الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انسحاب ام اعادة انتشار

جمال المظفر

2009 / 7 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مازالت بنود الاتفاقية الامنية الموقعة بين بغداد وواشنطن غير واضحة المعالم سوى الفقرة المتعلقة منها بانسحاب القوات الامريكية من داخل المدن والذي حدد له يوم الثلاثين من حزيران كحد اقصى له ، والذي يعد بحد ذاته اعادة انتشار لا انسحاب ، فالقوات الامريكية ستبقى على مشارف المدن وهناك قواعد في داخل المدن اعتبرت كمعسكرات دائمية للقوات الامريكية ، والتصريحات التي يطلقها القادة الامريكان بابقاء بعض قواتهم القتالية في بعض المدن كديالى والموصل لوضعهما الامني الخاص بدعوى سيطرة القاعدة على هاتين المدينتين يعطي مؤشرا سلبيا حول جدية الانسحاب ، كما ان الجانب الامريكي عمد الى ابقاء تسليح الجيش العراقي ضعيفا بالنسبة الى جيوش الدول المجاورة ، فالجندي العراقي لايملك غير البندقية الالية والتي تعد غير فعالة امام تسليح الجماعات المسلحة والتي تمتلك الهاونات وبنادق القنص وصواريخ الكاتيوشا والصواريخ المضادة للطائرات ، كما ان الامريكان ابقوا القدرة القتالية لكافة صنوف الجيش العراقي ضعيفة بما فيها القوة الجوية التي تعد مهمة لحماية الاجواء العراقية من اي تدخل خارجي وتوفير الحماية للقطعات العسكرية المكلفة بمهمات قتالية ، وما الطائرات التي جهز بها سلاح الجو العراقي والتي تعد باصابع اليد ماهي الا محاولة ذر الرماد في العيون ...
هذا الوضع للقوات العراقية يجعل القادة السياسيون بحاجة الى الدعم اللوجستي من قبل القوات الامريكية والتي هي اقرب مايكون من الرمش للعين لانها على مشارف المدن ، فهل يمكن ان تستلم دولة سيادتها كاملة من دون تسليح قوي مع وجود تهديد اقليمي وصراع مصالح ومطامع ستراتيجية وتصدير ثورات ومحاولات بعض دول الجوار تصدير ازماتها الى العراق لتشتيت الانظارعن ازماتها الداخلية او من اجل كبح جماح العملية السياسية وتقويضها لانها اذا ما نجحت فانها ستمتد الى دولهم وستطالب شعوبهم بالتغيير اسوة بما حدث في العراق ..
وهناك مشكلة اخرى في تأثيرات الانسحاب الامريكي ، وهو الصراع السياسي على السلطة والاجندات الحزبية ، فكل حزب يسعى لاسقاط الاخر واستغلال الثغرات لاثارة ازمة ، بل ان البعض يسعى لتأجيج الاوضاع الامنية من اجل اثبات ان الحكومة واجهزتها الامنية غير قادرة على ادارة الملف الامني بعد انسحاب القوات الامريكية ، كما ان الحكومة العراقية لم تتعامل بجدية مع اعادة تأهيل وتسليح الجيش العراقي ، بل لجأت في اكثر الاحيان الى الاعتماد على دعم القوات الامريكية ، اذ لم تقوم القوات العراقية بمهام قتالية دون مشاركة او دعم من الجانب الامريكي الذي يمتلك مقومات شن العمليات العسكرية الكبرى لامتلاكه قوة جوية حديثة وطائرات انزال وامداد جوي وجهاز استخباراتي قوي يفتقده الجانب العراقي ، والذي اعتمد كثيرا على المخبر السري الذي تسبب في الكثير من المآسي والكوارث لانه اعتمد على الوشاية وتصفية الحسابات والتسقيط السياسي ...
ادارة الملف الامني مازال ضعيفا ، فكل ماتلجأ اليه القيادات العسكرية هو زيادة عدد السيطرات ونقاط التفتيش وزيادة الانتشار العسكري داخل المدن حتى باتت مدننا عبارة عن ثكنات عسكرية متناسين ان الملف الامني بحاجة الى بناء جهاز استخباراتي ومخابراتي قوي ومهني كفوء ...
تخوف كبير يسود الشارع العراقي من مرحلة ما بعد الانسحاب ، فهناك جهات مخابراتية دولية تسعى لاثارة الفتنة وتصعيد الاوضاع الامنية وهناك من يتهم الامريكان بافتعال الازمات لابقاء القوات الامريكية واعادة انتشارها من جديد داخل المدن بدعوى عدم تمكن القوات الامنية العراقية من مسك زمام الامور على الارض ..
الخروقات الامنية الاخيرة التي سبقت عملية الانسحاب الدراماتيكي رسائل واضحة الى الحكومة العراقية بان المعارضة المسلحة موجودة وانها غير قادرة على ايقاف انشطتها لولا الاسناد والدعم الامريكي ، وهناك دول مجاورة لاتريد الانسحاب وانما ان تبقى القوات الامريكية منشغلة في حرب العراق لا ان تتجه انظارها اليها ..
كل مانستطيع قوله ان موضوعة الانسحاب هي اعادة انتشار ليس الا وبامكان الامريكان دخول المدن في اية لحظة بدعوى جولات سياحية او استطلاعية ، لان الانسحاب يعني سحب اليد من القرارات العسكرية والقائها في يد الحكومة العراقية ولايمكن التفريط بالانجاز الامريكي ....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد