الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيران تسبح في النار والدخان (خطاب خامنئي قمع للشارع وترحيب بالنخبة)

أحمد لاشين

2009 / 7 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


(إن الدماء التي في عروقنا هدية لقائدنا)،(كل هذا الحشد جاء من أجلك يا خامنئي)،(لبيك يا خامنئي لبيك يا حسين)،بتلك الهتافات إستقبل المصلون الإيرانيون يوم الجمعة الماضي المرشد الأعلى للثورة الإيرانية (علي خامنئي)،في حضور غير مسبوق من الإيرانيين في خطاب يليقه المرشد منذ عهد الخوميني.تلك الشعارات التي توحد بين الطابع السياسي والمذهبي في سياق واحد،فآلاف بل ملايين احتشدوا أو تم حشدهم في ساحة جامعة طهران والشوراع المجاورة لها،من نساء ورجال وشباب حتى الأطفال،رافعين لافتات وصور الخوميني وخامنئي ونجاد ،في إشارة واضحة إلى الطبيعة المميزة للشعب للإحتشاد أو التجمع تحت أي مظلة،تلك الطبيعة التي يُجيد النظام بكل أشكاله التعامل معها بشكل يخدم الرأي والرأي الأخر.في مظهر يثير العديد من التساؤلات التي تؤدي بنا إلى محاولة تحليل عناصر الخطاب الذي ألقاه وردود الأفعال الموازية له.
من الممكن تقسيم الموضوعات الرئيسية للخطاب تحت العناوين الآتية:
أولاً: إصطفاء النخبة:
كانت خطبة المرشد الأعلى هي (فصل الخطاب) في الأزمة الإنتخابية الإيرانية،على حد تعبير علماء (حوزة قم الدينية) في البيان الذي أصدروه قُبيل خطبة المرشد،فقد حسم الصراع بين الشارع والنظام،لصالح النخبة بشكل عام، فأشار أن نتائج الإنتخابات لا رجعة فيها،فهي (حرية الشعب الإيراني) الذي سيدافع عنها على حد تعبيره،فنجاد هو رئيس الجمهورية ولا تراجع،وكما قال: " إن الرئيس المنتخب نجاد هو الأقرب إلى فكري "،ومن المستحيل أن يتم تزوير بفارق 11 مليون صوت كما أكد،كما لم يرضيه ما وُصف به نجاد بأنه كاذب أو مراوغ أو فاسد،فهذا الأسلوب لا يليق.أي لا تراجع عن نجاد نهائياً،وهذا الموقف له ما يبرره بالطبع.ولكن الأهم هو موقفه من بقية العناصر التي تسببت في الأزمة،فقد أشاد بتاريخ كل من موسوي وكروبي ورضائي،وأعتبرهم جميعاً من أبناء النظام والثورة ولا يمكن أن تنالهم نظرة شك حول صلاحهم ورغبتهم الحقة في مصلحة الأمة الإيرانية،كما ألح على مكانة هاشمي رفسنجاني الذي ضحى بكل شئ لهذه البلاد خاصة بعد أن نادى مجموعة من الطلبة من مؤيدي نجاد أمام مبنى النيابة العامة بمحاكمة رفسنجاني وأبناءه لإتهامهم بإفساد الشارع الإيراني وتحريضهم على أعمال الشغب.
فالحقيقة أنه لا خلاف بين الجميع إلا على أسلوب رؤيتهم لمصلحة النظام فالجميع مخلصون ولا جدال.في تأكيد منه على الطابع النخبوي الفوقي في النظام والفكر الإيراني،فما تزال هناك نخبة وعامة،وكأن كل هذا الإشتعال في الشارع الإيراني ليس إلا إختلاف عابر في وجهات النظر لا أكثر،للإشارة إلى تضافر النخبة في مرحلة ما من تاريخ الثورة لا يعلم هؤلاء اللذين يٌقتلون في الشارع عنها شيئاً. لتفاوت المرحلة العمرية بينهم وبين مرحلة البدايات ، كما أن خيار إصلاحي أو محافظ مجرد خيار للشارع لتفريغ الكبت العام وليس إشارة إلى أيدلوجيات مختلفة.
وفي سياق أخر ألقى موسوي بيانه الخامس على مؤيديه،يدعوهم فيها للهدوء وأن الرغبة في تصحيح الفساد لابد ألا تبعدنا عن النظام والقانون فهو الوحيد القادر على إرجاع الحقوق،فحلم التغير قد تكوّن ولن نتراجع عنه ولكن في إطار النظام العام للجمهورية الإيرانية.وذلك على حد قوله.كما رفع موسوي خطابه إلى مجلس صيانة الدستور يؤكد فيه أن هناك العديد من التجاوزات قد تمت في العملية الإنتخابية،مثل فرز الأصوات قبل إكتمال التصويت،غلق الصناديق قبل الموعد المحدد،ويرى المحللون أن النقاط التي يطرحها موسوي لن تقنع المجلس مطلقاً لإعادة الإنتخابات،فهذه المرحلة قد تم تجاوزها تماماً خاصة بعد خطبة خامنئي، وإنما كانت لحفظ ماء الوجه أمام المؤيدين فقط فقد قرر موسوي أن يعود ثانية إلى حيث ينتمي إلى عالم النخبة،ويترك الشعب لمصيره مع الأمن.
كما أن مجلس صيانة الدستور قد قرر فرز 10% من إجمالي الأصوات بشكل عشوائي،مع حضور ممثل عن كل مرشح في عملية الفرز العشوائي،في إستجابة من المجلس برئاسة (آية الله جنتي) لأوامر المرشد لإتباع الخطوات القانونية في التعامل مع الإعتراضات المقدمة،كما أشار إلى ذلك (جنتي) في رسالته للمرشد.كما أن مجلس الشورى (البرلمان) قد قرر إلغاء جلسته السرية التي كان مزمع قيامها يوم السبت لمساءلة وزير الداخلية عن تصرفات الأمن في الفترة السابقة،وأجلها إلى إشعار أخر وسوف يكتفي الأن بتقارير برسلها الوزير إلى المجلس مباشرة.
وعامة فإن الأوضاع على مستوى النخبة في طريقها للهدوء الكامل،ومن منظور النظام الإيراني تُعد النخبة هي الأساس والأهم،أما الشارع فالسيطرة عليه أسهل من ذلك بكثير،فما حدث لم يُغيّر شئ في تعامل السلطة مع المجموع،المجموع الذي يشكل أداة في يد النُخب، فمصيره ليس بيده كاملة.وهذا ينقلنا إلى الفكرة الثانية في خطاب خامنئي.
ثانياً: الشارع بطل أم ضحية:
أشارت منظمة العفو الدولية في تقريرها المنشور على وكالات الأنباء الإيرانية أن العنف هو السمة الرئيسية في التعامل الإيراني مع المظاهرات،وكما أن خطاب خامنئي قد أعطى للحكومة مزيداً من مسوغات العنف في التعامل مع المتظاهريين والمعتقليين.
فقد أشاد خامنئي في البداية بالدور الحيوي الذي لعبه الشعب الإيراني في العملية الإنتخابية،فقد أعطى صورة للعالم عن الديمقراطية الإسلامية،ولكنه في المقابل لن يسمح بكل هذا التخريب الذي يحدث،وإلا لما كانت الإنتخابات من الأساس ـ على حد تعبيره ـ،فنسبة المشاركة والنتيجة التي نالها نجاد تؤكد أن الشعب الإيراني في غاية من الرضا ـ كما أشار ـ على نتائج الإنتخابات وبالتالي من المؤكد أن هؤلاء المخربيين ليسوا من الشعب الإيراني الأصيل،فقال بلهجة توحي بكثير من التهديد:(إني أطالب جميع المتسببين في هذا الوضع أن ينهوه تماماً والأن، وإلا سيتحمل الكل مسؤولية أفعاله).
أي أن خامنئي بعد مرحلة مصالحة النخبة ورفعهم عن كل دنس أو خيانة أو تسبب في أزمات داخلية،لم يتبقى لديه سوى الشارع،والذي من المؤكد أنه لا يحتاج إلى حالة من التصالح معه بنفس شكل النخبة على الأقل.فكانت الإشارة بإستكمال دائرة القمع لكل المعارضيين،اللذين حلموا بدولة مدنية متكاملة حتى وإن كانت تحت سلطة الفقيه ولكن على الأقل تحتوى على قدر من المساواة،والعدالة العامة،ولكن من المؤكد أن هذه الفكرة تهدد نظام الولاية بالكامل إن تم السماح بتحقيقها،فإن كانت هناك ثمّة ديمقراطية،فلابد وأن تكون إسلامية تحت المظلة الدينية بشكل كامل.
فعلى إثر خطبة خامنئي وتصريحات موسوي،وإنتصار نجاد الكاسح في كافة المستويات،إمتلأت شوراع طهران يومي الجمعة والسبت الماضيين بالمتظاهريين،وكانت هناك مصادمات عنيفة بين المتظاهريين اللذين شعروا بكم التخليات التي كانوا ضحيتها،وبين قوات الحرس الثوري والبسيج،وكما أعلنت وكالات الأنباء الإيرانية فإن طهران تسبح في النار والدخان،وهناك العديد من الجرحى بل أن هناك بعض الأخبار غير المؤكدة عن قتلى جدد في هذه المصادمات،التي كما وُصفت أنها مصادمات في غاية من العنف الغير مسبوق منذ بداية المظاهرات والإعتراضات.كما تم إلقاء القبض على العديد من الناشطيين السياسيين وأخرهم (محسن مير داماد) السكرتير العام لجبهة المشاركة الإسلامية،التي ينتمي إليها موسوي،ولا يُعلم له مكان للأن على الأقل ،كما فشلت محاولات موسوي لتهدئة الثائريين في الشارع بعد نزوله بينهم.وأشارت وكالات الأنباء الإيرانية،عن تجمع أهالي المعتقليين في الأحداث الأخيرة واللذين لا يعلمون مكان إعتقالهم للأن، أمام محكمة الثورة في محاولة للتنديد بما حدث لأبنائهم،كما لم يشر من أي جهة رسمية أو شبه رسمية في إيران عن عدد هؤلاء المعتقليين أو مصيرهم،ولكن إذا إعتمدنا تقرير منظمة حقوق الإنسان،وهي معلومات غير دقيقة بشكل كامل للتكتم المفروض حول الموضوع،و تضارب التقارير، فإن العدد قد يفوق الخمسمائة محتجز.وعامة كان هذا رد الفعل المنتظر بعد خطاب خامنئي، ولكن من المؤكد أن حالة الهياج العام تلك سوف تقل حدتها مع الوقت،خاصة في ظل قوة التواجد الأمني في الشوراع الإيرانية.مع إشارة خامنئي في خطابه إلى يد أجنبية تساعد على هدم الديمقراطية الإيرانية،وهذا ينقلنا إلى الفكرة الثالثة والأخيرة من خطابه.
ثالثاً:إلقاء الكرة خارج الملعب:
على إثر خطبة خامنئي،والتي أشار فيها أن ما يحدث في إيران نتيجة لتلاعب عناصر خارجية،بالأمن والإستقرار الداخلي في محاولة لإفساد الفرحة الإيرانية بالديمقراطية ـ على حد قوله ـ ، وإظهار إيران بالدولة الظالمة الغاشمة،كما أشار كذلك أنه لا دخل للأمريكان بحقوق الإنسان في إيران،وليس لهم حق في التدخل في أي شأن داخلي في الأحداث الإيرانية،فهم غير مستبعدين دائماً من دائرة الإتهام، فكان رد الفعل الأمركي أمام تصريحات خامنئي،نفي أوباما لأي محاولة منه للتدخل في الشأن الداخلي الإيراني وإن كان سوف يتابع الأحداث عن بعد،ولن يرضى مطلقاً عن الأسلوب العنيف الذي تتبعه الحكومة الإيرانية في التعامل مع تلك المشكلة.
