية الكيان السياسي. علما أن القضايا بطبيعة الحال يمكن أن تؤخد فرادى وأن ينظر في الوقت نفسه إليها على أنها مترابطة سياسيا.
الانتخابات
جوهر هذه الملاحظات يقوم على تأجيل الانتخابات التشريعية لمدة سنتين على الأقل أي حتى عام 2012 ولو أدى ذلك إلى إبقاء حالة الانقسام والتشرذم. يعترف نواب حماس «إن أوضاعنا في الضفة الغربية لا تسمح بالانتخابات ونعتقد أن هناك حاجة لفترة زمنية (سنتان على الأقل) بعد المصالحة وعودة الحريات والنشاطات والمؤسسات وذلك للتمكن من إعادة البناء الداخلي والتحضير النفسي والمادي للانتخابات».
ويقدم نواب حماس في هذا السياق سلسلة مخارج يرونها مناسبة لتمرير استحقاق الانتخابات وتأجيلها لمدة سنتين وهي:
* الربط بين الانتخابات التشريعية في الضفة الفلسطينية والقطاع، وبين انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، بما في ذلك في الشتات، في مراهنة مكشوفة على دور إقليمي في تعطيل انتخابات «الوطني»، بحيث تتعطل في السياق انتخابات «التشريعي» أيضا.
* تقديم إغراء إلى فتح لتمديد فترة ولاية الرئيس عباس لسنتين إضافيتين، مقابل تمديد ولاية «التشريعي» في دعوة صريحة ومكشوفة إلى «المحاصصة» القائمة على تلاقي المصالح الفئوية للحركتين.
* الربط بين موعد الانتخابات وإنجاز مشروع إصلاح أوضاع الأجهزة الأمنية في الضفة والقطاع معا، بذريعة توفير الأجواء المناسبة لانتخابات نزيهة علما أن الجميع يدرك أن إعادة بناء الأجهزة الأمنية عملية مديدة تتطلب وقتا، وهو ما تحاول حماس أن تستغله ليس لخدمة مشروع الإصلاح، بل في خدمة مصالحها الفئوية.
في السياق نفسه يدعو نواب حماس إلى رفض النسبية الكاملة في الانتخابات والتمسك بمبدأ الدوائر، لأن النسبية الكاملة، كما هو معروف، تفتح الباب للشراكة الوطنية الشاملة، وتضع العراقيل أمام سياسة الاستفراد والتفرد والمحاصصة. واضح هنا أن حماس لا تقيم وزنا للوحدة الوطنية وأن نزعتها الاستحواذية التي تبدت واضحة في انقلاب 14/6/2007، تتبدى واضحة في التمسك بقانون الدوائر، القانون الذي يفتح الباب أمام المال السياسي ليلعب دوره في صناعة نتائج الانتخابات.
اللجنة العليا (أو الهيئة المشتركة)
توافق حماس على فكرة اللجنة العليا، التي تنسق بين حكومتين، لكن حماس تريد أن تعزز دورها في هذه اللجنة لذلك تدعو إلى:
* محاصصة في تشكيل اللجنة (6 لفتح + 6 لحماس + 4 للآخرين!).
* لجنة عليا معترف بها عربيا ودوليا، وليست مجرد هيئة تنسيق، الأمر الذي يوفر لحماس اعترافا عربيا ودوليا في إدارتها للنظام السياسي ويشرعن انقلابها السياسي.
* الاعتراف العربي والدولي باللجنة يشكل في الوقت نفسه اعترافا عربيا ودوليا بحكومة هنية، بشرط ألا يشكل بالمقابل اعترافا مماثلا بحكومة فياض.
* اللجنة تبقى إلى أن تجري الانتخابات المدعو لتأجيلها. إذن نحن أمام صيغة كونفدرالية، تشرع الانقسام، وصيغة النظامين، وتخرج حكومة حماس من عزلتها السياسية، وإذا ما توفر لحماس مدة سنتين استعدادا للانتخابات فمعنى ذلك أنها ستستغل هذا الانفتاح في خدمة مصالحها الانتخابية وشروطها السياسية.
واضح أن حماس وهي تريد أن تؤبد هيمنتها على المجلس التشريعي، تريد في الوقت نفسه أن تؤبد انقسامها وسيطرتها على قطاع غزة، وأن تكسب الوقت لتعيد تنظيم صفوفها في الضفة، في رهان على تطور إقليمي ودولي يمكنها، تحت سقف هذا كله من الانتقال من حالة الدفاع (في الضفة) إلى حالة الهجوم.
كونفدرالية الكيان السياسي
المشروع الأخطر الذي أورده نواب حماس في الضفة وجاء في سياق اقتراح استراتيجي، فكرته الرئيسية «تعديل القانون الأساسي بحيث يكون الكل الفلسطيني ثلاثة أقاليم: الضفة، غزة، والخارج. يكون لكل منها مجلسه التشريعي ومجلسه التنفيذي (حكومة) وتكون م.ت.ف. المسؤول العام».
أما السبب من وراء هذا الاقتراح، بحسب نواب حماس في الضفة «يعطينا مرونة القرار والممارسة في ما يتعلق بالمشاركة في الحكم والانتخابات وغيرها».
إن البعض قد يصاب بالذهول أمام هذا الاقتراح التفتيتي. لكن الذهول، قد يتضاءل، إذا ما نظر إلى هذا الاقتراح في سياقه السياسي، لحركة تتعاطى بالشأن الوطني بخفة يحكمها مصالحها الخاصة ومصالح الفئات العليا في بنيتها الاجتماعية. إن اقتراح نواب حماس يدعو إلى تفتيت الجسم الفلسطيني إلى ثلاثة أجسام. استولت حماس على الجسم في القطاع. وتطمح إلى مشاركة فتح في «الجسم الفلسطيني» في الضفة. وتطمح عبر علاقاتها إلى السيطرة على من هم في الخارج. دون أية استدراكات أو اعتبارات لما سيلحق بالمشروع الوطني من أضرار، أهمها إغلاق الطريق أمام قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وإغلاق الطريق أمام حق العودة، والعودة إلى سياسة الحلول الإقليمية التي لا تتعارض مع الوجهة السياسية العامة للحركة الإسلامية في مصر والأردن بشكل خاص.
إن رسالة نواب حماس في الضفة إلى قيادتهم في الخارج، تشكل بحق، شهادة فاقعة، على حقيقة السياسة التدميرية التي تضمرها حركة حولت المقاومة المسلحة جسرا للوصول إلى أهداف سياسية فئوية ضيقة على حساب المصلحة الوطنية والمشروع الوطني الفلسطيني.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد