الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تأجيل الحوار سيساهم في ترتيب وتعزيز البيت الفلسطيني؟!

احمد سعد

2009 / 7 / 7
القضية الفلسطينية


انتهت الجولة السادسة من الحوار الفلسطيني في القاهرة بين حركتي فتح وحماس للتوصل الى اتفاق حول العديد من القضايا المفصلية، دون تجاوز حالة الانقسام واعادة اللحمة والوحدة الوطنية الى الصف الوطني الفلسطيني والى جناحي الوطن المحتلة في الضفة والقطاع. وقد تمخض عن جولة الحوار السادسة بيان مقتضب يشير الى انه حدث بعض التقدم في بعض القضايا التي طرحت على طاولة الحوار وعدم التوصل بعد حول قضايا جوهرية اخرى مثل قضية الاسرى الفلسطينيين والمعتقلين في سجون السلطة في رام الله وفي سجون حماس في قطاع غزة، وقضية بنية السلطة وطريقة الانتخابات وغيرها، كما تضمن البيان وبالتنسيق مع الراعي المصري لجولات الحوار ان تجري الجولة السابعة والاخيرة لانهاء الانقسام ورص صفوف الوحدة الوطنية في الخامس والعشرين وحتى الثامن والعشرين من شهر تموز الجاري!
ان عقارب الساعة الزمنية للتطور لا تتوقف واكثر ما يثير قلق الاحرار من انصار الحق الفلسطيني المشروع بالحرية والاستقلال الوطني، يثير قلق الاوساط الواسعة من الشعب العربي الفلسطيني ان لا تجيد بعض القوى الوطنية المتنفذة داخل بعض الفصائل والتيارات الفلسطينية فهم المقروء كما يجب وادراك المدلول الاستراتيجي السياسي للمتغيرات الحاصلة التي ترافق وتؤثر على مسار الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني – العربي من اجل انجاز التسوية السياسية السلمية لضمان الامن والاستقرار والسلام الشامل والثابت في المنطقة. فحقيقة هي ان من بين المتغيرات الحاصلة على موازنة الصراع في المنطقة يمكن الاشارة لتأكيد ما يلي:
* اولا، لاول مرة ومنذ اكثر من عشرين سنة يبرز شرخا تظاهريا وتناقض في بعض وجهات النظر داخل التحالف الاستراتيجي الامريكي – الاسرائيلي بين ادارة باراك اوباما وحكومة نتنياهو اليمينية، فادارة اوباما بعكس الادارة الامريكية السابقة التي كانت تنحاز بمواقفها بشكل سافر الى جانب العدوانية الاسرائيلية ودعم سياستها الاجرامية ضد الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه الوطنية، ادارة اوباما تحاول الاقناع انها تمارس سياسة خارجية متوازنة على ساحة الصراع الاسرائيلي – العربي، ادارة اوباما تعمل على خدمة المصالح الاستراتيجية الامبريالية الامريكية في المنطقة ليس بطريق البلطجة والقوة وتفعيل ذئب العدوان الاسرائيلي، كما كان ايام بوش، بل عن طريق الحوار ومحاولة بلورة "حل سلمي اقليمي" امريكي يطبع العلاقات بين اسرائيل والانظمة العربية في اطار الاستراتيجية الامريكية وخدمة مصالحها.
* ثانيا، تأليف حكومة في اسرائيل من القوى اليمينية المغامرة برئاسة نتنياهو – ليبرمان – براك، والتي تمثل عمليا اعتى اعداء الحقوق الوطنية الفلسطينية من قوى الاستيطان والترانسفير العنصري والفاشية العنصرية التي تركع في محراب ارض اسرائيل الكبرى، وتلجأ الى المناورات والبرامج التعصبية لمنع قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة والتطور عاصمتها القدس الشرقية والتنكر لحق العودة للاجئين الفلسطينيين والاستعاضة عن الدولة بكيان فلسطيني مسخ مقطع الاوصال ومخصي الصلاحيات السياسية والامنية وعلى اقل من اربعين في المئة من الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ السبعة والستين.
امام هذين المتغيرين على ساحة المستجدات المؤثرة على طابع الصراع فالسؤال الذي يطرح نفسه، ويستدعي من جميع الوان الطيف الفلسطيني وفصائل المقامة الفلسطينية، اين يكمن الخطر؟
برأينا ان الخطر الاساس يكمن في محاولة القوى الامبريالية، بما فيها الادارة الامريكية، وحكومة الاحتلال الاسرائيلي تعمل وتنشط بهمة وبمنهاجية لطمس حقيقة ان قضية الشعب العربي الفلسطيني بجوهرها وبمدلولها السياسي هي قضية تحرر قومي وطني اغتصب حقه في تقرير المصير باقامة دولته المستقلة وهجرت جرافات التطهير العرقي وشاحنات الترانسفير الصهيونية الى اللجوء في الشتات القسري غالبية هذا الشعب واحتلت منذ السبعة والستين الضفة وقطاع غزة، فهذه القوى تحاول تصوير الصراع ليس بين محتل مجرم وبين شعب مقهور يرزح تحت وطأته، بل بين "الامن الاسرائيلي" والارهاب الفلسطيني، وكساد هذه البضاعة الفاسدة جعل اعداء الحقوق الوطنية الفلسطينية يصورون الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني صراع على اراضي متنازع عليها!!
ان ما يثير القلق هو محاولة شرعنة الاستيطان الكولونيالي الاسرائيلي في المناطق المحتلة وتركيز الضوء في اختلاف الموقف بين ادارة اوباما وحكومة الاحتلال الاسرائيلي حول تجميد مختلف اشكال الاستيطان بما في ذلك لخدمة الزيادة الطبيعية وليس اخلاء الارض الفلسطينية المحتلة من الدنس الاستيطاني. والاخطر من ذلك، تحويل قضية الاستيطان الى القضية المركزية واستغلالها من قبل حكومة الكوارث وادارة اوباما لابتزاز سياسي من الفلسطينيين والانظمة العربية. فحكومة اليمين ارسلت وزير "الامن" ايهود براك لعقد صفقة مع المبعوث الرئاسي لادارة اوباما الى الشرق الاوسط جورج ميتشل. وفي محادثاته طرح براك موقف حكومة نتنياهو (انظر يديعوت احرونوت 2/7/09) الذي يتلخص في الموافقة على طلب ادارة اوباما بتجميد مؤقت للاستيطان لخدمة الزيادة الطبيعية لمدة ثلاثة اشهر ولكن بشروط املائية اولاها ان يتم "اتمام" بناء الاف الشقق التي في طور البناء، وخاصة في القدس الشرقية المحتلة وضواحيها، بمعنى اخراج القدس الشرقية وتهويدها من الحساب، وثانيا، ان يعلن الفلسطينيون قبل استئناف التفاوض ان اسرائيل "دولة الشعب اليهودي"، بمعنى شرعنة التوجه الصهيوني بان اكثر من مليون ومئة الف مواطن عربي فلسطيني من اهل هذا الوطن الاصليين لا حق لهم بالوطن والمواطنة ويصبح من الشرعية السياسية الصهيونية بمكان ترحيلهم الى خارج وطنهم على شاحنات الترانسفير الصهيونية. كما تشترط انه مع اقرار التجميد للاستيطان تبدأ الانظمة العربية في اطار "حسن النية" في تطبيع علاقات اولية اقتصادية تجارية وسياحية وغيرها مع اسرائيل. وتشترط حكومة نتنياهو ان يكون كيان الحل الدائم الفلسطيني منزوع السلاح يقبع تحت رحمة قوات الاحتلال وعصابات المستوطنين الفاشية العنصرية. وقد عاد على تكرار هذه الشروط الاستعمارية رئيس الحكومة نتنياهو في لقاء له مع 27 سفير من الاتحاد الاوروبي عقد في "فندق الملك داود" في القدس الغربية في الاول من شهر تموز الجاري، وفي احتفال السفارة الامريكية في اسرائيل بذكرى الاستقلال اكد نتنياهو في كلمته "علاقتنا مع الولايات المتحدة علاقة شجاعة، الرئيس اوباما في خطابه في القاهرة قيم ذلك بانها علاقة غير قابلة للكسر ولهذا فعلاقتنا مع امريكا غير قابلة للكسر". ونحن لا نشك في قوة العلاقات الاستراتيجية الامريكية – الاسرائيلية ومتانتها رغم الاختلاف في التكتيك لتحقيق اهداف سياسية مشتركة، فوفقا لمصادر مقربة من "البيت الابيض" نشرت صحيفة "يديعوت احرونوت" في عدد الجمعة الاخير 3/7/09 "ان الادارة الامريكية بلورت صفقة "حسن نية" مقابل موافقة اسرائيل على تجميد جميع اشكال الاستيطان، فمن ضمن اجراءات حسن النية انه مقابل تجميد الاستيطان اخذت الادارة الامريكية موافقة الانظمة العربية التي لا تضم بعد علاقات دبلوماسية مع اسرائيل، مع انظمة السعودية والعراق ودولة الخليج العربي – الفارسي بالسماح للطائرات الاسرائيلية الطيران في اجوائها وهي في طريقها من اسرائيل الى بلدان الشرق الاقصى. فهذا يقصر زمن الطيران بثلاث ساعات على الاقل. اما "الهدية الثانية" للمحتل مقابل التجميد للاستيطان ان تفتح اسرائيل من جديد مكاتب المصالح التي كانت قائمة في شمال افريقيا وبلدان الخليج الفارسي – العربي، في مراكش وتونس وعُمان وقطر. واعتبار هذه الخطوات كمقدمة، كدفعة اولى لتطبيع العلاقات الاسرائيلية – العربية باتجاه بلورة "السلام الاقليمي" الامريكي، أي مصادرة بعض ادراك الضغط العربي والفلسطيني على المحتل الاسرائيلي قبل بدء مفاوضات الحل الدائم، بل ابتزاز هذه الاجراءات كشروط لبدء التفاوض مع الفلسطينيين حول الحل الدائم. ومقابل هذه التنازلات للمحتل الاسرائيلي فان ادارة اوباما ستضغط على حكومة الاحتلال للقيام باجراء تسهيل حركة الفلسطينيين، مثل ازالة حواجز المعاناة وتخفيف وفك الحصار التجويعي على قطاع غزة وتقديم "مساعدة" للسلطة الوطنية الفلسطينية بمقدار 400 مليون دولار في سنة الفين وعشرة وذلك بهدف اقامة بين عشرة الى اثنتي عشرة فرقة بوليسية قوية للمحافظة على النظام العام في الضفة الغربية "هل قطاع غزة دولة قائمة بذاتها لتجاهلها" (أ.