الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة أولية في سيرة عبد الكريم قاسم 21/11/1914 – 09/02/1963 د. عقيل الناصري

سلمان شمسة

2004 / 5 / 3
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


كتاب القراءة الأولية في سيرة الشهيد عبد الكريم قاسم هو الكتاب الثالث للمؤلف خلال سنين عديدة، والكتابين الآخرين هي:
- الجيش والسلطة في العراق الملكي (1921 -1958)
- عبد الكريم قاسم في يومه الأخير
لقد ابتدأ المؤلف في دراسة شخصية الشهيد الزعيم عبد الكريم قاسم منذ حوالي العقدين من السنين، حيث تفرغ لهذا الموضوع الذي لم يحُتفل به على عشرات السنين بسبب موقف السلطة وحزب البعث المتجنية والظالمة. إلا أنه في السنين الأخيرة ازداد من اهتم بهذه الظاهرة التي سميت من قبل بعض القوميين بظاهرة (اللغز) مثل خليل إبراهيم حسين في موسوعته حول 14 تموز والكاتب محمد حسنين هيكل وغيرهما.
من أجمل ما يميل القارئ للكتاب هو الصراحة والمبدئية التي يفتتح فيها المؤلف الكتاب منذ المقدمة ، حيث يشير منذ البداية إلى التحيز المعرفي المسبق لعبد الكريم قاسم كذات وكظاهرة عراقية صرفة وبروح أكاديمية جعلت الإنحياز يأخذ مجالأ جميلأ وغير متجنيأ ، بل كرس جهدأ لبعض الشوائب والنواقص التي اختلت سيرة الزعيم خلال خمس سنوات( سنأتي عليها في أوانها). بنفس الوقت اعتمد على طبيعة المنهج العلمي المستخدم والنظرة الفلسفية التي درست بهما الظاهرة القاسمية، و يرى الكاتب أنها واحدة من المشاريع النهضوية في عراق القرن العشرين، التي عبرت عن مطمح الفقراء والمعوزين ، وجسدته عمليأ قدر ما تمكنت نسبيأ. إذ لم يطمع المشروع القاسمي هذه الجمهرة الشعبية الواسعة، وعودأ دنيوية بعيدة المنال أو أخروية غير ملموسة...بل مشاريع مادية ومنجزات عملية رفعت من مستويات حياتها المادية والروحية بكل أبعادها، وأشبعت جزءأ كبيرأ من ضروراتها الملحة. والظاهرة القاسمية تربط هوية الإنسان ببيئته ومحيطه الإجتماعي والثقافي وإنتمائه القومي، كما تفسر لنا بعض من ملامح الحاضر، لنتوغل في البعد المستقبلي للعراق المتمنى بجماليته وإنساتيته.
ينقسم الكتاب إلى جزأين، سيتناول جزؤه الأول ما له علاقة بعبد الكريم قاسم، بصورة مركزة ومكثفة، سواء ما له : علاقة بنشأته وتكوينه والمؤثرات الفكرية التي تأثر بها، أو عن حياته العسكرية ونشاطه المهني والسياسي فيها وسلوكيته الحياتية، وكذلك مساهمته في تكوين حركة الضباط الأحرار وقيادته فعل التغيير الجذري في تموز 1958 .
كما سيتناول هذا الجزء، تحليلأ وملامسة ً لمنطلقاته الفكرية الأساسية وممارساته العملية، ليسلط الضوء العالي والمكثف على مبادئ الحكم عند عبد الكريم قاسم، ومن ثم محاولة إجراء تقييم أولي لماهية عبد الكريم قاسم... والتي ستكتمل عند نقدنا له، ضمن الأبعاد التاريخية المعاشة أنذاك.( د. عقيل الناصري، ص12)
وللحق فإن الكاتب يوفى تمامأ لكلماته المشار لها أعلاه ، لأنه تعامل برؤية علمية فيها متانة البحث وقوة التشخيص التي أبعدته من التنزيه والعبادة الفردية وتقديس الشخصية بسبب إعجابه الكبير بشخصية الشهيد عبد الكريم قاسم، التي كان ممكنأ لأن يقع فيها، بل أن نزعته العلمية والأكاديمية قد فازت بشكل واضح على المزاج النفسي والتعاطف العميق الذي جعله يكرس تقريبأ كل نشاطاته الإجتماعية والسياسية لهذه الشخصية الرائعة ، التي يتمنى كل عراقي أن ُتعاد مثل هذه الشخصية الرائعة والوطنية للعراق بصورة أو بإخرى، لأنه حارب الطائفية السياسية في الحكم والتي كانت قائمة منذ تكوين الدولة العراقية وما قبلها، في حين أدرك الزعيم إن تلاحم الهوية الوطنية لا تستوعب النظرات الضيقة والولاءات الدنيا والمناهج الجزئية.
في عام 1947 يسافر عبد الكريم قاسم إلى لندن ، وهي المرة الأولى التي يسافر بها إلى خارج العراق ، لغرض معالجة الشق في شفته العليا، ويلتقي أثناء السفرة بالشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري الذي كان ضمن وفد نظمته الحكومة البريطانية لمجموعة من الصحفيين العراقيين لزيارة لندن، وقد اصطحب الزعيم قاسم الجواهري في جولاتهما المنفردة، وأثناء مراجعة الجواهري للأطباء لغرض الترجمة. وقد كان الزعيم قاسم معجبأ أيما إعجاب بالجواهري وشعره وبالكثير من مواقفه السياسية.
قاد عبد الكريم قاسم مركبة البلد مدة 1666 يومأ وسط بحر هائج بالعواصف الإجتماعية والإقتصادية والسياسية، بعضها كان نتاجأ طبيعيأ لذات فعل الثورة وما فرضته اللوحة الطبقية الجديدة، وبعضها الآخر كان مصطنعأ من قبل القوى، الداخلية والخارجية المتضررة من الثورة وصيرورتها التي خفضت الإنتاج والأسعار في آن واحد، مما أحدث اختناقأ في الحياة الإقتصادية.
لقد وقعت جميع الأحزاب والحركات السياسية بالخلافات في الفترة التموزية/ القاسمية وإن اختلفت نسبيأ ، مما أوقعها في حرب ضروس غير مبررة علميأ وعمليأ وبعيدة عن منطق الواقع المنشود، مما دلل على فقدانها للنضج والوعي السياسيين، فكانت النتيجة أن تكون طرفأ في إجهاض الثورة وفقدان التجربة ، كما جنت على ذاتها من حيث الفعالية والرسوخ وأفق المستقبل.
بالطبع أخطاء الحركات السياسية العراقية في ذلك الوقت يجب أن لا تنسينا الدور الخطير الذي لعبته شبكات المخابرات الغربية وعملاء الأجهزة المبثوثين في أجهزة النظام الجديد وفي بعض المجموعات السياسية( خاصة حزب البعث وحركة الضباط الأحرار) باتجاه تدمير عناصر قوة الثورة وباتجاه خلق حالة التناحر بين القوى الوطنية وبين النظام وبالتالي دفع النظام إلى الإنزواء، تمهيدأ لإسقاطه عبر انقلاب عسكري دموي وهو ما حصل في 8- شباط- 1963 .

يتطرق الدكتور عقيل لحياة الزعيم وأفراد عائلته بأمانه من ناحية وعلمية ودون مبالغة ص24-25 : يتبنى الزعيم فكرة المساواة في المعاناة التي عاناها في طفولته ولم يخجل من القول أنه كان فقيرا ً ، بل أنه كان يناقش ذلك الواقع فلسفيا ً ويربطه بالغنى بطريقة عالية... يقول عبد الكريم قاسم في أحد خطبه: أني ابن الفقراء .. أنني فقير .. شخص فقير وجدت وعشت في حي الفقراء وقاسيت زمناً طويلا ً مرارة العيش، ولكننا نملك الغنى، غنى الإباء ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة تعزز قواتها البحرية لمواجهة الأخطار المحدقة


.. قوات الاحتلال تدمر منشآت مدنية في عين أيوب قرب راس كركر غرب




.. جون كيربي: نعمل حاليا على مراجعة رد حماس على الصفقة ونناقشه


.. اعتصام لطلبة جامعة كامبريدج في بريطانيا للمطالبة بإنهاء تعام




.. بدء التوغل البري الإسرائيلي في رفح