الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلنُعَرِّبْ.. إنّهُم -يُعبْرِنون-

محمد أبوعبيد

2009 / 7 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


عندما يدْهمنا مصطلح سياسي مولود من رحم واقع سياسي راهن، يتوارثه الكثير من دون قراءة عقلانية له، اللهم إن السابقين شخّصوه على طريقتهم فآمنَتْ به ثلّة من اللاحقين. من ذلك، مثالاً لا حصراً، "التطبيع"، والمقصود مع إسرائيل باعتبارها الحالة العدائية مع العرب والمسلمين. هذا المصطلح ما انفك متسماً بالشكل الهُلامي، فلا المرء يعرف حدود هذا المصطلح، ولا تسعفه المخيلة بشيء سوى أنه فيروس يفتك بالجسد العربي، فصار ذو الجسد يهاب كل أمر متصل بإسرائيل، خشية إصابته بفيروس "التطبيع"، فيصبح حاملاً وناقلاً له.
ولأن "التطبيع"، كما سلف، غير معلومة حدوده، فقد أدى ذلك إلى إحجام الغالبية الساحقة من دور النشر العربية عن تعريب المنشورات والمؤلفات العبرية، فكانت النتيجة أن ما يعرفه الإسرائيليون عن العرب والمسلمين يفوق أضعافاً مضاعفة ما يعرفه الآخيرون عن الأولين، ببساطة، لأن في إسرائيل مؤسسات متخصصة، ناهيكم عن دور نشر، "تعبْرِن" العربيات والإسلاميات، فتقدم وجبات دسمة للقارئ الإسرائيلي اليهودي عمّن همْ في نظره أعداء له.
من غير النافع أن ننأى بالعقلانية عن تشخيص"التطبيع"، وأن لا نسلخ عنه مسألة الترجمة أو التعريب باعتبارهما لا ناقة لهما ولا جمل في المُطبّعين ولا مناهضيهم. فالأمر لا يعدو كونه سَبْر غَوْر عقلية اليهودي الإسرائيلي والطريقة التي يفكر بها خصوصاً تجاه"عدوه"، والمحصِّلة هي خدمة للقارئ العربي، وعنصر أساس لنسج حالة وعي جديدة تفوق بكثير معرفة العرب الحالية بإسرائيل. فليس هناك أي مبرر للسماح لهذا الخوف في أن ينخر عقولنا وأجسادنا بذريعة التطبيع، والتعريب أبعد ما يكون عنه، هو ببساطة خوف بمثابة الغول غير الموجود سوى في القصص.
قلة قليلة من دور النشر العربية أقدمت، باستحياء، على تعريب بعض المؤلفات الإسرائيلية، وحياؤها ساقها إلى تبرير ذلك بأن ما عربته نقلته عن الترجمات الإنجليزية أو الفرنسية لهذه "العبريات". هذا التبرير لا يتسم بالشجاعة مطلقاً لأن التعريب متعلق بالمحتوى والمضمون وليس بالأبجديات. أما الرافضون لهذه المسألة فتبريرهم بمثابة العذر الأقبح من الذنب، حيث حججهم أننا لسنا في عوَز إلى أن نتعلم مما يَرِد في المؤلفات العبرية. فغشيهم النسيان، أو التناسي، أن ثمّة بوْناً بين أن نتعلم ونَعْلم.
الراحل محمود درويش الذي يشكل شِعره سلاحاً فلسطينياً عابراً للقارات، وفسّر قضية فلسطين للذهنية الغربية، عَبَر أيضاً الوعي الإسرائيلي من خلال ترجمة أعماله، ولم تكن حاجة إسرائيل في ذلك أن تتعلم من درويش، إنما أن تَعْلم عنه، فطَبَعَتْ أعماله وما طبّعتْ معه. من مبدأ العلم لا التعلم يرى المرء على الرفوف الإسرائيلية في تل أبيب أو نتانيا، تراجم لأعمال عربية وإسلامية، تاريخية ومعاصرة، لم ينكّل بها الغبار، بينما معظم العرب بالكاد يعرفون متى أنشئت إسرائيل، ولا يفرقون بين النكبة والنكسة.. فعلاً نكته.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30