كما أعلن (ثمره هاشمي) مستشار رئيس الجمهورية (محمود أحمدي نجاد)،في حواره مع (واشنطن بوست)المنشور يوم السبت الماضي،أن أمريكا لها دخل كبير في الأحداث التي تلت الإنتخابات الإيرانية،بل أن الولايات المتحددة والعديد من الدول الأوربية لها مصلحة ما في إستمرار إشتعال الوضع في إيران،كما أن تلك المظاهرات لا تعبر بشكل حقيقي عن شعبية الرئيس نجاد،فكلها في العاصمة،إلا أن شعبية الرئيس المنتخب في بقية المدن الإيرانية قوية للغاية.
ومن ضمن الأحداث المثير للجدل في اليومين السابقين بعد خطبة خامنئي،وقوع حادث إرهابي في مرقد الإمام الخوميني في جنوب تهران،وأن من قام بالفعل شاب إنتحاري فجر نفسه داخل المرقد،وكما أعلنت مصادر أمنية إيرانية أن من قام بالفعل له إنتماءات إسرائيلية،كما تزامن في نفس التوقيت أن التليفزيون الإيراني أعلن بيان من وزراة الداخلية بالقبض على جماعة إرهابية من الإيرانيين لها علاقة بالموساد الإسرائيلي كانت قد تسببت في العديد من أعمال الشغب في أحداث المظاهرات الأخيرة،كما أن أعضاء الجماعة إعترفوا بأن نيتها كانت تفجير مراكز الإنتخابات لولا التواجد الأمني القوي في تلك المراكز،كما تم القبض على العديد من العصابات التي كانت تتلقى التعليمات من الخارج لإشعال الواقع السياسي في إيران،وتسببوا في العديد من مظاهر التخريب والشغب.
وفي النهاية قد أوضح خطاب خامنئي إستراتيجية تعامل النظام مع المرحلة الصعبة الماضية التي مرت على إيران،فالنخبة ستظل على وئام كامل،وكل مظاهر الاعتراض في الشارع الإيراني سيتم التعامل معها بمنتهى القوة ،فهذا بديهي أمام تبرير هذا القمع بوصفه صد للتدخلات الأجنبية خاصة الإسرائيلية منها للتخريب في إيران،مع إستمرار لنفس آلية الخطاب النخبوي الإيراني الذي لا يتعامل مع طموحات الشعوب إلا بما يتسق مع طموحاته الخاصة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - دجال بإمتياز ....!؟
سرسبيندار السندي ( 2009 / 7 / 5 - 04:28 )
المراقب للساحة الايرانية، والاحداث التي جرت عليها ، ينصدم لما قاله هذا الخامنئي الخرف من كلام، حيث سيجد أن هذا الرجل فعلا دجال بإمتياز ، وما العمامة التي يتخفى تحتها إلا غطاء لتقديس دجله على الشعوب الايرانية والعالم ، والتي يظنها تأكل باذانها وليس بافواهها ، لذا وجب فضح دجله ودجل نظامه الدموي ألارعن ، وتفويت الفرصة لجر أنفاسه ....!؟

اخر الافلام

.. اطفال الشطرة يرسمون لغزة


.. غانتس يهدد بانسحاب حزبه من حكومة الائتلاف ما لم يصادق نتانيا




.. مراسلتنا: استهداف موقع الرمثا الإسرائيلي في مزارع شبعا |#الظ


.. السعودية تشترط مسارا واضحا نحو إقامة دولة فلسطينية مقابل الت




.. الجيش الإسرائيلي يواصل تصعيده ضد محافظات رفح والوسطى وغزة وا