الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الثُلث المُدمر- بين ثابت الطائف وطارئ الدوحة

سعيد موسى

2009 / 7 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


((مابين السطور))


منذ أواخر سبعينيات الألفية الثانية شهد لبنان العديد من التحديات، وأهمها العدوان الإسرائيلي المتواصل، والحروب الأهلية، ومن المعروف أن لبنان قائم على توليفة طائفية، بحاجة دائمة إلى دستور وفاق خاص، مساند ومكمل للدستور الوطني العام،وقد جاء اتفاق الطائف قبل عشرون عاماً، ليطوي صفحة من الصراعات الداخلية الدامية، ويضع أساسا بالتراضي لقواعد اللعبة والمشاركة السياسية، بتقسيمة طائفية سياسية كملحق دستور وإطار سياسي بل وأرضية صالحة لمسار المشاركة السياسية، ليس بديلا عن ديمقراطية العملية السياسية ذاتها، ولكن كإطار شامل تدور العملية السياسية الديمقراطية في ظلاله، حيث تم تحديد عناوين المناصب السياسية السيادية العليا،ورغم أن اتفاق الطائف 1989 جاء ليتجاوز نص الدستور الطائفي، الذي وضعه الاستعمار الفرنسي بمشاركة شخصيات من العائلات التاريخية اللبنانية،وحكم لبنان بعد استقلاله 1943 من شخصيات تنتسب للطوائف الكبرى الثلاث، ليتولى كرسي رئاسة الجمهورية مسيحي ماروني، ويتولى كرسي رئاسة الحكومة مسلم"سني" ويتولى كرسي رئاسة البرلمان مسلم" شيعي" ، وبين هذا الثالوث القيادي لقمة الكيان السياسي، طوائف فرعية للعنوان الرئيسي المسلم والمسيحي، وكل فرع يمثل حزب سياسي ديموغرافي مذهبي، يحقق وجوده السياسي من خلال التحالف والمشاركة السياسية مع حزب الأغلبية الحاكم أو حزب الأقلية المعارض، وعلى هذا الأساس والمشهد، دارت العملية السياسية بالتوافق والتراضي داخل فلك اتفاق الطائف على مدار عشرات السنين، واستمر الوضع على هذا الحال، رغم أن اتفاق الطائف جاء ليضع قانون المناصفة بين الدينين المسيحي والإسلامي في المجلس النيابي، دون إعطاء أي اعتبار للتواجد الطائفي،كما قلص من مسئوليات رئيس الجمهورية المسيحي الماروني، وزاد من مسئوليات رئيس الحكومة المسلم السني، لكن العمل استمر بروح دستور "الاستقلال" في إطار اتفاق الطائف الشامل بالأغلبية والأقلية.




ونتيجة العدوان الإسرائيلي المتكرر، والاحتلال للأراضي اللبنانية المستمر، فقد أتى اتفاق الطائف على انسحاب القوات العربية من لبنان ولم يتم علاج حالة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية، حيث أن الصراع العربي الإسرائيلي قائم على موقع عربي اختار التسويات والمفاوضات طريقا للتخلص من الاحتلال لجميع الأراضي العربية المحتلة في الرابع من حزيران 1967 وما بعدها في كل من الأردن ومصر وسوريا وفلسطين ولبنان، وانتهج الكيان الإسرائيلي في موازاة نهج التسوية، مسار التسوية الثنائية وليس الشاملة، فحدثت التسوية للأراضي المصرية المحتلة والأردنية كذلك، وخرجت تلك القوتين العربيتين الرئيسيتين من خندق الصراع العسكري، إلى خندق الصراع السياسي، لان سلام جزئي مصيره الانهيار وهو سلام هش وغير حقيقي، إن قبلته الأنظمة فلا تقبله الشعوب دون عدل وشمولية.




وعليه ونتيجة غياب دور الدولة والجيوش الرسمية، وبعد خروج القوات الفدائية الفلسطينية من لبنان ، على اثر اجتياح إسرائيل لبيروت في العام 1982 وكانت الاتفاقية المؤامرة برضا ومشاركة عربية، لإخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان استجابة للشروط الغربية والإسرائيلية وبعض القوى اللبنانية فكان في ذلك بعد دمار عسكري أحدثته ’آلة الحرب الإسرائيلية نصرا سياسيا لإسرائيل ولعرابي التسويات اللاحقة، وعليه ونتيجة استمرار العدوان والاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية، انطلق زخم المقاومة اللبنانية في الجنوب،واستطاع"حزب الله" وحلفاءه إنشاء قاعدة عسكرية في الجنوب لا يستهان بها، واشتعلت المقاومة بعمليات نوعية عسكرية هزت أركان المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، فكانت القرارات السياسية بالتخطيط لعدوان تلو العدوان لاجتثاث شأفة المقاومة من الجنوب حسب تقديرات استخبارية فاشلة، وغطرسة عسكرية واهمة، حتى كان العدوان الأخير وفق تلك التقديرات المشوهة، واستطاعت المقاومة اللبنانية أن تنزل بقوات الدروع الإسرائيلية المتقدمة خسائر لم يتعود الكيان الإسرائيلي عليها، ففلت لجام عدوانهم الشامل من مربط العدوان والعملية الجزئية المحدودة حسب تقديراتهم الخاطئة، فقد ثبتت هزيمتهم على الأرض وعدم تمكنهم من تحقيق أهدافهم، بدحر المقاومة إلى حدود الليطاني، فكانت المجزرة والدمار الذي قامت به الطائرات الصهيونية، وقتلت قرابة 1200 مواطن لبناني، ودمرت الطرق والجسور وكثير من البنى التحتية اللبنانية، حتى تدخل عرابي تسوية الاجتياح الغرب والعرب، ومنهم من أدعى التحدي للحصار الجوي فاقلع بطائراته من مطار "بنجريون الإسرائيلي" وامتطى حصان مساندة لبنان في وجه العدوان البربري الإجرامي، وكانت اللعبة المكشوفة، والتي كتبنا بها سابقا"قوات احتلال اليونيفيل البديل" ، وتم صياغة قرار المؤامرة الجديدة"1701" والذي يضمن ويكرس الاحتلال، ويقيد يد المقاومة تحت طائلة الفصل السابع الذي اتخذ بموجبه القرار، وكما كان اجتياح لبنان لوضع كامب ديفيد على محك الاختبار العملي ونجح الاختبار بعزل رأس الحربة المصرية عن الجسد العربي، فكان عدوان غزة محكا واختبارا حقيقيا للقرار "1701"، حيث كان شعار المقاومة اللبنانية وحدة المعركة ووحدة العدو، فعندما لم تحقق الآليات الإسرائيلية أهدافها على الأرض، فلت لجام تلك الغطرسة الإسرائيلية، وقام الطيران الحربي الإسرائيلي بأبشع جريمة بقصف مركز وعشوائي أدى لقتل قرابة 1500 مواطن وجرح خمسة آلاف، ودمر كل البنى التحتية المدنية والسلطوية، وشرد آلاف الأسر، وتبين أن القرار"1701" كان بفعل فاعل محترف ولئيم لتعويض الهزيمة العسكرية بمكسب سياسي خطير يحاول البعض طمسه .




وعليه دبت الخلافات اللبنانية الداخلية، مابين سلطة الدولة والحكومة ، والتي أرادت بسط نفوذها السيادي على كامل الأرض وشرعية السلاح اللبناني، حتى كانت حادثة قطع خطوط شبكة الاتصالات الخاصة بالمقاومة الممتدة على كامل الأراضي اللبنانية، واعتبرت سلطة وسيادة في مواجهة ثنائية سلطة الدولة، فحدث الصدام الدامي وسيطرة حزب الله وحلفاءه من حركة أمل وغيرها على بيروت، وقد وقع على اثر ذلك صدامات مسلحة حصدت أرواح العشرات، مما حدا بالوسطاء للتدخل، وكان الوسيط القطري قد نجح في جمع الفرقاء في"الدوحة" بعد عشرون عاماً من اتفاق"الطائف"،والنجاح في إبرام اتفاق كان أهمه ماسمي"بالثلث المعطل" وإدارة سياسية مشتركة لحين إجراء انتخابات، فجيش سياسيا كل فريق استعدادا لموعد الانتخابات مابين فريقي 14آذار بقيادة حزب المستقبل الذي يقف على رأسه الشيخ/ سعد الحريري وحلفاءه، وبين فريق 8 آذار بقيادة حزب الله الذي يقف على رأسه السيد/ حسن نصر الله وحلفاءه، وتم التوافق على اختيار رئيس للجمهورية لمليء الشاغر بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق وتعطيل العملية السياسية، فكان الثلث المعطل بمثابة تعطيل مسار العملية السياسية وليس لتعطيل قرارات في إطار عمل سياسي طبيعي.




وعندما جاء موعد استحقاق الانتخابات النيابية حسب اتفاق الدوحة، وكان في ذلك الاتفاق الطارئ خطرا على اتفاق الطائف، ولو خالفت النتائج أغلبية فريق 14 آذار وأقلية فريق8 آذار، لأصبحت اللعبة السياسية مختلفة، لأنه في حال فوز فريق 8 آذار من منطلق تحالف طائفي بين البعض المسيحي والكل"المسلم الشيعي" لأصبحت تقسيمة اتفاق الطائف في مأزق كبير، فعلى فرض فوز فريق 8 آذار بالأغلبية مما يعطي حزب الله وحلفاءه برئاسة وتشكيل الحكومة والإبقاء كذلك على رئاسة البرلمان، وبالتالي لأصبحت التقسيمة السياسية الطائفية "مسيحية رئاسة شيعية للحكومة والبرلمان" وكان في ذلك انهيار طبيعي لأركان اتفاق الطائف، ويصبح حسب اتفاق الدوحة الذي سيجُب اتفاق الطائف بالمستجدات، ليجعل من فريق 14 آذار تحت رحمة المشاركة الضعيفة دون ثلث معطل لا يملكونه مسبقا، أو يكون موقعهم المعارضة دون مشاركة في الهياكل السياسية الرسمية، ولعلنا في قراءة متواضعة للنشاطات والتحالفات الداخلية والخارجية، وعلى غير كثير من القراءات العاطفية والخيالية، كتبنا مسبقا قراءة برجماتية لنتائج بأغلبية بسيطة لفريق 14 آذار وأقلية كثيرة لفريق 8 آذار، وحذرنا حينها من عدم صلاحية ما يسمى"بالثلث المعطل" الذي استحدث في اتفاق الدوحة لحين إجراء الانتخابات، وما كان سيسمح به فريق 8آذار لفريق 14 آذار فيما لو كانت النتائج عكسية، لان مدة صلاحيته لتفادي الأزمة الدامية حتى حدوث الانتخابات، حذرنا من إغفال إبطال مفعوله مع بدء العملية الانتخابية كي لايتحول"لثلث مدمر" لاتفاق الطائف واتفاق الدوحة وطعنة أسفل حزام نتائج العملية الديمقراطية بنتائجها التي تحدد الأغلبية والأقلية مع استمرار الدوران في فلك اتفاق الطائف وانتهاء بنود اتفاق الدوحة بالتنفيذ العملي المخصص للتجاوز أزمة الصدام وتعطيل التفرد بالقرار" بواسطة"الثلث المعطل" لحين إجراء الانتخابات.
وكان تنويهنا أثناء المتابعة للعملية السياسية،ومن منطلق الحرص على وحدة لبنان وحرمة دماء أبناءه، ليس نابعا من فراغ، بل تعجبت من تصريح في غير محله للسيد/ سليمان فرنجية رئيس حزب"المردة" من فريق 8 آذار، حين سألته مذيعة في لقاء خاص قبل إجراء الانتخابات بأيام، في قناة"العالم الفضائية" ، ماذا لو فاز فريق 14آذار بالأغلبية، فقال نكون حينها نملك الأقلية+ الثلث المعطل!!! فأجابته مديرة الحوار، بان الثلث المعطل يكون قد انتهى مفعوله لأنه كان نتيجة أزمة وقد انتهت الأزمة بوصولكم للانتخابات وانتهاء بنود اتفاق"الدوحة"، فأجاب بهدوء وبساطة "سنعمل اتفاق دوحة جديد"، وهذا يعني أن "الثلث المعطل" والمنتهي صلاحيته وولايته بانتهاء اتفاق الدوحة حيث انه اتفاق أزمة ومسار لتجاوزها لبلوغ الانتخابات، سيصبح بفعل التدليس السياسي"ثلث مدمر" لإفرازات الانتخابات، بمعنى سيجعل من الأقلية البرلمانية أغلبية سياسية، فهل يصبح ثلثا مدمرا يعيد لبنان لنقطة الصفر والصدام طالما سقطت كل الحسابات والتوقعات، بما يشكل خطرا على سلاح المقاومة واستحقاق القرار"1559" حيث يكون لا سلاح إلا سلاح الدولة الشرعي، والمطالبة بجيشها لحماية كل الأراضي اللبنانية، خاصة إذا ما أقدم الغرب بالاتفاق مع الكيان الإسرائيلي كما كتبنا سابقا، للانسحاب مما تبقى من الأراضي اللبنانية" شبعا وقرية الغجر" وبالتالي يعرض القرار"1559" على البرلمان للتصويت عليه بالأغلبية والأقلية، فهل فعلا انتهى مفعول التراضي المؤقت ووسيلته"الثلث المعطل" وذلك بمجرد تنفيذ آخر بند من اتفاق الدوحة بالوصول للانتخابات والقبول بإفرازاتها، أم ستصر الأقلية على المناكفة وحدوث صدام من جديد والذهاب الثاني لاتفاق الدوحة لانتزاع الثلث المعطل كما صرح بذلك مسبقا السيد/ سليمان فرنجية؟؟؟!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا استبعدت روسيا ولم تستبعد إسرائيل من مسابقة الأغنية -يو


.. تعليق دعم بايدن لإسرائيل: أب يقرص أذن ابنه أم مرشح يريد الحف




.. أبل تعتذر عن إعلانها -سحق- لجهاز iPad Pro ??الجديد


.. مراسلنا: غارة إسرائيلية على بلدة كفركلا جنوبي لبنان | #الظهي




.. نتنياهو: دمرنا 20 من 24 كتيبة لحماس حتى الآن