الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الارهاب اليهودي نتيجة التحريض العنصري

ختام نعامنة

2004 / 5 / 4
الارهاب, الحرب والسلام


الارهاب
فقط بعد ثلاث سنوات ونصف تخللتها تسع محاولات لاغتيال عرب ويهود لهم علاقة بعرب في مدينة حيفا، تم القاء القبض على المتهم اليران جولان. الشرطة تجاهلت الامر طيلة المدة، رغم معلومات عينية تؤكد حيازته اسلحة للقيام بعمليات ضد عرب؛ التغطية الاعلامية الاسرائيلية الفاترة للموضوع، تدل على البيئة العنصرية التي نشأ فيها جولان، مما ينذر بانه قد لا يكون الحالة الاخيرة.


قدمت شرطة حيفا المركزية في 30 آذار (مارس) لوائح اتهام ضد الشابين اليهوديين اليران جولان والكسندر ربينوفيتش من حيفا، المتهمين بمحاولة قتل عرب ويهود تصادقوا مع عرب. وتنسب لائحة الاتهام لجولان (22 عاما)، وهو المتهم الرئيسي، تسعة محاولات في السنوات الثلاث الاخيرة لقتل مواطنين عرب وفتيات يهوديات اقمن علاقات مع عرب، بالاضافة لحيازة اسلحة. اما ربينوبيتش فمُتّهم بالتستر على مخططات جولان، وتزويده بالمتفجرات والاسلحة.

الدافع الذي حرّك جولان هو كراهيته للعرب والرغبة بالانتقام منهم. وقد اعترف جولان بالتخطيط للمس بكل من اعضاء الكنيست محمد بركة عزمي بشارة واحمد الطيبي، بالاضافة الى اتهامه بمحاولة اغتيال عضو الكنيست عصام مخول.

جاء اعتقال جولان لينهي قصة استمرت ثلاث سنوات ونصف، تحت انف الشرطة. فقد قدم مواطنون عرب في حيفا ثمانية شكاوى في العامين الاخيرين تبلغ عن عثورهم على مواد متفجرة بالقرب منهم، مع هذا لم تتمكن الشرطة من القاء القبض على الفاعل. فقط في تشرين اول (اكتوبر) 2003، تحول الموضوع الى قضية كبرى، عندما تبين وجود قنبلة في سيارة النائب مخول (الجبهة)، الامر الذي اثار ضجة اعلامية.

السبب الذي ادى لاعتقال جولان، كان شكوى قدمها للشرطة ليئور فليك، مدير "عميت زريز"، وهو المكان الذي عمل به جولان. فقد اكتشف فليك وجود قنبلة صغيرة في صندوق بريده، وبعد ذلك باسبوع وجد قنبلة في سيارته. وحين وصلت الشرطة بيت جولان، عثرت على 37 عبوة ناسفة في ملجأ العمارة التي يقطنها، حيث كان يمضي معظم اوقاته. وقد تم اعتقال اربعة بينهم والد جولان وصديقه اللذين افرج عنهما لاحقا، وقدمت اخيرا لوائح اتهام ضد جولان وربينوفتيش كما اسلفنا.

على مدى السنوات الثلاث وقعت عدة اعتداءات كان اولها في 3 تموز (يوليو) 2001، ضد عائلة عايد محاميد التي تسكن حي الحليصة، وكان التالي في 18 آب (اغسطس) 2001 حين عثرت عائلة بدوية تسكن منطقة "التشيك بوست" على قنبلة تحت سيارتها. وفي 24 من نفس الشهر العام، انفجرت قنبلة امام مسجد الحاج عبد الله بشارع عسفيا بالحليصة، اصيبت على اثرها السيدة جميلة اغبارية (62 عاما). وفي 16 كانون ثان (يناير) 2002، عثر على قنبلة في سيارة عيسى غنايم من الحليصة.

للعائلات المختلطة كان نصيب في الحملة الجنونية. ففي 23 شباط (فبراير) 2004 عثر على قنبلة بالقرب من باب عائلة يهودية بحي نفيه شأنان تقيم علاقات مع عرب. بعدها باسبوع تلقت العائلة رسالة تهديد.



اهمال خطير

رغم ان تقرير الحالة النفسية يؤكد ان جولان غير مسؤول عن تصرفاته ولذا يوصي بعدم تقديمه للمحاكمة، الا ان هذا لا يلغي اننا امام حالة ارهاب واضحة. والمثير في هذا الامر ان جهاز الامن الداخلي (المخابرات) لم يكن الجهة التي القت القبض على جولان، بل تم القبض عليه من خلال شكوى جنائية عادية. رغم ان جميع محاولات جولان تدور في فلك واحد، هو ضرب المواطنين العرب بحيفا، وضرب اي تعايش حقيقي بين اليهود والعرب في المنطقة التي كان يسكنها. ولا حاجة لتفكير كثير لنتصور ماذا كان من الممكن ان يحدث لو كانت الحالة عكسية. بالتأكيد الامر لم يكن ليحتاج ثلاث سنوات ونصف.

الملفت ان الامر كان مكشوفا، فقد توجه جولان الى عائلتين يهوديتين ثكلتا ابناء لهما في عمليات انتحارية فلسطينية، وذلك طلبا للدعم المعنوي والمساعدة المالية للقيام بعمليات انتقام. ورغم ان العائلتين رفضتا التعامل معه، الا انهما لم تبلغا الشرطة او المخابرات بالامر.

المعلومة الاكثر اثارة للدهشة ازاء اهمال الشرطة، هي شهادة عايد محاميد الذي زوّد للشرطة قبل عامين بتفاصيل عن جولان واخيه، بعد ان شك في انهما وراء زرع المتفجرات، ولكن الشرطة تجاهلته تماما. (المحلية الحيفاوية "كولبو"، 12 آذار)

في هذه القضية بدا واضحا الفرق في تغطية الصحافة الاسرائيلية للعمليات التي يقوم بها عرب وتلك التي يقوم بها يهود. فقد تعاملت الصحافة العبرية مع ارهاب جولان بفتور، ولم تصل محاولات قتل ابرياء وبسطاء الى نفس الضجة الاعلامية التحريضية التي تصلها دائما عندما يُلقى القبض على شاب عربي او على خلية متهمة بالاعتداء على يهود. واكثر من ذلك. تبدو عدم النزاهة في تعامل الصحافة مثلا في قضية الشباب العرب من عائلة امارة من كفر كنا.

فقد شاركت الصحافة في التحريض ضدهم بعد اتهامهم زورا بخطف وقتل جندي والقاء جثته في اراضي كفر كنا، اما نبأ الافراج عنهم مؤخرا، فلم يحظ بالاهتمام. كذلك حدث بالنسبة للشاب من البعينة النجيدات الذي اتهم باختطاف طائرة كانت متوجهة الى تركيا، واليوم تمت تبرئته، دون ان يلحظ احد ذلك.

وكما فعل الاعلام فعل ايضا اعضاء كنيست من اليهود، الذين شاركوا في حملة التحريض على المواطنين العرب، ثم لم يولوا الموضوع اهمية كبيرة بعد انكشاف براءتهم. ومما لا شك فيه ان هذه التفرقة تعزز النهج العنصري الذي نشأ فيه شاب مثل جولان، والذي علّمه كره العرب.



مصدر المشكلة - الاحتلال

ان هذا الشعور بالكراهية والانتقام تحديدا لدى مواطن من مدينة حيفا، التي تعتبر اكبر مدينة مختلطة في اسرائيل ويسودها نوع من التعايش الجزئي، هو اشارة الى تآكل هذا التعايش على خلفية اتساع الفجوة بين اليهود والعرب، النابع تحديدا من الطريق المسدود السياسي الذي دخلته العلاقات بين اسرائيل والفلسطينيين، وازدياد العنف بينهما.

ان اسرائيل تجدد قاموسها يوميا، وتدخل مصطلحات بتجمل سياسة الاغتيالات وعمليات الحصار والتنكيل بشعب كامل، ولا تثور فيها ثائرة للتقتيل اليومي الذي يمارسه الاحتلال ضد الاطفال والنساء والشيوخ الابرياء في المناطق المحتلة، كما لو كانوا ادنى من البشر اليهود الذين يقعون ضحايا لعمليات الطرف الفلسطيني. ان التحريض على عرب، وغض الطرف عن جرائم الجيش والمستوطنين في المناطق المحتلة، يربي الاسرائيليين على كراهية العرب لانهم يقاومون الاحتلال.

طالما تصر السياسة الاسرائيلية على تركيع الفلسطينيين وادامة الاحتلال، وطالما يبقى الفلسطينيون رهائن منطق الانتقام بدل انتهاج سياسة واقعية لمواجهة الاحتلال وكسب الرأي العام التقدمي، فان هناك خوفا من الا يكون جولان الشاب اليهودي الاخير الذي سيقع ضحية للتحريض الاسرائيلي الخطير ضد العرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة