الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد والية توزيع الثروات

شلال الشمري

2009 / 7 / 9
الادارة و الاقتصاد


الدولة العراقية ( الإقليم الأرضي ، الإقليم الجوي ، الشعب ، السيادة ) بعد عام 2003 انتهجت الرأسمالية كاقتصاد محكوم بالسوق الحر والعرض والطلب والملكية الخاصة، وشرعت السلطة الاتحادية باتجاه خصخصة الاقتصاد ورفع الدعم عن بعض أسعار السلع والخدمات التي تقدم للمواطن مثل المشتقات النفطية ، وتقليص مفردات البطاقة التموينية ، وقد تأخذ التعريفة على الكهرباء والماء والمجاري والهاتف طريقها لهذه الآلية بعد بلوغها مستوى الجودة والاستقرار ، وقد تشمل هذه السياسة في المستقبل خدمات الصحة والتربية والتعليم والسكن والأمن .... ويمكن القول : إن كافة الخدمات لا بد أن يكون لها مقابل مادي يضمن (احترامها) واستمرار جودتها من حيث الكم والنوع ، وفتحت الأبواب أمام التجارة الخارجية استيراداً وتصديراً وأمام الاستثمار العالمي وشُكِّلت هيئة الاستثمار لهذا الغرض وتم سنّ قانون الاستثمار ، وهذا النهج الرأسمالي مؤسس له دستورياً ( الفرع الثاني ـ الحقوق الاقتصادية ـ المواد 22 ، 23، 24 ، 25 ، 26 ، 27 ، 28) يقابله نهج معاكس بالاتجاه للسلطات الاتحادية ( التشريعة ، التنفيذية ، القضائية ) يعمل بعقلية رأسمالية السلطة ( نموذج عمل به في النظم الاشتراكية المنهارة بالإضافة إلى النظم الدكتاتورية التي تدعي تبنيها للاقتصاد الاشتراكي ومنها النظام السابق )
التي تهيمن وتستحوذ على ثروات الشعب الطبيعية وتجيرها لصالح تدوير آلتها التشغيلية المترهلة ( الميزانية التشغيلية تبلغ نسبتها 80% من نسبة الميزانية العامة ) سبع وثلاثون وزارة ( علماً أن الصين لديها عشرون وزارة ) وهيئات متعددة ودواوين على عدد المذاهب ومحافظون ورؤساء مجالس محافظات وأعضاء مجالس ورؤساء ووزراء فدراليات ورئاسات ثلاث والمئات من البرلمانيين والسفراء كل هذا الكم الهائل من الدرجات الوظيفية التي هي بدرجة وزير أعلى وأدنى بقليل مع بطانتهم يستنزفون الثروات الطبيعية التي هي من حق 31 مليون مواطن عراقي حسب آخر التخمينات السكانية لعام 2009 ، ويقتصر ما تبقى منها على مليوني موظف ونصف مليون متقاعد حسب ما ذكر وزير التخطيط علي بابان ؛ لهذا تكون قد شكلت السلطة الاتحادية بيروقراطية حاكمة تخندقت بالمقابل من عموم الشعب الذي شكَّل بمجموعه طبقة فقيرة معدمة ،وقد وسعت السلطة الاتحادية من رقعة الحواظن والبيئات التي تشجع على الفساد من خلال توسيع جهازها التشغيلي لكي يشمل كافة أطراف المعادلة السياسية التوافقية التحاصصية الطائفية بالشكل الذي استحلب هذه الثروات بحجة تدوير العجلة التشغيلية للسلطات الاتحادية ( رواتب ، مخصصات ، نثريات ، خطورة ، سيارات ، إيفادات ، حمايات ، مستشارين ، تأمين صحي خارج العراق ، خدمات مفتوحة من الماء ( قناني ) والكهرباء ، النقل ، الهاتف ، السكن ، كسوة صيفية وشتوية ) إن هذه العقلية الاقتصادية التي جمعت للسلطات الاتحادية قسمتي ( الأرنب والغزال ) فتحت أبواب الفساد على مصراعيها ؛ لأنها وزعت مفاتيح كنوز العراق على عدد محدود ، وتركت الملايين يتوزعون على إشارات المرور للتسول وجنابر الأرصفة وصدقات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي لا تشبع جائعاً ولا تكسي عارياً ، هذه المعادلة التي تأخذ فيها البيروقراطية الحاكمة حصة الأسد من ثروات البلد على حساب حصة الشعب التي تنكمش باستمرار حتى أنها معرضة للتلاشي بل قد تلحق السلطة المواطن وتطالبه بضرائب إلى جانب ما تأخذه من الثروة الوطنية .
إن السلطة الاتحادية لكي تكون منسجمة مع سياسة الدولة الاقتصادية ودستورها ( المادة 111: النفط والغاز هو ملك الشعب العراقي في كل الأقاليم والمحافظات ) عليها أن تنهج وتوحِّد آليتها مع المنظومة الاقتصادية الرأسمالية للدولة وتمول ميزانيتها التشغيلية ذاتياً من خلال الضرائب وأجور الخدمات وعليهاأن ترفع وصايتها عن ثروات الشعب العراقي وأن لا تتعامل معه كونه قاصراً أو فاقداً للأهلية ، في توزيع هذه الثروات على الشعب بالتساوي نكون قد قطعنا أشواطاً في النزاهة والعدالة وحققنا احترام أكبر للحكومة وعززنا من مفهومي المواطنة والوحدة الوطنية ودعمنا الإيمان والالتزام بهما إذ لا يُعقَل أن تصادر حصتي من النفط لتعبيد شارع أسير عليه حافي القدمين وغيري له عشرون سيارة تستفيد من هذا الشارع وقس بهذا المثال على باقي الخدمات .
إن توزيع الثروات يفعِّل القطاع الخاص ويخلص السلطة من البطالة المقنعة التي تشكِّل 57% من موظفي الدولة ( علي بابان ) ويوسع قاعدة الدولة الاجتماعية ويعزز من شرعيتها ويرصن العقد الاجتماعي ويهيئ للسلطة إيرادات ضريبية أكبر وأكثر عدالة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليس للمواطن حصة من خيرات بلاده
علي الشمري ( 2009 / 7 / 8 - 21:45 )
تحية للاستاذ شلاش الشمري , أن ماذكرته من أمتيازات للسادة مسوؤلي المحاصصة ,لم يكتفوا بهاوأنما قاموا بنهب مليارات الشعب المخصصة للاعمار وتقديم الخدمات وفي كافة وزارات الدولة , ولا يمكن القضاء على الفساد ما دام من يقف على هرم المسوؤلية هو حرامي ومختلس,ومن أصحاب الجنسية المزدوجة, يسرق قوت شعبه ويودع في بنوك الدولة التي يحمل جنسيتها

اخر الافلام

.. كاليدونيا الجديدة: كيف ستدفع الدولة فاتورة الخسائر الاقتصادي


.. كيف تؤثر جبهة الإسناد اللبنانية على الإقتصاد الإسرائيلي؟




.. واشنطن تفرض عقوبات اقتصادية على بضائع صينية، ما القطاعات الم


.. وكالة ستاندرد آند بورز تصدر توقعاتها بشأن الاقتصاد المصرى




.. برشلونة يتراجع عن استمرار تشافى ومنافسة بين فليك وكونسيساو ل