الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جاكسون العربيّ

محمد أبوعبيد

2009 / 7 / 3
الادب والفن


حين يلعب منتخب البرازيل مع نده، نجد أنفسنا، نحن أبناء يعرب، برازيليين أكثر من الأصليين. وإذا رحل نجم من هوليوود، يتصرف كثيرنا بما يوهم أننا أصحاب هوليوود ومكتشفو الراحلين، علماً أن حزننا وطريقة التعبير عنه تختلف عن الآخرين الذين "يمنطقون" التعبير عن آلامهم وأحزانهم بما يترك للمرء فسحة أمل للمستقبل، بينما عندنا يشعرك المحزونون أن الحياة توقفت بتوقف قلب من رحل.
وحتى لا يساء الفهم، ليس المقصد مما سبق دعوة لعدم إبداء مشاعر الأسى على من يرحلون أو يصابون بسوء أيا ًكانت أديانهم وأجناسهم وألوانهم، خصوصاً هؤلاء الذين يتركون بصمات جلية على الصعد كافة، بل واستطاعوا التغيير وكسر القواعد المألوفة، حتى صار الكسر قواعد بحد ذاتها كما في حالة مايكل جاكسون. القصد أن لا نُبقي أنفسنا في خانة المشجِعين فقط، بدلاً من أن نكون شجعاناً مشجَعين.
رحيل مايكل جاكسون المفاجئ صدم محبيه وكارهيه على السواء، وانضمت العرب العاربة إلى جموع الأسى، فلم نختلف عن أفريقيا موطنه الأصلي، ولم نتباعد عمّن تجنّس بجنسيتهم. لكننا نتناسى الكليات على حساب الجزيْئات، كعادتنا الأصيلة، وبدلا ً من دراسة وتحليل ظاهرة جاكسون، انكفأنا إلى أحاديث من قبيل هل سيدفن على الطريقة الإسلامية أم لا، وهل مات قتيلاً مسموماً أم ميتة طبيعية، مع أن الأمر متروك لأهل الاختصاص، فعند جهينة الخبر اليقين ولو بعد حين. لذلك اكتفينا فقط بسد رمق الحاجة إلى إبداء الحزن على رحيله من دون أن نفتح شهيتنا لخلق ظاهرة عربية توازي الظاهرة الجاكسونية، أو أدنى قليلاً.
وهنا قد يحمل لنا أمرؤ أسماء من أصول عربية هي أيضا ظاهرة، لكن ما الجدوى إذا كانت تتنكر لأصولها العربية. وكضربة استباقية لمن سيقول إن جاكسون هو أيضا تنكر للونه، فإن ما حدا به إلى القيام بذلك ما انفك سراً مهما كثرت التكهنات والاجتهادات.
حين يراقب المرء أخبار وفاة جاكسون التي اجتاحت شاشات التلفزة قاطبة، واكتظ الإعلام بجل وسائله بالأحاديث عنه، محللاً، مهللاً، معدداً المناقب وحتى المثالب، ينتابه أسى، غير أسى الرحيل، خالٍ من الحسد، وإن انطبق على جاكسون القول "حتى على الموت لا أخلو من الحسدْ". فهذا الخبر الذي أطاح الأخبار الأخرى رغم أهميتها وثقلها، وأقصى أحداث إيران من المرتبة الأولى على "تويتر" إلى الخامسة، وأبطأ من سرعات الانترنت، قد يسوق أحدنا إلى التمنى أن نرى عربياً ذات حين احتل مكانة جاكسون و إلفيس بريسلي، ولكن مع طول العمر، أو عربية تربعت على عرشٍ إعلامي مثل أوبرا وينفري، وممثلاً ينافس ويل سميث و مورغان فريمان في بلاد هوليوود بدلاً من الاكتفاء بعمر الشريف. ولا ريب، حينئذ، في أن الفخر سيكون سيد أحوالنا ونحن نرى غير العرب يضيئون الشموع على رحيل عربي، أو حين نرى البرازيليين، مثلاً، يشجعون منتخباً عربياًً ويطلقون أبواق سياراتهم في شوارعهم حين فوزه، ولم يعد ينطبق علينا المثل الشعبي القائل "القرعة بتتباهى بشعر بنت خالتها".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند


.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في




.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي