الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكومات العربية وشعوبها من منها اكثر تخلفا

ابراهيم علاء الدين

2009 / 7 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


اثار عدد من الزملاء سواء بشكل مباشر او غير مباشر قضية العلاقة بين الحكومات العربية وشعوبها، وغالبا ما يلقى باللوم على الحكومات في تخلف الشعوب، ويذهب البعض الى تبرئة الشعوب من اي مسؤولية عن التخلف الذي ترتع فيه اجيالا وراء اجيال.
وليس من الممكن في مقال صحفي ان يتناول المرء كافة الجوانب التي توضح مسؤولية الشعوب عن اوضاعها المزرية .. كما ان التركيز على مسؤولية الشعوب لا يعفي الحكومات من مسؤولياتها .. لكن بالنظر الى الاتهام الذي وجهه لي احد الاخوة المحترمين ضمن مجموعة من الاصدقاء وكان فحواه ان هذه المجموعة تزدري الشعوب وتداري الحكومات وفي ذلك قول ينقصه الدقة والموضوعية، وطال الاتهام اساتذة كبار من امثال الدكتور طارق حجي وشامل عبد العزيز وشاكر النابلسي تصريحا وغيرهم تلميحا، وجدت من الضروري نشر بعض الحقائق التي تشير الى المسؤولية الكبرى التي تتحملها شعوب بلادنا في دوام المأساة التي ترزح فيها.
ولا ادعي انني في هذه العجالة استطيع تسليط الضوء على جوانب لها من الاهمية ما يوضح لماذا يجب نقد السلوك الاجتماعي للشعوب وتوجيه اقصى عبارات النقد للمنطق الفكري السائد في اوساطها، وتسليط الضوء على امراضها التي يصعب حصرها في اقل من دراسة علمية رصينة، وارى من الضروري التاكيد على ان هذا الموقف لا يعني ابدا اشاعة الاحباط في صفوف الجماهير بقدر ما يهدف الى تحفيز الهمم، وشد ازر من يمكن تسميتهم بالمناضلين من اجل رفعة شأن شعوبنا وبلادنا، دون ان يعني ذلك باي حال من الاحوال تبرئة ساحة الحكومات من مسؤوليتها عما تعانيه بلادنا وشعوبنا من تخلف وترد وهوان.
والنموذج الذي اتعرض له في هذه المقالة هو عبارة عن عمل ميداني قمت به شخصيا واخذ مني حوالي سنة ونصف في الميدان زرت خلاله 14 دولة عربية وقابلت خلالها جميع المسؤولين عن الشؤون الاقتصادية والتجارية في تلك البلدان، كما اخذ مني وفريق كامل على رأسه الاخت العظيمة نجاح بدران والاخت القديرة ايمان الخطيب نحو ثلاثة سنوات دراسة وبحث وتخطيط وهذا العمل اسمه برنامج تنمية التجارة البينية العربية.
ويهدف برنامج التنمية هذا كما يشير اسمه الى تعزيز التبادل التجاري بين الدول العربية مما يوفر اسواقا جديدا للمنتجات العربية او توسعة الموجود منها.
وكان لتحقيق هذا الهدف الكبير لا بد من ان تظلله مظلة عربية كبيرة فوجدنا بجامعة الدول العربية افضل من يتبنى هذا البرنامج. وقمت بمقابلة السيد عمر موسى في عام 2004 ثم قابلت السيد الدكتور احمد جويلي الامين العام المساعد السابق للشؤون الاقتصادية.
وقد رحب السيدان بفكرة البرنامج وخصوصا الدكتور جويلي وابدى استعداده لدعم البرنامج بكل الامكانيات ، ورتبت ادارته لقاءات لممثلي البرنامج مع العديد من المنظمات التابعة لجامعة الدول العربية ، وبذلت الاختان نجاح وايمان مجهودات مضنية في التنقل والسفر لعرض البرنامج ، الذي نال استحسان جميع المنظمات والمؤسسات التي التقت بها الاختان.
ثم تم ترتيب زيارات وبرنامج للقاءات المسؤولين في الدول العربية للاجتماع بوزراء التجارة والصناعة والاقتصاد ، وكذلك برؤساء غرف التجارة والصناعة وكذلك مع بعض النقابات ذات الصلة بالصناعة بالاضافة الى زيارات للمصانع واللقاء باصحابها او من ينوب عنهم
ولا يسعني بهذه المناسبة الا ان اوجه الشكر والتحية والتقدير لكل رجالات الدولة الذين قابلتهم في 14 دولة عربية وكذلك لرؤساء غرف التجارة والصناعة الذين ابدوا اهتماما كبيرا بالبرنامج وتعهدوا بتقديم كافة التسهيلات اللازمة وكثير منهم طلب ان يكون مقر البرنامج في بلدانهم وان تكون تكاليفه على نفقة حكوماتهم.
ونزلت الى القطاع الخاص والمصانع الخاصة بروح وثابة وحماس شديد مسنودا ومدعوما بموقف المسؤولين الحكوميين وعزمهم على دعم فكرة البرنامج.
ولم اكن اتوقع ان اصادف مفاجأة افزعتني مضمونها عدم ترحيب اصحاب المصانع بالفكرة، علما بانها لا تلزمهم باي شيء على الاطلاق لا التزامات مالية او ادبية او قانونية او حقوقية انها تلزمهم فقط بقائمة اسعار صالحة لمدة 3 اشهر فقط لهم الحق بتعديلها او الابقاء عليها بعد 3 اشهر.
فيما برنامجنا مليء بالخطوات العملية ومليء بالاغراءات الفعلية منها زيادة صادرات المصنع، وترويجه اعلاميا وترويج منتجاته في معظم الدول العربية، وقد توصلنا في وقت لاحق الى ان تقوم بعض مؤسسات جامعة الدول العربية باعفاء الصادرات التي تتم عن طريق البرنامج من الكثير من الرسوم، الى جانب وضع منتجات المصنع على الويب سايت الخاص بالبرنامج وامكانية تسويقها عبر الشبكة وايضا تسهيلات في التنقل وعمل الفيزا وحجز الفنادق وقاعات الاجتماعات وتزويد المصدرين باسماء الشركات المستوردة والعكس. وكل ذلك دون اي مقابل سوى تقديم قائمة اسعار بمنتجات المصنع مميزة للبرنامج حتى تكون جذابة لفتح اسواق جديدة ومنافسة لمثيلاتها من منتجات الدول الاجنبية.
لكن المفاجأة بل الصاعقة كانت عندما كنت اجد نفسي متهما من قبل صاحب المصنع وهو يسأل اسئلة مثل " وما هي مصلحتكم من وراء هذا البرنامج؟" او " من ورائكم ومن يدعمكم ..؟" ا وان يذهب البعض الى حد الاتهام بالارتباط باجهزة استخباراتية اجنبية . .. فالبعض لم يخجل من القول ان مشروعا كهذا لا بد وان وراءه جهات عدوانية مثل الموساد الاسرائيلي او السي اي ايه ..
واعتبر بعض اصحاب المصانع ان اسعار منتجاته سرا لا يبوح بها لأحد ، وكثيرون رفضوا لفكرة من اساسها وقال بعضهم انها فكرة جيدة لكنها لا يمكن تطبيقها في العالم العربي ، لان الثقة معدومة والعراقيل كثيرة وان العرب لا يحبوا بعضهم بعضا وان المستهلك العربي يفضل المنتج الاجنبي على المنتج العربي.
كثيرة هي التفاصيل التي يستحيل ذكرها في هذه العجالة لكن مؤداها باختصار انني اكتشف ان الشعوب العربية بحاجة الى برنامج لتنمية الثقافة قبل برنامج لتنمية التجارة.
وللاسف الشديد اكتشفت في الميدان وبالملموس وبكل وضوح ان الحكومات العربية اكثر تطورا بمراحل من شعوبها، وانها اكثر ادراكا بالمسؤولية، وانها اكثر استعدادا لخوض تجارب حتى لو كانت حالمة .
لكل من يعتقد ان ما ذكرته تشكيكا بشعوب العرب ان يحاول ان يقدم شيئا عمليا ولو بسيطا جدا بشكل واقعي وحقيقي وفي الميدان، وليس خطابات رنانة ومقالات طنانة
ولا اريد ان استشهد بمقولة "كما تكونوا يولى عليكم ، فالحقيقة التي اكتشفتها بالميدان هي ان من هم اولياء على شعوبنا يحاولن الارتقاء بمن هم مولون عليهم الى مستواهم.
ولا شك ان الخلاف بالراي لا يفسد للود قضية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من المؤكد
شامل عبد العزيز ( 2009 / 7 / 7 - 19:52 )
الأستاذ إبراهيم من المؤكد أن كل شيء يحصل لنا سببه إسرائيل حتى العواصف الترابية التي تضرب بلدان الخليج حالياً والعراق خاصة حسب ماجاء بمقالة أحد الأخوة سببها إسرائيل . هل تعتقد غير ذلك ؟؟؟ يا سيدي إذا سألنا سؤال ؟ فيقولون أنتم مرتبطين بالموساد . الخلاصة ( خليها على الله ) .
تحياتي سيدي الفاضل


2 - تكلم حتى اراك
متفرج ( 2009 / 7 / 7 - 20:54 )
الانسان وليد الثقافه الشائعه...وبرغم من اننى اتفق مع سيادتكم فى ما ذهبتم اليه ولكننى اتسائل ...من أين جاءت لاؤلئك الناس تلك الاشخاص ...أليس بسبب الخطاب الثقافى الملتبس بالدين...والمتباكى دائما على مصائبنا بحجه ان الجميع -وبالطبع اولهم اليهود-هم اساس كل مشاكلنا...فأصبحنا نعيش فى وهم نظريه المؤامرة من الجميع ....من المسئول عن نشر تلك الثقافه وهذا الجهل ...اليست الحكومات ...وفى شرقنا الغارق حتى الثماله فى جهله واوهامه لا يمكن دائما ان تلوم النخب المستنيره ...فهوذا كاتب بحجم سيد القمنى يتم تهديده المرة تلو الاخرى حتى يمتنع عن الكتابه لفترة ....ويتم اغتيال فرج فوده ويكفر طه حسين ونجيب محفوظ حتى ليكاد الجهل ان يقتله....نعم انا اتفق ان الشعوب تتحمل جزءا من المشكله ولكن من المسئول عن حرمان الشعب من العلم والثقافه...والاسباب كثيرة لرغبه النظم فى استمراريه الجهل....واذكر ان احد استاذتنا فى الجامعه فى بدايه دراستنا الجامعيه عندما كان يناقش اسباب انحدار التعليم الجامعى قال -ان العمليه التعليميه مسئوليه ملقاه على عاتق أثنين الاستاذ والطالب-...وهكذا فانا ارى هؤلاء التجار الذين قاوموك سيدى من خلال الثقافه السائدة المراد لها ان تنتشر ...وهى شىء مختلف تماما عن النيات الطيبه لبعض وزراء الدول ....-التك


3 - فترة إعداد تحضيرية
خالد عبد الحميد العاني ( 2009 / 7 / 7 - 21:22 )
الأستاذ إبراهيم علاء الدين
تحياتي الحارة
لا أحد ينكر تخلف الشعوب العربية إلاعميان البصر والبصيرة وتخلف الرأسمالية العربية لا يشذ عن هذه القاعدة .لا توجد في الدول العربية تقاليد رأسمالية كالتي موجودة في الغرب الرأسمالي وبالتالي فمن الطبيعي أن لا يتجاوب أصحاب المصانع مع المشروع. مثلا ما هي معلوماتهم في علم التسويق ؟ أعتقد أن تنفيذ الفكرة كان مستعجلا بعض الشيء وفي إعتقادي الشخصي كان من المفروض إعداد فترة تحضيرية للمشروع يتم فيها التنسيق بينكم وبين جامعة الدول العربية وبين المؤسسات الحكومية أوشبه الحكومية كغرف التجارة أو إتحاد الصناعات المحلية التي لها صلة بعمل المصانع من أجل توضيح فكرة المشروع قبل الشروع بالتنفيذ. أتمنى لكم التوفيق مستقبلا ودمتم.


4 - اصلاح الحكام أم المثقفين العرب ؟ أيهما أولا ؟-6
توت عنخ آمون ( 2009 / 7 / 7 - 23:44 )
سلسلة مقالات بعنوان : اصلاح الحكام أم المثقفين العرب ؟ أيهما أولا ؟ -6
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=42525


5 - المصيبة أعظم لو علم
الدكتور حسين محيي الدين ( 2009 / 7 / 8 - 05:18 )
ألاستاذ أبراهيم علاء الدين لو علم ان الرأي السائد في المجتمعات العربيه لا تؤسسه المؤسسات الاعلاميه للحكومات العربيه بل تؤسسه مجموعة من المتخلفين ممن يضطرالحاكم العربي والمفكر والمثقف العربي للسير وفق ماتمليه هذه المجموعات فترى رجل السياسه يتبنى برنامجا سياسيا وفق ما تمليه رغبات المتخلفين كذلك الاقتصادي ورجل الدين والمثقف وبهذا نجد ان النخب العربيه المؤثرة هي مجموعه من المتخلفين القابعين في قاع المجتمع


6 - تعليق
سيمون خوري ( 2009 / 7 / 8 - 07:55 )
جهودك وجهود فريق عملك بالتأكيد مهمة ومخلصة .اتفق مع الاخ صاحب التعليق الثالث والخامس ، واود الاشارة الى حادثة مختصرة حقيقية فقط من موقع كونها نموذج وليست تعميماً في أحد المساجد الغير القانونية في عاصمة أوربية كان الامام يعلم ويشرح للمصلين كيفية معرفة أوقات الصلاة بواسطة زوال الشمس ؟ ونسي هذا الرجل اننا في عصر ما بعد السرعة .. هل تصدق


7 - شكراً لك
مايسترو ( 2009 / 7 / 8 - 11:29 )
الأستاذ ابراهيم أشكر لك مقالك الجميل هذا، وبعد إذنك الكريم، أود أن أعلق على هذا الكلام بجملة مختصرة، وهو أن الشعوب هي أصل البلاء ، وهناك قول قديم يقول - كيفما تكونون يولى عليكم -، وهذه الشعوب لن تخرج من تخلفها هذا ما دام أنها تؤمن بأساطير وخرافات وأهم تلك المعتقدات هي الأديان وهي سبب كل البلاء، ومهما كانت هذه الأديان سواء كانت ابراهيمة أم وضعية, ولك الشكر.


8 - الخوف من التغيير والمغامرة
مختار ملساوي ( 2009 / 7 / 8 - 12:05 )
أستاذ علاء الدين، أنا شخصيا تحملت مسؤولية متواضعة على مؤسسات ثقافية في عدة مناطق، أهم ما لاحظته:
- كل المؤسسات وجدتها تحتاج إلى تجديد وتغيير وتطوير بينما ظل الناس الذين سبقوني إليها جامدين راضين تاركين الأحوال على ما هي عليه، رغم أن ظروف العمل كانت تتطلب اتخاذ إجراءات ضرورية جدا لتحسين الأداء وربح الوقت.
- كل محاولاتي كانت تقابل بالشك، وبالتقاعس عن قبول ما كنت أقترحه من تغييرات.
- هناك رفض غير مفهوم للتجديد والبحث عن أنجع الطرق الحديثة عند الآخرين والتي أثبتت نجاعتها، رغم أنهم عندما يزورون الغرب يعودون منبهرين بما حققوه من تقدم، ولكنهم سرعان ما ينسون.
- عندما يرى الناس فائدة الطرق الجديدة التي كنت أدرخلها على التنظيم والتسيير كانوا يعجبون بذلك، ولكنهم عند اقتراح تغيير آخر يسلكون نفس السلوك الأول. هل يدخل هذا ضمن القابلية للتعلم؟
أعتقد أن الناس عندنا عبيد ما تعودوا وهم أعداء ما جهلوا. وهم بطيئون جدا في اتخاذ المبادرة وخوض غمار المغامرة . هل يعود هذا إلى التربية والثقة بالنفس؟ هل يعود إلى عدائنا المستحكم للجديد (كل بدعة ضلالة)، هل يعود إلى أننا مازلنا مجتمعات تقليدية لم تدخل بعد أجواء الحداثة؟
أسوق هنا ملاحظة أبداها أحد الأجانب عندنا عندما رأى النساء الريفيات يكنسن ا

اخر الافلام

.. فصل جديد من التوتر بين تركيا وإسرائيل.. والعنوان حرب غزة | #


.. تونس.. مساع لمنع وباء زراعي من إتلاف أشجار التين الشوكي | #م




.. رويترز: لمسات أخيرة على اتفاق أمني سعودي أمريكي| #الظهيرة


.. أوضاع كارثية في رفح.. وخوف من اجتياح إسرائيلي مرتقب




.. واشنطن والرياض.. اتفاقية أمنية قد تُستثنى منها إسرائيل |#غرف