س)!! ولتحسين الجهاز القضائي ولاقامة جهاز حبس فعال!!
ان هذه المعطيات على ارض واقع الصراع والتطور تستدعي اكثر من أي وقت مضى رص صفوف الوحدة الوطنية الكفاحية بين جميع الوان الطيف العقائدي والسياسي الفلسطيني. فما يجري اعداده من برامج للتسوية في الدهاليز المعتمة الاسرائيلية والامريكية وبعض انظمة التواطؤ العربي لا يضمن حلا عادل يتضمن جميع ثوابت الحقوق الوطنية الشرعية غير القابلة للتصرف. فالضبابية وليست المكاشفة الصريحة والواضحة تكتنف طابع الرؤية الامريكية حول "حل الدولتين" حدود الدولة الفلسطينية المرتقبة، ما هو مصير القدس الشرقية المحتلة ومصير حق اكثر من اربعة ملايين لاجئ ومهجر ونازح فلسطيني بالعودة!! انه سابق لاوانه، وفي ظل هيمنة سلطة الاحتلال الاستيطاني الهمجي على المناطق المحتلة، ان نتمترس في شرنقة المصلحة الفئوية الضيقة على حساب المصلحة الوطنية العليا للشعب العربي الفلسطيني بالتحرر والاستقلال الوطني. فأحد اسباب انتصار حركات التحرر القومي والوطني المركزية انها رصت وحدة صفوف تياراتها الوطنية المختلفة المشحونة ببرنامج كفاحي لمواجهة وكنس التناقض المركزي، العدو المركزي، المستعمر المحتل. ولهذا، فانه من الاهمية المصيرية الوطنية بمكان اعادة تفعيل وتعزيز مكانة م.ت.ف كممثل وحيد وشرعي للشعب العربي الفلسطيني. واملنا كبير ان يدرك قادة وجميع تيارات شعبنا وفصائل مقاومته استغلال "فسحة الوقت" حتى الخامس والعشرين من شهر تموز الحالي لاعادة ترتيب البيت الفلسطيني وتركيز الحوار حول اهمية مشاركة جميع الوان الطيف الفلسطيني لصياغة وحدة صوانية متمسكة بثوابت الحقوق الشرعية. واعداء الشعب العربي الفلسطيني يراهنون على نتائج حوار سهلة الاختراق لضرب الحقوق الوطنية، يراهنون على صفقة حل كونفدرالي بين فتح وحماس يتمخض عنها حكومة توافقية على خلفية المحاصصة في توزيع المناصب مع بقاء جذور الانقسام من خلال ما يشبه شرعنة حماس في القطاع وفتح في الضفة الغربية واشعال براميل متفجرات الصراع الفلسطيني – الفلسطيني لاتفه الاسباب، نأمل ان تكون لدى قادة فتح وحماس الاذان الصاغية لمدلول تلقى العديد من التيارات الفلسطينية – حزب الشعب الفلسطيني، الجبهتان الشعبية والدمقراطية وفدا وجبهة التحرير العربية وغيرها – وتحذيرها من مغبة تجيير الحوار لخدمة مصالح فئوية وحصحصة النفوذ بين حماس وفتح. لقد قدمت هذه التيارات جملة من الاقتراحات الجديرة بالاهتمام واخذها بالاعتبار والتي يصب مدلولها في تقويم مسار الحوار بشكل يصقل وحدة الشعب الفلسطيني وتياراته وفق برنامج كفاحي للتحرر الوطني لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة وانجاز الحق الوطني بالتحرر والدولة والقدس والعودة.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - راي
سيمون خوري ( 2009 / 7 / 7 - 02:46 )
أتمنى صديقي العزيز أن يقرأ مقالك قادة فصائل العمل الفلسطيني ، وإن كنا على ثقة مسبقة انهم يعرفون أكثر مما أشرت انت اليه. لكن ربما يخجل البعض من إستمرار ممارسة تجهيل الشعب ؟

اخر الافلام

.. في شمال كوسوفو.. السلطات تحاول بأي ثمن إدماج السكان الصرب


.. تضرر مبنى -قلعة هاري بوتر- بهجوم روسي في أوكرانيا




.. المال مقابل الرحيل.. بريطانيا ترحل أول طالب لجوء إلى رواندا


.. ألمانيا تزود أوكرانيا بـ -درع السماء- الذي يطلق 1000 طلقة با




.. ما القنابل الإسرائيلية غير المتفجّرة؟ وما مدى خطورتها على سك