الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشرارة الأولى لثورة العشرين (الشيخ شعلان أبو الجون )

محمود الشمري

2009 / 7 / 2
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


يوم 30 حزيران 1920 كانت مدن العراق الكبيرة ومنطقة الفرات الأوسط بالذات على حافة ألأنفجار ضد المستعمر الأنكليزي المتكبر حيث أن تاثيرات حادثة اعتقال محمد رضا الشيرازي وأعوانه يوم 21 حزيران في مدينة كربلاء ونفيهم الى جزيرة (هنجام ) مازالت طرية وكانت الأجتماعات بين الشخصيات الوطنية السياسية والأدبية والعشائرية والمنتقدة لسياسة الأنكليز وتصرفاتهم والأوضاع المتردية في العراق قد وصلت ذروتها والخطب الحماسية مثل خطبة الشيخ محمد الخالصي في صحن الأمام العباس والقصائد الوطنية تؤجج الشارع العراقي ضد الأنكليز ومنها قصيدة الوزير الشاعر محمد حسن أبو المحاسن (جد السيد نوري المالكي ) التي ألقيت في صحن الأمام الحسين (عليه السلام ) وكان مطلعها :
وثق العراق بزاهر استقبال والشعب متفق على استقلال
بالأضافة الى أن التقارب والتنسيق السني –الشيعي قد وصل أقصاه وبشكل لم يشهد له العراق مثيلا من قبل والتنسيق بينهما قد تسبب في وحدة الشعب وقوة موقفه تجاه الأنكليز وكان ( الملا عثمان الموصلي )يقوم بدور مهم حيث كان يتنقل بين محلات بغداد المختلفة وخاصة الأعظمية والكاظمية فيترنم بمدح النبي (ص)وأهل بيته الكرام حيث أنه كان مولعا بحب أهل البيت ( عليهم السلام ) ونظم الشعر في مدحهم وكانت ترتيلاته الشجية في صحن الكاظمية من الأمور التي لاينساها الناس . كان الوقت مثاليا لأندلاع الثورة ولم يكن ينقصها سوى الشرارة الأولى و التي جاءت من مدينة (الرميثة) .
كيف انطلقت الشرارة الأولى
استدعى الملازم (هيات ) معاون الحاكم السياسي في الرميثة الشيخ (شعلان أبو الجون ) رئيس عشيرة ( الظوالم ) للحضور الى سراي الحكومة لأمر يتعلق بعشيرته , وعند وصوله استقبله الملازم (هيات ) بالعنف والتوبيخ واسمعه كلمات جارحة فقابله شعلان أبو الجون بشراسة وصلابة أشد وأخبره أن هذا الأسلوب سيجر بريطانيا الى عاقبة سيئة وأن العراقيين ليسوا مثل الهنود الذين يتحملون اهانات الأنكليز وأن النار تستعر في قلوب العراقيين ضد الأنكليز فما كان من الملازم هيات سوى أن أمر بحبسه لكي يرسله الى الديوانية بقطار الليل . والتفت شعلان الى الشخص الذي جاء معه وطلب منه أن يخبر ابن عمه ( غيث الحرجان ) بأنه بحاجة الى ( عشر ليرات عثمانية ذهبية ) وانها يجب أن تصله قبل موعد وصول القطار. ولما وصل الخبر الى (غيث الحرجان) عرف أن شعلان يقصد عشرة رجال من الشجعان لمهاجمة السراي وبالفعل جهز غيث عشرة رجال وأرسلهم وهاجموا السراي الأنكليزي وحرروا شعلان من قبضة الأنكليز وعادوا به الى عشيرته , وقامت جماهير الرميثة على أثر المعركة بالهجوم على السراي ومحاصرته , وابرق الملازم هيات الى الميجر (ديلي) في الديوانية يخبره بمحاصرة أهل الرميثة للسراي وتحرير شعلان أبو الجون الذي بدوره أعلن الحرب على المحتلين الأنكليز واقتلع مع عشيرته أخشاب السكك الحديد التي تمر بأراضيهم .
جهز الأنكليز قوة قوامها 527 رجلا بقيادة (الكابتن براك ) واستولوا على سراي الرميثة والخانات المجاورة له .
معركة ألبوحسان ( المعركة الأولى )
وفي يوم 4 تموز 1920 ارسل الأنكليز قوة مكونة من فصيلين الى القرية التي تسكنها عشيرة (ألبو حسان ) والتي تبعد كيلو مترين عن الرميثة فقاموا بحرقها لأرهاب الثوار مما جعل من الثوار أن يجمعوا مابين 1500-2000 محارب وهاجموا القوة الأنكليزية من كل جانب وكبدوها خسائر فادحة , ثم توجهوا الى داخل مدينة الرميثة وهاجموا القوات ألأنكليزية المتمركزة في الرميثة التي انسحبت الى الخانات حول السراي , واستولى الثوار على المدينة وبقيت القوات الأنكليزية محاصرة .
معركة العارضيات الأولى
وفي مساء 6تموز 1920 وصلت الى ( العارضيات ) التي تبعد 10 كيلومترات شمال الرميثة قوة انكليزية قاصدة الرميثة ولكن الثوار هاجموها بحوالي 3000-5000 محارب ووقعت معركة ضارية تكبد الأنكليز فيها 48 قتيلا و167 جريحا وهربوا الى منطقة الحمزة مستغلين عاصفة ترابية هبت عند الظهر .
ابرق قائد الحامية الأنكليزية المحاصرة في الرميثة يخبرهم بنفاذ طعامهم فأرسلت السلطة البريطانية 9 طائرات قامت بقصف مدينة الرميثة بالقنابل مما سبب هرب الناس من السوق , وخرج على اثرها الجنود الأنكليز والهنود الى السوق للحصول على الطعام وهاجموا في طريقهم مجموعة من النساء والأطفال مختبئين في أحد الدور وقتلوا 20 منهم وبحيث أخذت دمائهم تسيل خارج الدار .
معركة العارضيات الثانية
تحرك الجنرال( كوننغهام ) من الديوانية برتل في قطار مملوء بالعتاد والسلاح والطعام والمعدات الطبية متجه الى الرميثة لفك الحصار عن الحامية المحاصرة وحدثت معركة كبيرة بينهم وبين الثوار في منطقة العارضيات من عشائر (بني زريج والبو حسان وبني عارض والظوالم والأعاجيب ) واستعمل الأنكليز المدفعية الثقيلة وكاد الثوار أن ينتصروا ولكن وصلت قوة انكليزية أخرى تسببت في انسحابهم , ودخلت القوة الأنكليزية مدينة الرميثة يوم 20 تموز واستصحبت معها القوة المحاصرة وغادرت في اليوم التالي الى مدينة الديوانية . ويذكر (فريق مزهر الفرعون ) ان خسائر الثوار كانت في هذه المعركة 500 قتيل بينما تكبد الأنكليز حوالي ثلاثة ألاف بينهم ستون ضابطا .
وعند وصول أخبار المعارك الى باقي العشائر فانها قد اعلنت تمردها على الأنكليز وثارت عليهم وقاتلتهم ولم تتوقف حيث قامت عشائر المشخاب بقيادة عبد الواحد ال سكر وتحت راية (السيد نور) بأعلان الثورة وتوجهوا لمحاصرة الحامية في منطقة (ابو صخير ) . وحدث الشيء نفسه في الشامية والرارنجية وطويريج وعفك والديوانية وهكذا توالت ثورات العشائر ضد الأنكليز حتى عمّت معظم أنحاء العراق .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رؤية الوردي لاحداث العشرين
سامر كريم ( 2009 / 7 / 2 - 11:45 )
اتمنى من الكاتب مراجعة كتاب لمحات اجتماعيه من تاريخ العراق الحديث الجزء الخامس المتعلق بثورة العشرين للعلامه الدكتور علي الوردي فانها اصدق شهاده وتحليل لحقيقة هذه الثوره لا اريد الخوض في الشرح والتحليل لان المصدر المشار اليه متوفر لكل دارس وباحث ولكني سالخص نقطتين او ثلاثه لفكرة الوردي خدمه للقراء
يؤكد الوردي باننا في اشد الحاجه الى التوازن بين دافع الحماس ودافع الموضوعيه في انفسنا
لقد اعتاد الكتاب التأكيد على امرين بخصوص الثوره هما
اولا الاحتلال الانكليزي الذي كان ظالما وقاسيا
ثانيا اباء الشعب العراقي الذي لا يقبل الظلم والضيم والخضوع لحكم الاجانب
الوردي يقول ان المزايده على ظلم الانكليز والمبالغه في ظلمهم تعبر عن علامه من علامات الوطنيه وهو لايدافع عن الانكليز وظلمهم ولكن يقول ان الاتراك كانوا اكثر ظلما ووحشيه اذ انهم على سبيل المثال كانوا يلجأون الى النهب والمصادره في حين كان الانكليز يشترون الحبوب باسعار مرتفعه ونقدا لتحريك السوق التجاريه اما تقييد الحريات العامه فلايمكن المقارنه فيها بين الانكليز والاتراك مايريد الوردي قوله هو ان العداء للانكليز يجب ان لايكون سببا لتشويه الحقائق
ويفصل في كتابه الفرق بين الانكليز والاتراك وطبيعة العامل البدوي في التحر

اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح