الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمريكا و المالكي و مقهى الحشيش

علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب صحفي

2009 / 7 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


ثلاثون (حزيران) يونيو ,بعد ست سنوات و نيف , القوات الأمريكية خارج مدن العراق . الجملة الوحيدة التي علقت بذهني بعد نصف ساعة من متابعة قناة الجزيرة, بمقهى أبسط ما يقال فيه, أنه بوابة لسرطان الرئة, و لدهاليز المحاكم و السجون.
بعد هذا الخبر , قلت في نفسي و رائحة التبغ و الحشيش تملأ رغما عني خياشمي : هل القوات العراقية قادرة على تحمل مسؤولية حفظ الأمن بالبلدات و المدن العراقية ؟ و هل تتمكن في ظل ارتفاع عدد العمليات الإرهابية التي شهدها العراق مؤخرا , من التحكم بزمام الأمور و كبح أي محاولة تهدد الأمن العام ؟
فكرت قليلا, باحثا عن سبب منطقي يجعلني أجلس في هذا المقهى اللعين . كانت بعض الإجابات قد وجدت طريقها إلى رأسي الصغير, بينما نظراتي مصوبة نحو التلفاز الذي غير الجزيرة بروتانا الراقصة. شكل ذلك بالنسبة إلي, انكسارا و إحباطا واضحين.فتعطشي الشديد لجديد ملف الخروج الأمريكي من المدن و البلدات العراقية , كان كبيرا و لا يوصف .
يبدو أن الولايات المتحدة ملتزمة بالمعاهدة الأمنية (صك الإستغلال)التي وقعتها مع العراق, أمريكا التي لم تلتزم في الماضي , تلتزم اليوم ! أمريكا أبو غريب و مليون و نصف شهيد عراقي و مليون أرملة! أمريكا التي خربت أقدم و أرقى حضارات العالم, تفي بوعدها. و يبدو أن خمبابا يريد بدأ صفحة جديدة مع كلكامش , صفحة من دون حقد أو كراهية. هكذا همست لنفسي و أنا أتأمل في شخص (تبين فيما بعد أنه تاجر حشيش) .
الحرب التي بدأها بوش تنتهي في عهد أوباما الصالح ( الذي سيفاجئنا بمصيبة أكبر من سابقيه) و تحسب له . و بيده الكريمة التي تعشق تقبيلها قياداتنا العربية , ينتهي التقتيل العلني و تبدأ مرحلة الكوموندو و عمليات المسح الخفي . و يصح ما أوردته صحيفة تايم الأمريكية حين قالت :إن الحرب بدأها الرئيس السابق جورج بوش , لكن ملكيتها آلت اليوم إلى أوباما لا إلى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي .
بعد أن جاءت رسولا للديمقراطية (كما يروق للمتملقين و الخونة وصفها) على ظهر المدفعيات و أجنحة الفونتوم . ها هي تخرج من المدن و البلدات , ليس خارج العراق . بل إلى قواعدها المتمركزة على كل ترابه المقدس, مما يعني أن العراق لازال تحت سيطرة و نفوذ الجيش الأمريكي الذي انسحب فقط بهدوء خارج براثين جرائمه , بعد أن فشل فشلا ذريعا حسب كل المراقبين . فلا أسلحة الدمار الشامل وجدت , و لا علاقات صدام حسين بالجهاديين ثبتت , و لا العالم الإسلامي شهد حراكا نحو تحول ديمقراطي , و لا طريق إلى السلام في القدس اهتدي إليه في قلب بغداد (أندرو باسيفيتش أستاذ التاريخ و العلاقات الدولية بجامعة بوسطن) .لتتكفل حكومة المالكي المنحسرة في المنطقة الخضراء , بتنظيف أثار أفعاله المشينة و عملياته الهمجية.
تساءلت :هل تستطيع حكومة غير شرعية لا تمثل إلا الإدارة الأمريكية , أن تضمن الأمن في مدن و بلدات لم تبقى منها غير الأطلال و مواطنين ضائعين بين كوابيس الماضي و هواجس المستقبل ؟
يبدو الأمر أشبه بمعادلة من الدرجة الأولى حين نستحضر تصريح الشرطة العراقية الذي جاء فيه : أن اثني عشر شخصا لقوا حتفهم في انفجاريين يوم الأحد الماضي بالموصل . و خبر مقتل أكثر من ثلاثين شخصا أمس الثلاثاء بسوق شعبي بمدينة كركوك , يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن قوات الأمن غير قادرة على تحمل مسؤولياتها على أكمل وجه .
فكل المؤشرات تدل, على أن الوضع بالعراق لا يسمو إلى المستوى المرجو, و المحاولات التي قام بها الجيش الأمريكي و الحكومة العراقية لا تفي بالغرض. ربما لخلل في طريقة التنفيذ أو في الخطط ذاتها ,أو لأن تلك الأجهزة لا تجد تجاوبا كاملا مع المواطنين لأنها ببساطة تفتقد للشرعية في نظرهم .
تتعالى خيوط الدخان و تتموج بجنون مشكلة لوحة سريالية يبدو معها كل شيء مبهما , و ترتفع درجة حرارتي و تهتز أعصابي في هذا المقهى اللعين. مما يدفعني إلى المغادرة, على أمل ألا أعود, تحت أي ظرف أو فضول.
ملعونة أيتها المقهى , و ملعونة أمريكا مليون مرة أكثر منك , و ملعون المالكي و حكومته عدد النجوم و الكواكب التي تسري في الكون. لا تهمكم سلامتنا ,و لا سعادتنا , و لا رخائنا , و لا تقدمنا ,و لا شيء , ,إلا مصالحكم . مزقتهم صدورنا و نهبتمونا حتى أفقرتمونا , ولا وسيلة للانتقام منكم أو التعبير ,إلا حسبنا الله و نعم الوكيل , حسبنا الله و نعم الوكيل , حسبنا الله و نعم الوكيل .

علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب عراقي
مراكش










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اتق
قاسم الجلبي ( 2009 / 7 / 6 - 11:12 )
اتق شر من احسنت اليه ,بعض العراقين مصابون بحاله وهم وعلى مبدىء ناكروا الجميل

اخر الافلام

.. ctمقتل فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وسط رفح


.. المستشفى الميداني الإماراتي في رفح ينظم حملة جديدة للتبرع با




.. تصاعد وتيرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وسلسلة غارات على


.. أكسيوس: الرئيس الأميركي يحمل -يحيى السنوار- مسؤولية فشل المف




.. الجزيرة ترصد وصول أول قافلة شاحنات إلى الرصيف البحري بشمال ق