الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوم الانسحاب.. وجهة نظر أقرب

محمد طالب الأديب

2009 / 7 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


احتفل العراقيون (رسمياً) اليوم 30/6/2009 بخروج القوات الأميركية والصديقة من المدن العراقية بيوم سمي بـ (يوم السيادة) ولا أقول (يوم الشموخ) حيث تذكر هذه الكلمة بشعارات نظام الطاغية صدام والأنظمة الشمولية والأحزاب (الثورية) والحشود الدوغمائية.. لكن السؤال هو: هل كانت سيادة العراق منتهكة بسبب وجود الشباب والشابات الأميركان في شوارع مدن العراق وساحاته يحامون عن أطفال ونساء وشباب من إرهاب عرب ومسلمين؟! وهل يسترد العراقيون شموخهم في هذا اليوم - فعلاً - بخروج القوات الأميركية والبريطانية التي دافعت – وما زالت – عن العراقيين وممتلكاتهم من نزعة القتل والذبح والخطف والتهجير والتدمير جاء بها لنا أشقاء وأخوة وجيران دفاعاً عن خلافة إسلامية أو استرداداً لحكم البعث الصدامي؟! لو كانت القوات الأميركية هي سبب المشكلة أو المشاكل التي يعاني منها العراقيون منذ سنوات.. فلماذا (تورطنا) بتوقيع اتفاقية أمنية واتفاقية إطارية مع هؤلاء (المحتلين) الذين انتهكوا سيادة العراق وهمشوا شموخ العراقيين؟! ولماذ دافعت الحكومة عن تلك الاتفاقيتين إذا كان طرفها الآخر الأميركان؟! ولماذا صوت مجلس النواب العراقي عليها بالإجماع (إلا قلة.. أمرهم ليس بيدهم)؟!.
بالتأكيد، إن قراءة أي حدث لن تكون موضوعية إذا كانت تجري باتجاه واحد أو النظر الى الحدث من زاوية واحدة كما أنها لن تكون قراءة صائبة إلا إذا تناغمت مع معطيات الواقع – الزمن وتعقلنت في التعامل مع حيثياته، فلا يمكن العمل وفق منطلقات ماضوية عبر إسقاط الحدث على تاريخ كانت له ظروفه وملابساته الواضحة وغير الواضحة لذلك يجدر بالعراقيين – اليوم – وخاصة قادته وسياسييه قراءة الأحداث للعراقيين بالشكل الذي يزيل ركام ماضوي وآيدولوجي متخلف، قراءة تعلن رفض العراقيين لواقع مأزوم بالانتهازية ونزعة التسلط وهوس تحشيد الجماهير لأهداف غير أخلاقية وغير معلنة، وفي نفس الوقت، ينبغي – اليوم – اعتماد لغة أكثر شجاعة في قراءة الحدث وتحديد الهدف لغرض تأسيس واقعية جديدة تساعد الفرد العراقي لأن يكون أكثر نضجاً في البحث عن مصلحته ومصلحة وطنه لا أن يتسمر أمام فهم منغلق على أفكار في وعيه ولاوعيه وفي غفلة عقل أو لحظة ضعف تأسست على قناعات غير ناضجة يكون فيها الإنسان وحريته ورفاهه في آخر قائمة اهتمامها لذلك فإن من المهم جداً تجنب أي قول وفعل يعرقل صناعة الواقعية الجديدة التي بسواها لن يبنى العراق الجديد.. العراق الحر الديمقراطي، الأمر الذي يفرض – على الأقل – التعامل مع قوات الدولة الأعظم في العالم كما هي، قوات صديقة حررت العراقيين من سلطة طاغية قتل العباد ودمر البلاد.. وإلا بشكل وبآخر فإننا بتلك اللغة التي تكتفي بأقل الشجاعة نعطي مبرراً لأدعياء الجهاد وإرهابيي المقاومة وفقهاء الجاه والمال ومرتزقة الأحزاب والشعارات وحشود الغوغاء ليمارسوا سلوكهم الإجرامي والتدميري، كما إنه وبعد التحسن الأمني الكبير وتقدم العملية السياسية والانفتاح الدولي على العراق فإن الحديث الواضح سيسد على أعداء العراق الجديد ثغرات ينفثون من خلالها سمومهم القاتلة وعبواتهم الغادرة وانتحارييهم القذرين، ويعطي قوة إضافية (سيادية وأخلاقية) للسلطة السياسية العراقية على المستوى الخارجي من الممكن أن تستخدم في إطار الردع وتغيير المواقف العدوانية والمستفزة نحو الأفضل، أما على المستوى الداخلي فإن اعتماد اللغة الشجاعة سيعزز الثقة بين السلطة والحكومة وبين جماهيرها.
إن سيادة العراق لم تسترجع بخروج القوات الأميركية الصديقة التي جاءت الى تحرير العراق في 2003 بموافقة وتنسيق ومشاركة أكثرية المعارضة العراقية آنذاك والتي كانت تمثل الشعب العراقي حيث كانت ثقة الشعب بها بأعلى درجاتها.. وتلك المعارضة هي التي تدير - اليوم - العملية السياسية والتنفيذية.. إن سيادة العراق تسترد بوقف تدخل (غير مأذون به) بعض دول الجوار والإقليم، الذين دأبوا على التدخل بشؤون العراق بأخس الأفعال وأكثرها لؤماً وأقبحها غدراً تحت شعارات مقدسة وأخرى مصطنعة أقنعت سخرت قطعان من مسلحين وسياسيين وإعلاميين ومثقفين وفنانين على أن يكون العراق وشعبه ساحة لتصفية حسابات خاسرة تفتقر لمبادئ الشرعية الدينية والأخلاقية فضلاً عن أنها حسابات لا يمكن إجراؤها إلا من خلال ممارسة عهر سياسي ونفاق ثوري، وإن في زمننا الأحمق هذا ليس من الحكمة أن نصرف الوقت ونبذل الجهد في إقناع حمقى ومطلوبين وقتلة وإنما الذي ينبغي اليوم هو التصريح بجرأة عن الحقيقة التي تعبر عن مصلحتة العراقي كفرد ومصلحة شعبه، فشعب العراق قد عانى الآلام والموت الزؤام أكثر من ثلاثين سنة مع نظام البعث العفلقي ولم ينقذه أحد.. ولم يخلصه أحد.. ولم يحرره أحد.. أميركا هي التي نجحت في عملية تحرير العراقيين من عصابة المجرم صدام.. وهي نفسها التي (عبر الاتفاقية الإطارية) تريد أن يتحول العراق الى دولة حرة ومتقدمة.. فيما لو العراقيون أرادوا ذلك! وإن سيادة العراق في جانبها الآخر تسترجع عبر محاربة ومحاسبة السياسيين العراقيين المتورطين بمساعدة قوى الإرهاب وإثارة الفوضى والتستر على المجرمين والمفسدين، ومحاربة ومحاسبة المسؤولين العرقيين الذين سرقوا المال العام لتمويل أنفسهم ومن أجلسهم في وظائف من أحزاب أو زعامات، ومحاربة ومحاسبة الذين ضيعوا أموال الخدمات والإعمار عن جهل حيث فرضتهم المحاصصة اللعينة كما وضعت جهلة ومفسدين في مناصب مهمة وأنيقة تضم بين ثنايا درجاتها الوظيفية أصحاب شهادات وخبرات عالية ورفيعة. وإن سيادة العراق تسترد بتشريع مجموعة قوانين مهمة كقانون الأحزاب والوزارات وغيرها.. فضلاً عن قانون النفط والغاز الذي من خلاله تتحول ثروة العراق التي نتحدث بها ليل نهار من وعود وأحلام الى إعمار وخير وسلام وتقدم ورفاه لكل العراقيين فضلاً عن أنه سيوفر لخزينة العراق ما يقارب ستين مليون دولار تحترق يومياً منذ زمن صدام (باني العراق).. وهي اليوم تحترق بسبب وآخر.
إن من الممكن تسمية هذا اليوم السعيد 30/6/2009 بيوم الانتصار والكشف حيث سيكون تأكيداً جديداً على انتصار العراق الجديد وهزيمة قوى الإرهاب وتنامي قدرات العراقيين، أما إنه وبعد (معظم) نتائج مجالس المحافظات وما تمخضت عنه تطورات مهمة شهدها الشرق الأوسط في الأسابيع القليلة الماضية – ومازالت - فإن (يوم السيادة) هو في الحقيقة سيكون (يوم الكشف) لإنه سيسقط ورق التوت عن عورات الذين يتاجرون بشعارات الاحتلال وتحرير الأوطان من سيطرة (الأجانب والكفار) ليخلو لهم الوطن ومواطنيه قمعاً ونهباً واضطهاداً واغتصاباً ونفياً وطغياناً وقتلاً.. فيما الشعب لن يجني منهم سوى رفع شعارات جوفاء ولا يسمع منهم إلا دوي تبشير بالجنة والنار للأعداء وحفنة وعود وسرد خطابات! وسيفصح (يوم الكشف) عن قبح أصحاب الأفكار (الإلهية المقدسة) والرؤى الحزبية المقولبة الذين يجيدون لغة الدم والسلاح في حل خلافاتهم مع الآخر.. أي آخر.. وإن كان إبن وطنه الذي لا يريد به شراً.. وإن كان صديقاً يريد - أو من مصلحته - أن ينفعه! هو يوم كشف للمنهزمين أخلاقياً الذين يحترفون خداع الغوغاء وتطويع الفقراء ويمتهنون بيع المبادئ للأغراب بحجج خادعة دينية أو مذهبية أو قومية! يوم الكشف سيكون بداية أكثر وضوحاً تسلط فيه الأضواء على معتقدات مومياء وشعارات للاستهلاك وأفكار عرجاء! وستكشف الأقنعة عن وجوه ليس لها دور في عراق الحرية والبناء والإعمار فهي لم تتعلم في سنينها الماضية إلا حفظ معتقدات وقمع الآخر أو قتله أو انتهاك أعراض (روافض ومرتدين وخونة وكفار)! وستنكشف وجوه لن يكون لها شأن في مجتمع عراقي جديد يتواصل مع دول وشعوب حرة ومتقدمة ويشارك أمماً حية تفكر بتوطيد سعادة الإنسان! وجوه كانت تملك أصواتاً عالية لكنها اليوم عاجزة عن أن تكون إمعة فضلاً عن أن تكون قائدة لجمع من شباب وشابات العراق يلتقون عبر الانترنيت المحرم في زمن صدام - في أي ساعة يشاؤون - مع أقرانهم من دول العلم والرفاه والمحبة والخير والسلام فيتبادلون الأفكار.. ويتقاربون بالرؤى.. ويعيدون لم شمل إنسانيتهم الجميلة التي قطَّعها مستبدو سلطة وطغاة تدين أو يساريو تحزب وأفكار.. وستلتقي مشاعرهم وستتظافر جهودهم لبناء قوة للدفاع عن حرية ورفاه وعقل الإنسان.. أي إنسان.. وربما ستلتقي عواطفهم النبيلة وتتوقد أدوات العشق وتتلاحم أواصر الغرام فليس هناك قديس أو كافر.. وليس هناك سلاح رأي وأفكار.. ليس هنا وليس هناك سوى: إنسـان حـر.. لـم.. ولـن يضر.
30/6/2009











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يوم ألكشف........ و.......... يوم ألكشافة
جيفارا ( 2009 / 6 / 30 - 21:02 )
هنيئآ للعراق بيوم كشفة ألجديد ومن خلال كشافتة ألجدد وهنيئآ لنا بمستشرقينا ألجدد


2 - !! فرمان اخر زمان
علي النقاش ( 2009 / 7 / 1 - 12:33 )
هل تم اصدار فرمان جديد من قبلك بعدم مشروعية المقاومه ليس هذا من املاءاتك على المقاومين وحتى لا تفسر خطا ما اقول المقاتلين للمحتل ما دام في بلدنا وليس ابناء شعبهم من الابرياء .مع كل ادعاءات شله المحتل وزبانيته بالتحرير الذي اتى مع الجيوش الغازيه هل شعوب الارض افضل منا كيف يسوغ للاحتلال ويشرعن الم تسمع عن الفيتناميين والفرنسيي والروس ووالخ .اين حقوق الملايين ممن تضرروا ولا زالو اي كلام هذا هل انحرفت البوصله عن جاده الصواب اي تحرير والمحتل جاثم على صدورنا اين ذهبت حقوق من استحلت اعراضهم كلام يوجع القلب


3 - مقال جميـــــــــل
كنعان ايرميا ( 2009 / 7 / 1 - 17:44 )
واظن على النقاش محــق فقد اســـــتبدل الامريكان ســــــــرطان صدام بطاعـــــــون العمائم وكان بامكانهم ان يجعلوا العراق يليق بمهد الحضارات ... وا اســفا على العراق ورحم الله السياب ... كل عام كنا نزرع الحقول لتشـــبع الجراد والغربـــان

اخر الافلام

.. الإمارات وروسيا.. تجارة في غفلة من الغرب؟ | المسائية


.. جندي إسرائيلي سابق: نتعمد قتل الأطفال وجيشنا يستهتر بحياة ال




.. قراءة عسكرية.. كتائب القسام توثق إطلاق صواريخ من جنوب لبنان


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. أزمة دبلوماسية متصاعدة بين برلين وموسكو بسبب مجموعة هاكرز رو